الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    تحقيقات. /
سقطرى حكمها السلطان بن عفرار 500 عام وترتبط ارتباط اجتماعي بالمهرة
الوسط تكشف الصراع السياسي في الارخبيل الأعزل وأسباب التفاف السقاطرة مع دعوات اقليم المهرة وسقطرى

16/04/2014 10:41:25


 
تحقيق / رشيد الحداد

 

لم تسلم سقطرى من تأثيرات أزمة العام 2011م ولا من مد الحراك الجنوبي ولا من الانقسام الحزبي، فالصراع الحزبي على أشده في الجزيرة التي حرمت من أدنى أساسيات الحياة وعندما التفت إليها الساسة تسابقوا على نهب مقدراتها وخيراتها حتى جمالها الرباني البديع الذي تحكيه شواطئها الفساح الملونة بزرقة البحر وصفاء السماء ورمال الساحل الناصعة البياض، وتجاهلوا حق أبنائها في العيش الكريم وحقها في التنمية كلؤلؤة اليمن. التأثيرات السياسية والأطماع الدولية والاهتمامات الإقليمية وصراع المحاصصة بين شركاء الوفاق وتداعيات مخرجات الحوار وقرار لجنة الأقاليم في الجزيرة، إلى التفاصيل:
استوطن الانقسام السياسي والحزبي الجزيرة المعزولة من الخدمات، فالمجتمع السقطري منقسم بين حراك الجنوب وثورة الشمال من جانب وبين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، حتى مخرجات الحوار الوطني وقرار لجنة الأقاليم بضمها إلى إقليم حضرموت أعادت الصراع إلى الجزيرة وأحدثت انقساما بين قلة مؤيدة ممثلة ببعض قيادات الإصلاح وقلة من أنصار الحراك الجنوبي وأغلبية رافضة للانضمام إلى إقليم حضرموت.
تلك التأثيرات السياسية التي تجاوزت البر إلى ما وراء البحار تلاحظها في شوارع حديبو الترابية البدائية التي تحكي قصة إهمال لا حدود لها بحدود البر السقطري تحملها جدران شوارع المدينة الملونة بألوان الطيف السياسي المنقسم، فجدران تحمل عبارة ثورة 11 فبراير وجدران تحمل أعلام ما قبل الوحدة، وجدران تحمل شعارات مناهضة للحوار الوطني، وأخرى تحمل عبارات مؤيدة للقيادي الجنوبي حسن باعوم، وأخرى تحمل عبارات مؤيدة للرئيس السابق علي سالم البيض.
والغريب في الأمر أن مد وجزر التأثيرات السياسية والحزبية متفاعلة في الارخبيل المعزول عن اليمن بشمالة وجنوبه خدميا، فللحراك الجنوبي جماهيره، وللثورة الشبابية الشعبية جماهيرها، وللمحافظ باحقيبة جماهيره، وللسلطان بن عفرار جماهيره، وكلٌ ينفذ فعالياته دون تصادم مع الآخر، والمؤسف أن علم الجمهورية اليمنية قلما تلاحظه في شوارع حديبو والمناطق الأخرى من الجزيرة.

الصراع من الدائرة إلى المحافظة
على الرغم من أن لأرخبيل سقطرى مقعدا يتيما في البرلمان، والدوائر الانتخابية فيها دائرة انتخابية واحدة، ولها 18 عضوا محليا حسم المقعد البرلماني لثلاث دورات انتخابية للمؤتمر الشعبي العام وحسمت معظم عضوية المجالس المحلية للمؤتمر والإصلاح إلا أن الصراع الحزبي أخذ في التصاعد منذ صيف عام 2011م فالتجمع اليمني للإصلاح تبنى ساحة الثورة في مدينة حديبو والتي اتخذت من ميدان حديبو مقرا لها، وعلى الرغم من عدم وجود أية معارضة من قبل الأحزاب الأخرى ومنهم المؤتمر الذي يتواجد بشكل ملحوظ في الجزيرة إلا أن الحراك الجنوبي فرض تواجده أيضا.
في الآونة الأخيرة انتقل الصراع الحزبي من الصراع على دائرة انتخابية وحيدة إلى الصراع على المحافظة وعلى المناصب فيها، وبدأ الصراع بين المؤتمر والإصلاح عقب إعلان الجزيرة محافظة مستقلة في منتصف أكتوبر الماضي، وهو القرار الذي قوبل بترحيب كبير من أبناء الجزيرة الذين اعتبروا إعلانها محافظة مستقلة بداية لعهد جديد ونهاية للإقصاء والتهميش التنموي والسياسي لأبنائها.
وفي نفس السياق فتح استقلال سقطرى عن حضرموت وإعلانها محافظة شهية الأحزاب في الاستحواذ على المناصب العامة بين حزبي لإصلاح والمؤتمر اللذين سعيا إلى الاستحواذ على منصب المحافظ منذ الوهلة الأولى، ووفق حديث عدد من أبناء الجزيرة فإن الإصلاح سعى إلى فرض رئيس فرع التجمع اليمني للإصلاح في المحافظة، فهد كفاين، كمحافظ وتم تعيين البرلماني المؤتمري سعيد باحقيبة لمنصب المحافظ مقابل تعين كفاين وكيل أول للمحافظة.

المحافظة دون مكتب
تلك الأحزاب السياسية سعت إلى إيجاد مواطئ قدم لها وإيجاد مقرات لها ولم يكن لها أدنى دور في التنمية بالمحافظة الوليدة، فحتى الآن لا يوجد مقر للمحافظة الجديد، ومكتب المحافظ مكتب صغير خلف مكتب الشباب والرياضة في عاصمة المحافظة حديبو، وحتى مكتب الشباب ومكتب المحافظ المفترض مكتوب ببوابته الخارجية "فندق المحيط السياحي"، وهو ما يؤكد بأن المبنى كان فندقا وتم تحويله إلى مكتب وربما يكون مستأجرا ويتبع أحد المستثمرين.
وفي ذات الاتجاه يمتلك المؤتمر الشعبي العام مكتبا كان ملك للحزب الاشتراكي قبل عام 1994م وسعى التجمع اليمني للإصلاح إلى بناء فيللا على الشاطئ كمقر له في الجزيرة.

أسباب ارتباط المهرة بسقطرى
العديد من العوامل والروابط الجغرافية والاجتماعية دفعت أبناء المهرة إلى اعتبار أرخبيل سقطرى جزءا لايتجزأ منهم، فسقطرى قبل عام 1967 كانت تتبع المهرة وحكمتها السلطنة العفرارية منذ عام 1428م وكان أول حكامها السلطان محمد بن علي بن عمرو آل عفرار حتى عاشر سلاطين آل عفرار السلطان عيسى بن علي بن سالم آل عفرار الذي خلف ابن عمه السلطان حمد بن عبدالله بن عيسى آل عفرار عام 1950 حتى انتهاء عهد السلطنات عام 1967م.
ولذالك فإن الكثير من أبناء المهرة وسقطرى يعتبرون الجزيرة التي ارتبطت بالعاصمة عدن قبل إعلان الوحدة اليمنية مباشرة وكانت تتبعها ماليا وإداريا وتم ضمها إلى محافظة حضرموت في تسعينات القرن الماضي، يعتبرون بأن موقعها الطبيعي سابقا كان المهرة كونها أقرب محافظة يمنية إليها حيث تعد جبال فرتك المهرية أقرب منطقة برية إليها بطول 140 ميلا بحريا وتبعد عن حضرموت أكثر من 200 ميل بحري.
ولم يكن الارتباط الجغرافي وتاريخ سقطرى الرابط الوحيد وحسب بل ترتبط المهرة وسقطرى بروابط اللغة والتاريخ المشترك وكذلك روابط اجتماعية متينة فالتركيبة الاجتماعية للمهرة وقبائلها نفس التركيبة الاجتماعية لسقطرى وقبائلها، أي أن قبائل المهرة مقسمة بين المهرة وسقطرى.
وبحكم طول حكم السلطنة العفرارية في سقطرى على الرغم من تعرض الجزيرة للغرو البرتغالي والبريطاني إلا أن الكثير من القبائل المهرية انتقلت للعيش في الجزيرة ولذلك فإن النصف الآخر لقبائل آل جدحي وآل كلشات وقبائل سمودة وقبائل بلحاف وقبائل الزيدوي وقبائل زعبنوت، وقبائل كده وقبائل الحرايزي، وغيرها من القبائل المهرية، موجود في سقطرى وتربطها علاقات بقبائل المهرة حتى الآن.
ويوجد في سقطرى ما يسمونهم السقاطرة بالعبيد الأفارقة الذين يسكنون الجزيرة منذ مئات السنين ويتحدثون لغتها وتحكمهم عاداتها وتقاليدها، وكانوا من عبيد السلطان في الزمان الغابر.

أسباب أخرى

من أهم أسباب رفض المهرة وسقطرى انضمامهم لإقليم حضرموت سعي من يصفونهم بالحضر الذي تحكمه بهم طيلة السنوات الماضية وهمشوا محافظتي المهرة وسقطرى من أدنى الحقوق ومنها الحقوق السياسية سيما وأن المحافظتين لا تتجاوز المقاعد المعتمدة لهما في البرلمان عن ثلاثة مقاعد، كذلك السعي إلى التفرد بالحكم من خلال إقليم حضرموت وطمس تاريخ المهرة وسقطرى ، يضاف إلى ذلك أن أبناء المهرة وسقطرى يعتبرون أنفسهم من القبائل اليمنية الأصيلة ويأبون التحكم بمصيرهم من قبل الحضر الحضارم الذين يحددونهم في دائرة ضيقة بينما يؤكدون بأن عددا من القبائل الحضرمية الأصيلة كقبائل الصيعر وقبائل آل حموم وغيرها من القبائل أبناء عمومتهم مؤكدين بأن أبناء تلك القبائل يرفضون وصفهم بالحضرمي.

تحركات السلطان بن عفرار
تلك العوامل التي كانت وراء مطالب المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى بإقليم مستقل منذ نهاية 2012م ودفعت الشيخ عبدالله بن عيسى رئيس المجلس العام إلى تبني مطلب الإقليم المستقل منذ ضهوره قبل عامين مستندا على الروابط المشتركة كما كانت السبب الرئيسي لالتفاف أبناء المهرة وسقطرى إلى جانب خيار الإقليم المستقل بمن فيهم السلطة المحلية في محافظة المهرة التي ردت على قرار لجنة تقسيم الأقاليم برفض ضم المهرة إلى إقليم حضرموت.
ذلك الإجماع الشعبي الكبير وراء الإقليم المستقل دفع جهات أخرى مؤيدة لإقليم حضرموت إلى استغلال وجود بن عفرار على رأس المجلس العام كونه نجل آخر سلاطين آل عفرار والتشكيك في نواياه والتحذير من عودة التحالف الانجلو سلاطيني إلى المهرة وسقطرى، وهو ما نفاه بن عفرار جملة وتفصيلا مؤكدا بأن الماضي لا رجعة له ومطالبا بإقليم تحت إطار الدولة الاتحادية كما سعي إلى رفع علم الجمهورية اليمنية إلى جانب علم الإقليم في المهرة وسقطرى تعبيرا عن صدق نواياه كما أكد بن عفرار التخلي عن قيادة المجلس حال وجود ضمانات أكيدة مؤكد بتحقيق المطالب المشروعة مؤكداً بأن هناك من يسعي إلى خلط المفاهيم والكيد لأبناء المهرة وسقطرى. وأشار إلى أن مطلب الإقليم لم يعد مطلب المجلس العام بل مطلب جماعي شعبي.
الأسبوع قبل الماضي عاد بن عفرار إلى جزيرة سقطرى لإحياء عدد من الفعاليات في الجزيرة وحضى باستقبال كبير لم يشهده أحد من قبل، فموكب بن عفرار امتد من بوابة مطار سقطرى حتى مدينة حديبو العاصمة وهو ما قيل إنه أكبر موكب استقبال تشهده الجزيرة حيث استقبل بالطبول والزغاريد من مختلف الشرائح الاجتماعية كما اكتظ ميدان مديرية حديبو عاصمة محافظة سقطرى بالآلاف من مواطني الجزيرة الذين رفعوا علم الجمهورية اليمنية وعلم إقليم المهرة وسقطرى، ذلك الاستقبال أثار بعض الأحزاب السياسية ومنها التجمع اليمني للإصلاح الذي بعث بأحد قياداته إلى اجتماع كان يضم مشايخ وأعيان سقطرى ووجه القيادي في الإصلاح، والذي قال إنه عضو مجلس محلي عن الإصلاح، انتقادات للمشايخ الحاضرين، وهو ما أثار ردة فعل غاضبة حياله وتم مطالبته بالرحيل.

محاولة شق الصف
كما يبدو أن نشاط بن عفرار في سقطرى والطريقة التي استقبل بها أثارت معارضيه، ومعظمهم من التجار والساسة الحضارم، إلى تحرك مماثل لاحتواء نشاط المجلس العام، ودون إبلاغ المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى بأي لقاء مع الرئيس هادي، سعت مؤسسة الرئاسة إلى استدعاء عدد من مشايخ المهرة وسقطرى إلى العاصمة صنعاء للقاء الرئيس هادي الذي حاول إقناعهم بالأقاليم الستة، إلا أنهم طالبوا بعدد من المطالب منها تغيير اسم حضرموت وتقاسم الوظيفة العامة.
ويرى مراقبون بأن السلطة عمدت على تكرار سيناريو شق صف مؤتمر شعب الجنوب مرة أخرى، وفي أول ردة فعل اعتبر الأمين العام للمجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى، أن اللقاء تم بتكتم شديد ودون علم المجلس العام وأن ما خرج به اللقاء غير ملزم لأبناء المهرة وسقطرى ومطالب المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى واضحة ولأتراجع عنها.

حراك سقطرى
إلى جانب وجود الصراع الحزبي وصراع الأقاليم يتواجد الحراك الجنوبي في أرخبيل سقطرى الذي يمارس نشاطه الاحتجاجي بين فينة وأخرى بل يعمل دون اعتراض من أحد فأعلام الحراك تمتد على الطرقات العامة ابتداء من القرب من مطار سقطرى حتى مديرتي حديبو وقلنسية.
فحراك سقطرى الذي يقوده عدد من المعلمين العاملين في الأرخبيل واستطاع خلال الفترات السابقة الحصول على مناصرين له لم يكن بعيدا عن انقسام القيادات الحراكية فحراك الجزيرة منقسم إلى مناصر للزعيم باعوم وآخر موال للرئيس البيض ولكن يتفق الفريقان على الهدف ويختلفان في التفاصيل فالقواسم المشتركة بين التيارين فك الارتباط واستعادة الدولة وعلم ما قبل عام 1990م ويختلفان في الفعاليات التي يدعو إليها كل طرف فطرف ينضم المسيرات وآخر يدعو إلى تنفيذ عصيان مدني.
السبت قبل الماضي، أثناء وجودنا في مدينة حديبو عاصمة محافظة سقطرى، جابت سيارة تحمل أعلام الحراك الجنوبي الشارع الوحيد وأزقة المدينة ودعت المواطنين عبر مكبرات الصوت للمشاركة في مسيرة مناهضة لتقسيم الجنوب ورافضة لمخرجات حوار صنعاء، وتم تنظيم المسيرة التي شارك فيها العشرات من أنصار الحراك في الجزيرة.
خلال لقائنا بالقيادي في الحراك بجزيرة سقطرى محمد العدش الذي ينتمي إلى محافظة أبين ويعمل مدرسا فيها أكد أن فعاليات الحراك السلمية مستمرة ولن تتوقف إلا باستعادة دولة ما قبل عام 1990م واعتبر مخرجات حوار صنعاء لا تهم الحراك الجنوبي ولا أبناء الجنوب.. مشيرا إلى أن الجنوبين حسموا أمرهم باستعادة دولتهم المستقلة وعاصمتها عدن، وحول انشقاقات الصف القيادي في الحراك أكد أن تلك الانشقاقات ظاهرة صحية مادام الجميع مجمعا على الهدف العام الممثل بفك الارتباط، وأشار إلى أن الاختلاف حول الآليات لا يفسد للود قضية، وأفاد بأن كل الخلافات ستزول مادام حكام صنعاء مستمرين في اغتصاب الجنوب وأن المؤتمر الجنوبي الجامع الذي سيقام في القاهرة سيحسم كل الخلافات وسيمثل البداية الحقيقة لاستعادة الدولة.
وحول الدعم المالي لذي يتلقاه حراك سقطرى نفى أن يكون يتلقى أية مبالغ مالية مؤكدا بأن تكاليف المسيرات والفعاليات يتم الانفاق عليها من تبرعات أعضاء الحراك في الجزيرة.
وحول ما يقوم به المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى من فعاليات تتصادم مع مطالب الحراك أفاد أن رفع العلم اليمني من قبل المجلس قد أغضب أعضاء الحراك في الجزيرة.

الريف السقطري خال من الصراعات
انحصرت الصراعات السياسية والحزبية في أرخبيل سقطرى على المناطق الحضرية وظل الريف السقطري بعيدا عن تلك التأثيرات بل تعيش المناطق الريفية والبدوية خارج نطاق مختلف الاهتمامات.

ثورة المسامير

الأسبوع الماضي كنا في رحلة إلى ريف الجزيرة وكانت الرحلة أشبه برحلة استكشافية في جزيرة سقطرى فقد طعنا ثلاث ساعات بالسيارة باتجاه منطقة اسمها " كبهتن " وحال وصولنا إلى المنطقة المذكورة تخيل لنا أننا نعيش في بداية القرن التاسع عشر، فالمنطقة تعيش خارج العالم تماما ولا تتفاعل مع الصراعات والتطورات فأبناء المنطقة يعيشون على ما تجود به أغنامهم من حليب والبان ولحوم، لاحظنا في أطراف القرية مدرسة حديثة البناء فأدركنا بأن التعليم دخل في وقت قريب إلى المنطقة ، في ذات القرية التقينا الرجل المسن عبدالله سليمان بنم كلشات البالغ من العمر 130 عاما والذي وجدنا صعوبة في التحدث إليه فالرجل المسن الذي بدت عليه ملامح الفرحة لا يتحدث العربية ولغته الوحيدة التي يجيدها هي السقطرية.. استعنا بأحد أبناء القرية للقيام بالترجمة فتحدث بن كلشات، الذي عاصر أربعة سلاطين، عن السلطان وكان بشوشا وفرحا عندما سمع أن بن عفرار عاد إلى الجزيرة لكنة كان يدرك أن الوضع تغير، وخلال حديثه أفاد بأن ثورة المسامير التي جاءت بعد انتهاء عهد السلطنة لم تزد الأمور إلا سوء.. مشيرا إلى أن بدو الريف السقطري كانوا يهربون من السيارة عندما وصلت اليهم أول سيارة وأنهم كانوا يرفضون تعليم أبنائهم بل ويدفنونهم، لكنه أشار إلى أن منع تعليم أبنائهم تسبب بمعاناتهم بينما تعلم أبناء المناطق الشرقية، وسرد لنا بن كلشات عددا من المعاناة ومنها معاناة المياه.

الأطماع الدولية في الماضي
احتلت جزيرة سقطرى من قبل ثلاث دول خلال الخمسة قرون الماضية وكانت مطمعا للغزاة في مرحلة الاستكشافات الجغرافية، حيث احتلها البرتغاليون في مطلع القرن السادس عشر عام 1507م، ثم احتلها البريطانيون إبان الاحتلال البريطاني للجنوب في القرن الثامن عشر وشكلت الجزيرة قاعدة عسكرية خلفية لاحتلالهم مدينة عدن عام 1839م.
وعقب خروج الاحتلال البريطاني من الشطر الجنوبي في ستينات القرن الماضي، وانتقال الجنوب إلى الاشتراكي اتخذ الاتحاد السوفيتي من جزيرة سقطرى قاعدة بحرية عسكرية متقدمة، للبوارج والأساطيل، وظلت القاعدة البحرية تعمل حتى قيام الوحدة اليمنية عام 1990م، ولكنها أهملت ودمرت، كما يوجد عدد كبير من الدبابات القديمة جدا والرادارات القديمة في مواقع متفرقة من الجزيرة والتي يعود تاريخها إلى مطلع القرن الماضي كما يبدو.

الأطماع الدولية في الحاضر
في ظل غياب الدولة بالمشاريع الخدمية والبنية التحتية وتواجدها الرمزي بالجيش والأمن والمحاكم والنيابات يعبر أبناء سقطرى عن مخاوفهم من أي مكروه قد يصيب جزيرتهم التي تحسد بجمالها وموقعها الاستراتيجي الهام على البحر العربي، فحد قول الكثير ممن التقيناهم وتحدثنا معهم حول وجود بارجات حربية أجنبية أكدوا لنا بأن هناك اهتمام امريكي فرنسي بالجزيرة وأن عددا من السفن العسكرية الأمريكية تشاهد بالقرب من الشاطئ من حين لآخر، وهو أمر مخيف لهم في ظل أنباء تتحدث عن مطالب أمريكية بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في الجزيرة بالإضافة إلى ما تردد عن مطالب أمريكية بإنشاء سجن للمعتقلين اليمنين في غوانتنامو .
كما أكد لنا أحد الشباب السقطريين بأن إحدى الطائرات الأمريكية الاستطلاعية بدون طيار سقطت في الجزيرة، وتم نقلها بواسطة طائرة عسكرية إلى صنعاء.. متسائلا عن الاهتمام الأمريكي بالجزيرة الذي برر خلال الأعوام الماضية بمكافحة القرصنة البحرية وحماية خطوط التجارة الدولية التي تمر من المياه الدولية القريبة من الجزيرة، ولكن خلال العامين الأخيرين انتهت القرصنة البحرية ولم تسجل حالة واحدة.

اهتمام إماراتي كويتي
تحظى جزيرة سُقطرى اليمنية، باهتمام إماراتي رفيع المستوى، تجلى في زيارة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة آل نهيان، مستشار صاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة سلطان بن خليفة بن زايد آل نهيان الإنسانية العلمية، للجزيرة واستماعه لشرح مفصل عنها والتركيبة الجغرافية والسكانية، وقيامه بجولات في الجزيرة التقى بالعديد من أهالي الجزيرة واطلع على مشكلاتهم واحتياجاتهم، حيث أمر سموه بتنفيذ عدد من المشاريع التنموية بالجزيرة في مجالات التعليم والصحة والمياه، كما أمر ببناء عدد من المساجد في مناطق مختلفة من الجزيرة.
كما قامت مؤسسة خليفة الإنسانية ببناء مستشفى مركزي وإنشاء مدينتين للأيتام، إحدى المدينتين لاتزال تحت الانشاء، بالإضافة إلى كفالة الأيتام وتوزيع الحقائب لطلاب مدارس الجزيرة.

الاهتمام الإنساني قوبل باهتمام من قبل مواطنين إماراتيين الذين يزورون الحديقة بكثرة ويسعون للزواج من سقطريات، فحالات زواج إماراتيين من سقطريات ارتفع بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، وحول ما إذا كان الزواج يندرج في إطار السياحي قيل لنا إن هناك علاقات نسب بين الجزيرة وعدد من الأسر الإماراتية العريقة والحاكمة وإن الكثير من حالات الزواج استقرت بينما فشلت حالات أخرى، ويتداول عدد من الشباب في الجزيرة رواية لا نعلم مدى صحتها فيقولون إن حاكم إماراه الشارقة أمه سقطرية.
ارتفاع زواج الإمارتين من سقطريات والسفر بهن إلى الامارات أثار حفيظة الكثير من شباب الجزيرة الذين أكدوا أن زواج الإمارتين ساهم في حرمانهم من الزواج ورفع تكاليف المهور.
وهذا دفع وضاح عتيق عثمان ورفاقه إلى إنشاء فرقة طيور سقطري الفنية وإخراج أول فيلم يتحدث عن معاناة الشباب من الزواج وتداعيات زواج الإماراتيين عليهم.

الكويت والتنمية
أحد شباب الجزيرة، ويدعى أبو بكر المحضار، تحدث لنا عن الاهتمام الكويتي الرسمي بالجزيرة وسعي الكويت إلى إنشاء أول ميناء في منطقة موري ولكن تعثر لأسباب غير معروفة سيما وأن إنشاء ميناء بالقرب من خطوط التجارية الدولية قد يأثر بصورة سلبية على الحركة الملاحية في موانئ دبي وميناء عدن، كما سعت الكويت إلى إنشاء أول كلية مجتمع في الجزيرة ، وفي الاتجاه ذاته اهتم رجال أعمال كويتيون بالاستثمار في الجزيرة المجال الفندقي ومجالات أخرى بالإضافة إلى تبني الكويت إنشاء أول، ووفق أحد أبناء الجزيرة فان نجل أمير الكويت يرغب في شراء أرضي والاستثمار في الجزيرة.

سالمين أول رئيس
عن الرؤساء الجنوبين والشماليين الذين زاروا جزيرة سقطرى خلال الخمسين عاما الماضية واهتموا بها، أكد الشيخ عيسى عبد الله عيسى بأن الرئيس سالم ربيع علي "سالمين" الرئيس الجنوبي الوحيد الذي زار الجزيرة في سبعينات القرن الماضي ووجه ببناء أول مدرسة ابتدائية في منطقة موري الواقعة بالقرب من مطار الجزيرة الآن، ولا تزال المدرسة تحمل اسم الرئيس الراحل سالمين حتى الآن.
ولكن خيرات عهد الرئيس الراحل سالمين تعدت حدود جزيرة سقطرى إلى جزيرة عبد الكوري التي يسكنها 800 نسمة من القبائل اليمنية الأصيلة التي تعرف بالقبائل المحاربة، والمدرسة الوحيدة التي بناها الرئيس سالمين في عبد الكوري تم تحويلها إلى دار للضيافة وأغلقت منذ 5 سنوات ، وفي الجانب الصحي لا يوجد حتى الآن أية وحدة صحية في جزيرة عبد الكوري التابعة إداريا لمديرية قلنسية، وهناك عيادة بدائية تابعة للجيش تقدم إسعافات أولية فقط، ومنذ وفاة الرئيس سالمين توقف نزول الطيران في عبد الكوري الذي كان ينزله في مطار سالمين أسبوعيا لنقل البضائع وتقديم الخدمات ونقل المواطنين من وإلى الجزيرة عبر الطيران العسكري .

صالح وهادي
يحدثك أبناء الجزيرة عن الرئيس السابق على عبدالله صالح بإعجاب شديد، فصالح حد قولهم عمل على إصلاح الكثير من الخدمات ومنها المطار والطرق والاتصالات واللسان البحري والإذاعة والمدارس والكليات الجامعية وخدمات أخرى تحققت في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فأبناء الجزيرة يؤكدون بأن صالح وضع بصمات لا يمكن نسيانها أو تجاهلها ويتحدثون عنه باحترام بل إن الرئيس السابق صالح يمتلك شعبية كبيرة في الجزيرة.
أما الرئيس عبد ربه منصور هادي فيعتبره أبناء الجزيرة محقق الحلم لهم بإعلان أرخبيل سقطرى الذي كان مجرد مديرية ألحقت بحضرموت بعد الوحدة اليمنية 22 مايو بينما كانت تتبع عدن قبل الوحدة إداريا وماليا بالإضافة إلى توجيه الرئيس هادي بسرعة استكمال إنشاء المستشفى الحكومي الوحيد، واعتبروا قرار إعلان سقطرى محافظة سيعمل على تحسين الخدمات فيها وينتشلها من التهميش والتبعية.

خيمة الرئيس
في منطقة ديسكم التي تبعد ما يزيد عن 20 كيلو عن عاصمة محافظة سقطرى تقع خيمة الرئيس الذي أنشأها الرئيس السابق علي عبدالله صالح قبل سبع سنوات وفق ما يؤكد الأهالي، فالخيمة الرئاسية التي تتبعها صالة طعام مصنوعة من سعف النخيل ومسجد صغير، تلك الخيمة التي تحيط بها أشجار دم الأخوين من كل مكان كان ينظر إليها المواطنون المجاورون بأنها القصر الجمهوري في منطقتهم وأنها ربما تكون فاتحة خير لهم خصوصا بعد أن وجه الرئيس السابق بمنح عدد من أبنائهم أرقاما عسكرية، إلا أن الخيمة الرئاسية التي تحولت الى مزار عام لزوار الجزيرة بما فيهم السياح الأجانب تهالكت وتكاد تندثر في حال لم يتم ترميمها والحفاظ عليها.

المحافظ الذي حافظ على الجزيرة
ما أن تسأل عن محافظ محافظة سقطرى حديث التعيين إلا ويحدثك المواطن السقطرى عن باحقيبة الذي نجا من مذبحة 1974م الذي شهدتها جزيرة سقطرى بأيدي الرفاق وذهب على متن سفينة شراعية من قلنسية إلى الإمارات العربية المتحدة فاراً من الموت ليعيش فيها لسنوات حتى عاد بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية ليتم انتخابه عضوا في مجلس النواب ولايزال ممثلاً للجزيرة في البرلمان اليمني حتى الآن كما عين محافظاً لمحافظة سقطرى التي أصدر بها قرار جمهوري مؤخراً لتكون المحافظة الـ22 فباحقية كما يصفه السقطريون ابن سقطرى الأول الذي نسى نفسه واهتم بأبناء الارخبيل من حديبو حتى قلنسية التي ينتمي إليها حتى جزيرة عبد الكوري، وعمل على تقديم كل يمكن تقديمه وصولا إلى أن محافظهم الجديد لم يبن له منزلا طيلة السنوات الماضية بل اضطر ذات يوم لبيع سيارته الخاصة لإنقاذ حياة أحد أبناء الجزيرة من الموت وباع سيارته ليوفر تكاليف العلاج في الخارج .
وأكد أبناء سقطرى بأن هناك انسجاما كاملا بين الشيخ عبدالله بن عفرار آل عيسى آخر نجل سلاطين المهرة وسقطرى والمحافظ الجديد الذي كان حاضرا في لقاء بن عفرار مع الرئيس هادي الشهر قبل الماضي.

مجزرة الجمعة الدامية
على الطريق إلى مدينة حديبو لاحظنا سورا كتب عليه ضحايا مجزرة جمعة 1974م حاولنا معرفة كيف ومن ارتكب المجزرة والسبب وراء ذلك ومن هم الضحايا فالجزيرة يقال إن المحافظ الحالي هو من وجه بإنشاء السور عليها وإنه نجا منها بأعجوبة كما تشير الروايات بينما تقول أخرى إن باحقيبة كان حينها صغيرا في السن ولم يكن من المستهدفين فيها.
وبعد البحث والتحري قيل لنا إن مجزرة الجمعة في سقطرى ارتكبتها جبهة التحرير بحق 16 من معاوني ومقربي السلطان عيسى بن عفرار عاشر حكام السلطنة العفرارية وآخر سلاطينها والذي حكم الجزيرة من عام 1950م حتى عام 1967م والذي اودع بعد ذلك مع رفاقه في سجن المنصورة وحكم عليه بالإعدام حكما سياسيا، كما حكم على رفاقه ووزرائه بالإعدام، إلا أن الرئيس سالم ربيع علي " سالمين " عفا عنه وخيره بين النفي إلى السعودية أو إلى أية دولة، فاختار السلطان بن عفرار العيش في جزيرة سقطرى مع رفاقه. وبعد عودة السلطان إلى الجزيرة مع رفاقه أقدمت عناصر من جبهة التحرير على إعدام 16 من رفاقه في يوم جمعة أثناء ما كان الناس يؤدون الصلاة في منطقة بعيدة عن حديبو على الرغم من إعفائهم من الرئيس سالمين، وأفادت المصادر للوسط بأن من بين من تم إعدامهم في الجمعة الدامية شقيق السلطان بن عفرار ووزيره الأول، إبراهيم بن خالد الثقيلي، الذي كان الساعد الأيمن للسلطان، وكان الوزير الأول يتحدث بالسقطريه والمهرية والإنجليزية بالإضافة إلى 14 آخرين. وأفاد المصدر بأن عناصر جبهة التحرير كانت تخطط لتصفية السلطان وبعض رفاقه كمرحلة ثانية من التصفيات إلا أن الرئيس سالمين أبلغ بالأمر وبعث ببرقية عاجلة أوقف عملية الإعدام وعاش السلطان في سقطرى حتى توفاه الله.وحسب ما علمنا فإن بعض من ارتكبوا الجريمة لايزالون أحياء ويعيشون بسلام مع أبناء الضحايا في الجزيرة التي تجاوزت الثأر السياسي وأغلقت ملف الماضي.





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign