صنعاء تشن عمليات هجومية ضد سقناً امريكية واسرائيلية في خليح عدن والمحيط الهندي        صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم      
    الاخبار /
الصراع الخليجي على اليمن والحديث المبتذل عن السلام

2017-03-15 17:51:55


 
كتب جمال عامر

 

كالعادة، ومع كل جولة جديدة يقودها المبعوث الأممي إلى اليمن في مسعى مفترض لإعادة اليمنيين إلى طاولة الحوار، تنشط المعارك في سباق قديم جديد لفرض حسم على الأرض، يجعل من الحديث عن السلام مجرد اجترار مبتذل صار مثار سخرية وتندر، ليس من أطراف الصراع فقط، ولكن على المستوى الشعبي أيضاً.
يعود إسماعيل ولد الشيخ إلى اليمن من البوابة الخليجية، التي لم يعد يجمعها الموقف الواحد حول الأزمة اليمنية، بعد أن تحولت إلى ساحة صراع محتدم يتسابق عليها قادة هذه الأنظمة، كل لبسط نفوذه وكل بحسب تأثيره، سواء كان ذلك بتأثير المال أو بالنفوذ السياسي أو بالحضور العسكري المباشر، وكلها تعمل على تزايد حدة الإنقسامات بين الجماعات المسلحة ذات البناء العقدي، ومنها تلك المنضوية تحت لافتة مسمى الشرعية، ما خلق أمراء حرب في طول البلاد وعرضها، بمن فيهم قادة الألوية التي تم تشكيلها على أسس جهوية ومناطقية وعقائدية.
لقد وضع كل من هؤلاء يده على منطقة يحكم ويتحكم فيها بقوة السلاح والمرجعية الفكرية التي يحملها. ولم يعد سراً أن كل جماعة أو أكثر تقف خلفها دولة من دول الخليج، في سعي لبسط نفوذها عبرها، حتى وإن تقسمت المحافظة الواحدة إلى قطع من أراض متنافرة بتنافر الكيانات المسلحة، التي تسيطر عليها هذه الجماعة أو تلك.
قطر التي تشتغل على الأزمة من خلف الكواليس، تقدم دعمها الإعلامي والمالي لـ"الإخوان المسلمين"، بينما الإمارات تتنازع السلفيين مع المملكة الممسكة بخناق الشرعية والمتحكمة بمسار تحركها والمسيطرة على قراراتها، دون أن تقطع علاقتها الحذرة والمرحلية مع "الإخوان"، لتأتي سياسة أمريكا الإنتهازية وغير الواضحة تجاه اليمن لتزيد المشهد تعقيداً إذ إن سياسة ترامب تنطلق من إطار حربه على الإرهاب المتمثل بـ"القاعدة" و"داعش"، ليقود أول معركة فاشلة على الأرض في منطقة يكلا بمحافظة البيضاء، تنتهي بقائد قوات المنطقة الوسطى إلى جلسة استجواب صعبة، لم يملك معها إلا الإعتراف بفشله فيها، على الرغم من تحقيق طائرات بدون طيار نجاحات في تصيد عناصر "القاعدة"، والتي دفعت بزعيمها في جزيرة العرب، قاسم الريمي، إلى الشكوى من كثافة الغارات، وعدها مساندة للحوثيين وإيران ضد السنة، في استدعاء مذهبي القصد منه إثارة الحمية السعودية، مطالباً التحالف بأن يترك لتنظيمه الفرصة ليكون قوة عسكرية أخرى معترفاً بها لمقاتلة الإنقلابيين، وهو ما سينتقل به من مربع الإرهاب غير الشرعي إلى قوة معترف بها، وإن كبنادق قتال تضاف إلى الفصائل الأخرى في تعز ومأرب والجوف وعدن وأبين وحضرموت وشبوة.
ولا يقف التعدد على طرف الشرعية؛ إذ برزت بالمقابل جيوش ذات انتماءات مختلفة، تتشكل في صنعاء وصعدة وذمار وبقية المحافظات، توالي الرئيس السابق، رئيس "المؤتمر"، بحكم علاقته بالقيادات العسكرية في ظل فراغ قيادي، كما تشكلت قوات مسلحة تم إدماج الغالب منها في إطار الجيش النظامي، موالية لزعيم "أنصار الله"، وكلا القوتين لا يجمع بينهما إلا مواجهة العدو الخارجي وحلفائه في الداخل، الذي وحدهم في خندق واحد.
وفي ظل التعدد المسلح المنفلت القائم، ما هي مساحة الأمم المتحدة ومبعوثها للتحرك والتقدم وإن خطوة واحدة باتجاه الحل السياسي؟ خاصة في ظل ارتفاع وتيرة التصعيد على الأرض في نهم، والتهديد الممجوج باقتحام صنعاء، وكذا على امتداد الساحل الغربي للسيطرة على الحديدة، الذي استنزف التحالف وعلى الرأس منه دولة الإمارات، التي ربما قررت سحب قواتها لتحل محلها تشكيلة من المرتزقة من الجنجويد المتهمين بالتطهير العرقي في دارفور، والذين تم ضمهم إلى قوة وزارة الدفاع السودانية، تمهيداً لإرسالهم للقتال في هذه الساحة من اليمن.
ومع أن هذا التصعيد يتم الإعلان عنه بشكل رسمي، يصر ولد الشيخ على المضي في جولته "المسخرة"، وبمبادرة قديمة جديدة تم تعديلها مرات ومرات، وهذه المرة تمت التضحية بالنائب للابقاء على الرئيس، بعد أن كانت تمت التضحية به قبل التعديل الجديد، وهو ما يمثل اختزالاً مخلًا لأسباب ومسببات الصراع، وقفزاً على ما يجري من تهتك غير مسبوق لمعنى الدولة وشرعيتها وسيادتها.
يراد، وعبر الأمم المتحدة، شرعنة التفتت القائم على تعدد الجماعات والانتماءات، وتقسيم البلد تحت مسمى فيدرالي دون أن يكون هناك دولة حقيقية قادرة على إدارة هذه الاقاليم تحت مشروع وطني جامع، باعتبار أن قوة ووحدة سلطة المركز في عاصمة الدولة تعد من بديهيات أي نظام يعتمد هذا التقسيم الإتحادي.
كما أن المصيبة الأعظم تتمثل في أنه، وحتى لو تمت الموافقة على النظام الفيدرالي، فإن النظام السعودي يريده أن يقام على أنقاض خصومه من جماعة "أنصار الله" والرئاسة الحالية لـ"المؤتمر"، باعتبار ما يعتقد من أن أي حل سياسي سيمثل انتصاراً وقوة إضافية لهؤلاء الخصوم، وهو ما يجعل كل المؤشرات تؤكد عدم سماحه بحصول أي حل سياسي.
ولذا، فإنه وأمام رفع المجتمع الدولي يده عن اليمن والسياسة الجديدة للإدارة الأمريكية، فإن استمرار الحرب والتصعيد هو الأمر المرجح، ما لم يحصل انهيار مفاجئ في هذا الطرف أو ذاك.





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign