صنعاء تنقذ اربع هجمات بحرية ضد بوارج امريكية وسفناً اسرائيلية في البحر الأحمر والمحيط الهندي        إعلان بريطاني عن تعرض سفينة لمطاردة قبالة المهرة       أمبري البريطانية تعترف بفشل التحالف الامريكي في حماية الملاحة الاسرائيلية       امريكا تقر بصعوبة المعركة في خليج عدن ,, وتتحدث عن اشتباك بحري واسع      
    كتابات /
أطفال "المسيرة القرآنية" المسلحة

04/03/2015 23:37:26


 
فارس العليي
 في إحدى زياراتي لمحافظة صعدة، قدمت مقترحًا (نصيحة) للأخ يوسف الفيشي، وقلتُ له: يحتاج أطفال صعدة إلى قناة تلفزيونية، تقدم برامج مختلفة، توعية وتوجيه تعكس حالة من السلم والتسامح، وتُلبّي حاجتهم كأطفال، وتُعالج اﻵثار النفسية والصحية السلبية التي خلّفتها الحروب الستة، أكثر من احتياجهم لأي شيء آخر.. نظر إليّ بنصف ابتسامة موافقًا على ما قلته، لكن رمشت عيناه أثناء النظرة، وكأنه أراد أن يقول شيئًا مختلفًا أعتقد أنها حملت أكثر من تعجب..!، ثم اكتشفتُ لاحقًا المراكز الصيفية والشتوية، وباقي مراكز فصول السنة، التي يقيمونها للأطفال، لكن للتدريب العسكري وفنون الحروب، وتعليمهم سلوكيات وخصائص سيرة الفرد في "المسيرة القرآنية" المتضمنة خطب ومحاضرات السيد حسين (رحمه الله).. ليس ﻷطفال صعدة فقط، وإنما يبتعث الأتباع أطفالهم من كل محاقظات الجمهورية.. ليست المشكلة هنا فقط..!
المشكلة أن أولئك الأطفال يُحرمون ويتسربون من التعليم والتحصيل العلمي، ويتحولون إلى وضع الاستعداد والجهوزية للموت في أيّة لحظة وفي أي مكان كان، قد تنشأ فيه الحرب.. محافظات شمال الشمال وما حول صنعاء، تأخذ النصيب الأكبر من الأطفال الذين يلتحقون بالحركة، وفوق ما هي مناطق متخلفة تعليميًّا، وتعيش وضعًا صحيًّا ومعيشيًّا خطيرًا جدًّا، يزيد الجماعة من صعوبة الأمر وتعقيده بالاستقطاب الكبير لأطفال يصبح الموت والقتل نزهة باذخة، وكأنهم يمسكون لعبة "بلايستيشن".
أتساءل: كيف ينظر طفل إلى عيني ضحيته وهي تلفظ آخر أنفاسها؟ لمعلوماتكم، في التشيع، خصوصًا الاثنى عشرية، التحصيل العلمي يأخذ الأولوية، فيما ترتيب القتال في نهاية القائمة.
الحوثيون بحاجة لمقاربة أقلها الاستفادة من حزب الله؛ لاعتباره الأقرب فكريًّا ومنهجيًَّا لها، رغم بعدها الأيديولوجي من الاثنى عشرية.. المهم، الحوثي سيمنحنا موتًا بريئًا، نشعر فيه بابتسامة جادة وليست بريئة، من عينيّ طفل يشعر مع مرور القتل.. أعتقد أنهم لن يشعروا بشيء..!، ربما يتفقدون بقلق خزنة السلاح بعد كل قتل، هذا - على الأرجح - شعور أيضًا، أعرف أدباء ومثقفين أرسلوا أوﻻدهم أو أقاربهم يتلقّون دورة تدريبية، ثم بعد مرور الوقت لم يعد أبناؤهم إليهم، ولم يعودوا مبالين بأي روابط اجتماعية؛ فقد أصبحت المسيرة القرآنية ملامسة مليئة بالتشويق.
أتمنى من المسيرة، لو أنها تؤهلهم فنيًّا، وتكسبهم مهارات مهنية، على الأقل إذا انتهت المعارك في اليمن يكون لديهم مهنة شريفة، بدلاً من أن يتحولوا لممارسة أعمال احترافية، تأخذ بعد حياة مأساوية على أنفسهم والمجتمع اليمني بشكل عام.
يقول علم النفس: "إن الضحية الأولى - فقط - تطارد القاتل إلى أن يموت"، أما من بعد الضحية الثانية يصبح الأمر متعلقًا بخلل نفسي في القاتل نفسه، وليس للشرف أو التضحية أيّة علاقة نبيلة.
هذه إحدى القضايا التي يتغافلها الجميع، ونحن ندافع عن اليمن السياسي والاقتصادي، بينما نترك أمرًا شديد الخطورة كهذا، مما يكشف خسة السياسة، وهي تعيش أسوء استغلالها للإنسان كأداة للوصول للحكم، والسيطرة على المجتمع بشكل ﻻ إنساني مقيت، وهذا أمر يديننا جميعًا؛ حيث إن الإنسان لا أهمية له إلا كعلاقة فارقة بين الموت والحياة، لكننا لا نتحدث عن شكل تلك العلاقة، ولِمن يجري استغلالها؟.. هل للأمر علاقة احتساب مناطقي وعنصري، إذا ما أكدنا أن الغالبية العظمى هم أطفال أبناء شمال الشمال ومجتمعات ما حول صنعاء؟، هذا مجرد تساؤل من باب التهكم فقط؛ باعتبار أن معظم المنظمات والمراكز والمؤسسات التي تناصر وتدافع عن الطفولة وحقوقها يمتلكها أشخاص خارج هذه المناطق، مع أنها تستأثر بمشاريع منحها المانحون لليمن ككل، ويجري استغلال وجود هذه المناطق كرقم وقيمة نفعية تتعلق بمراكمة الثروة؟..
ليش لا؟؛ "كل شي معقول"، (مثلما أغنية الكبير أبو بكر بلفقيه).




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign