الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    كتابات /
ما حدث في 21 سبتمبر ثورة شعبية بكل المقاييس

04/02/2015 15:49:33


 
علي البخيتي
ما حدث في 21 سبتمبر ثورة شعبية بكل المقاييس على طغمة فاسدة، وكان قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية هو ما أعطى الحراك السياسي لأنصار الله "الحوثيين" زخمًا شعبيًا التف حوله الكثيرون، ومن مختلف التيارات السياسية في مناطق معينة من اليمن، لكن علينا أن لا نبالغ ونعتبر ما حصل ثورة شعبية وطنية لها امتداد جغرافي على مستوى اليمن، فالتحرك الجماهيري الذي سبق 21 سبتمبر الفائت وما بعده ارتبط بالمناطق التي يتواجد فيها "أنصار الله" أمنيًّا، أو في مناطق لهم تواجد وحضور قوي تمكنوا من خلاله من النزول بحرية.
ومن هنا لا يمكن لثورة في منطقة محددة في اليمن أن ترسم بمفردها الخارطة السياسية لكل اليمن بشماله وجنوبه، خصوصًا مع وجود القضية الجنوبية ومطالب لمناطق وكتل سُكانية أخرى ترغب من خلالها في أن تكون شريكة في صنع القرار، أما إذا ما أضفنا الحساسية المذهبية إلى جانب الحساسية المناطقية فإنه سيتم رفض أي خيار يأتي من تلك المنطقة ومن ذلك التيار تحديدًا، حتى ولو كان قرآنًا مُنزلاً.
أنا أعرف أن الثورة تحتاج إلى مغامرة لكي تنجح، ولو عملت الثورات حسابًا للكثير من العوامل، وأفرطت في المخاوف من التغيير لَما قامت أيّة ثورة في التأريخ، ومع ذلك فالوضع مختلف تمامًا عندما نتحدث عن الأزمة الحالية، فالتيار الذي تبنّى الثورة ليس متواجدًا في كل المناطق في اليمن، ولا المنتمين له من كل طوائف ومذاهب المجتمع، ومحصور تواجده في عدة محافظات لها إرث مذهبي خاص، وامتداده في محافظات أخرى يعتمد على عوامل أخرى لن أتحدث عنها اليوم.
***
الثورة مغامرة، هذا صحيح لو كانت المغامرة ستقتصر نتائجها على أزمة اقتصادية وانعدام في المشتقات النفطية والمواد التموينية ولو لأشهر، أو فراغ دستوري حتى لسنة كاملة، لكن عندما تتحول المغامرة إلى مقامرة بوحدة اليمن وتماسك نسيجه الاجتماعي فلا أنصح بالمغامرة أبدًا.

على "أنصار الله" أن يدركوا كيف ينظر إليهم الآخرون في بعض المحافظات الشمالية والجنوب بشكل عام، فهم لا ينظرون إليهم كقوة سياسية لها امتداد على مستوى الوطن، بل كقوة مناطقية طائفية في غالبها الأعم، ومن خلال هذه النظرة سيتم التعامل مع أي خيار أحادي يتخذه "أنصار الله" خلال اليومين القادمين.
على "أنصار الله" أن يفهموا أن إحضار مجموعة شخصيات من كل محافظة من القريبين منهم أو المحسوبين عليهم أو الموالين لهم إلى الصالة الرياضية بصنعاء لا يعبّر بأي حال من الأحوال عن إجماع وطني أو انتشار وطني للحركة، فتلك الشخصيات لا تملك وزنًا يكفي لإقناع مواطني تلك المناطق بصوابية الخيار الذي سيتم اتخاذه، وبالتالي قد يكون ذلك الخيار هو المسمار الأخير الذي سيدق في نعش الوحدة اليمنية، بل ووحدة الشمال أيضًا، ولا أريد أن يكون "أنصار الله" الممسكون بالمطرقة، فمن أوصل البلد إلى حافة التمزيق أطراف أخرى، لكن دقهم للمسمار الأخير سيحملهم الجزء الأهم من مسؤولية مشهد تشييع اليمن الموحد.
التراجع عن المهلة الزمنية ليس عيبًا، وسيُحسب لـ"أنصار الله" لا عليهم، مهما حاول البعض اتهامهم بالعجز، بل عليهم أن يثبتوا - فعلاً - أنهم عاجزون عن تمزيق الوطن، وهناك خيارات كثيرة للوصول إلى تسوية، ومن الخطأ أن يحصروا أنفسهم بساعات محددة، فمصير الأوطان لا يُربط بعقارب الساعة أبدًا.

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign