الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    تحقيقات. /
بصمات الفشل في تخفيف اثارها تنكشف والحكومة تغرد خارج سرب الحقيقة
جرعة العيد أوقفت الانهيار ولم توقف العبث بالمال العام وفساد النفط والطاقة المشتراه

13/08/2014 16:50:29


 
تحقـيق: رشيد الحداد

أقرت حكومة الوفاق الوطني قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية بينما أبواب التهريب مفتوحة وأبواب الدعم المشبوه لم تغلق، ووافقت الأحزاب السياسية على تلك الجرعة التي ألهبت جيوب قواعدها التي ارتدت عليها، إلا أنها لم تشارك في وضع بدائل للحد من أي آثار استقرارية على المواطن البسيط، فالحديث اليوم لم يعد عن القرار بل عن تبعات القرار وإجراءات الحد من آثاره على حياة الملايين من اليمنيين وتداعياته على الاقتصاد الوطني.
في هذا الملف نكشف عن الأسباب الحقيقية لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، ومدى قدرة الحكومة الالتزام بتعهداتها أمام الشعب بإجراء إصلاحات اقتصادية مصاحبة، وعن أسرار أخرى تتعلق بنظام البصمة والصورة وموعد التطبيق النهائي وعن عثرات تقف أمام أي إنشاء مشاريع حكومية في مجال الطاقة الكهربائية.. إلى التفاصيل:
بينما كانت الحكومة تؤكد استقرار الوضع المعيشي للمواطن اليمني كانت الخزينة العامة للدولة تمر بأسوأ مراحلها، إلا أن ذلك لم يكن كفيلاً بأن تقوم الحكومة بإجراءات تقشفية وبسرعة البحث عن البدائل التي من شأنها أن توقف التدهور الحاد للاقتصاد اليمني من الداخل، بل اكتفت بالتأكيد على معاناة اليمن اقتصادياً في كل محفل دولي أو خلال لقاء رئيس الحكومة أو وزرائها بمسئولين دوليين وسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة.
ومع تصاعد أزمة المشتقات النفطية نتيجة عجز الدولة بتغطية فاتورة المشتقات النفطية وعجزها بوقف الاعتداءات التخريبية على أنبوب النفط وأبراج الكهرباء والقطاعات القبلية سعت إلى تطمين الناس بأنها لن تعتزم رفع الدعم عن المشتقات النفطية، واكتفت بالرد على التحذيرات من انهيار الاقتصاد حتى وصل السيل الزبى وارتفعت المخاطر الاقتصادية إلى أعلى المستويات، ورغم ذلك لم تبادر الحكومة بإصدار أي قرار من شأنه وقف ذلك التدهور، أو يساعد على تخفيف الصدمات التي كادت تعصف بأسعار صرف الريال إلى مستويات كارثية، فالمؤشرات الأولية والمؤكدة كانت تقول منذ أواخر مايو أن الاقتصاد اليمني على كف عفريت وهو ما استشعر القطاع الخاص الذي بادر إلى طلب الدولة برفع الدعم عن المشتقات النفطية كأحد الحلول الإجبارية رغم آثارها وأضرارها على شرائح اجتماعية واسعة وتأثيرها على بيئة الأعمال، إلا أن إصرار القطاع الخاص اليمني على تمرير جرعة سعرية على النفط ومشتقاته كان السبيل الوحيد لديهم للحفاظ على رؤوس أموالهم من التبخر، وفق المؤشرات الخطيرة التي أكدت ارتفاع الدين العام الداخلي والخارجي إلى 22 مليار دولار وانخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 4,3 مليار دولار منها مليار دولار وديعة سعودية، وليست ملكا لليمن بما يعني تدهور الاحتياطي إلى 3,3 مليار دولار قبل شهرين من الآن.
يضاف إلى أن البنك المركزي استنفذ كافة آليات السياسة المالية للحصول على الأموال لتغطية نفقات الأجور والمرتبات الشهرية لموظفي الدولة وسداد فاتورة المشتقات النفطية من النقد الأجنبي التي وصلت إلى مليار و135 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري مقابل إيرادات الحكومة المالية من مبيعات النفط التي لم تتجاوز 676 مليون دولار.
تلك المؤشرات وغيرها دفعت مسئول حكومي في وزارة المالية إلى التحذير من مغبة عجز الدولة من صرف مرتبات وأجور الموظفين خلال الربع الأخير من العام الجاري، بالإضافة إلى توقف كافة مشاريع الدول المانحة بسبب عجز الحكومة اليمنية عن دفع مساهمتها التي لا تتجاوز الـ 20% من قيمة كل مشروع، وهو مبلغ يسير مقابل التكلفة الإجمالية لتلك المشاريع.
تلك الظروف وغيرها التي لم تعلنها الحكومة للشعب، ولم تصارحه بها كانت نتيجة لفشل في إدارة البلاد خلال الفترة الماضية وانشغالها بالتقاسم والمحاصصة وإدارة البلاد سياسياً فقط، مما دفع بها إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية كخيار وحيد مقابل إيقاف كارثة اقتصادية كانت تتهدد استقرار أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأخرى في السوق بالتدهور الحاد إلى 350 ريال للدولار الواحد.
الحكومة الصامتة
عقب تنفيذ قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية التزمت الحكومة الصمت، ولم يصدر أي توضيح رسمي للشعب من قبل مجلس الوزراء، بل تم نشر دراسات من قبل وزارة المالية تشير فيه إلى دعم الوقود استنزف الاقتصاد ولكم يستفيد منه سوى المهربين والغير مستحقين وليس المسحوقين من الشعب، ورغم تماسك أسعار المواد الغذائية إلا أن نيران الجرعة الهادئة سرعان ما أحرقت جيوب الفقراء وفتحت أبوابا للتجار ومالكي السيارات والمركبات ووايتات الماء وأصحاب المخابز والأفران، كما ارتفعت أسعار الخضار والفواكه إلى مستويات غير مسبوقة، ونظراً لغياب أي خطط أو دراسات أو آليات مدروسة من قبل الحكومة التي اتفقت على رفع الدعم في رمضان الماضي، ظل المواطن اليمني وحيداً في معركة استغلال التجار وارتفاعات النقل العشوائية ورغم التلاعب بأوزان الخبر في المخابز والأفران في مختلف الجمهورية وارتفاع أسعاره في عدد من المحافظات إلى 15 ريالا، إلا أن معركة اليمنيين القادمة مع حق الحصول على الخبز لا تزال قادمة
الخولاني: هناك اتفاق لرفع سعر الخبز
أكد خالد الخولاني - مدير مكتب الصناعة والتجارة بأمانة العاصمة - أن مكتبه أجرى لقاء بأصحاب المخابز في العاصمة - الأحد - بالتعاون مع شعبة المخابز والأفران في الغرف الصناعية بأمانة العاصمة لوقف أي مخالفات أو ارتفاعات قبل إقرار السعر الجديد، وأشار الخولاني إلى أن المكتب توصل إلى محضر اتفاق مع مالكي المخابز والأفران بالعاصمة تضمن تحديد السعر الجديد والأوزان بعد رفع الدعم عن المشتقات النفطية، مؤكداً ان المحضر الذي رعته الغرفة التجارية سيتم الموافقة علية من قبل أمين العاصمة، وسيصدر بصيغة قرار ملزم لجميع الأفران والمخابز الاتوماتيكية والشعبية خلال الأيام القادمة، وحول ما إذا كان الاتفاق قد تضمن رفع سعر الخبز والأوزان أكد الخولاني أن اتفاق مكتب الصناعة والتجارة بالأمانة مع أصحاب المخابز والأفران تضمن معالجات منصفة للمخابز والأفران، وأهمها رفع سعر الخبز إلى عشرين ريال مقابل رفع الوزن إلى 75جراما بدلاً عن 30 جراما.
وفيما يتعلق بالإجراءات التي اتخذتها الصناعة والتجارة فيما يتعلق بارتفاع أسعار وايتات المياه إلى 100% عن أسعارها السابقة قبل أزمة المشتقات النفطية أكد خالد الخولاني: أن أمانة العاصمة شكلت لجنة خاصة للحد من تداعيات رفع أسعار وايتات المياه برئاسة عبدالله محرم، وكيل أمانة العاصمة المساعد، وأشار إلى أن اللجنة عقدت عدة اجتماعات مع مكاتب النقل والمياه والصناعة وخولت مكتب المياه بالأمانة بالقيام بدورة في تقديم دراسة فنية حول تأثير رفع الدعم عن المشتقات النفطية على تكلفة المياه من الآبار، وكلفت اللجنة وزارة النقل بتحديد تكلفة النقل ومكتب الصناعة بتكلفة الأسعار الجديد.
ارتفاع الأسعار استبق الجرعة
رجل الاعمال محمد العباسي، تاجر جملة مواد غذائية في سوق مذبح المركزي، كشف عن الأسباب الحقيقة التي وقفت عدم ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وأكد ان ارتفاع أسعار المواد الغذائية سبق قرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية بأشهر.. مؤكدا أن ما طرأ على عدد من السلع خلال الأشهر الماضية بنسب بسيطة كان نتيجة ارتفاع أسعار الوقود وانعدامها في السوق مما أدى إلى رفع الموردين مبالغ بسيطة تتباين ما بين 100 - 250 ريال للكيس القمح بسبب ارتفاع تكلفة النقل، وأشار إلى أن أزمة المشتقات النفطية تسببت بارتفاع أسعار القمح من 5000 ريال إلى 5300 ريال، وأسعار الدقيق من 5400 ريال إلى 5700 ريال، وأشار العباسي إلى أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية خفض كلفة النقل من ميناء عدن إلى العاصمة صنعاء، مؤكداً ان تكلفة نقل الكيس القمح وزن 50 كيلو بلغت 200 ريال بسبب أزمة الديزل وانعدامها، ولجوء التجار إلى شرائها من السوق السوداء بمبلغ 7000 ريال للدبة سعة 20 لترا، وأوضح: أن استهلاك القاطرة من عدن إلى صنعاء 200 لتر بقيمة 70000 ريال، بينما تحمل 600 كيس قمح أو دقيق، وبعد قرار الحكومة انخفضت إلى 39000 ريال، أي أن تكلفة نقل الكيس الواحد لا تتجاوز الـ 65 ريالا للكيس، وبإضافة مصاريف السائق وإيجار الناقلة لا تتجاوز الـ 100 ريال.
البصمة والصورة
على الرغم من التزام حكومة الوفاق الوطني للرئيس عبدربه منصور هادي بالانتهاء من نظام البصمة والصورة نهاية أكتوبر القادم إلا أن تطبيق وزارة الخدمة المدنية لنظام البصمة والصورة الحيوي المحدّث، والذي من خلاله سيتم إزالة الموظفين المزدوجين والوهميين في المؤسستين العسكرية والمدنية يواجه تحديات فنية كبرى، منها أن النظام السابق الذي تبنته شركة ألمانية صغير، ولا يستوعب إجمالي الموظفين، بل قدرته الاستيعابية لا تتجاوز الـ 500 ألف موظف، وبأمسّ الحاجة للتحديث والتوسيع، وبعد ان بلغ من العمر عتيا يستوجب استدعاء الشركة المنفذة مرة أخرى لليمن للقيام بتحديث وتوسعة النظام ليشمل كافة موظفي الجهاز الحكومي، فالشركة الألمانية غادرت اليمن عام 2009م، كما أن النظام يعد نافذة واحدة، أي ان نظام مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية والمختصة بمنح الهوية وكذلك نظام الجوازات نظام أمريكي يختلف عن نظام وزارة الخدمة المدنية.
وعلى الرغم من أن استدعاء الشركة المنفذة لنظام البصمة والصورة مرة أخرى بحاجة إلى 6 أشهر على الأقل، كما أن عملية توسعة النظام وتحديثه بحاجة إلى ستة أشهر كأقل تقدير، ومن ثم يمكن استكمال تطبيق النظام، إلا أن الحكومة وعدت الرئيس بالانتهاء من تطبيق النظام خلال فترو وجيزة، بل وقبل انتهاء العام الجاري.
ووفق المصادر المؤكدة فإن الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين ودعم تنفيذ سياسات الإصلاحات اليمني وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عملا خلال الأشهر القليلة الماضية على إعداد وثيقة مشروع استعادة وتوسيع نظام البصمة والصورة في فبراير الماضي، وأشارت المصادر الى ان وزارة التخطيط والتعاون الدولي تبحث عن التمويل اللازم من المانحين، وستبلغ كلفة المشروع ما بين 7.5 مليون وثمانية ملايين دولار.
وعلى الرغم من ارتفاع مطالب المانحين للحكومة اليمنية بتنظيف كشف الراتب من الأسماء الوهمية في الخدمة المدنية، والتي تعد أحد أبرز الإصلاحات الاقتصادية ذات الأولوية التي التزمت بها اليمن في الإطار المشترك للمسؤوليات المتبادلة بين اليمن والمانحين، إلا أن العديد من الدول المانحة لم تُعِر الطلب اليمني بتمويل مشروع توسعة النظام أي اهتمام باستثناء
اليابان التي عبرت عن اهتمامها بالمشاركة في تمويل المشروع، وهو ما يؤكد أن اليمن لا يزال يواجه صعوبة في الحصول على التمويل الكافي للمشروع.
وما يؤكد تلك الحقائق توجيه رئيس الجمهورية أواخر ابريل الماضي، خلال ترأسه للحكومة، وزارة الخدمة المدنية استكمال تطبيق النظام على الجهات التي لم يشملها، ابتداء من مايو الماضي، وخلال اجتماعه السبت قبل الماضي بالحكومة وجه وزارة الخدمة المدنية بسرعة استكمال تطبيق النظام ابتداء من أغسطس الجاري، ومع ذلك ينتظر الرئيس والشعب إنجازات حكومة الوفاق نهاية العام الجاري.
وتزامنا مع تطبيق نظام البصمة وجه الرئيس والحكومة بإلغاء العمل بالبطاقة القديمة والانتقال إلى البطاقة الالكترونية ابتداء من أكتوبر القادم بهدف إيجاد الرقم الوطني الذي يصعب معه الازدواج أو التزوير أو المغالطة.
إجراءات الرئيس والتزامات الحكومة
في الوقت الذي تنصلت الحكومة عن أية مسئولية وأسقطت فشلها في إدارة الاقتصاد، واكتفت بالتأكيد على معاناة اليمن أزمة اقتصادية إلا أنها لم تشعر المواطن بتحملها أية مسئولية، وبينما الحكومات السابقة كانت تقف عند انحدار الوضع المالي بمسئولية، وتعلن عددا من الإجراءات التقشفية للحد من تصاعد العجز استمرت الحكومة الحالية بالصرف الجائر للنفقات العامة، بالإضافة إلى توظيف الآلاف من المدنيين والعسكريين، متجاهلة أنها أوقفت التوظيف على الفقراء لعامين تحت مبرر معالجة توظيف 60 ألف اعتمدها النظام السابق في صيف عام 2011م في إطار مساعيه لامتصاص غضب الشباب حينذاك.
وعلى الرغم من التوجيهات الصريحة التي وجهها هادي للحكومة مطلع يوليو الماضي، والتي استبقت قرار الجرعة والتي قضت بوقف شراء السيارات للمسئولين الجدد واستعادة السيارات الحكومية التي لا تزال تحت تصرف مسئولين سابقين ومتقاعدين، الا ان الحكومة لا تزال مديونة لوكالات السيارات العالمية في اليمن ثمن المئات من السيارات التي تم شراؤها بالأمر المباشر.
وجاءت التوجيهات الرئاسية بعد أن تجاوزت مشتريات الحكومة من السيارات خلال الفترة الماضية "2000" سيارة، معظمها سيارات فارهة من نوع " لكزسس وبرادو"، وعلى الرغم من صدور توجيهات رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة لوزير المالية السابق صخر الوجيه في ديسمبر 2011م بمنع صرف سيارات جديدة للوزراء المعينين في حكومة الوفاق، واعتماد إجراءات تقشفية في إدارة النفقات الحكومية إلا انه بعد عام اعتمد قرابة المليار ريال لشراء سيارات لأعضاء مجلس النواب بواقع ثلاثة ملايين لكل عضو لشراء سيارة بهدف تمرير الموازنة العامة للدولة للعام 2013، كما اشترت حكومته بالأمر المباشر في نفس أكثر من 2000 سيارة بالأمر المباشر دون مناقصات منها 1700 سيارة تم شراؤها العام الماضي بالأمر المباشر من المركز التجاري للسيارات والمحركات (تويوتا) التابع لمجموعة بازرعة، ومعظمها بالآجل، وهو ما ضاعف عجز الموازنة العامة مبالغ العام الماضي. ووفق مصادر مؤكدة فإن مشتريات الحكومة اليمنية العام الماضي بالأمر المباشر لم يشمل مشتريات وزارتي الدفاع والداخلية والمؤسسات والصناديق الحكومية المستقلة ماليا وإدارياً، وتحتل الحكومة اليمنية المرتبة الأولى في شراء السيارات الحديثة سنويا من فروع وكالات السيارات العالمية العاملة في البلاد، وقف المشتريات الحكومية للسيارات وفق خطة التقشف الحكومية سيصيب سوق السيارات المنظمة، والتي تعد من أصغر الأسواق في المنطقة العربية بالركود حيث لا تتجاوز مبيعاتها السنوية الـ 10 آلاف سيارة، بينما تبلغ مبيعات سوق السيارات الغير منظمة" المستعملة والمستوردة من أسواق الخليج والسوق الأمريكي "قرابة الـ 100 ألف سيارة سنويا وفق إحصائية صادرة عن نادي الأعمال اليمني العام الماضي.. ولذلك يسعى وكلاء السيارات في اليمن إلى تسهيلات كبرى للجهات الحكومية مقابل تسويق السيارات الحديثة التي قلما يقبل عليها اليمنيين بسبب الظروف الاقتصادية المتردية وارتفاع تكاليفها باستثناء الأغنياء والأثرياء والقطاع الخاص.. وعلى الرغم من تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد إلا أن اليمن سجل المرتبة الأولى في استيراد السيارات المصفحة "المضادة للرصاص" التي تتباين تكاليفها ما بين الـ 100 - 200 ألف دولار العام الماضي على مستوى المنطقة العربية بعد العراق نتيجة لتردي الأوضاع الأمنية وارتفاع ظاهرة الاغتيالات. ووفق إحصائيات الإدارة العامة لشرطة السير فإن إجمالي السيارات الحكومية المسجلة خلال الفترة (2000-2011م) بلغت (97.784) سيارة.
22 مليار دولار ديون اليمن
بفعل السياسات الاقتصادية الحكومية الخاطئة وتصاعد الأعمال التخريبية التي استهدفت أنابيب النفط وأبراج الكهرباء وكبدت الخزينة العامة مليارات الدولارات خلال العامين الماضين، وانشغال الحكومة بالمماحكات السياسية وفشلها في إدارة البلاد تجاوز إجمالي الدين العام الداخلي والخارجي الـ 22 مليار دولار، وهو ما لم تشهده اليمن منذ عام 1962م، ووفق تأكيد رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي خلال لقائه الأخير بالحكومة فإن الدين المحلي ارتفع إلى ثلاثة تريليونات وتسعة وثلاثين مليار ريال، وهو ما جعل الحكومة غير قادرة على الوفاء بالكثير من الالتزامات الفورية والآنية كمستحقات للغير من المقاولين والمشتقات النفطية ومستخلصات وارتباطات موقعة قبل يونيو ٢٠١٤ وبحدود مائتين وخمسة عشر مليار ريال، بالإضافة إلى بقاء الدين العام الخارجي ما فوق الـ 7 مليارات دولار.
وعلى الرغم من أن المعايير الدولية تطالب بألا تزيد نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي على 60% ليكون في نطاق الحد الآمن، لكن حسب البيان المالي للحكومة للعام الجاري 2014م تجاوز120% وبلغت فوائد القروض التي تدفعها الحكومة اليمنية للبنوك المحلية والمقدرة في موازنة 2014م بـ415 مليار ريال (قرابة ملياري دولار) بزيادة قدرها 160% عن العام 2010م.
وكشفت تقارير رسمية خلال الفترة القليلة الماضية عن استنفاد وزارة المالية كافة الوسائل للحصول على قروض وسلفيات من البنوك التجارية والإسلامية خلال منذ مطلع يناير الماضي، وفي الوقت الذي اعتمدت المالية خلال السنوات الماضية على إصدار أذون خزانه للأجل القصير المحدد بـ بثلاثة أشهر، والأجل المتوسط المحدد بستة أشهر، والأجل الطويل المحدد بسنة، للحصول على تمويلات وتغطية العجز في الموازنة العامة للدولة، وكانت تعتمد على فتح أحد الآجال أو أجلين في الغالب خلال السنوات الماضية، سعت العام الجاري إلى استخدام كافة الآجال المحددة في أذون الخزانة التي تعد آلية لجذب التمويلات المالية للبنك المركزي مقابل أرباح تتراوح ما بين 18% - 15%، إلا أن البنك المركزي اليمني وفق تقرير التطورات المصرفية لشهر أبريل الماضية كشف عن اللجوء إلى كافة آجال أذون الخزانة خلال يناير - أبريل الماضي، كما سعى إلى إصدار سندات حكومية "صكوك إسلامية" خلال ذات الفترة لتغطية العجز في الباب الأول وشراء المشتقات النفطية.
تبخر الاحتياطي النقدي
في ذات الاتجاه انخفض احتياطي اليمن من النقد الأجنبي من 5,2 مليار دولار في يناير إلى 4,3 مليار دولار في مايو الماضي منها مليار دولار الوديعة السعودية، وكان الاحتياطي النقدي الأجنبي قد بلغ نهاية العام 2012م الـ 6,3 مليار دولار.
ورغم التدهور الحاد للاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراء يخفف من ذلك التدهور الذي شكل خطراً حقيقيا على الاستقرار الاقتصادي في البلد كما كشف فشل حكومة الوفاق الوطني في تنويع إيراداتها المالية، بل ظلت معتمدة على عائدات اليمن من النفط الذي تراجع خلال الفترة الماضية إلى 133 ألف برميل في اليوم الواحد بينما المقدر في الموازنة العامة للدولة 166 ألف برميل نفط يوميا، يضاف إلى تراجع إنتاج البلاد من النفط تصاعدت الأعمال التخريبية التي استهدفت أنبوب النفط لتصل الخسائر المالية خلال الأشهر الماضية قرابة النصف مليار دولار.
مليارا دولار دعم الكهرباء
التوجيهات الرئاسية الأخيرة التي أعقبت تنفيذ قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية استثنت الكهرباء التي تعد من القطاعات الأكثر استنزافاً للمال العام، وشدد الرئيس هادي خلال اجتماعه بالحكومة مطلع الأسبوع الماضي في هذا الصدد على أهمية وضع آليات جديدة تكفل استمرار دعم الوقود المخصص لإنتاج الكهرباء والذي يقدر بمائتين وستة وثلاثين مليار ريال "أي يتجاوز المليار دولار" في السنة، كما وجه الرئيس الحكومة بمراقبة استمرار الوقود المدعوم للتوليد الكهربائي، يضاف إلى أن الوقود المخصص للكهرباء، والذي يتجاوز الـ 700 مليون لتر من الديزل فإن عقود شراء الطاقة لا تزال فادحة، ولا تزال التوجيهات الرئاسية بإعادة النظر في العقود وتوحيد التسعيرة في مهب الريح حتى الآن.
كما أن توجيهات الرئيس للحكومة بإلغاء العقود والانتهاء من شراء الطاقة خلال نهاية العام القادم يواجه عدة صعوبات، بل تحديات بسبب وقوف مراكز قوى لها مصالح كبرى من استمرار شراء الحكومة للطاقة فأكثر من توجيه رئاسي لم ينفذ، بل تم إجهاض إنشاء عدد من المحطات الكهربائية العاملة بالغاز المسال كمحطة شبوة الغازية بقدرة توليدية 150 ميجاوات، والتي حدد الرئيس إنشاءها في مارس من العام 2012م بـ 15 شهرا، والتزمت الشركة خلال لقاء الرئيس هادي بمديرها بالانتهاء من إنشاء المحطة العاملة بالغاز المسال، والتي كان سيتم إنشاؤها في بلحاف شبوة، إلا أن الفترة مضت، ولم تبدأ الشركة المنفذة بالإنشاء بينما خلال الفترة رفعت الحكومة شراء الطاقة 200 ميجاوات معظمها كان من نصيب اجريكو السعدي وخصوصا في شبوة والمحافظات الجنوبية.
يضاف إلى أن مشروع محطة المخا لتوليد الطاقة بالرياح بقدرة 60 ميجاوات في المخا، والذي أقرت حكومة الوفاق الوطني نهاية العام 2012م إنشاءه خلال فترة قصيرة وحينها قال وزير الكهرباء السابق صالح سميع: "بالنسبة للدراسات الخاصة بتوليد الكهرباء من الرياح فان هناك امكانية لتوليد 17 ألف ميجاوات فإن ذلك ربما تتيح لنا التصدير للجيران، كما أن المشروع الذي قدمت حكومة مجور عددا من الدراسات وتم التوقيع على عدة اتفاقيات بهذا الشأن مع شركات بريطانية وأخرى كورية دون أي جديد. إلا أن المشروع الممول من قبل الصندوق السعودي للتنمية وصندوق الاوبك للتنمية الدولية توقف عن العمل.
وفيما اتجهت الأنظار إلى دخول محطة غازية مأرب " 2 " الخدمة نهاية العام الجاري، إلا أن التزامات الحكومة للرئيس بتشغيل المرحلة الثانية من محطة مأرب الغازية في أكتوبر القادم يكتنفه الغموض، خصوصا وأن شركة بهارات الهندية اعتذرت عن الالتزام بالموعد المحدد، وأشارت إلى أنها في حالة تكثيف العمل خلال الأشهر القادمة إلى فترتين ستنتهي من استكمال المرحلة الثانية لغازية مأرب "2" نهاية النصف الأول من العام الجاري ورغم ذلك لا يزال موعد دخول محطة مأرب 2 مشروط بتوفر بيئة آمنة لعمال ومهندسي الشركة.
وفي ذات الاتجاه لا يزال مصير محطة معبر الغازية بقدرة توليدية 450 ميجاوات وبتمويل المانحين ومستثمرين محليين وأجانب والصندوق السعودي للتنمية والمؤسسة العامة للكهرباء غامضا حتى اليوم رغم استياء المانحين من تعثر المشروع الذي يعد من المشاريع الخدمية الكبرى والذي كان يفترض أن يبدأ الخدمة مطلع العام القادم.
كل تلك المؤشرات تبدد مخاوف مراكز القوى التي تقف وراء صفقات الطاقة المشتراة، ويبقى الوطن الضحية.
النقل وتعرفة الباصات
إلى حدّ ما نجحت الحكومة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية، ولكنها كما يبدو أنها فشلت في الحد من الآثار السلبية على المواطن البسيط، فها هي وزارة النقل فشلت في تطبيق تعميمها القاضي برفع تكلفة النقل بنسبة 20% فقط، وكما يبدو أن القرار ارتجالي وغير مدروس؛ فمثلا عندما كان مالكو الباصات يشترون الديزل والبنزين من السوق السوداء بزيادة 200% من سعر البنزين في السوق كانت تعرفة النقل ثابتة، وها هي تعرفة النقل التي رفعت في صيف عام 2011م إلى خمسين ريالا للباصات الداخلية داخل المدن، والذي وصل فيه سعر البنزين إلى أعلى المستويات، بل بلغت الدبة سعة 20 لترا إلى 8 آلاف ريال، وهو ما دفع أصحاب باصات النقل الداخلي إلى رفع تعرفة النقل إلى 50 ريالا، ورغم ذلك لا يزال الكثير منهم يرفض قرار وزارة النقل، بل ويفرضون قانونهم الخاص بـ 70 ريالا للراكب.
الضمان والزراعة من المستحق
على الرغم من أن مجلس الوزراء حدد الضمان الاجتماعي لفئة محدودة، وهم مستحقو تلك الحالات، ووجه بالبحث عنهم والتأكد منهم حتى لا تذهب الحالات إلى المشايخ والغير مستحقين، كما ذهبت مئات الآلاف من تلك الحالات التي وصلت جيوب الفاسدين قبل الكادحين إلى أن الإجراء بحاجة إلى عدة أشهر على اقل تقدير.
وفي نفس الاتجاه يكتنف الغموض إجراءات وزارة الزراعة والري حول الحد من الآثار السلبية للجرعة على المزارعين، فالوزارة وجهت بصرف 1200 شبكة ري للمزارعين دون تحديد من هم المزارعون، هل هم مزارعو التمباك الذي احتل المئات من الهكتارات في وادي تهامة بدلاً عن القطن، أم مزارعو القات الذي اجتاح 169 ألف هكتار من الأراضي الزراعية أم مزارعي الخضار والفواكه، يضاف إلى ذلك توزيع الطاقات الشمسية على المزارعين.

مشرط المانحين
على الرغم من أن المانحين لم يصدروا أي بيان يؤيد قرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية إلا أن القرار فرضته دواع محلية تمثلت بتجاوز عجز الموازنة العامة للدولة الحدود الآمنة وصولا إلى حد إفلاس الدولة والآخر تنفيذا لالتزامات الحكومة أمام المانحين قبيل انعقاد مؤتمر أصدقاء اليمن السابع حكومة الوفاق المقرر انعقاده الشهر القادم في نيويورك.
وكان المبعوث الاممي جمال بن عمر في تقريره الأخيرة المقدم لمجلس الأمن حث على ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية ورفع الدعم عن المشتقات النفطية، وأشار بن عمر في مؤتمر صحفي أحطت مجلس الأمن بالوضع الاقتصادي والأزمة المالية الكبيرة التي يمكن أن تؤثر على قدرة الحكومة على توفير موازنة الدولة في السنة المقبلة، مشيراً إلى أنه "لا مفر من الإصلاح الاقتصادي، وأنّ تأجيل الخيارات الصعبة لن يسهّل الأمور". كما اعتبر وزير الدولة البريطاني للتنمية الدولية إلى أن دعم الوقود شكل من أشكال الفساد والفساد بجميع أشكاله غير مقبول، وأشار إلى أن دعم الوقود يجعل الأغنياء أكثر ثراءً بينما لا يقدم أية فوائد تُذكر للفقراء، ومن يعتقد أن رفع الدعم عن الوقود سيؤثر على المواطن البسيط هو مخطئ، فرفع الدعم عن المشتقات النفطية سيعود بالفائدة على المواطن البسيط. وشدد الوزير البريطاني خلال زيارته الأخيرة لليمن على ضرورة قيام اليمن بالوفاء بالتزاماته والقيام بإجراء إصلاحات في عدة جوانب منها في الجانب الاقتصادي. وكان وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي أكد قيام حكومة الوفاق الوطني بالشروع بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول برنامج الإصلاحات الضرورية للمرحلة المقبلة، وطالب السعدي المانحين أواخر يونيو الماضي بتقديم مزيد من الدعم المباشر للموازنة العامة للدولة والتي تعاني من عجز مالي كبير يهدد الاستقرار الاقتصادي المتحقق خلال العامين الماضيين.

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign