المبعوث الاممي يدعو لعدم ربط الحل السياسي في اليمن بقضايا اخرى        تعثر خطة الرد الاسرائيلي على ايران        اعتراف امريكي بريطاني بنجاح الهجمات اليمنية البحرية والجوية        صنعاء ,, انفجار اسطوانة غاز يتسبب باندلاع حريق هائل في سوق شعبي     
    تحقيقات. /
وكيل ينتهك حق الباعة في باب اليمن تحت مبرر حماية صنعاء القديمة
بلدية العاصمة تختم رمضان بحربٍ ضروس ضد الباعة والبساطين بعشرات الأطقم والجرافات

31/07/2013 20:45:30


 
تحقيق / رشيد الحداد

في الوقت الذي فشلت حكومة الوفاق الوطني في توفير آلاف من فرص العمل للشباب العاطلين في أرصفة الشوارع وفي تهيئة بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات، وأوقفت التوظيف 4 سنوات، والتزمت الصمت حال قيام الشقيقة الكبرى بطرد 300 ألف عامل يمني من أراضيها خلال الأشهر الماضية مما ضاعف مشكلتي الفقر والبطالة المعقدتين اللتين تزدادان تعاظمًا في يمن بات الجوع يتهدد الملايين من أبنائه، وباتت سوء التغذية علامة من علامات عدم حصول مئات الآلاف من المواطنين على الغذاء الكافي الذي يسد رمق جوعهم.
في ظل هكذا ظروف لم يسبق أن مرت اليمن بأسوأ منها، أقدمت أمانة العاصمة بشن حرب ضروس على الباعة والبساطين الحلقة الأضعف في العاصمة في عدد من الشوارع تحت مبررات مختلفة دون أدنى اعتبار إلى أن أولئك الشباب يمنيون يحملون الهوية اليمنية ويعيلون آلاف الأسر.
حالما تغيب المسئولية في أي بلد يحدث ما حدث لمئات الباعة والبساطين في شارع هائل ظهر يوم السبت الماضي، وما يتعرض له المئات من الباعة والبساطين في باب اليمن وغيرهما من الباعة والبساطين الذين يتعرضون للتنكيل وسحق الآدمية في شوارع عاصمتهم الأم (صنعاء).
ففي الوقت الذي يُختطف الأجانب من قلب العاصمة صنعاء ويغتال مسلحون مجهولون حقّ المزيد من الأبرياء في الحياة، فيسقطون صرعى في هذا الشارع أو ذاك وسط العاصمة وليس في صحراء الربع الخالي، تنفذ عشرات الأطقم العسكرية هجمات ضارية على الباعة والبساطين الذين يتحملون حرارة الشمس طيلة نهار رمضان الطويلة أيامه في ما تبقى من وطن "الرصيف"..
لبيع بضائعهم بأسعار رخيصة تتناسب مع دخول الفقراء فتأتي تلك الأطقم الأمنية بكامل جبروتها لتضرب بيد من حديد بحق أولئك الآلاف من الشباب الشرفاء الذين يعملون من أجل الحفاظ على حياة كريمة لأسرهم وذويهم فتدوس أحلامهم تحت أقدامها وتسحق بضائعهم بالجرافات والغرافات التابعة لمكتب الأشغال العامة.
حرب البسطات في هائل
شارع هائل في العاصمة صنعاء، أحد الشوارع التجارية في العاصمة صنعاء، التي يشهد نشاطًا طيلة العام، ويرتفع ذلك النشاط إلى أعلى المستويات خلال المواسم الدينية، وخصوصًا في أواخر شهر رمضان التي يرتفع فيها الإقبال على شراء الملابس المختلفة في كافة أنحاء الجمهورية.
هذا الشارع التجاري الحيوي تتواجد فيه المئات من البسطات طيلة العام دون أن تتعرض لأية مضايقات، بل يتم ابتزاز أصحابها يوميًّا من قبل عاملين في البلدية تحت مبررات الحماية.
وفي الوقت الذي تم بيع رصيف شارع هائل بملايين الريالات من قبل البلدية مطلع الشهر الكريم وبسندات رسمية ووفق تأكيد الباعة فإن البلدية أجّرت الشارع لهم مطلع شهر رمضان بـ 6 آلاف ريال للمتر ونصف، بمعدل أجر يومي 200 ريال، إلا أن مكتب الأشغال نفذ حملة إزالة للبسطات بطريقة فجة - ظهر السبت الماضي - حيث قامت جرافات تابعة لأمانة العاصمة، بجرف العشرات من البسطات في شارع هائل بصورة "همجية" وانتقامية، خصوصًا وأن عملية الجرف تزامنت مع هطول الأمطار في الشارع، فتم إتلاف كافة البضائع التابعة للباعة، والتي تُقدّر بالملايين وجرفها إلى السيارات ومصادرتها إلى المشروع دون سابق إنذار ودون أيّ اعتبارات لوطن يلفظ فيه المواطن البسيط أنفاسه الأخيرة اقتصاديًّا.
قوات أمنية تهاجم الباعة
ذلك الهجوم الذي نفذته بلدية العاصمة كان بحماية أمنية من قِبل فرق مكافحة الشغب من قوات الأمن الخاصة "الأمن المركزي سابقًا"، والتي نفذت عملياتها الأمنية بحق أناس دفعوا ثمن فشل الحكومات السابقة والحالية في تحقيق حياة كريمة لهم ولأسرهم ولم يطالبوا بتعويض بطالة من قبل الحكومة، بل اعتمدوا على أنفسهم ليخوضوا معارك مصيرية مع الفقر والبطالة.
وعِوضًا عن احتوائهم وتشجيعهم تواجههم السلطات المحلية اليوم بسياسة الإفقار والقمع، فتطاردهم وتقطع أرزاقهم وتسجنهم وتصادر بضائعهم.
يقول أحد الباعة في شارع هائل: "داهمونا بحملة مكونة من عدد من الأطقم الأمنية ومكافحة الشغب، بالإضافة إلى عدد من الجرافات وأطقم البلدية التي داهمت البسطات ومارست النهب بصورة علنية (عيني عينك)، وبحماية مكافحة الشغب التي استخدمت العنف والضرب وأثارت الخوف والفزع في أوساط الباعة.
وتابع المصدر: نهبوا حقوقنا، ولم يرحموا أحدًا، حتى أن هناك بساطين أطفالًا أخذوا بضائعهم بقسوة، ولم يرحموا دموعهم ولا صرخاتهم.. وأكد: أن الباعة والبساطين هتفوا في وجه القوات الأمنية والعشرات من أفراد البلدية: (ارحلوا ..ارحلوا)، فتم مطاردتهم بالعصي.
باب اليمن
تحت مبرر حماية التراث الإنساني في صنعاء القديمة تعرض مئات الباعة والبساطين في ساحة باب اليمن للتنكيل من قبل وكيل أمانة العاصمة الحيمي، الذي كُلِّف بمشروع حماية صنعاء القديمة لكونه وكيلًا بدون مهام، وعِوضًا عن قيام الوكيل بحماية صنعاء القديمة من العبث الحقيقي من قِبل أنصار البناء الحديث، الذين شوهوا تاريخ المدينة العتيقة وإعادة تاريخ مقاشمها القاحلة، والتي تحولت من بقع خضراء ومتنفسات طبيعية إلى مواقف للسيارات، وترميم المنازل الآيلة للسقوط، والتي أُخرج منها ساكنوها قبل ما يزيد عن عشر سنوات، ومنازل بيت عصدة غرب الجامع الكبير، الذين يبحثون عن حق العودة منذ العام 2001م حتى اليوم لَخَيْر دليل.
أقدم السيد الوكيل سليم الحيمي باستقدام العشرات من قبيلته واستخدمهم لإرهاب الباعة والبساطين في باب اليمن.. فهل - يا سليم الحيمي - حماية صنعاء القديمة بمطاردة الباعة والبساطين في باب اليمن وقطع أرزاقهم..؟!!
روحوا لكم يا "لغالغة"
خلال نزولنا الميداني إلى "باب اليمن" شاهدنا العشرات من أصحاب القبعات الزرقاء يداهمون الباعة والبساطين في باب اليمن، فسألنا عن: أية جهة يتبعون، فقيل لنا: بأنهم يتبعون مشروع حماية صنعاء، وقد كان حديثهم مع الباعة نابيًا جدًّا وعنصريًّا.
أحد أصحاب القبعات الزرقاء شتم الباعة، وقال: (يا "لغالغة" روحوا لكم من هانا).
الطفل معاذ وآخرون في قبضة عساكر الوكيل
أثناء تواجد "الوسط" في باب اليمن لاحظت مدى المضايقات التي يتعرض لها الباعة والبساطون حتى من يتخذون من سواعدهم ساحات للبيع فيعرضون بضع قطع فيها علّهم يحصلون على مصاريف يومهم الرمضاني، إلا أن البيع باليد مجرّم - أيضًا - من قبل ذي القبعات الزرقاء الذين لم تأخذهم رحمة بالطفل معاذ عبدالولي، الذي قدم من منطقة الأخمور؛ لممارسة البيع والشراء علّه يحصل على ما يسد حاجة إخوانه الصغار في القرية.. معاذ، الذي يبلغ 15 عامًا، تعرض للضرب من قبل عساكر الوكيل؛ لأنه كان يبيع بيديه "معاوز".. يقول معاذ لـ"الوسط" بلكنته التعزية: "كنتو أبيع بيدي معاوز وما دريت إلا وفي واحد سلّم عليّ فسلّمت عليه فمسك بيدي بقوة وخبطني بالوجه ورماني مع المعاوز إلى الطقم وبعد أن صادروا 29 معوز حق الناس انا أبيع وأكسب رزقي فكوا لي فتركوني وصادروا البضاعة".
ما تعرض له الطفل معاذ، الذي انتهك حقه من قبل جندرمة الوكيل الحيمي تعرض له الشاب صلاح عبدالكريم مكرد الخامري - أيضًا - الذي تعرض للضرب من قبل عناصر تابعة لوكيل أمانة العاصمة هاجمت صلاح وتعدت عليه بالضرب وصادرت بضاعته تحت مبرر حماية صنعاء القديمة على الرغم من أن صلاح لم يبنِ منزلاً حديثاً داخل المدينة، بل يبيع ويشتري في الساحة الخارجية لباب اليمن، وأفاد صلاح أن عناصر الوكيل اعتدت على محمد سعيد الفقيه وصادرت بضاعته، كما صادرت بضاعة منور سعيد أحمد ونجيب المحولي تحت ذات المبرر.
طقم عسكري يطارد عمر ويصادر بضاعته
في الوقت الذي تجوب العصابات المسلحة شوارع أمانة العاصمة فتقتل الأبرياء وتسطو على الحقوق وتسلب المواطنين ممتلكاتهم وتخطف الأجانب والدبلوماسيين شنت السلطات المحلية والأمنية في أمانة العاصمة حربًا ضد الإنسانية بحق الباعة والبساطين تحت مبررات واهية، حيث اعتدى طقم عسكري تابع للأمن المركزي - مساء الخميس الماضي - على الباعة والبساطين في باب اليمن بالعاصمة صنعاء بوحشية، وأكد الباعة - في اتصال هاتفي لـ"الوسط نت" - أنهم فوجئوا بمداهمة طقم عسكري تابع لقوات الأمن العسكري لأماكن سكنهم والاعتداء عليهم بالضرب وسلب بضائعهم، والمقدرة بمئات الآلاف بالإضافة إلى سلب تلفونات تعود للباعة من الغرف التي يسكنون في لوكندة أبو أكرم الواقعة في باب اليمن، والعاملة منذ عشرات السنين بطريقة قانونية.
وأكدوا أن الجنود الذين هددوهم بالاعتقال والسحب على الأنف حال بقائهم في اللوكندة التي يسكنون فيها برروا فعلتهم النكراء بالحفاظ على صنعاء التاريخية وحمايتها، مؤكدين أن الحملة التي دشنتها أمانة العاصمة لا تستهدف الباعة والبساطين، بل تستهدف المنازل التي تم بناؤها بطريقة مخالفة للتراث اليمني، والمخالفة لقائمة التراث العالمي.
واعتبروا ما حدث لهم من اعتداء واقتحام انتهاكًا للدستور والقانون اليمني الذي كفل للمواطن اليمني حق العمل كحقٍّ دستوري لا يمكن لأي أحد أن يُزايد عليه، بالإضافة إلى انتهاك حرمة السكن الذي جرّم الدستور اقتحامه إلا بإذن من النيابة العامة حالما وجدت جريمة معينة، إلا أن اقتحام سكن أناس لم يرتكبوا أي جرم سوى أنهم يعملون من أجل كسب رزقهم بالحلال كغيرهم من عشرات الآلاف من البساطين الذين ينتشرون في مختلف شوارع العاصمة صنعاء.
الخامري.. البضاعة المصادرة بأكثر من مليون
أنور الخامري أفاد بأن الباعة والبساطين يتم مطاردتهم منذ الظهر حتى آخر الليل منذ أول رمضان، وكانت حملة حماية صنعاء القديمة مسلطة على بساطي الساحة الخارجية لباب اليمن فقط، حتى أن الباعة والبساطين داخل المدينة لا يتم مطاردتهم مثل مطاردتنا هنا.. وتابع أنور: وعلى الرغم من حرماننا من العمل والتلفظ على الباعة بأقذع الألفاظ والعنصرية، إلا أن ذلك لا يكفي، كما يتضح، فقد أقدمت الحملة باستخدام طقم عسكري لمداهمة الغرف الخاصة بالباعة وتكسير الأبواب ومصادرة البضاعة.. وأكد أنور أن طقمًا من القوات الخاصة اقتحم اللوكندة التي يسكنها الباعة وفتح بالقوة غرفة أحد الباعة، ويدعى عمر، ولم يكتفِ بمصادرة البضاعة وحسب، بل صادروا تلفونه الشخصي.
وحول تقديره عن قيمة البضاعة المصادرة من قِبل حملة حماية صنعاء القديمة بقيادة الوكيل الحيمي أفاد بأنها تُقدّر بأكثر من مليون ريال، وكلها بضائع ناس مساكين، "طالبين الله على أنفسهم وأسرهم"، ويتم احتجازها منذ أشهر.
إلى أمين العاصمة
عبر "الوسط" ناشد الباعة والبساطون أمين العاصمة الأستاذ عبدالقادر هلال التوجيه إلى وكيل أمانه العاصمة سليم الحيمي بالإفراج عن بضاعة الباعة وتسليمها كاملة دون نقصان أي شيء.
وناشد الباعة والبساطون أمين العاصمة وقف الاعتداءات عليهم ومحاسبة المعتدين، وتمكينهم من ممارسة أعمالهم حتى آخر شهر رمضان حتى لا يجوع أطفالهم ويتشردون؛ كونهم مواطنين صالحين.
بدورنا نُطالب السيد الأمين هلال بالتدخل العاجل للإفراج عن بضاعة الباعة وإعادتها لهم وتوفير أفضل الحلول الكفيلة باحترام آدميتهم وحمايتهم من الابتزاز والاعتقال التعسفي ومصادرة حقوقهم.

 

 

 

 

 

 

 

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign