المبعوث الاممي يدعو لعدم ربط الحل السياسي في اليمن بقضايا اخرى        تعثر خطة الرد الاسرائيلي على ايران        اعتراف امريكي بريطاني بنجاح الهجمات اليمنية البحرية والجوية        صنعاء ,, انفجار اسطوانة غاز يتسبب باندلاع حريق هائل في سوق شعبي     
    جدل وأصداء /
الثلايا :الفتاوى الدينية كأحد أهم المؤثرات في التأثير على الرأي العام

2011-10-05 19:19:26


 
كتب/عبدالله الثلايا   رصد لفتاوى مثلت تناقضات صارخة بين العلماء ومثلت دورا رئيسياً في حسم الصراعات السياسية   يعرف عن الشعب اليمني تأثره الكبير برأي الدين  في القضايا المتعلقة بالشئون العامة وخاصة القضايا التي يشوبها الجدل والاختلاف في أوساط المجتمع. وعادةً ما يكون الرأي الديني هو الذي يسود غالبية القناعات  التي تأثرت قبلها بقناعات عصبية أو سياسية مناقضة وكثيراً ما يؤجل أفراد  صنع موقف شخصي من مثل تلك القضايا حتى سماع رأي العلماء إزاءها.   ولذا فإن فرقاء العمل السياسي في العادة كل منهم يبحث عن علماء يتوافقون مع الرؤى التي ينتهجونها بحيث تتحول هذه الوقفة أو تلك إلى فتوى سياسية ولعل العراك الدائر هذه الأيام بين من يمكن اعتبارهم علماء محسوبين على السلطة وآخرين محسوبين على المعارضة يؤكد افتقاد الأمة لعلماء ربانيين يمثلون بوصلة الحق الذي لايضيع من اتبعه.   فتاوى حسم حرب 94   نظراً لقوة تأثير الدين في هذا المجتمع، فقد كان له دور محوري في حسم قضايا سياسية مصيرية كان أهمها مؤتمر علماء اليمن في الجند نهايات عام 1993 وفتاوى علماء في حرب نفس العام وبيانات  علماء الزيدية وجمعية علماء اليمن في حروب الجيش ضد الحوثيين، وكانت جميع تلك المواقف تدعم مواقف الرئيس علي عبدالله صالح ضد خصومه الذين كانت مبررات تمردهم ضعيفة أو غير واضحة. إلى أن جاءت ثورة الشباب منتصف فبراير 2011 التي عدد من بيانات التنظيمات الدينية اليمنية والدولية أيد السواد الأعظم لها مطالب الشباب والشعب مادامت سلمية ودعت رجال القوات المسلحة والأمن إلى عدم الانصياع للأوامر باستخدام آلات  العنف ضد المعتصمين السلميين كما دعت بعض منها رئيس الجمهورية الى التنحي والى التوقيع على المبادرة الخليجية كونها طريقة آمنة للخروج بالبلاد والعباد الى مصير آمن وتجنب سفك الدماء. إلا أن أكبر تنظيم ديني المتجسد بجمعية علماء اليمن صامتاً لفترة طويلة ولم يبد موقفاً إزاء كافة الأحداث الساخنة وحوادث سفك الدماء رغم مناشدات المنظمات الدينية المختلفة إلا بعد ساعات من صدور بيان هيئة علماء اليمن الثالث الصادر في نهاية يونيو والذي دعا الرئيس إلى التنحي ونائبه الى تحمل المسئولية الدستورية، كما سيجده القارئ الكريم أسفل هذه الابحوثة. في تقديري الشخصي، شاب موقفهم هذا كثير من مواقف نظرائهم العرب إبان ثورات مماثلة سادت بلدانهم كما سيتم بيانه في نهاية هذه الأبحوثة، ولم تغط بياناتهم أحداثاً عظيمة لاسيما مجازر مدينة عدن والجمعة الدامية بصنعاء وأربعاء تعز الأسود وأحداث الحصبة، باستثناء الهجوم على كبار قيادات الدولة، على الرغم من تخلل تلك الأحداث مبادرات ووساطات فردية من قبل شخصيات معدودة جداً من العلماء تدعو بعض أطراف الاختلاف الى بعض التنازلات لتخفيف حدة  العنف وحل المشكلة.     فتاوى التغيير بين مع وضد   ما أن بدأت ثورة شباب اليمن في منتصف فبراير 2011 حتى انطلق في نفس الأسبوع بيان علماء عدن وحضرموت معنوناً بـ"فتوى"، أكدت على حق الأمة في الاحتساب والإنكار على حكامها، وحقها في المطالبة بالتغيير والإصلاح مادام ذلك بالوسائل السلمية المنضبطة لعموم الأدلة الموجبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعا  الدولة أن تقوم بمبادرة جادة نحو التغيير الحقيقي والفوري -قبل فوات الأوان- وذلك على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية وبتحريم استخدام الدولة أدوات القمع ضد المتظاهرين.   وفي 12 مارس أكد بيان مجلس علماء أهل السنة بحضرموت تحت توقيع رئيسه وسبعة من أعضائه على البيان الذي أصدرته هيئة علماء اليمن ومجلس علماء أهل السنة و استنكر الاعتداء على المعتصمين سلمياً في صنعاء وعدن وتعز وفي كل المدن اليمنية، كما أكد حق الطلاب في التعبير السلمي دون المساس بشيء من مصالحهم أو مصالح أمتهم أو التفريط في مطالبهم ومن ذلك ألا يعطلوا الدراسة في مدارسهم، وأن يجعلوا تظاهراتهم واعتصاماتهم السلمية في غير وقت الدراسة. وأوصى جميع الأطراف بالابتعاد عن كل ما يؤدي إلى العنف من أي طرف كان.   ولم يمض أكثر من أسبوع إلا وقد أصدرت هيئة علماء اليمن التي يرأسها الشيخ عبدالمجيد الزنداني بياناً أدان واستنكر الاعتداءات على المعتصمين السلميين، ودعا الجيش والأمن إلى عدم المشاركة في هذه الجرائم.   وبعد يومين في 7 أبريل 2011 أصدر المجلس الأعلى لجمعية الحكمة اليمانية الخيرية التي تضم العديد من العلماء بياناً انطلق من واجب البيان والنصح (حسب البيان) أكد على ما صدر في بيانات هيئة علماء اليمن وبيان مجلس علماء أهل السنة في حضرموت، وبيان علماء حضرموت وعدن، وبيان مجموعة من علماء ودعاة الدعوة السلفية في إب (لم يتمكن الباحث من الحصول على نسخة منه) وطالب "الجميع بتقديم مصلحة البلد والأمة على المصالح الشخصية والحزبية، وتقديم تنازلات تؤدي إلى تحقيق انتقال السلطة سلمياً. الذي أضحى مطلباً ملحاً، وذلك حقناً لدماء المسلمين وحفاظاً على أمن البلد واستقراره."   وفي العاشر من مايو انعقد اجتماع الملتقى السلفي العام الثاني المنعقد في مدينة تعز وخرج ببيان نص جزؤه الخاص بالثورة على تأكيد الملتقى على ما تضمنته البيانات السابقة للعلماء والمجالس العلمية، وحث على مواصلة علماء اليمن ووجهائه لجهودهم في تقديم الحلول المناسبة بما يؤدي إلى إطفاء الفتنة، وجمع الكلمة، وحفظ أمن اليمن واستقراره وسيادته. كما دعا جميع الأطراف للتعاطي الجاد والمسئول مع المبادرة الخليجية، بما من شأنه أن يُخرج اليمن من محنته، ويحقق طموحات الشعب ومطالبه المشروعة.   وفي 21 مايو، خرجت هيئة علماء اليمن ببيان آخر تحت اسم وتوقيع رئيسها طالب الشباب المعتصمين الذين يرفضون المبادرة الخليجية بألا يحولوا دون نجاحها وطلب من رئيس الجمهورية عدم رفض التوقيع أو وضع عراقيل أخرى أمام حل مشكلات اليمن ودعا الجيش والأمن إلى الالتزام بما عاهدوا الله عليه من حماية الوطن وتأمين المواطنين.   وفي 7 يونيو، أصدر مجلس علماء أهل السنة بحضرموت بياناً يتهم الرئيس صالح بالفشل في تحقيق مسئولياته تجاه الشعب ويدعوه إلى الرحيل. كما حرض "العلماء والسياسيين وأصحاب الفكر والعسكريين ورجال الأمن أن يقفوا الموقف المشرف الذي ينقذ العباد والبلاد مما حلّ بهم، ويعملوا على وأد الفتنة، وتفويت الفرصة على من يريد إشعالها بما أمكن من وسائل شرعية."   فتوى كسر العظم   في بداية أبريل، حاول رئيس الجمهورية إنهاء صمت جمعية علماء اليمن كأكبر منظمة دينية في البلاد في اجتماع له مع أعضائها وحكم فيهم كتاب الله خلاله وناشدهم الاضطلاع  بمسئوليتهم الدينية في حلحلة  العقد المزمنة والوصول الى حل مرض للأزمة، وأعلن تعهده بتنفيذ ما يتم  الاتفاق عليه. واتفق جميع العلماء المجتمعين على أن من يرفض الاتفاق الذي سيتوصلون إليه فإنه سيُعد داعياً إلى فتنة. إلا أن الرئيس سرعان ما نكث عهده باضافة نقطة الى مبادرة العلماء التي وافق عليها أعضاء اللقاء المشترك. تبع ذلك صمت طويل من قبل الجمعية حتى بادر نحو 114 عالماً في هيئة علماء اليمن، بعضهم أعضاء في جمعية علماء اليمن، في نهاية يونيو بالتوقيع على ثالث بيان للهيئة الذي أوضح إصرار الرئيس طوال أربعة أشهر على رفض كافة المبادرات المحلية والعربية والدولية الرسمية وغير الرسمية وعدم تنفيذه خطوة إصلاحية واحدة يمكن أن يكشف خلالها حرصه على تجنيب البلاد سفك الدماء ونيته للتغيير الايجابي لما فيه مصلحة الشعب  العليا، بالاضافة الى انزلاق البلاد فعلياً في أجواء الحرب حيث شهدت عدة مناطق  عمليات عسكرية واسعة من الطرفين مست المدنيين وانقطاع الكهرباء والوقود ما أثر في الحالة الاجتماعية والاقتصادية التي مست حياة كل فرد بالاضافة الى الاصرار على بقاء غموض  الحالة الصحية للرئيس وحكومته . ودعا البيان الى تطبيق مواد الدستور الداعية الى تنحي الرئيس وتحميل نائب الرئيس مسئولية قيادة البلاد وتنظيم انتخابات.   ومع توق الكثيرين إلى معرفة فتوى مفتي اليمن الرسمي الشيخ الجليل محمد العمراني نظراً لكونه المفتي الرسمي للبلاد وثقتهم باستقلالية فتواه، تأخر الشيخ في اصدار فتواه إلا إثر إدراج اسمه ضمن الموقعين تحت البيان المذكور. حينها حث الشيخ العمراني الناس على التزام الصمت إزاء ما وصفها "بالفتنة" ودعا إلى عدم دعم طرف ضد آخر. وقد عزا البعض موقف هذه الفتوى بأنها تستهدف كل من يحمل السلاح ومنهم الجيش والأمن خوفاً من استخدامه مع أو ضد أي طرف. واعتبرها آخرون موقفاً سياسياً سلبياً شابه مثيله في الدول العربية التي شهدت ثورات. ورأى قسم آخر  أن هذه الفتوى قد تكون مخلصة وذات حكمة لكنها في نهاية المطاف لم تكن ذات نظرة طويلة الأمد وتسببت باضعاف وتيرة التغيير ضد الفساد وضد فشل وحدة الأمة بالوسيلة السلمية التي لم تتوفر مسبقاً كما الآن، خاصة وان عاقلاً  كالشيخ العمراني لا يخفى عليه مدى إصرار الرئيس على الفساد وأثر حكمه على مستقبل وحدة الأمة ومستقبل أبنائها، وهو من يعلم أيضاً مدى سلمية الثوار بالرغم من الاعتداءات المتكررة عليهم.   وفيما يتصل بالفتاوى الفردية الأخرى، تركزت فتوى واحدة لأبرز أئمة الدعوة السلفية البارزين  الشيخ محمد بن عبد الله الإمام على القتال فقط، حيث حث على "ترك القتال في الفتنة وترك الخروج على الحكام المسلمين وإن جاروا".   بالمقابل كان بيان الهيئة أيضاً هو المحرك الوحيد الذي استفز الصمت الرسمي لجمعية علماء اليمن التي اصدرت بياناً مضاداً ومقتضباً بعد يوم من ذلك البيان واكتفت بإرسال نسخة منه الى وكالة الأنباء الحكومية وتضمن الدعوة الى عدم الانجرار وراء توصيات بيان أولئك العلماء الـ114 وإلى "الالتفاف حول القيادة السياسية الشرعية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس لا سيما في الظروف الراهنة التي بلغ الاستهداف فيها لشخصه." كما انها حثت كافة علماء اليمن إلى التقيد بكتاب الله وسنة رسوله والأحكام الفقهية الراجحة والنظام الأساسي للجمعية وبذل الجهد في النصح بالحفاظ على الوطن ولم الشمل والبعد عن الشتات والفرقة ومراقبة الله بالأقوال والأفعال في السر والعلن .   وقد أصدر علماء الهيئة بيانين بعد بيانهم ذاك يدعون فيهما قيادة البلاد الى وقف سفك الدماء وقبول مبادرة العلماء أو المبادرات الدولية من أجل تجنيب البلاد الحروب وآفات الفقر المتزايدة. بالمقابل أصدرت الجمعية بياناً لاحقاً بنهاية أغسطس يدعو القوى السياسية إلى التجاوب مع دعوة الرئيس للحوار.   بعد ذاك، وبعد أربعة أيام فقط من وصول رئيس الجمهورية في 23 سبتمبر من مقر معالجته بالرياض، قامت جمعية علماء اليمن، وبحضور إبن أخ الرئيس ورئيس الحرس الخاص، بعقد مؤتمر علمي لتدارس الثورة وشرعيتها. وقد أصدر المؤتمر فتوى بتحريم التظاهرات والخروج على ولي الأمر وتشرع منع المظاهرات السلمية بالقوة المسلحة.   العلماء ينتقدون الفتاوى   وعلى الصعيد الصحفي، لم ينتقد بيان هيئة علماء اليمن الصادر في يوليو أي من العلماء سوى الاعلامي الحكومي ومدير عام الوعظ بوزارة الأوقاف في نفس الوقت الشيخ جبري إبراهيم الذي اعتبره مجرد بيان  يعبر عن موقف أشخاصه  وليس فتوى تعكس موقف الدين من القضية. كما عد الموقعين عليه بالقلة في الجمعية، إلا أن مقابلة صحفية مع عضو الجمعية خطيب الجامع الكبير بالحديدة الشيخ عبدالرحمن مكرم، وهو من الموالين لبقاء الرئيس، قد جذب الانتباه، حيث صرح لصحيفة الثورة الرسمية عن رأيه في الثورة القائمة قائلاً "أما نظرتي إليها من حيث مشروعيتها فهي بحسب دستور الجمهورية اليمنية حق مكفول للمواطنين للتعبير عن آرائهم أو المطالبة بحقوق فقدوها من حقوق المواطنة، والإسلام في أحكامه يجيز حرية الرأي والتعبير عن المطالبة بالحقوق المسلوبة ولكن بطريقة سلمية تحافظ على المكتسبات الوطنية."  كما اعتبر سماحته أن "مواقف علماء الجمعية ليست نابعة عن آرائهم الشخصية وإنما ناقلون عن الله سبحانه وتعالى، وعن رسوله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم باعتبارهم "ورثة الأنبياء" يبلغون عن النبي الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم المبلغ عن ربه سبحانه وتعالى ورب العباد جميعاً العالم والخبير بمصالحهم وبما يصلحهم، وذلك بتبيين وتوضيح حكم الله وحكم رسوله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم في أي خلاف يطرأ على مجتمع المسلمين في أي مكان أو زمان فيما بينهم، أو حدوث فتنة عارمة تهدد كيانهم ووحدتهم."                                        وفي المقابل، أكد عدد من العلماء الموقعين على البيان الأخير للهيئة على أن بيانهم بمثابة الفتوى وسط رفض الرئيس اتفاق العلماء السابق على اعتبار الرافض له بمثابة داع الى فتنة ونكث العهد وغياب قيادة البلاد طويلا في ظل ظروف خطيرة وصمت الجميع بما فيهم علماء الجمعية الذين تم تحكيم كتاب الله وسطهم حتى وصلت الأمور الى تلك المآلات السوداء والدامية. كما شككوا بمصداقية البيان المضاد كونه لم يـحمل توقيعات العلماء الذين أصدروه بحسب النظام الأساسي للجمعية التي لا تعتبر منظمة مجتمع مدني بالمعايير المعروفة بل تنظيم ديني لا ينطبق عليه قانون الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، وبالتالي فلا يوجد لها ما يسمى بالموقف الرسمي دون توضيح أسماء وتواقيع مصدري البيان. كما انتقدوا بقوة عدم تضمين بيان الجمعية أي وصف للمشكلة أو حلول لها كما هي عادة بيانات الجمعية أو أي فتوى تسعى لترسيخ الاستقرار وحل مشاكل المجتمع.   أما في صعيد بيان جمعية علماء اليمن الصادر في 29 سبتمبر، فقد أثار البيان ردود فعل غاضبة في اليمن وخارجه، حيث عبرت أوساط يمنية دينية وسياسية معارضة عن رفضها لما ورد في البيان خاصة انها جاءت لتأجيج الظروف التي تمر بها اليمن حالياً، واعتبرتها بمثابة "فتوى حرب". والملاحظ ان المؤتمر لم يحضره العلماء البارزون أمثال القاضي العمراني والمؤيد والجرافي وبن حفيظ والزنداني ...إلخ بل ان عدداً من المنظمات الدينية المحلية مثل رابطة علماء عدن وعلماء الحديدة، بالاضافة الى أبرز العلماء المحليين والعرب انتقدته بقوة. واستند الكثير ممن عارض البيان عدم وجود أسماء وتواقيع  لمن أصدر الفتوى واتهموا موظفين في المساجد وعاملين بمكاتب الأوقاف في بعض المحافظات بحضور المؤتمر والموافقة على البيان.                                                           وعلى صعيد استضافة وسائل الاعلام الحكومية والموالية للعلماء، فقد استضافت برامجها المختلفة ما لايزيد عن سبعة من أعضاء جمعية علماء اليمن توزعوا على 4 قنوات فضائية و خمس إذاعات محلية وعلى نحو متكرر. إلا أنه يجدر أن نذكر هنا أن تلك الوسائل بالاضافة الى الصحف الحكومية والموالية قد ركزت على استضافة العديد من المشائخ "الشباب" من خارج الجمعية معظمهم من معلمي وطلاب معهد الصالح للعلوم الشرعية حديث التأسيس. وجميع هؤلاء لا يعرف انهم حائزون على الاجازات الشرعية والشهادات التي تفيد استحقاقهم مرتبة العلماء الذين يمكن أن يصدروا فتوى.   موقف المنظمات الدولية   عقب أحداث الجمعة الدامية، أصدرت رابطة علماء المسلمين في نهاية مارس بياناً وقّع عليه رئيسها الشيخ الأمين الحاج وأمينها العام د. ناصر بن سليمان العمر حمّل النظام اليمني ما جرى ويجري من إراقة الدماء في تلك المجزرة الوحشية التي ارتكبت في حق المعتصمين والمتظاهرين لاسيما وأن النظام يكفل لهم حق التظاهر وحق الاعتصام وحق الحماية من قبل الدولة، ومنع قوات الجيش والأمن استخدام القوة ضد المواطنين العزل، كما أوضح أن المطالبة بتحقيق العدل ورفع الظلم مقصد شرعي وأن المناداة بتحقيق التنمية ومحاربة التخلف حق مقصود شرعاً وعقلاً، وإن الإلحاح على شُوريَّة الحكم في البلاد واختيار الشعب من يمثله بناءً على الأصول الشرعية, أساسٌ من أسس الاستقرار، ولا تمثل تلك المطالبات خروجًا أو مخالفة شرعية، بل ذلك من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وبخاصة أن النظام يسمح لهم بذلك. كما حث قبائل اليمن على الانتصار للمطالب المشروعة للمعتصمين والمتظاهرين التي كفلها لهم الشرع. وحث الأحزاب على تقديم مصلحة الشعب المشروعة فوق أي مصلحة ضيقة.   كما أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانين عبرا عن قلق الاتحاد من الأوضاع في اليمن وتحميله رئيس الجمهورية مسؤولية الدماء والدمار، كما حمله "المسؤولية الكاملة لما آلت إليه الأوضاع في اليمن وذلك من خلال دفعه البلاد بالقوة إلى الاقتتال حتى تنحرف هذه الثورة السلمية عن مسارها الذي اختارته."   فتاوى سلفية على الثورات الأخرى   لعل مثل هذا الاختلاف، برغم محدوديته، لايوجد في اليمن فحسب بل انه امتد قبلها وبعدها ليسحب نفسه على بقية الدول العربية التي شهدت ثورات أو وقفت حكوماتها مع أو ضد ثورات أخرى، الشيء الذي اعتبره محللون مواقف سياسية محضة كونها تأثرت أوتغيرت من ذات العلماء بتغير الحاكم أو بنوع العلاقة السياسية لبلدهم بالبلد المعني بالثورة.   ففي سوريا، أظهر عدد من العلماء مواقف مناوءة للنظام السوري بالرغم من خطر ذلك على حياتهم وكان أبرزهم المشائخ سعدي أبو جيب، و شكري اللُّحفي، وأسامة عبد الكريم الرفاعي ونعيم الحريري ، ومعاذ الخطيب الحسني ، والدّكتور الأكاديمي عماد الدّين الرّشيد، وغيرهم، فيما كافح الشيخ وعضو مجلس الشعب د. محمد حبش طويلاً لاقناع المتظاهرين باقامة حوار مع الحكومة لإحداث اصلاحات سياسية وغيرها. وفي المقابل، حرّم الدكتور الأبرز عربياً محمد سعيد رمضان البوطي الخروج في المظاهرات بسوريا كونها تتسبب في أضرار تتمثل  بوقوع اصابات وقتلى في جانب المتظاهرين، وأجاز للواقعين منهم تحت الاعتقال قول أو فعل أي شيء يطلبه منهم الجنود بما في ذلك الادعاء بألوهية الرئيس أو السجود لصورته بحكم ان ذلك يتم تحت التهديد.  وتعمد  البوطي تجنب توجيه أي فتوى أو نصيحة للجنود أو قيادة النظام الذين يمارسون القتل بشكل يومي.   وعقب نجاح ثورة ليبيا، دعا مفتي ليبيا سابقا الشيخ على الصوة للامتثال لأوامر المجلس الوطنى الانتقالى فى ليبيا، وحيا الشهداء وأهاليهم، وتبرأ من تحريضه على الدم الليبي أيام حكم القذافي. وكان ثوار ليبيا قد تمكنوا من القبض على الشيخ صوة فى بيته، وكان من المشائخ الموثوق بهم لدى اعلام القذافي الذي طالما استعان به لإصدار فتاوى تدين ثوار ليبيا، ووصفهم بالخوارج، وشرار خلق الله.   أما مؤسسة الأزهر التي طالما كان لها دور ريادي في ثورات مصر ضد المحتل وضد الظلم والقهر والفردية، فقد أضحت مؤسسة حكومية تابعة ماليا واداريا للحكومة المصرية ويعين رئيس الجمهورية رئيسها بقرار جمهوري كان آخرهم الدكتور أحمد الطيب- شيخ الأزهر الذي واكب الثورة المصرية بصمت عميق  إبان تفاعلاتها الدراماتيكية.  بينما أعلن بعدها عن دعمه للثورة وتبرعه بكامل مرتبه لمدة عام كامل دعما للاقتصاد المصري وتعبيرا عن تأييده للثورة طالبا من وزير المالية، عدم تحويل الراتب إليه، وقال إنه يخدم الأزهر والدعوة الإسلامية ولا يريد أجراً على ذلك. كما صرح بأنه لم يطلب "الرحمة" لمبارك عند محاكمته وأكد أن "القضاء لابد أن يأخذ مجراه." وإبان الثورة، أصدرالأزهر تعميمات تحذر هيئة التدريس الأزهريين بعدم الانضواء في صفوف من يدعم أو ينتقد الثورة بالرغم من خروج العشرات منهم في صفوف الثورة.   أما في تونس، ففي وسط غليان الشعب التونسي وثورته الهائلة على الظلم والاستبداد وسقوط القتلى يوميًّا برصاص الشرطة، خرج مفتي تونس الشيخ عثمان بطيخ بفتوى إكتفى بالقول فيها أنه لا يجوز الصلاة على المنتحر!!. (باعتبار المتظاهرين خرجوا للانتحار). وبعد تحقق الثورة وبعد تحقق حرية الرأي وتوسع المشاركة السياسية، لم يجد المفتي بطيخ حلاً لتهديدات المتطرفين بقتل أصحاب المقاهي والمطاعم المفتوحة في نهار رمضان إلا بنصحهم بغلقها في نهار رمضان لتجنب هذه التهديدات والابتعاد عن أي مشاكل قد تحدث فوضي في البلاد. وتجنب المفتي تحريم الافطار في نهار رمضان واكتفى بالقول "إن جلوس شخص فاطر وهو يدخن السجاير وعلى مقهى ويمكنه شرب الخمر أيضا يستفز مشاعر الكثيرين من الشعب وليس المتطرفين فقط."  الجدير بالذكر أن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها مفتي تونس عن المقاهي التي تفتح أبوابها في رمضان منذ عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن على والتي كانت تعج بالزبائن فى نهار رمضان . إلا أن تصريح مفتي الجمهورية التونسية  يعد أول رد فعل للجهات الرسمية حول فتح المقاهي خلال نهار رمضان.   أما مفتي السعودية، فقد كانت مواقفه مضادة جداً لثورتي تونس ومصر وصامتة تماماً إزاء الثورات الأخرى. فبعد اتصال هاتفي لعاهل السعودية للرئيس المخلوع حسني مبارك في 29 يناير وتعبيره عن دعم المملكة له، شن الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي السعودية في خطبته في الجمعة اللاحقة (4/2) هجوما حادا على المتظاهرين في شوارع مصروتونس، وأشار لهم بأنهم يثيرون الفتن بين الشعوب والحكام وينفذون مؤامرة من أعداء الاسلام لنشر الفوضى. لتحويل الأمة القوية والمزدهرة إلى دولة نامية ومتخلفة. ، كما انتقد في الوقت ذاته وسائل الإعلام التي تبدي اهتماماً بتغطية تطورات تلك التظاهرات، واعتبرها بأنها "منحرفة". واعتبر الشيخ وهو رئيس هيئة كبار العلماء، بقرار ملكي، أيضاً "أن تظاهرات التعبير عن الرأي "لها عواقب وخيمة ونتائج سيئة، بها تسفك الدماء وتنتهك الأعراض وتسلب الأموال ويعيش الناس في رعب وخوف وضلال".  وقال أيضاً إن تظاهرات ومسيرات التعبير عن الرأي ومحاربة الفساد "فوضويات إنما جاءت بتدبير من أعداء الإسلام المقصود منها إضعاف الشعوب والسيطرة عليها وإشغالها بالترهات عن مقاصدها وغايتها".   وانتقد مفتي السعودية كذلك، وسائل الإعلام التي غطت التظاهرات في مصر، ونشرت صورا كشفت تجاوزات كبيرة ارتكبها النظام المصري في حق المتظاهرين في ميدان التحرير، ووصف تلك الفضائيات بأنها "جائرة" قائلا إن "للإعلام دوراً في توجيه المجتمع، لكن عندما ينحرف عن مساره الشرعي يكون وسيلة للتدمير والتخريب وإبراز الشعارات البراقة ونقل الأحداث على غير حقيقتها، وشحن القلوب على غير الحقائق وتسيير الأمة وفق ما خطط له وينقلها حسب مراده وهواه". بحسب ما يرى.  وعرف المفتى السعودي شكل الفساد بأنه "المظاهرات التي  تستغلها الحركات الحزبية والحركات المنحرفة" التي تطالب بمحاربة الفساد والإصلاح، دون الإشارة إلى الفساد المستشري داخل الأنظمة التي ثارت عليها الشعوب، والذي أدى إلى حدوث تلك التظاهرات.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign