الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    جدل وأصداء /
اللسواس: آل سعود.. تجديف عبثي ضد تيار الثورات العاتي..إرهاصات الثورة السعودية

2011-08-09 20:46:40


 
كتب/حسين اللسواس   لاتبدو المملكة العربية السعودية قادرة على إبقاء نظامها الوراثي الحاكم، بمعزل كلي عن التأثر بالعاصفة الثورية التي تجتاح النظم والحكومات العربية، فحتى وإن حققت نجاحاً مرحلياً في الصمود أمام مد الثورات العاتي، غير انها –بالنظر لوقائع ومؤشرات شتى- ليست بمأمن كلي عن التحول الى محطة جديدة لإنبعاث ثوري عربي قادم.   ثمة إدراك عميق لدى صناع السياسات في المملكة لحجم التحديات التي تجابه النظام السعودي، لكنه إدراك لايواكب اللحظة الثورية إصلاحياً وإجرائياً بقدر مواكبته لها قمعياً واستعداده لمواجهتها امنياً..!     في نظام ملكي استبدادي معقد التركيب كالنظام السعودي، يصعب على عجلة الإصلاحات السياسية إتخاذ وضعية الدوران السريع لإحداث تغيير يحول دون اندلاع ثورة وشيكة، فكل خطوة في طريق الاصلاحات السياسية تحتاج الى فاصل زمني كبير، وهو ما يجعل التباطؤ عنواناً واصفاً للتعاطي السعودي مع مطالب الداخل ونصائح الخارج الداعية الى تحديث النظام السياسي وتطويره من ملكية فردية إلى ملكية دستورية.   مراكز القوى وتعقيدات صنع القرار   تباطؤ عجلة التغيير في الواقع، ليس سوى نتيجة بديهية للتعقيدات التي تحكم مسارات اتخاذ القرار السياسي، فحتى لو كان الملك ينشد تحقيق الاصلاحات، غير ان قدرته على التحرك –رغم سلطاته المطلقة- تظل محكومة بتوازنات النفوذ والقوة بين المراكز السلطوية الرئيسية في التركيبة القيادية الأسرية للنظام الملكي الحاكم.   هنا ليس بوسع الملك اتخاذ قرار مصيري –كالتحول من ملكية فردية الى دستورية مثلاً- دون توافق حقيقي مسبق مع مختلف الاجنحة والمراكز النفوذية في العائلة الملكية، وبالتالي فإقرار الإصلاحات الملبية لتطلعات الداخل ونصائح الخارج مرهون بمخاضات عسيرة من التوافقات داخل العائلة بصورة تجعل إنفاذها اكثر تعقيداً وصعوبة مما يبدو عليه الامر.   وبما ان تعقيدات اتخاذ القرارات المصيرية تجعل التجاوب مع مطالب الاصلاح الراهنة موغلاً في الصعوبة، فإن التعاطي السعودي مع اي مطالب ثورية مرتقبة يبدو مستحيل التنفيذ، وهو ما يعني ان الاجراءات السعودية المتوقعة لأي فعل ثوري وشيك ستنحصر في الجوانب القمعية دون أدنى تفاعل مع الاجندة المطلبية والإصلاحية.   الاقتصاد يعوض العجز عن الاصلاح السياسي   من النافذة الاقتصادية، تحاول المملكة العربية السعودية تعويض عجزها عن القيام بأي إصلاحات سياسية حقيقية.     فمنذ نجاح الثورة التونسية، لم تدخر المملكة جهداً في سبيل تحقيق انتعاش اقتصادي ورفاهية مجتمعية للشعب السعودي، إذ عمدت الى تحسين دخل الفرد ومعيشة المواطن عبر رفع الاجور وتقديم الحوافز والمعونات.   ورغم ان استراتيجية التعويض الاقتصادية حققت تقدماً نسبياً في اتجاه احتواء جانب من الغضب والنقمة الشعبية ضد نظام الحكم، إلا انه يظل تقدماً محدوداً، إذ ليس بوسع استراتيجية كهذه ان تجسد بديلاً لكونها ببساطة شديدة لا تُشكل علاجاً لمسببات الغضب والنقمة الشعبية المتعاظمة.   تتعدد في الواقع اوجه الغضب الشعبي، وتتصف بالكثرة والتشعب، غير ان قضية الديمقراطية والحريات السياسية تظل أبرز مظاهرها وأسبابها، فالشعب لم يعد محض مجموعات خاضعة لأهواء السلطة الدينية كما كان إبان اشتداد عود الدولة في عهد المؤسس عبدالعزيز آل سعود، لقد تحول الى كتلة بشرية حضارية تتوق إلى استنشاق عبير الحرية الآخاذ، وتتطلع بشوق لواقع ديمقراطي يوازي واقع الرفاهية الاقتصادية الذي بات معاشاً في المملكة.     تطلعات المشاركة في صنع القرار   ربما كان الاستبداد وغياب الحقوق السياسية والحريات التعليل الاكثر بروزاً للغضب الشعبي، غير انه لايبدو وحيداً، إذ ثمة تعليلات أخرى تضارعه الأهمية لعل ابرزها احتكار العائلة الملكية للسلطة وجانب واسع من الثروة.   السعوديون كشعب، باتوا تواقين الى إصلاحات سياسية تكفل تخليصهم من حالة الاختناق التي تفرضها القبضة الامنية الحديدية والرقابة الدينية الدائمة، انهم يتطلعون الى اجراءات عملية لتطوير النظام السياسي بصورة تمكنهم من حق المشاركة في صنع القرار بموازاة القدرة على اختيار الأسلوب الامثل للحياة والعيش، كما انهم يطمحون الى توزيع عادل للثروات بما يقلل الفجوة العميقة بينهم وبين الأسرة المالكة.   الدور السعودي في دعم اجندة السياسة الخارجية الاميركية يبدو نقطة امتعاض شعبية كبرى، فالغالبية العظمى من مكونات المجتمع السعودي تعارض الانسياق السلطوي للحكومة السعودية خلف دعم وإسناد الاجندة الاميركية، ولعل في الرفض الشعبي العارم للوجود العسكري الاميركي في الخليج ما يؤكد جانباً من ذلك الامتعاض.   ولاننسى هنا ايضاً الغضب الشعبي المتخلق بفعل ما تنشره الصحافة الغربية عن التعاون الأمني بين السعودية واسرائيل في الملف الايراني.   حيث سبق لصحف عديدة كالتايمز البريطانية ان اكدت وجود تنسيق سعودي اسرائيلي بهدف السماح للطائرات الاسرائيلية المقاتلة بالمرور عبر الاجواء السعودية لضرب المنشأت النووية في ايران، وهو أمر نفاه المسؤولون السعوديون في حينه.     إئتلاف الشباب وثورة مارس   ربما كانت تحركات الشباب السعودي في الحادي عشر من مارس، تجسد امتداداً بديهياً لما بات يُعرف بربيع الثورات العربية، غير انها لاتبدو محض تقليد ومحاكاة بقدر ما تعد تعبيراً حقيقياً عن غضب واحتياج شعبي.   فالحركة الاصلاحية في المملكة ليست وليدة اللحظة، إذ سبق لها التعبير عن مطالبها في مراحل شتى من حكم آل سعود، غير انها ظلت ترزح تحت وطئة القمع حيناً، والتجاهل احياناً اخرى.   عندما اطاحت الثورة التونسية بنظام الرئيس المخلوع بن علي، بدا ان الحركة الاصلاحية في المملكة قد حظيت بدفعة معنوية كبيرة لإستئناف نشاطها وتحركاتها بهدف الضغط على النظام السعودي لتنفيذ إصلاحات سياسية حقيقية.   حيث تداعى قطاع شبابي واسع من النشطاء لتشكيل تنظيم ثوري تحت مسمى (إئتلاف الشباب الأحرار) الذي ما لبث ان أعلن تبنيه لما سمي بـ(ثورة 11 مارس).   أسهم التنظيم الوليد –حسب بعض وسائل الاعلام- في تنفيذ مسيرات احتجاجية تنادي بالاصلاحات وإطلاق سراح آلاف المعتقلين السياسيين، غير ان السلطات واجهت تحركاته بحزم وقوة.   في الواقع، لم تكن تحركات التنظيم هي الفعل الوحيد المنادي بالاصلاحات السياسية، إذ سبق لمائة شخصية اكاديمية وثقافية ان تقدمت بطلب يدعو السلطات السعودية الى تطوير النظام السياسي واعتماد الملكية الدستورية كبديل للملكية الفردية.       25 الف جندي لمجابهة ثورة مارس!   أثارت المسيرات والمظاهرات السلمية في كل من جدة والقطيف والعوامية وبعض مناطق الاحساء (سقط ضحيتها شهيد واعتقل فيها المئات)، استنفاراً لدى السلطات السعودية دفعها لاتخاذ تدابير واجراءات ذات طابع وقائي قمعي بهدف مواجهة اي اتساع لمابات يعرف بـ(ثورة 11 مارس).   حيث قامت السلطات بتشكيل غرفة عمليات تضم عدداً من قادة الاجهزة الامنية وذلك بهدف رصد ومتابعة التطورات، واتخاذ التدابير الكفيلة بالحيلولة دون قيام اي مسيرات او مظاهرات، كما خصصت نحو 25 الف عنصر من رجال الجيش والامن منذ شهر مارس الماضي وذلك لقمع ومواجهة اي تحركات او مسيرات جماهيرية مناوئة للنظام.   لم تكتف السلطات بآنف الاجراءات، إذ عمدت إلى إصدار قرار عبر وزارة الداخلية حظرت فيه حق التظاهر، وحرمته على المواطنين، لتصبح المظاهرات –بموجب القرار- مخالفة شرعية.   ولكي يكون القرار نافذاً من الناحية الدينية، كان على السلطات ان تمارس ضغوطاً على المؤسسة الدينية بهدف دفعها لتحريم المظاهرات، وهو ما حدث، حيث أصدرت هيئة العلماء فتوى اعلنت فيها تحريم المظاهرات والمسيرات الشعبية.   الورقة الطائفية لم تكن بمعزل عن الاستخدام السلطوي السيء، حيث جرى توظيفها على نحو واسع بهدف إفراغ الحركة الاحتجاجية (ثورة 11 مارس) من مضمونها، إذ تم اتهام تنظيم الشباب الاحرار بالتشيع وتبني اجندة ايرانية وذلك في محاولة لحرمان التنظيم من اي فرصة حقيقية للتوسع والتغلغل وبالاخص في الاوساط الشبابية.   الاجراءات السلطوية امتدت لتطال وسائل الاعلام السعودي التي جرى برمجتها على ترديد خطاب نقدي مناوئ للثورات العربية يركز على سلبيات تلك الثورات دون التعريج على ايجابياتها.   تكتيكات الالتفاف على الثورة اليمنية   عقب سقوط نظامي مبارك وبن علي، وامتداد الربيع الثوري الى اليمن والبحرين وسوريا والاردن، أخذت السلطات السعودية تستشعر حجم الخطر المحدق الذي يتهدد نظامها الاستبدادي العتيد، فعمدت الى التدخل المباشر في البحرين عبر قوات درع الجزيرة وذلك في محاولة لإخماد الثورة عنفياً واثناءها عن تحقيق اهدافها.   كما سعت لدعم الاستقرار في المملكة الاردنية وتعزيز قدرة حكومتها على الصمود واحتواء الحركة الاحتجاجية.   الثورة اليمنية السلمية لم تكن بمعزل عن التدخلات السعودية، فمنذ بدايتها حاول السعوديون اعاقتها عن بلوغ غاية النصر عبر تقديم الدعم المباشر واللامرئي لنظام صالح، غير انهم وبعد التيقن من استحالة إعاقة قطار الثورة، لم يجدوا سوى الاستعاضة بتكتيك بديل يحقق لهم غاية الالتفاف عليها وإطالة امدها واقحامها في مسرحية بهلوانية من المفاوضات السياسية تحت يافطة براقة هي (المبادرة الخليجية)، لتنكشف بذلك حقيقة النوايا التآمرية، وتتضح الغايات السعودية الرامية الى اثناء الثورة عن بلوغ اهدافها وتحويلها من ثورة شعبية عارمة إلى أزمة سياسية يمكن حلها بسيناريوهات التفاوض والحوار.   السعودية تعيد انتاج اخطائها   خيركم وشركم يأتي من اليمن، نصيحة منسوبة للملك عبدالعزيز آل سعود، يبدو انها استعادت حضورها في ذهنية راسمي السياسات داخل العائلة السعودية المالكة.   ساسة السعودية، يعتقدون ان ثورة الشباب اليمنية المجيدة قابلة للتمدد والانتقال السريع إليهم في حال تمكنت من تحقيق اهدافها، وهو اعتقاد قاصر دفعهم لمجابهتها والتآمر عليها وتقديم العون والإسناد لصالح ونظامه بهدف مقاومتها والصمود في مواجهتها على مدى ستة اشهر.   كان بوسع المملكة -لو ساندت الخيار الثوري في اليمن- ان تحصل على ضمانات ثورية يمنية تقضي بعدم السماح بأي نشاط يزعزع استقرارها، غير انها انساقت خلف وصية الملك المؤسس الفائت عرضها دون اجراء اي حسابات دقيقة، ودون الانصات لنداءات بعض الامراء الداعمة لخيارات الشعب اليمني.   في الواقع، لا تجد المملكة غضاضة من تكرار اخطائها في حق الشعب اليمني، ففي ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، سبق للمملكة ان ناهضت خيارات الشعب اليمني الداعمة للجمهورية والثورة، ومضت بإصرار طافق وعناد منقطع النظير في تنفيذ استراتيجيتها التآمرية ضد الثورة، حيث قدمت آنذاك دعمها وتأييدها للفلول الملكية بهدف القضاء على الجمهورية السبتمبرية الوليدة، غير ان رهاناتها باءت بالفشل، وهاهي اليوم تعيد انتاج ذات الاخطاء، فرغم يقينها بإنتصار ثورة الشباب في النهاية، إلا انها لا تدخر جهداً لاغتيال هذه الثورة وعرقلتها وإعاقتها عن تحقيق اهدافها.   جهود عبثية لاحتواء الثورات   يدرك السعوديون ان مجابهتهم لربيع الثورات العربية لن يحقق لنظامهم وقاية مطلقة من عدوى التغيير الحتمية، غير انهم لا يريدون التعاطي بتاتاً مع هذه الحقيقة على نحو جدي، السبب ببساطة يكمن في عجزهم عن القيام بأي إصلاحات سياسية داخلية تحقق لنظامهم المنعة وتكسبه الحصانة اللازمة للصمود في مواجهة المد العاتي للثورات العربية.   رغم كل المتغيرات، لا يبدو نظام آل سعود قارداً على مواجهة أزماته الداخلية ومعالجتها باعتبارها –اي المواجهة- انجع الوسائل والاساليب لمجاوزة الاعصار الثوري الذي يضرب المنطقة العربية.   ترحيله لأزماته الداخلية، واستغراقه في جهود عبثية لاحتواء الاعصار الثوري العربي، سيجعله دون ريب هدفاً ثورياً قادماً.     وماذا بعد     ربما كان الحديث عن الثورة السعودية ضرباً من المبالغة واللاواقعية، وربما بدا خطاباً عاطفياً يحاكي المزاج الثوري العام، غير انه في ظل راهن السياسات السعودية يبدو قابلاً للتحول الى حديث جاد.   يدرك السعوديون ألاّ سبيل لصمود نظامهم في مواجهة الاعصار الثوري العربي دون تنازل الأسرة المالكة للشعب السعودي وتنفيذ اصلاحات حقيقية تكفل اعتماد الملكية الدستورية كبديل للفردية، غير انهم –وفق معطيات الواقع- لايريدون تقديم اي تنازلات سياسية لشعبهم المغلوب على أمره.   قد تفلح سياسات التخدير الاقتصادية في اقناع الشعب مرحلياً بعدم المطالبة بحقوقه السياسية، وقد تحقق جهود إعاقة الثورات العربية نجاحاً نسبياً في اثناء الشعب السعودي عن الثورة ضد جلادية، وقد يحول التحالف الاميركي السعودي دون انتقال العدوى الثورية الى الاراضي النجدية والحجازية، غير ان كل ذلك بالمقابل لا يعني استحالة إندلاع الثورة السعودية.   باختصار.. إنه زمان الشعوب والثورات، تلك هي الحقيقة الوحيدة الماثلة، وهي حقيقة تعني ان الثورة السعودية ليست مجرد إرهاصات تتحسس طريق البداية، بل انها كما قالت الزميلة سمية غنوشي في جريدة الجارديان البريطانية: ثورة قائمة بالفعل..!   al_leswas@hotmail.com




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign