صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين        صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين        المبعوث الاممي يدعو لعدم ربط الحل السياسي في اليمن بقضايا اخرى        تعثر خطة الرد الاسرائيلي على ايران      
    جدل وأصداء /
الدعيس :حتمية القبول بقيام مدرسة سياسية جديدة بقيادة الشباب

2011-04-06 14:50:17


 
كتب/د.محمد ناجي الدعيس   قبل ما يزيد عن نصف قرن ظهرت مدرسة الأنظمة السياسية العربية للشهداء الثوار الأحرار والتي تلخصت أهم أهدافها الإستراتيجية في  الجانب السياسي إعادة رسم الدولة المدنية لإشباع الحاجات الأساسية وليس الاستهلاكية للفرد، وإعادة بناء النظم السياسية والاجتماعية بحيث تتمكن من إشباع الحاجات غير المادية للمواطنين، وفي الجانب الاقتصادي تتطلب هذه الإستراتيجية تحويل الطاقات البشرية إلى قوة عمل، وخلق الفرص المتساوية في شتى المجالات لكل المواطنين وتوزيع الثروات الطبيعية وفق العدالة الوطنية المتساوية.. وفي الجانب العسكري بناء درع عسكري وأمني لحماية مكتسبات الوطن والشعب.. إلا أن خلف أولئك الأحرار قادة نظمٍ سياسية –الحاليين- بفكر وممارسة تبعية وتمترسوا خلف الآلة العسكرية والوسائل القمعية ضد شعوبهم سنين عددا، فاستبدلوا تلك المبادئ السامية بمبادئ تخدم ذواتهم وفئويتها دونما خجل الأمر الذي جعل الشعوب العربية ومنهم الشعب اليمني تعيش تحت وطأة البؤس والحرمان حتى تمنّت عودة الأنظمة البائدة لما وصل إليه حالهم.. ولا يمكن أن نكذب الواقع ونذهب إلى روايات لبعض المنتفعين لا طائل منها سوى خدمة أصحابها وجدل عقيم لضياع الوقت، وهاهي تقارير لمنظمات دولية خرجت من واقع مسوحاتهم الميدانية عن اليمن تقول : "  حذرت وكالات معونة تابعة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء 4 مايو 2010م، من أن شخصاً واحداً من كل ثلاثة يعاني من جوع دائم في اليمن حيث قد يؤدي نقص الغذاء المتزايد إلى مزيد من الاضطرابات أو هجرة جماعية..وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة انه رغم انتشار الجوع على نطاق واسع فقد خفضت حصص الغذاء مرة أخرى نتيجة لنقص تمويل المانحين.. ويقول البرنامج إن نحو 7.2 مليون نسمة أي ثلث سكان اليمن يعانون من جوع دائم. ويحتاج نحو 3.4 مليون منهم لمساعدات غذائية لكن لا يحصل على حصص غذائية إلا 475 ألف شخص واضطر البرنامج في مايو أيار إلى خفض تلك الحصص إلى النصف.. وقد قالت ايميليا كاسيلا المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في إفادة كثير من الأسر يكاد غذاؤها يقتصر على الخبز والشاي.. وأضافت أن بقية الناس لا يتلقون أي مساعدات في الوقت الراهن. ومن يتلقون مساعدة يحصلون على نصف ما كان يجب أن يحصلوا عليه.. ويعاني أكثر من طفل واحد من كل عشرة أطفال من سوء تغذية حاد في اليمن الذي لا يتجاوزه في المعدلات المروعة إلا أفغانستان.. لذلك أضافت كاسيلا أنه لم يبق للناس في اليمن بعد ذلك إلا خيارات ثلاثة هم -الثورة أو الهجرة أو الموت- ..   ومع تفاقم ذلك الأمر لجيل الآباء جاء الخيار الأول - الثورة - كمطلب مُلح تحمله رياح التغيير ألقسري السلمي كمحاولة لظهور مدرسة جديدة لنظامٍ سياسي بقيادة جيل الأبناء -شباب التغيير- على أنقاض المدرسة السابقة المتهالكة كما هو حال المدارس القديمة عبر التاريخ، فإما القبول طواعية وإما الإكراه على إسقاطهم للحتمية المطلبية الزمانية والمكانية لقيام مدرسة تجديدية لشباب التغيير.. لأن مدرسة الزعماء العرب -ان جاز لنا تسميتها كذلك- لم يتعلموا فيها فن الإبداع الإداري لأنظمتهم بقدر ما تعلموا فن المراوغة والكذب والقهر على شعوبهم.. فلماذا يصرّون على التشبث بالشرعية الدستورية الآن ويرفضون الاحتكام إلى الشرعية الشعبية القابعة في ساحات التغيير لمدنهم؟.. ألم يتفقوا مع شعوبهم مسبقاً أن الدستور يستمد قوته أو ضعفه من تلك الأغلبية الشعبية؟! فلماذا ينكثون؟.. أم أن الطبع غلب تطبُّعهم؟ من المعروف أن الطالب عندما يغش في الاختبار لرغبة منه في النّجاح، ولكن القادة العرب يغشوا من بعضهم ليمارسوا السقوط المهين كعميد النّظم السياسية العربية –القذافي- برغم أنه غشّ من التونسي والمصري إلا أنه فضّل أن يعيث في وطنه فساداً وضد شعبه الأعزل، ونتمنى على نائبه أن لا يغش منه.. فأي مدرسة تخرّج منها أولئك اهتمت بفرد وأهملت شعب؟   من المعروف أن التركيبة الاجتماعية للشعب اليمني غالبيتها قبلية مسلّحة ولكن برغم ارتكاب مجازر عدّة في الساحة اليمنية ضد المعتصمين من شباب التغيير السلمي الذين ينحدرون من أسر قبلية إلا أن ذويهم لم يحملوا السلاح طلباً في الثأر كما هو حال اليمن من قبل وهذه بادرة تستحق الإشادة في أن الشعب اليمني قابل للتحضر وترك السلاح ولكن لم يجد من يأخذ بيده.. فهل بالإمكان مساعدة المدرسة الجديدة للأخذ بيدقادتها من الشباب نحو ذلك لوطن خالٍ من السلاح والثأرات؟..   إن رؤوس الثعابين التي ظل الرئيس يرقص عليها طيلة 33 عاماً قد سئمت ذلك الرقص وخرجت إلى الساحات تهز عرش النظام وتنادي برغبتها بالتغيير نحو مدرسة سياسية جديدة تختلف أخلاقياتها ورسالتها ورؤاها عن سابقتها ..وهم يعلمون أن معارضة التغيير هي سنة كونية وأمر طبيعي لما قد تفقده الأقلية القائمة على النظام القديم من مصالح، ولكن لا يعني ذلك أن نتوقف عن المضي قدماً نحو التغيير فكيف يفهم القادة أنهم وصلوا إلى ذلك بفضل التغيير وأنهم لن يضيفوا جديد إلى ما قدموه شيئاً بعد تلك العقود فلا يجعلوا أبناء جيلهم -الذين في نفس أعمارهم- من أفراد الشعب يتبرؤون من أنهم ينسبون إلى نفس العقلية..!!  إن المجازر التي حدثت وتحدث في ساحات التغيير اليمنية ضد شباب عزّل وإن كانوا من أبناء أحزاب المعارضة فلا يجز ذلك قتلهم فهم من مكونات الوطن اليمني المهمة وقد كفل لهم الدستور ذلك، فنحن ندينها جميعاً وبالتأكيد لا تخفى خيوطها على الرئيس وهو ما يوجب عليه -مرفوع الرأس- وقف ذلك النزيف بممارسة ملموسة على الأرض ويؤمن أن الواقع اليمني يحتم ظهور مدرسة للتغيير الاستراتيجي هو مطلب مُلح ليس للشعب والوطن بل للنظام ذاته ويكفي ما أهدر من وقت تعاظمت فيه الضغائن بين أفراد الشعب الواحد.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign