صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم        صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين      
    جدل وأصداء /
د.الدعيس:قدرٌ واثقُ الخُطَىَ..

2011-03-15 22:37:34


 
كتب/د.محمد ناجي الدعيس  خلال العقدين الماضيين كَثُرَ الجدل الفكري وتعددت أطرافه في منطقتنا العربية حول المطالبة بإجراء عملية الإصلاح، وتبنى البعض اعتماد الأسلوب الديمقراطي الحقيقي في الحكم، وكثرت الجهات المنادية بضرورة الإسراع بتطبيق تلك الإجراءات لحاجة الشعوب الماسة والملحة لتلك التغييرات.. وقد علت أصوات عربية عدّة مطالبة بضرورة وضع برامج موحدة لغرض البدء بمباشرة إجراء إصلاحات هيكلية للأنظمة الاجتماعية القائمة وإعادة تشكيلها أكانت نظماً سياسية أو اقتصادية أو تربوية..الخ، من أجل إحداث تغييرات مطلوبة حقيقية والتي كانت تتم في اغلبها، ولكن بصورة شكلية لا تمس بأي حالٍ من الأحوال جذور وجوهر الأنظمة الطبقية.. لذا كنا نرى المشهد وفيه إصرارٌ متعمد على عدم المضي نحو تحول ديمقراطي حقيقي وبصورة سلمية وشفافة، وعن طريق ذات الحكومات ونفس الطبقات الحاكمة.. وما جرى في بعض الدول العربية ليس إلا إجراءات فوقية فقط، ولا تمس عمق المشكلات القائمة في المجتمعات، بدليل أنها لم تمتص تلك التغييرات أو توقف الصراعات الاجتماعية التي وصلت إلى درجة العنف.. وأي إصلاح شكلي حدث جراء تلويح الآخر من وراء الحدود بالعصا لن ولم يوصل شعوب هذه المنطقة إلى بر الأمان أو الخلاص من الحرمان، لسبب أن الغالب من الشعوب أصبح يعرف جيداً أن غالب الأنظمة العربية السائدة لم تكن لتجرؤ على البقاء والاستمرار في الحكم لولا الدعم والعون الأميركي في جميع المجالات.. وهاهي في ثورة الشعوب العربية أول من طالبت بفطامهم من كراسي الحكم  ..!   ولأن الإصلاح والديمقراطية في المنطقة العربية هما ضرورتان حيويتان ليس لتقدم شعوبها فحسب، بل ولديمومة بقائها ووجودها مثل باقي البشر، ولخلق حالة من الاستقرار السياسي في المنطقة، ولتحقيق العدالة والمساواة داخل هذه المجتمعات التي تحمل في أحشائها وجنباتها عوامل الرفض للأنظمة القائمة وعلى رغبة ملحة وعارمة للتغيير.. ولأن الأنظمة كانت عصية على التغيير الحقيقي وفهمت بأن كرامة شعوبهم قد ماتت ولن تقوم لها قائمة، متناسين أن الثورات دوماً يشرق فجر مولدها من رحم المعاناة.. فانفجرت بالفعل ثورة الشعوب العربية هنا وهناك ومن رحم معاناة الظلم والفساد المزمن ولم تتمكن الأنظمة القائمة من احتوائها أو السيطرة عليها بكل ما لديها من إمكانات  ..   فبرغم غياب الدور الإعلامي عن شرارة ثورة التغيير الشعبية لتونس وما شابها من عشوائية ومحاولة البعض للانقلاب على الثورة إلا أن الإرادة الشعبية القوية حققت هدفها الرئيس في إسقاط النظام.. لتستمد ثورة شباب مصر نهجها من شقيقتها التونسية متلافية بعض أخطائها ولكن لم تسلم من الوقوع في أخطاء، أيضاً إلا أن الدور الإعلامي كان متواجداً والتفّ حول الشباب المصري طيف من النخب لتأطير مطالبهم وأهداف ثورتهم والأخذ بيدهم إلى بر الأمان الوطني، وكان للجيش دور بارز في حماية المعتصمين والممتلكات الوطنية العامة والخاصة أثناء وبعد سقوط النظام.. لتأتي بعدهما ثورة الشعب الليبي التي أو جعتهم وأوجعتنا جميعاً.. وفي كلٍ طال انتظار الاستقرار المنشود لغياب الرؤية الثورية عن عناصر منظومة التغيير للبديل، أي ما بعد سقوط أو زوال الأنظمة القديمة.. وهنا يجب تنبه الشباب إلى ضرورة أن تحمل الثورة رسالة ورؤى وأهداف واضحة المعالم صادقة وشفافة على رأسها المصلحة الوطنية العليا للشعب والولاء للوطن.. والولاء حسب ما عرّفه الفيلسوف جوزايا رويس هو " التفاني الإرادي العملي المستمر من قِبل فرد ما تجاه قضية معينة. يعرف منها ما ينبغي أن يكون، وما ينبغي أن يقوم به من الأفعال. والولاء ضروري لأنه يقضي على حالة التردد والحيرة الأخلاقية ويحقق به الفرد الخير لنفسه... فالفرد لا يستمد خيره من الخارج ولا يعرف واجبه منه، ودائماً ما يلجأ إلى الداخل، لاستشارة إرادته العاقلة   "..   من تلك المعطيات نجد أن الإعلام المحايد قد غُيّب عن شباب التغيير اليمني، ودور الإعلام مهم ومحوري لنجاح أي تجربة من عدمه.. كما أن دور النخب اليمنية وقادة النظم الاجتماعية هو الآخر يكاد يكون معدوماً في التوصيل والتواصل مع الشباب، ولا أعرف إن كان ذلك له أثر للإنتماءات المختلفة يندرج تحت القبيلة أو الفئة أو الحزب أو العقيدة.. الخ، ولا أخفيكم بأني قد حاولت الحديث مع الشباب سواء بمقابلة بعض منهم أو عبر نافذة الـ   Facebook لساعات وأيام، ومن خلال الحديث معهم وجدت معاناتهم تزداد يوماً بعد يوم لعدم وجود شخصيات صادقة يؤمنون بوطنيتها تسمع منهم ويسمعون منها.. وجدتهم غير قادرين على انتخاب ممثلين لهم لصياغة رسالة ورؤى وأهداف لمطالبهم سوى إسقاط النظام..! وعند سؤالهم وماذا بعد النظام؟ تتملكهم الحيرة وهو الأمر الذي جعل لعاب القوى السياسية المختلفة يسيل.. وهنا أنبه شباب الحرية إلى ضرورة ترتيب وضعهم بتملُّكهم رسالة وهي خطتهم قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، ورؤية إلى أين يرغبون الوصول، واهداف تستمد من أهداف الثورات اليمنية، وعدم القبول بالإملاءات من أي قوى سياسية أو فئوية ..الخ، بأن الزعيم القادم من المنطقة الفلانية لا وصاية لأحدٍ على ذلك.. الرئيس من يختاره هو الشعب أكان مرشحاً من شرق اليمن أم من غربها ولا داعي للمزايدة من قبل البعض.. لقد سئمنا التقاسم المقيت وتحويل الوطن إلى سلعة تباع وتشترى بين أبنائه ولفئة عن أخرى..! نحن لا نريد القضاء على الفاسدين والظالمين بقدر ما نريد القضاء على الفساد والظلم في كل نفس يمنية..بمعنى آخر من قراءة التاريخ نجد أن ثورات قامت للقضاء على أنظمة الفساد والظلم وعندما تولت القيادة كان ظلمها وفسادها أعتا وأقسى من سابقه فاعتقلت بلا حدود ونفت خارج الأوطان وأعدمت ظلماً ..الخ، أفٍّ لثورات قامت من أجل ذلك  ..!   إن حوار الشباب ليس بالأمر الهيّن ومع احترامي للدكتور علي مجور رئيس مجلس الوزراء ورفاقه د.باصرة و د.العليمي د.الجوفي و عباد ــ فنظرة الشباب أنهم فاسدون وهم من أوصلوهم إلى هذا الحال ــ.. فكيف تسلم الضحية للجلاد؟!.. فحينما رفض الشباب المعتصمون أمام بوابة جامعة صنعاء الحوار معهم كان يجب عليهم البحث في حيثيات الرّفض لا الجلوس في مبنى كلية الزراعة والاكتفاء بالتحاور مع مجموعة شباب أتوا إليهم لا يعلم عنهم الشباب المعتصمين من أين هم؟.. أهو حوارٌ لإسقاط واجب من قِبل الدكتور؟ ألم يتبادر إلى ذهن الدكتور أن ذلك التصرف قد يفاقم الوضع إلى ما لا يحمد عقباه؟ ألم يخطر ببال الدكتور أن نتيجة حواره مع الشباب قد حُكم عليها مسبقاً للتفاوت في العمر والفكر، ولما يقرأه أي حصيف حينما عجز الدكتور في حواره مع أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء وعمران وهما بنفس التفاكر؟ أرجو أن لا نكرر نفس الأخطاء للثورة السابقة.. وهنا أسأل الدكتور بصفته رئيس مجلس الوزراء: ألا يُعد منع قافلة تعز من الوصول إلى عدن نوعاً من الاستفزاز لمشاعر الشعب الواحد يسبب تفاقم الوضع ليصل إلى حد الصدامات ؟ وهاهو يفسر بذلك. فمن المستفيد؟  .   إن الدعوة إلى حوارٍ أو مؤتمرٍ وطني يتم فيه تجاهل الشباب ومطالبهم، والذين يشكلون 70 % من السكان تقريباً، ودونما حلول ملموسة على أرض الواقع يُعد ضرباً من محال للتخلص من الأزمة.. إن الثورات التي تتلمس خيوط العدالة في مراميها يُقيض لها الله موعداً مع قدرٍ واثق الخُطى لنجدة دعوة مظلوم ــ الشعوب العربية ــ سرت إليه بسحر في غفلة الظالمين ، ولن تكون ذخيرتهم (شباب التغيير العربي)سوى الكلمة.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign