الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    جدل وأصداء /
الشرجبي:المشترك (يُصفر الحوار) ويعود لإنتاج الأزمات

2011-02-09 14:06:28


 
كتب/عبدالحفيظ الشرجبي   الحوار السلمي بلغة العقل الواعي والتخاطب عن قرب والمجرد عن الاحكام القيمية المسبقة والمتسم بالموضوعية والمؤسس على المجادلة بالتي هي أحسن لا (أخشن) والمغيب للتعامل بالراسب هو الذي يقود حتما إلى تفكيك العقد وحلحلة الاختلالات ويجعل المتحاورين الجادين والصادقين والأوفياء في وعودهم كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عوض تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، كما أن الحوار بين المختلفين في الرؤى والاتجاهات والمنطلقات النظرية يفترض أن تتولد من رحمه (النعمة) لا (النقمة) وتلاقح الآراء لا (تناطحها) وقد تعلمنا خلال الفترتين الفاصلتين ما بين قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر وأوائل العقد التسعيني من القرن الماضي وما تلا ذلك العقد دروسا لا تنسى بل وستظل محفورة ومخزونة في قاع العقل المجتمعي ومن تلك الدروس التي رسبنا فيها خلال ما يقرب من ثلاثة عقود تالية على قيام الثورتين (بواحدية أهدافها) أن غياب وتغييب الحوار السلمي لم يسفر سوى عن تمترس أنماط الشمول والهجين وغيبوبة السلام الاجتماعي المرتبط سلبا وإيجابا ببرامج وخطط التنمية واتكال صناع القرار على ما يمكن تسميته بـ(التسول المذل) وبقاء الوطن برقعته الشاسعة خارج الخرائط الجغرافية والمقاوماتية تسوده أوجاع الصراعات والتصفيات الدموية وتأميم الأصوات وتكميم الأفواه وتعرض النزاعات التي كانت سائدة بالداء المزمن وكساح الحلحلة لها والعكس صحيح، ومنذ أن حل الحوار بديلا للسعار (السيابرجماتي) ملغيا من قاموس السياسة لغة التخاطب بالرصاص ومختلف صنوف السلاح الهدام ومشاريع فرض التربع على العروش بالقوة التي لا يتولد منها سوى نظيرتها حتى ثبت بعد إشراقه قاعدة الحوار بأن الهدم كمفهوم وافد وشاذ أساس الفناء لا البناء، وبأن الأمان مقدم على الإيمان بل وبأن سلاح الإيمان بالأهداف والمبادئ أقوى من ترسانات (العند) وصواريخ (الباتريوت) وأسلحة (الدمال) الشامل، وما انتصار الثوار والمقاومين وبأسلحتهم التقليدية والمنتجة في عهد السلطان عبدالحميد وخفرع ومنقرع على نمطي الاستبداد والكهنوت والاحتلال إلا دليل على ذلك.   ولو حاولنا –وبموضوعية- معرفة وتتبع العوامل الذاتية والموضوعية وكذلك الأسباب التي حالت دون ولادة قاعدة الحوار بصورة طبيعية وبدون عملية قيصرية سوى بعد فوات المدى الزمني لتلك الولادة سنجد بأن العقل اليمني في أوساط بعض النخب الهائمة بالتفرد بالعشق غير العذري وبالحب الكاثولوكي للتسلط من مواقع السلطة المفروضة بقوة إرادتهم المغيبة للإرادة العامة لم تكن تكترث سوى باستحضار سؤال مكون من حرفين وهو (من يحكم)، متجاهلة وبتعمد ومع سبق الإصرار والترصد غيرها من الأسئلة الجوهرية ومنها وبدرجة أساس: لمن يحكم من يحكم ولصالح من وكيف وعلى أي أساس يتجلى من خلاله تنظيم وضبط حركة الشارع السياسي وبمعيار واحد لا يتسم بأدنى حدود التفاضل أو المفاضلة أو الميل لنحله، بالإضافة إلى عامل آخر وهو أن بعض تلك النخب والصفوات المهيمنة والمتسلحة بالشعارات المنمقة والمسكنة مؤقتا ظلت تفكر بعقول بروفسورات أولياء نعمتهم وأساتذتهم في مواد (الإملاء) والقابعة في مراكز المد والمدد في مراحل كانت جوازا إن جاز لنا القول محكومة ومختومة بظروف الشمع الأحمر والأزرق وخاصة إبان ما كان يسمى بحرب التقاسم على النفوذ والثروات وتغلغل واقتحام قيم وثقافة أرباب (الدب الأحمر) و(الفيل الأبيض أو الأسود) لقيم وثقافة مجتمعنا المغايرة في حسابات التطابق ومقتضيات الخصوصية المجتمعية معها.   إن الحوار قبل الوحدة بين مختلف ألوان الطيف السياسي لم ير النور سوى في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي برغم أن الحزبية قبل ذلك كانت محرمة ومجرمة بقانون حتم وجوده تعدد الولاءات والصراعات إلا أن المصلحة الوطنية العليا وما أفرزته تلك الولاءات والصراعات من جمود تنموي وتمترسات حول الوثوب إلى قمة السلطة بقوة التطاول للسلطة سوى في عهد الرئيس علي عبدالله صالح وبشرعية غير نسقية كان الهدف منها دعوة كافة القوى والتنظيمات السياسية للمشاركة في سن وصناعة القرار وإرساء مداميك النهوض بالوطن ومن خلال دليل نظري وليس شخصاني وهو الميثاق الوطني الذي صاغته وأقرته كافة القوى واستفتى الشعب عليه ليصبح موجها لكافة التوجهات ولما يكفل حذف الصراعات السياسية والتصفيات الدموية وممارسة لكافة المناشط السياسية على السطح ومن ثم تجسيدها بالخدمات الجارَّة للمصالح الوطنية العليا وتحقيق ما لم يتحقق من الأهداف وبهذه الطريقة الحداثية تولدت قاعدة الحوار السلمي لتتسم بالشرعية والمشروعية والقبول الاجتماعي وتم حلحلة وإنهاء كافة النزاعات الممتدة عبر التاريخ بمخالبها الشرسة فكبر الوطن بوحدته وتفرغت السلطة وبمحدوديتها المتاحة لإرساء ما دمرته الصراعات من جمود تخلفي واتجهت صوب خلق التحولات برغم ما كان يسود من فساد متراكم وموروث إلى أن تم الاتفاق –عقب التقاسم- على أهمية وجود عقد اجتماعي ملزم وهو الدستور الذي أجاز حرية التعدد الحزبي والتعبيري ومنح الشعب حقه الاستحقاقي في اختيار من يمثله بالبرلمان ويحكم بالإنابة عنه من خلال آلية التداول السلمي للسلطة بعد أن أصبح وبنص دستوري صاحب السلطة ومصدرها وبإجماع القبول (بمن ولمن وكيف يحكم) وبعد أن تمت الانتخابات البرلمانية الأولى وأفرزت نتائج الصندوق ما لم تكن تتوقعه بعض القوى الهاربة من أزماتها للوحدة (كتكتيك مرحلي) بدأت تتكشف تجليات قاعدة (التقية) وثنائية (الأقنعة) وحدث ما حدث ووجد الهاربون أو بعض قياداتهم التي تشربت ثقافة الشمول وبسلاح الإيمان وقوة الإرادة العامة يتساقطون في زبالة التاريخ متناسين بأن الوحدة جبت ما قبلها ولم يعودوا كما كانوا أوصياء على أحبائنا وأشقائنا في الجنوب الذين كان لهم دور فاعل في وأد المشروع العبثي للذين أفقدوا ذواتهم مصالحهم بزلات أفعالهم، وبدأت لغة الحوار تتبدل بلغة إنتاجهم للأزمات من كونهم لا يراهنون على الشعب بعد أن رهنوه قبيل الوحدة لمراكز الإملاء والمد والمدد. وبرغم صدور قرار العفو عنهم بعد صدور أحكام بإعدام قياداتهم المخططة والمهندسة للهروب ظلت دعوات الحوار مفتوحة إلا أن صدمة هزيمتهم استوطنت عقولهم الديكتاتورية النزعة فارتموا في أحضان المستعمرين المباشرين سابقا وفقدوا بذلك ما تبقى لهم من وزن وصاروا بوزن الريشة وتحولوا من (أمميين) إلى (أميين ثقافيا وسياسيا ونضاليا).   وحينما وجدوا بأن التحولات المنجزة وبزمن قياسي تضعهم في قفص (المحاكمة) لم يكن أمامهم إلا التحالف المرحلي الهجين مع (التيارات المحافظة والإمامية والقبلية) وبرغم ذلك تواصلت الدعوات لهم للحوار الذي فتحت أبوابه إلى جانبهم على كافة الشخصيات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وقدمت لهم تنازلات لا تستقيم في نظري مع التجربة الديمقراطية كتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى الإشراف على الانتخابات ومنحهم أربعة أعضاء من قوام اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء ورئاستها وحكومة وحدة وطنية بعد إجراء الانتخابات وفي موعدها المحدد في الدستور وغير ذلك من التنازلات التي قدمها (الحزب الحاكم وحلفاؤه). بل وبرغم تشكيل لجنة الـ100+100 والتي وضعت على أجندتها التعاطي مع مجمل القضايا والاختلالات وبموضوعية وبعيدا عن الاحتكام لموجهات الأحكام القيمية المسبقة كشفت لجنة الممانعة والمخادعة عن نواياها منذ أول يوم لاجتماعها في المركز الثقافي يوم أن صعد أحد قادة الاشتراكي وقال بالحرف الواحد إن أمام لجنة المائتين العديد من القضايا التي يفترض التحاور عليها وفي مقدمتها ما أسماها (بالقضية الجنوبية) التي كان الدكتور (المسدوس) قد شذبها بمفهوم (إصلاح مسار الوحدة) وكما لو كانت لم تتحقق بعد مع أن الدعوة للحوار قد تضمنت وبصريح العبارة عدم التعرض لا من قريب ولا من بعيد (للثوابت الوطنية ومنها الثورة بأهدافها) ولما عجزت قوى (الممانعة) والمخادعة من إهدار الزمن بهدف إحداث فراغ دستوري والانتخابات على الأبواب بعد أن تأجلت بإجماع الأطراف وممثلي الشعب تحت قبة البرلمان بهدف التوصل بين المتحاورين إلى حلول غير آجلة لمختلف صنوف القضايا ذات الشأن بالإصلاحات وما يرتبط بها من معايير مفصلة على مقاس مصلحتي الشعب والوطن إلا أن المشترك حين عجز عن ذلك بادر (بتصفير الحوار) بل وبتوسيع رقعة إنتاجه للأزمات حتى مع (الحراك الحزبي) ورديفها المستتر المتمثل بالقاعدة بعد أن كان الشعب يأمل بأن لا يكرر الهروب المنغص والمعكر لصفو الانتخابات ويراهن الجميع على الشعب لا على بعض المنظمات والمراكز غير الوطنية التي خذلتهم ومن مواقع احترامها للإرادة العامة.   إن أحزاب (الممانعة) والمقالعة وأرباب (الحكولة) والحالمين بـ(هل من مزيد) كانوا سيقبلون بتشكيل حكومة وطنية تشرف على الانتخابات وبحكومة تالية لها عقب إعلان نتائج الانتخابات ليسجلوا هدفا سياسيا خبيثا في مرمى الحزب الحاكم وحلفائه بهدف تحميله مسئولية دفن التجربة الديمقراطية في مقبرة قبوله غير المحسوب وهي مقبرة قبوله بإعادة أنماط التقاسم والمساومات والمقياضات ولكنها من جانب آخر وتحت مبررات واهية وغير موضوعية ولا منطقية قررت الشروع باتخاذ قرار المقاطعة للانتخابات وتفضيل التطاول لا التداول على السلطة للأسباب التالية:   لأنها مجتمعة ومنفردة تعتبر الديمقراطية الحداثية منتجاً إمبريالياً متغايراً مع (حاكمية المودودي) ونظرية ماركس المبشر بالعناية اليهودية القاضية بحتمية حكم وتسلط الطبقة التي لا ترقى إلى مستوى الغالبية وإرادتها والمتباكين على أطلال نمط حكم الكهنوت.   لأنها تشربت ثقافة أنماط الشمول ولا تعمل الديمقراطية داخل تكويناتها.   لأنها ومن خلال التجارب الانتخابية السابقة راهنت على الشعارات المنمقة ولم تراهن على الشعب بل ولا تستحضر ذكره إلا في المواسم.   لأنها بعد أن فقدت مصالحها تشعر مسبقا بأنها إذا قبلت بدخول معترك الانتخابات لن تحصد سوى الخيبة والخسران.   لأنها كانت وما زالت تتعامل بالراسب الأمر الذي جعلها تنكث وتهرب من الوفاء بما ورد في اتفاق فبراير.   وختاما نقول لتلك القوى غير الممتلكة لعناصر القوة السياسية والتأثير الموجب بأن التعديل للدستور والقوانين المشتقة منه ليست بقرآن كريم وبأن التأصيل للديمقراطية ضرورة وبأنها إذا لم تقبل بالمشاركة بالانتخابات ثم الاستمرار في حوار هادف وموضوعي ومجرد حول مجمل القضايا التي تهم الصالح العام فسوف تتحمل أمام الله والشعب مسئولية تصيبهم بالنبذ الاجتماعي وتخرجهم وإلى الأبد من دوائر التاريخ النضالي، لأن الشعب يريد تحولات لا مماحكات ويريد حلحلة الاختلالات والأزمات لا تحليها ورفدها بالأرقام السالبة.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign