صنعاء تشن عمليات هجومية ضد سقناً امريكية واسرائيلية في خليح عدن والمحيط الهندي        صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم      
    جدل وأصداء /
دستور الأحرار وفساد الجمهوريين

2010-10-20 13:28:24


 
كتب/ حسن بن حسينون صدق القائل: سبحان الذي يخلق من الشبه أربعين،فمن المعروف أن حركة الأحرار في اليمن قد أعدت برنامجاً أو ميثاقاً للحركة الدستورية تمت المصادقة عليه والذي يتكون من 39 مادة وهو عبارة عن مشروع دستور. وقد نص على تأسيس جمعية تأسيسية لإصدار الدستور.  في نهاية 1947م أزداد النشاط السياسي للأحرار بما في ذلك تفجير القنابل في صنعاء والإعداد لاغتيال الإمام يحيى محمد حميد الدين الذي تم تنفيذه في 17 فبراير 1948م على يد ناصر القردعي، إضافة إلى أحد أحفاده. تشكلت الحكومة بعد انتصار الحركة بزعامة عبدالله الوزير إمام اليمن الجديد. ولم تمض فترة قصيرة على الحركة حتى دب الخلاف بين أعضائها خاصة بين آل الوزير والأحرار والمتعلقة بتقسيم المناصب،اعتبر الوزير ذلك مؤامرة،غير أنه لم يحرك ساكناً،انعدمت روح المبادرة لدى القائمين على الحركة الانقلابية الذين توجهوا طلباً للمساعدة من الجامعة العربية عبر إرسال وفد برئاسة محمد محمود الزبيري لاستقبال وفد الجامعة في السعودية والذي لم تسمح له السلطات السعودية بالتوجه إلى صنعاء، وموقفها السلبي كان انتصاراً لتطور الأوضاع الداخلية في اليمن لصالح الإمام أحمد الذي تدعمه المملكة في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود،بينما أصبح زعماء الحركة في وضع لا يحسدون عليه. استغل الإمام احمد تأخير وفد الجامعة وتحرك مباشرة بعد اغتيال والده من تعز إلى مدينة حجة، القلعة الحصينة والاستنجاد بالقبائل والزحف بها في اتجاه صنعاء بهدف هزيمة الانقلابيين. لم يواجه أية صعوبات في طريقه إلى مدينة حجة. عندما وصلت الجحافل القبلية إلى قرب أسوار مدينة صنعاء القديمة،وقبل مداهمتها واستباحتها ونهبها كما جاء في رواية الكاتب والأديب محمد عبد الولي بعنوان " صنعاء مدينة مفتوحة " خطب في الحشود قائلاً: إن الذي قتل إمامكم واستولى على الحكم هو الدستور وعليكم أن تبحثوا عنه في كل مكان داخل المدينة وتسليمه لنا حياً أو ميتاً. وبسبب الجهل والفقر والتخلف وقدسية الإمام آنذاك انطلق المهاجمون عبر أبواب المدينة وتسلقوا أسوارها فكانت وجهتهم بداية نحو البيوت والمحلات التجارية ونهبها وإفراغها من محتوياتها، التي أصبحت بمثابة فيد وغنائم حرب، طالت حتى ممتلكات سكان المدينة البسطاء والمسالمين. أما مصير رجال الحركة فإن معظمهم قد اعدموا وقد مثّل ذلك ضربة كبيرة للحركة التي فقدت معظم زعمائها،ومن تبقى منهم زج بهم في سجون حجة المظلمة. أعلن الإمام عن نفسه إماماً بعد استيلائه على السلطة بـ " الناصر لدين الله الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين" كما أعلن في خطبته بأنه قد تم القبض على الدستور عدو اليمن والشعب اليمني ونال جزاءه بالإعدام شنقاً فهلل وكبّر الحاضرون بعد سماعهم بإلقاء القبض على الدستور وإعدامه. بعد ذلك غادر الإمام أحمد مدينة صنعاء الذي اعتبرها مدينة ظالمة والإقامة في تعز حتى وفاته. إذاً فالدستور كان من ألد أعداء الأمة وأصبح أثراً من آثارها التاريخية، بالرغم من الفترة القصيرة التي تمت خلالها مطاردته ومن ثم إعدامه على يد الإمام (أحمد ياجناه). أما في العهد الجمهوري وحتى الوقت الحاضر فإن عدو الأمة هو الفساد،فما أشبه الليلة بالبارحة، لقد دأب فخامة الرئيس علي عبد الله صالح طيلة سنوات حكمه لليمن الذي تجاوز الثلاثة عقود ينادي ويطالب بإلحاح شديد شعبه بملاحقة ومطاردة عدو الشعب (الفساد) وإلقاء القبض عليه حياً أو ميتاً وتقديمه للعدالة حتى يلاقي حكم الإعدام أسوة بمن سبقه من الأعداء التاريخيين. غير أن العهد الجمهوري يختلف كثيراً عن العهد الملكي لقد مرت عليه سنوات طويلة وباءت كل المحاولات والملاحقات والمطاردات بما في ذلك الأساليب الاستخباراتية المتطورة بالفشل وهذا ما يؤكد بأن لدى هذا العدو حصوناً وقلاعاً محصنة بالرجال والمال والعتاد، قادرة على حمايته والدفاع عنه وصد جميع المخاطر و تقف في طريقها وإفشال أية محاولة قادمة حاضراً أو مستقبلاً. حتى الحمير المحملة بالذهب لم تعد كسابق عهدها قادرة على تسلق المرتفعات الجبلية التي تشتهر بها بلاد اليمن واختراق حصونها وأسوارها وقلاعها التي تسكنها الوحوش الضارية، التي أصبحت لها أظافر ومخالب وأنياب فتاكة وهي نفسها التي كانت في يوم من الأيام في حالة من الضنك والبؤس والإملاق وقسوة الحياة،فاقدة لمثل هذه الأدوات الدفاعية والهجومية وحتى لو تم القبض على عدو الشعب في العهد الجمهوري ومحاكمته وإعدامه، فهل يمكن لليمن أن يخلو وإلى الأبد من الأعداء؟ ففي اعتقادي بان ذلك بعيد المنال طيلة سنوات القرن الحالي بعد أن أصبح ذلك العدو بمثابة داء سرطاني خبيث انتشر إلى كافة أنحاء الجسم ولا يمكن بل يستحيل استئصاله، ففي استئصاله كارثة مدمرة لن تختلف كثيرا عن كارثة انهيار سد مأرب الذي بسببه تفرقت أيادي سبأ،توجهت البعض منها شمالا إلى بلاد الشام وضفاف وادي النيل بمصر والعراق،ومنها من فضلت البقاء والانتقال غربا إلى المرتفعات الجبلية، بحثا عن عوامل العيش والاستقرار ،فالحاجة كما يقول المثل العربي أم الاختراع ،فاضطرتهم تلك الحاجة إلى ابتداع وبناء مدرجات زراعية انتشرت لأول مرة في التاريخ وفي العالم وغطت مساحات كبيرة من السهول والمناطق الجبلية الخصبة وزراعة تلك المرتفعات بمختلف أنواع الحبوب والبقول والفواكه والخضروات .وأخيراً.. فهل هناك بقايا من حكمة لدى اليمنيين كما يدعون بان رسول الرحمة قد حباهم بها عن بقية شعوب الأرض والقائلة: الإيمان يمان والحكمة يمانية،لقد جاءكم أهل اليمن هم ارق قلوبا والين أفئدة.. حتى ينقذوا وطنهم وشعبهم من الخراب والدمار قبل أن يداهمهم سيل العرم الذي لا محالة سوف يجرف الجميع دون استثناء وصدق جل جلاله في كتابه العزيز((ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) "صدق الله العظيم" أم هل انعدمت الحكمة وقلّ الإيمان لديهم،ولم تجد مكاناً في القلوب والأفئدة والدليل على ذلك الأوضاع المأساوية التي يعيشها الوطن كله وأصبح في آخر السلم من بين دول العالم الثالث المتخلفة؟




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign