إعلان بريطاني عن تعرض سفينة لمطاردة قبالة المهرة       أمبري البريطانية تعترف بفشل التحالف الامريكي في حماية الملاحة الاسرائيلية       امريكا تقر بصعوبة المعركة في خليج عدن ,, وتتحدث عن اشتباك بحري واسع        انسحاب مذل لحاملة الطائرات الامريكية " ايزنهاور من البحر الأحمر      
    جدل وأصداء /
الحراك في أجندات البعض

2010-10-06 13:28:27


 
 كتب/عمر حمدون   البعض لايريد أن يفهم حراك الجنوب إلا من خلال تصورات أجنداتهم الخاصة ، بعض هذه الأ جندات تتضمن قواعد عجيبة في التحليل المنطقي للأزمات   والمشاكل ، كما تحتوي على رؤية معكوسة للعلاقة بين السبب والنتيجة.. الأخطر - كما أرى - في هذه الأجندات ان يتموضع الجنوب إنساناً وأرضاً في عقلية هذا البعض في خانة التجريب.. أعني ان يظل الجنوب مجرد حقل تجارب لأحلام وردية يحلمها هؤلاء ..حقل تجارب لروح ثورية يجب ان تسود اليمن كل اليمن ..لروح وطنية تجسد حب الوطن والإخلاص والانتماء له ، حقل تجارب لمدى استمرارية بقاء الحلم حيا ولو جاء على حساب إفناء وإنهاء حياة الإنسان ذاته !!   في التجارب التي تجرى على الفئران ربما تتوقف إجراءات التجربة إذا تكرر الخطأ ، اما عند هذا البعض فلتستمر التجربة .. وليبقى الحلم ، وحين يصرخ إنسان الجنوب مقهورا ومحتجا قائلاً: قفوا ياهؤلاء ..لن تمر التجربة على جسدي وحدي مثلما مرت تجارب سابقة واثبتت فشلها ...كفاية لن اسمح لكم بجعلي كبش فداء مرة اخرى لشعارات كبيرة ترفعونها وليس لها رصيد على أرض الواقع ، ويترجم صراخه وقهره الى فعل وحراك سلمي ...هنا يتفيقه هؤلاء ويتحول حراكه لديهم الى (حراك خارج مساراته الطبيعية ، واشبه بممارسة الزيف والخداع على الذات) انه حراك بمثابة (انسلاخ عن الواقع الفعلي لمناضليه) وهو حراك ( يعبر عن روح يمانية لم تستوعب التاريخ وغضب عربي جامح لم يستوعب العقل ) . والعبارات المقوسة آنفا مقتبسة من مقال * لأحد الكتاب الذين لايرون الجنوب سوى ارضاً خالية من البشر، يبنون عليها أعمدة لأحلامهم وآمالهم المستقبلية دون ان يتجرأ هؤلاء على تقديم ماتستحقه تلك الأحلام والأماني من تضحيات أقلها تحديد موقف مبدئي شجاع تجاه من يكرس في الواقع وفي النفوس قيم التخلف والعودة الى الوراء ، ومن يعمل بدأب على تشجيع الغطرسة والعنجهية والظلم ، ومن يزرع بذور الكراهية والعنصرية في الواقع بين الناس .   في مقاله هذا طرح الكاتب دعوته لأن ( نتحاور بالعقل والمنطق حول الحراك ومثقفيه ومناضليه، لأن يفتحوا حوارا مع انفسهم كي يمارسوا النقد فيما بينهم حتى يتمكن -كما كتب - العقل من العودة الى الحراك ) ان الكاتب بمقاله المشار اليه في الهامش يبرهن على ماقلناه من ان البعض لايريد ان يفهم حراك الجنوب إلا من خلال تصوراتهم التي منها ينطلقون في تحليل الحراك بعيدا عن الواقع الذي انطلق منه الحراك وبعيدا عن الموضوعية وحتى المنطق الذي دائما مايحثون الآخرين على انتهاجه في كتاباتهم ....لقد وضع الكاتب الجنوب ومايجري فيه في خانة التجريب وهي الخانة الطبيعية حسب رؤيته المحددة سلفا ، وحين يتحرك أغلب ناس الجنوب في حراك جماهيري سلمي فهم وحراكهم يتحركون خارج ( المسارات الطبيعية ) التي حددها لهم ، ولأنه حراك خارج المسار الطبيعي فهو يتصف _ كما كتب _ (بممارسة الزيف والخداع على الذات ...وانسلاخ عن الواقع الفعلي لمناضليه ) والواقع الفعلي هنا حسب رؤيته هو واقع التجريب السابق ، وكأنه يقول لهم لاتتذمروا ان اصابكم البلاء ...لاتعترضوا ان همشتم ...اصمتوا اذا اقصيتم عن وظائفكم واعمالكم ...واستمروا في الخضوع لإجراءات تجربة تحقيق الأحلام الكبرى التي ناضلتم من اجلها وتربيتم عليها حتى وان كان على حساب حياتكم وحياة من سيأتي بعدكم ...فالجنوب لديه - كما كتب - (املنا في التغيير ، ومن احشائه - لاحظوا كلمة احشائه - ستخلق دولة مدنية يمنية موحدة) ويترجى الكاتب أبناء الجنوب ألا يخيبوا ظنه السابق بهم كمعمل للتجارب قائلا : ( لاتخيبوا ظننا فيكم رغم كل مايجري ...) نعم انه يدرك هول مايجري في الجنوب ولكنه يتحاشى الخوض فيه ربما ان مسألة الخوض في مايجري ستضعه امام الحقيقة التي تكشف مدى زيف وكذب الكثير من الادعاءات والرؤى والأفكار التي يحملها هو وكثيرون امثاله . حين تقع بين يديك كتابات ومقالات حول حراك الجنوب كهذا المقال الذي يدور الحديث حوله - كمثال - تقفز الى الذاكرة المقولة الساخرة التي وردت في كتاب العقد الاجتماعي والقائلة ( انني اعقد معك اتفاقا كله على حسابك وكله في صالحي وسأنفذه طالما يروق لي وانك ستنفذه طالما يروق لي ايضا ) ، اذ بالضرورة تأخذك خلفيات وظروف نشأة حراك الجنوب الى تذكر ذلك الاتفاق الذي تم بين قيادتي الجنوب والشمال لاقامة الوحدة بين الدولتين السابقتين سلميا ، ثم تتداعى الأحداث في الذاكرة وفي الواقع لتصل بك الى حقيقة ماصار اليه ذلك الاتفاق من مصير ، فتضحك وانت تستدعي مضمون تلك المقولة الساخرة ضحكا ممزوجا بآهات وبكاء وبالطبع ليس بكاء فرح ، وواقع الحال اليوم لايثبت فقط ان ماجرى ومايجري جاء على حساب طرف واحد من طرفي ذلك الاتفاق ، بل حتى ماسيأتي لابد ان يكون على حساب هذا الطرف الواحد ، ألم يكتب الكاتب ان (من أحشاء الجنوب ستخلق دولة مدنية يمنية موحدة ) ؟ !!! يتساءل الكاتب ذاته وباستغراب قائلا ( كيف وقع الحراك في فخ ثقافة الكراهية المؤسسة على وعي قبلي انعزالي ؟) هنا لن ندخل في جدال او سجال عقيم حول حقيقة من يمارس في الواقع -  ويكرسه في النفوس -  فكرا وسلوكا مبنيا على ثقافة ووعي القبيلة  ونهج التمييز والاقصاء ونفي الآخر وتدميره؟ بقدر مانرغب في التذكير بأن تساؤل الكاتب قد قلب معادلة المنطق ... المنطق الذي يقول لانتائج دون أسباب او مقدمات ، بمعنى قبل ان يسأل كيف وقع .....الخ عليه ان يسأل لماذا وقع بعض اصحاب الحراك في فخ ثقافة الكراهية ؟ ان كانوا قد وقعوا فعلا في هذا الفخ .     لقد أشرت الى هذا المقال كنموذج ليس إلا لكتابات كثيرة تتناول حراك الجنوب دون إنصاف ولاموضوعية ولامنطق ، وبكل تواضع أقول على الذين "يناضلون "لارجاع العقل الى الحراك ان يلتزموا - على الأقل - بما ينادون به من موضوعية ومنطق ، وإلا فعليهم ان يوفروا مهمة "النضال " والتنظير لقضايا يجيدون هم فهمها ومعرفتها خصوصا والواقع المعيش الذي يحيونه ينضح بجملة من المشاكل والأزمات هي بحاجة ماسة جدا لمخارج وحلول ، بل انني أزعم بأن مهمة "ارجاع العقل " الى الواقع العام المنفلت تبقى قضية أجدى وأنفع لهؤلاء ، لعل وعسى حين يعود العقل للوضع العام لن يجدوا حراكا ( مجنونا ) حسب وصفهم يتعبون انفسهم ويجهدون قواهم للمطالبة بعودة العقل اليه ، والله المستعان .   * هامش : *المقال المشار اليه للكاتب نجيب غلاب في صحيفة القضية العدد 20




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign