إعلان بريطاني عن تعرض سفينة لمطاردة قبالة المهرة       أمبري البريطانية تعترف بفشل التحالف الامريكي في حماية الملاحة الاسرائيلية       امريكا تقر بصعوبة المعركة في خليج عدن ,, وتتحدث عن اشتباك بحري واسع        انسحاب مذل لحاملة الطائرات الامريكية " ايزنهاور من البحر الأحمر      
    جدل وأصداء /
الصين..(2/2)

2010-07-21 06:32:30


 
كتب/ أ.د. محمد عبد الكريم المنصوب   كنت قد تحدثت في الجزء الأول عن الصين وكيف تعاملت مع أمريكا تجارياً وسأتحدث هنا عن بعض المشاهدات التي تؤكد بعضها البعض على عظمة ذلك البلد وقوة شكيمته وانفتاحه المدروس والمخطط  بعناية. وطبعاً أول وآخر ما سيلاحظه أي زائر للصين الأعداد الهائلة من البشر في كل ركن وزاوية وحينها سيتقافز إلى الذهن مباشرة السؤال عن كيفية إدارة هذا الطوفان البشري ومتطلباته!!. ومع ذلك تمضي الأمور بإيقاع إداري عجيب، ففي الوقت الذي تغرق الكثير من الدول في بحار من التخلف والضياع وأعداد سكانها بالملايين القليلة وربما مئات الآلاف تجد الصين يدار بذاك المستوى الراقي والمسئول. فعندما وقعت الصين في الإشكال السكاني بادرت بتبني سياسة الطفل الواحد بكامل متطلباته التعليمية والصحية والاجتماعية. وعندما وجدت نفسها أمام متطلب اجتماعي يطالب بفرصة أن يكون للأسرة طفل ثان رضخت للأمر بسياسات مدروسة و شريطة أن تتحمل الأسرة المعنية نفقات الطفل الثاني التعليمية والصحية والاجتماعية. وعندما أسفرت سياسة الطفل الواحد عن كارثة اجتماعية تمثلت بزيادة أعداد الأطفال الذكور على حساب الإناث أعادت الدولة النظر في سياساتها بحيث جعلت من يلد له طفل أنثى فإن الدولة ستتكفل برعايته بل تعطى الأسرة مميزات أخرى في السكن والتوظيف وهكذا أعيد التوازن الاجتماعي تدريجياً. وعندما توسعت المدن لأنها توسعت بشكل دقيق فالانتقال من الريف إلى المدن لا يأتي جزافاً أو حسب رغبة الناس بل يسبقها شرط توفر السكن والعمل والمدرسة وربما مبررات أخرى مقنعة. وبتوسع المدن توسعت الأعمال وتوسعت بالتالي الحاجة إلى وسائل النقل بكل أشكالها وأنواعها لكن خروج وسيلة نقل إلى الشوارع لا يأتي إلا وفق خطة دقيقة ومحكمة فالعدد المسموح كل عام من تلك الوسائل يجب أن يتناسب مع حجم الزيادة في الشوارع والسكان بحيث لا يطغى شيء على الآخر ولا يسمح لأي كان الحصول على وسيلة مواصلات خارج تلك الخطة حتى وإن كان صاحب الطلب قادراً على شراء الوسيلة ويحمل رخصة قيادة. وعندما جاءت رياح الغرب بصيحات موضاته وتنوعها وأسعارها لم يضطرب السوق الصيني بل طور صناعاته بشكل شديد التشابه والدقة مع تلك الموضات وأذكر أني دخلت أحد المحلات في مدينة شانغهاى العملاقة لرؤية بعض البذلات الرجالية المعروضة وجدت نفسي أمام ظاهرة محيرة فالبذلات تبدأ أسعارها من ما يعادل الثلاثين دولار إلى ما يقارب الألف دولار ولم أستطع بأي حال من الأحوال التفريق بين بذلات المائة وخمسون دولار وتلك بسعر الألف دولار فأنت وعقلك إذاً!!. هذا التنوع السعري هو بالفعل ما جعل كل من في العالم قادر على امتلاك أو الحصول على شيء أي شيء بعكس المنتجات الغربية بأسعارها المعروفة التي لا يقدر عليها إلا من رحم ربي ومن هو ذو مال عريض. ولعل ما أدهشني فعلاً وزاد من احترامي لذلك البلد وقادته وشعبه ما رواه لي أحد طلبتي السابقين الذين قابلتهم صدفة وأصبح يعمل في شركة للبرمجيات أسسها هناك فقد ذكر لي أن الحكومة الصينية تدفع -وأكرر كلمة تدفع- لكل شركة برمجيات ما نسبته 14% من أرباحها السنوية كهدية تشجيعية ولا تأخذ عليها أي ضرائب الأمر الذي  دفع بآلاف من شركات البرمجيات أن تذهب إلى الصين للاستثمار ولنا أن ندرك حجم العائد على الاقتصاد الصيني من تطوير برمجيات إداراته ومؤسساته ومصانعه وهيئاته على المدى القريب والبعيد . ويكفي ذلك البلد العظيم فخراً واعتزازاً ما تناقلته الأنباء منذ أسابيع قليلة عن موافقته  بتخفيض عملته أمام الدولار وسعادة الغرب العارمة بتلك الموافقة أملاً في إعادة شيء من قدرة الغرب التسويقية في أسواق العالم هذا في الوقت الذي تنهار فيها عملات الكثير من عملات العالم أمام الدولار فأي اقتصاد جبار ذاك؟!!   الحقيقية أن الصين ظاهرة استثنائية بكل المقاييس وأن ما يحدث فيها ومنها لأمر كبير وحريٌ بالعالم أن يدرس تلك الظاهرة ويستخلص الدروس والعبر.   اللهم وفق هذا البلد وأهله وقيادته إلى الخير كل الخير آمين.   - جامعة صنعاء dralmansoob@hotmail.com




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign