غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد        صنعاء تعلن فتح طريق البيضاء ـ الجوبة ـ مارب من طرف واحد      
    جدل وأصداء /
أخبار من زمن مسدوس

2010-06-30 14:17:27


 
كتب/د.علي عبدالكريم   الخبر الأول: نقوله ونسوقه للعزيز مسدوس وتشير مقدمته حرصا منا على شرف الكتابة وأمانة القلم لنطلب من العزيز مسدوس وهو يمارس حقه المشروع في الكتابة والنقد الابتعاد قدر الإمكان عن إصدار الأحكام المطلقة في أي أمر وأن يعتمد النسبية مجالا للأحكام، كما تتطلب الضرورات الموضوعية عند تناول الأشياء والموضوعات أخذ الحيطة والحذر خوفا من الانسياق وراء إصدار الإدانات والاتهامات الجاهزة بالخيانة تارة وتارة أخرى بالمؤامرة، ماذا تركنا للقانون والقضاء حين نصبح معا قضاة وجلادين، تلك مهمة القتلة ومصاصي الدماء وليست مهمة أصحاب الأفكار المستنيرة والأقلام الرائدة التي يفترض فيها إنارة الطريق وليس إثارة الغرائز وقتل روح القانون.  الخبر الثاني: يضغط علينا هذا الخبر ونحن نمر في هذه الفترة العصيبة من تاريخ بلادنا وأقصد ببلادنا يا أخ مسدوس اليمن شماله وجنوبه وليس بالفهم الذي تخاطبت به مع أحد زملائك في المكتب السياسي "يحيى الشامي" ولكن نحن ننظر للوطن بصورة مغايرة لما تراه أنت ويراه ويمارسه النظام السياسي القائم الذي دمر بسياساته وإجراءاته وحروبه الأسس النفسية والثقافية التي توطدت على مدى التاريخ بين المواطنين حتى أتتهم الكارثة الحالية التي أدخلتهم في دوامة الجينات الناجمة فقط عن خطأ الممارسات القمعية والتمييزية لتخلق على أرض الواقع جبهة ثقافية منحطة لا نريد للقلم الشريف والفكر المستقل أن يقع في ماخور ومستنقع سياسات القمع والإقصاء والسوقية والتعالي تلك التي دمرت كل الوشائج الوطنية بين أبناء اليمن في إطار علاقات عادية بين مواطن ومواطن كانا يسعيان معا إلى إقامة مظلة قانونية تحمي وتحصن هذه العلاقة.. ما الذي صار وما الذي تم زرعه على أرض الواقع جملة مفارقات تنطلق الكثير من المعالجات للتصدي لها، لكن يلاحظ بشأنها أنها تنطلق من منطلق أهوج يحيل حبر القلم إلى مجرد رصاصات طائشة تقتل بدل أن تبحث وتثير جدلا حقيقيا يفضي إلى محاصرة السياسات البائسة للنظام لتعمل على مواجهته ومقاومته وتوجيه العداوة والمقاومة تجاهه بدلا من توجيه العداوة نحن الشعب داخل الوطن.. تلك كارثة ثقافية تعبر عنها أيضا بعض الكتابات التي تطلق عباراتها القاتلة من فرد أو فردة العداوة للشعب وليس للنظام وسياساته وأزلامه وسواء انطلقت الكلمة المسمومة من الفرد أي المسدس أو الفردة أي الحذاء الوسخ يتسع صدر النظام فرحا حيث يعيث فسادا طالما انتقلت المواجهات إلى ميادين أخرى غير واجهة سياساته المدمرة بعيدا عن الميادين التي يعيث فيها فسادا وقتلا. الخبر الثالث: للاسف الشديد تنطلق الأخبار من العزيز مسدوس من ذات الخانة التي كنا نتمنى لو أنه قد غادرها وهو الحصيف المكتوي بنيران الخبرة وميادين النضال المتعدد ولكنا وجدناه يشير وبالفم المليان إلى المكانة العالية التي يحتلها نفر بعينهم لصولجان الجاه والقوة باعتبارهم حمران العيون وأصحاب قرار كما يسميهم الأخ مسدوس.  وعفوا يا أخ مسدوس نحن معك نبحث عن راحلة، عن سفينة، عن حكمة فاعلة، عن كلمة ومشروع نغادر بها المساحة والمكانة التي يحتلها جبرا وقسرا التبع فلان والزعيم علتان والضرورة التاريخية والشمعة المضيئة العائدة لسليل الحسب والنسب والجاه والسيد الرسولي الذي تتجمع لديه ولديه منفردا من السلطات والقوى الخارقة ما لا تتوفر لسواه ولا يجوز لغيره الادعاء بتوافرها فيه.. كلامك يا عزيز مسدوس عن أولئك الذين بيدهم القرار يقرر مبدأ القائد الضرورة صاحب القدرات الخارقة التي تحيل الباقين إلى مجرد أتباع وعبيد لم يرقوا بعد إلى درجة المواطنة التي لا نزال نبحث عنها.. القائد الضرورة والبطريرك الأكبر هما نتاج النظام العائلي البطريركي الذي يكوينا ونعمل وسنظل نعمل كي نستبدل السيد المبجل صاحب القرار الذي بيده القرار كما وصفت، نسعى لاستبداله بعمل مؤسسي حقيقي يعلو فيه صوت الدستور والقانون ليصبح سيدا في خدمة الجميع، بديلا لحالة البؤس التي ترغمنا بها قوة القائد الضرورة صاحب القرار الذي أشرت إليه أيها العزيز مسدوس ويا أيها العزيز مسدوس لنا معكم وأنتم تعايرون البعض بأنهم ليسوا أصحاب قرار.. نحن نريد أن ندخل معك عبر الكلمات المناضلة والمواقف التي لا أعتقد أن من حقي أن أدلك على مداخلها فأنت من روادها وتدرك أن الشعب هو صاحب القرار في الأول والأخير وليس القائد الضرورة.  الخبر الرابع: وهذا الخبر يضعنا أمام محنة واختبار تاريخي ويتطلب منا الاجتهاد كي نعيد قراءة الأفكار والمفاهيم والانتماءات الفكرية التي سلكناها لنعرف هل كان ذلك الانتماء وذلك السلوك مجرد شطحات فكرية أو مجرد نزهات خلوية مع أفكار ومفاهيم تزين بها البعض مظهرا وداس عليها بالنعال ممارسة ولم يتورع حتى في مرحلة المراجعة والتقييم لفهم أن المراجعة لا تعني الصلب والرجم ومحاولة الخلاص من أن تلحقه تهمة ما حتى لو اقتضى الأمر الوصول إلى درجة القبول على مفاهيم وأفكار وسياسات ومواقف اتخذها ومارسها، تلك كارثة الثقافة المهترئة، تلك كارثة البناء الثقافي الذي لا يبنى على أسس سليمة ولكنه يبنى على عقول أشبه بالأدعية التي يتم تسول الحساء بها من أكثر من مطبخ.  هذا الخبر يتطلب منا أن نقنع أنفسنا أولا كي نقنع الآخرين بمقولات رددها البعض وعلى كرسي الحكم بأنا كنا ثوارا وكنا أمميين وبروليتاريين كادحين ثم فجأة نقع في الفخ نردد فجأة.. عفوا لسنا أمميين ولم نكن كادحين بروليتاريين ولا يحزنون والأنكى أن نسمع البعض يردد دعك من هذا الهراء نحن لسنا أصلا يمنيين ولا يحزنون، تلك كانت أكذوبة أيديولوجية زائفة والأمر أيها العزيز مسدوس في هذا الخبر يحتاج إلى نظرة موضوعية لها جانبها الإنساني والوطني تخص مواطنين أحراراً نسعى وتسعى إلى تحريرهم من هيمنة دولة الاستبداد والاستعباد وسبيلنا إلى ذلك الابتعاد عن الثقافة التي تحاول الفصل والتمييز بين الناس ولا تدخل في مواجهة النظام السياسي القامع للحريات والثقافات الوطنية ودعك هنا من أصحاب الأجندات الخاصة والمشاريع الخاصة ذات المآرب الخاصة التي لا تنتمي للوطن والمواطن بشيء وأنت أدرى بها.. نحن هنا نخاطب أصحاب الأفكار الذين حكموا الناس بأفكار فترة من الزمن يحاولون بعد زوال نعمة السلطان توجيه نقمتهم نحو الأفكار وليس للنظم المعادية لمصالح الوطن والموطن معا.  الخبر الخامس: وهو خبر ينطلق من ثقتنا بحق الأخ مسدوس في ممارسة حقه في النقد والكتابة ولا نتفق مع الإشارات التي وردت بشأن كتاباته واعتبارها مجرد هلوسات وتعبير عن نزق ومرض فكري واعتلال واختلال في تركيب الجهاز المفاهيمي للسيد مسدوس واعتبار إقدامه على اقتحام معاقل الثوابت الوطنية جريمة لا تغتفر ومساً بالذات وغير ذلك من النعوت التي انطلقت عليه كالقذائف البازلتية تطحنه تحت نيرانها الحارقة وتضع نهاية لنزقه الفكري وتطاوله على مقامات لا يجوز الاقتراب منها والانكى في هذا الخبر ما تضمنته الانتقادات الحادة والمدمرة التي تناولت مقالته الأخيرة وقالت فيه ما لم يقله مالك في الخمر.  مع أن الأمر من السهولة بمكان في ظرف تزعجنا أبواق السلطة عن حرية الكلمة وعن المتاح الواسع من الممارسات الثقافية في إطار ديمقراطي قل أن يوجد مثيل له في المنطقة كما تردد أجهزة الإعلام.. إن كان الأمر كذلك لماذا لا يكون القضاء إذن هو الفيصل وهو الحكم فيما قاله مسدوس وغيره وليس الرجم والتكفير والتسفيه الذي يعبر عن نموذج ديمقراطي لكن نموذج ديمقراطية بقواطع صاعقة تميت وتفني!!! الخبر السادس: يتعلق بالإشارات المتعددة التي باتت تلامس قضية جوهرية من قضايا الصراع السياسي في بلادنا، هي قضية تتعلق بقضية الانتماء الوطني، قضية الهوية الوطنية، ولكن قبل الدخول في متاهات هوية شمالية وهوية جنوبية، دعوني أنقل لكم عبر هذا الخبر السادس فقرة وردت في كتاب "ما بعد الليبرالية" دراسات في الفكر السياسي تأليف الكاتب البريطاني "جون جراي" ترجمة أحمد محمود ومراجعة وتقديم د. حسن نافعة تقول الفقرة ما يلي صـ416: "نحن لا ندعي  أن هوياتنا تعبر عن النوع البشري، بل نعترف بأنها نتاج المصادفة بقدر ما هي نتاج الاختيار.. يستمر في القول" باختصار نحن نرى أنفسنا كما نحن عليه ولا نخجل من هوياتنا. لا خجل من الهوية والخجل كل الخجل هو الاستعلاء والنظرة الدونية في هذا الإطار لم تكن الهوية الوطنية محل تجاذب قبل أن تجري في مجرى الهوية مياه آسنة وسياسات فاشلة وقوى فوقية تحاول إعادة تركيب المجتمع اليمني وفي الجنوب بالذات وفق قراءات قبلية مما عقد العلاقة بين النظام السياسي الفاقد للوطنية في ممارسته وسياساته والهوية الثقافية القاصرة التي أدخلت الولاء الوطني في مأزق.. من هذه الرواية عزيزي مسدوس يدعوك هذا الخبر لمراجعة موضوع الهوية الوطنية لدولة نحاول إعادة تكوينها تحترم التنوع الثقافي ولا تسعى لفرض نموذج قبلي يشكل الهوية الثقافية او يجسدها.  وفي كل الأحوال يا أخ مسدوس يتم البحث عن الهوية في نمط الإنتاج السائد وأظنك على دراية كاملة بأمر كهذا. الخبر السابع: وهو خبر يتعلق بمسألة توفر النية الصادقة للذهاب إلى مشروع الوحدة كهدف رئيس من أهداف الثقافة الوطنية التي تدافعت للذود عنها والدعوة لها جماهير المثقفين العضويين في أرجاء الوطن، مما جعل البنى الفوقية في الشطرين تستجيب لذلك الشعور الوطني الجارف لدى الجماهير اليمنية التي كانت ترى حقيقة في مشروع الوحدة الحضارية خلاصا لها من عديد المشاكل.. ولكن كيف تلقفت القوى الطبقية هذه المسألة ووازنت بينها وبين مصالحها المستقبلية وكيف تعاملت معه القوى الإقليمية والدولية وكيف قرأتها النخب السياسية التي أصاب بعضها ولا نقول الكل عمى ألوان جعلها تقرأ مشروع الوحدة بمنظار المصالح الضيقة بعيدا عن مصالح الشعب حتى قادتنا تلك المهزلة إلى حرب ضروس عبرت عن نفسها في فضيحة حرب 94م وتداعياتها واستمرارها حتى الوقت الراهن.. لقد قامت القوى المعادية لمشروع الوحدة بحامليه/ الديمقراطية والتعددية السياسية بالحرب الاستباقية لإجهاض مشروع الحداثة الواعد داخل تجربة التوحد بين نقيضيند.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign