غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد        صنعاء تعلن فتح طريق البيضاء ـ الجوبة ـ مارب من طرف واحد      
    جدل وأصداء /
الفرصة الأخيرة للنظام ..حيادية القوات المسلحة والأمن وإزاحة عدد من كبار قياداتها

2010-06-02 13:50:15


 
  كتب/ محمد عبدالودود غالب  وكبار النافذين من مناصبهم شرط أساس لتشكيل حكومة وحدة وطنية تمتلك الصلاحية الكاملة في إدارة البلاد  البيان السياسي أو بالأصح الكلمة المقتضبة التي ألقاها رئيس الجمهورية مساء يوم 22 مايو 2010 بمناسبة العيد الـ20 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية بعد طول صبر وترقب من قبل الجماهير اليمنية أتت خالية من أية مفاجآت هامة وخالية من أية مضامين وقرارات وطنية وتاريخية شجاعة ومسئولة بل كانت مجرد كلام مبهم وضبابي وعام غير واضح المعالم وغير مفصل الرؤى للكثير من القضايا الوطنية الهامة والمحورية والتي تشكل أساس ومنبع مستنقع المشاكل والأزمات التي يشهدها الوطن بأسره ويغرق فيها المواطن اليمني المسكين والمغلوب على أمره والذي كان يرى كلمة الرئيس الموعودة بمثابة القشة التي سيتعلق بها لتنجيه من غرق محتمل وقد يكون محتوما، فالمثل يقول (الغريق يتعلق بقشة) فهي لم تشخص بمسئولية وشجاعة حقيقة مشاكل البلاد وأسبابها ولم توجد الحلول الجذرية والنهائية لها بل أضفت عليها الكثير من التعقيدات وزادت الطين بلة كما يقولون حينما تمحورت هذه الكلمة حول محورين رئيسين وهما الدعوة إلى تمزيق صف المعارضة باستعطاف أطراف معينة منها وإغفال أطراف أخرى لها نفوذها وسيطرتها في الواقع ولها قراراتها المؤثرة والفاعلة في إنجاح أي مشروع وطني تصالحي يطرح من أي طرف ويتفق عليه الجميع وكان على الرئيس علي عبدالله صالح أن يدرك أن الحزب الاشتراكي اليمني (المغدور به) شريكه الرئيسي في تحقيق الوحدة اليمنية عام 90م لم يعد هو ذاك الحزب الذي عرفه وتعامل وتحالف وتحارب معه من عام 90م إلى 94م والذي كان ينفرد وقتها بتمثيل الجنوب دون منازع فقد أفرزت حرب 94م والممارسات السلطوية الفوضوية والإقصائية غير المسئولة ضد أبناء الشعب اليمني بشكل عام وضد أبناء المحافظات الجنوبية بشكل خاص أفرزت واقعا سياسيا ومعارضيا جديدا، فهناك اليوم أكثر من شخص وحزب وتنظيم وجماعة بل وللأسف الشديد وعصابة تدعي تمثيلها للجنوب وتتحكم باتجاه الأحداث في المحافظات الجنوبية ولم يعد للحزب الاشتراكي سوى الجانب الصوري من التواجد والمتمثل في المقرات وبعض الفعاليات السياسية الجزئية المحاصرة غالبا من قبل هذه المعارضة التي تدعي تمثيلها للجنوب اليمني.  فما جدوى التحالف مع حزب كهذا نالت منه الحروب والأحداث الجسام وأضحى حزب الكل يتربص به الدوائر والكل يريد أن يثبت براءته منه ليثبت ولاءه للجديد الجنوبي وإن كان هذا الأخير وهم وعبث في الحقيقة.  أيضا لم يعد حليف الأمس في الحرب ضد الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية والمتمثل في حزب الإصلاح والذي ألمح إليه الرئيس في كلمته المذكورة بشريكه في الدفاع عن الوحدة.  لم يعد هو ذاك الحزب أو التجمع القبلي الوهابي السني الذي كان حينها يتحكم به رأسان لا ثالث لهما الرأس القبلي ورأس الإسلام السياسي بعد أن أضحى رأس القبيلة ورمزها في ذمة الله وخلفها عدة رؤوس منها من يناطح الرئيس ونظامه أما رأس الإسلام السياسي فقد أصبح لها ندها وما يناهضها داخل التجمع وأصبحت قراراتها مشلولة وضعيفة وليست بالقوة والتأثير التي كانت به حينها.  لقد انطلق الرئيس في تكتيكه الجديد للخروج من حالة الكبت وانسداد الأفق السياسي والأزمات الطاحنة المختلفة والتي يعاني منها نظامه والتي أوصلته إلى حافة الانهيار انطلق من حيثيات وواقع أمسى قديماً غير واقع اليوم بتطوراته ومستجداته. فكأنما والله أن الرئيس بطرحه هذا اخذه النعاس عام 94م ونام من يومها ولم يصحو إلى صبيحة 22 مايو عام 2010م وليس ذلك الرئيس الذي عاش وعاصر وشارك في صنع أدق مجريات الأحداث بتفاصيلها أولا بأول. فهو يدعو في كلمته تلك إلى التحاور والتحالف وهناك كثير من التداخلات والتناقضات في إطار النظام والمعارضة.  فمع من يا ترى سيتحاور الرئيس اليوم مع المشترك فالمشترك اليوم تم تلخيصه بلجنة الحوار الوطني التي أسسها ويقودها حميد الأحمر الذي ينادي بضرورة استقالته وأسرته من السلطة، أم مع الحزب الاشتراكي اليمني الذي باتت أغلب قياداته وكوادره وأنصاره في المحافظات الجنوبية اليوم منخرطة في صفوف جماعات الحراك بشتى صنوفها ومواقفها وطرق نشاطاتها وتدين بالولاء لقيادات الحراك أكثر من قياداتها الأصلية في الحزب. أما إذا أراد أن يتحاور ويعيد تحالفه مع تجمع الإصلاح فمع من يا ترى سيتحاور بعد أن أضحى هذا التجمع منقسما إلى أكثر من فصيل وتيار.  فيا ترى هل سيتحاور الرئيس مع الزنداني أم مع الجناح المراوغ المنضوي في إطار المشترك ولجنة الحوار الوطنية أم مع الجناح القبلي بقيادة حميد الأحمر الذي سبق ذكره ومواقفه. حقيقة.. الوضع جدا معقد، خارطة ومتاهة أوجدها الرئيس نفسه لنفسه، فإذا هو في الأخير يتوه في زواياها ومربعاتها المظلمة والضيقة جدا. وحقا نقول إن الرئيس بمحاولته الأخيرة لمعالجة الوضع الراهن والخروج من حقيقة الأزمة لم يلامس قط موطن الألم ولم يصل بمشرطه إلى منطقة التجرثم الحقيقية في الجرح اليمني الدامي النازف. وكانت معالجة قاصرة وسطحية عدت بمثابة تكتيك مرحلي جديد للالتفاف على الانتخابات النيابية المقبلة بعد عام على ما يبدو. فدعوته لتشكيل حكومة وحدة وطنية بطريقته وشروطه الخاصة وتحت إدارة نظامه هي دعوة عقيمة وحالة استدراج لأبرز أحزاب المعارضة المتمثلة في الحزب الاشتراكي وتجمع الإصلاح والتنظيم الناصري للمشاركة في هذه الانتخابات النيابية القادمة وإجرائها في أجواء من الشرعية الدستورية ولكسب الدعم والتأييد الداخلي والخارجي لها بعد أن أضحت جميع التحليلات والنبوءات ومعطيات الواقع تقول إنه من المستحيل قيام النظام منفردا بإجراء الانتخابات أو بمشاركة وهمية لمعارضة وهمية هي مجرد نفر من المنتفعين ليسوا سوى موظفين في مكتب رئاسة الجمهورية والأمن السياسي والقومي.  وفي ظل أوضاع متدهورة تعاني منها أغلب محافظات ومديريات ومناطق الجمهورية التي تشهد انفلاتا وفوضى أمنية مريعة وغياباً شبه تام لدولة النظام والقانون ونفوذ وسيطرة النظام نفسه وفي نفس الوقت تشهد هذه المحافظات والمديريات والمناطق انحساراً وتقهقراً لدور ونفوذ أنصار النظام سواء أنصار الرئيس أو حزبه وهذا الأخير أصبح في حالة موت سريري في هذه المناطق والمديريات بعد أن عجز النظام عن حماية أعضائه وأنصاره من سطوة عناصر الحراك وخصوصا الجماعات المسلحة. وأضحى هؤلاء الأنصار مجرد مسئولين أو حلفاء منتفعين كما أسماهم الرئيس نفسه والمرارة تملأ حنجرته في كلمة له في محافظة أبين، هؤلاء المنتفعون لم يعد لهم أي دور أو فاعلية في تغيير الواقع لصالح النظام.  إن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة وتجاوز المنعطف الخطير والضيق للغاية والمطل -بدون مبالغة أو تهويل- على هوة سحيقة جدا.  السبيل الوحيد للخروج من هذه المعمعة هو تنادي كافة القوى السياسية الفاعلة والخيرة ومكونات المجتمع المدني والقوات المسلحة والأمن إلى ملتقى حوار شامل صريح وشفاف يتم فيه تشخيص حقيقة الأزمة ومسبباتها وسبل معالجتها أو الخروج بقرارات وتوصيات تتضمن حلولا جذرية وناجعة لمجمل الأزمات ومن ثم يتم مصارحة النظام بها ومنحه فرصة أخيرة للقبول بما يتم الإجماع عليه وضرورة القبول بحكومة إنقاذ وطني في إطار الوحدة اليمنية ودون المساس بالثوابت الوطنية وتتشكل هذه الحكومة من كافة أطياف العمل السياسي ومنظمات المجتمع المدني دون استثناء إلا من خرج عن حالة الإجماع.  الحفاظ على الوحدة اليمنية وحدود البلاد والأمن والاستقرار في البلاد وكقوة لتطبيق وحماية ما سيرشح ويقر من أنظمة وقوانين في ظل دولة مدنية حديثة يحكمها النظام والقانون والتعددية السياسية وحرية التعبير.  وأول شروط تشكيل هذه الحكومة هي إعطاؤها الصلاحية الكاملة لإدارة شئون البلاد دون تدخل من أية جهات أو أطراف أخرى ليس لها صلاحية في ذلك وهذا بدوره لن يحدث إلا إذا تم إقناع عدد من كبار القادة، نعم يجب إقناعهم بضرورة التنحي عن مناصبهم وعدم التدخل في أي شأن من شئون البلاد كخيار لا بد منه لإنقاذ البلاد وتجنب نتائج كارثية تنعكس عليهم وعلى الوطن والشعب اليمني في حالة إصرارهم الوقوف عقبة عثرة أمام أية معالجات للأوضاع الراهنة. وفي حالة عدم انصياع النظام لمطالب الجميع يتم في هذه الحالة الدعوة إلى تشكيل مجلس إنقاذ وطني يتم من خلاله وبطرق سلمية مشروعة إسقاط شرعية النظام الحالي وإقامة نظام بديل له يحقق مصالح الشعب ورفاهيته وتطلعاته.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign