غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد        صنعاء تعلن فتح طريق البيضاء ـ الجوبة ـ مارب من طرف واحد      
    جدل وأصداء /
مصدر أمني مسئول ؟

2010-06-02 13:47:20


 
  كتب/عبدالله بن عامر  نهاية الأسبوع الماضي توقفت أمام نشرة الأخبار على التلفزيون الوطني وإذا بالمذيع كعادته يستهل النشرة بتصريح مصدر أمني مسئول ..  لم يكتف المذيع بتلاوة خبر تصريح مصدر أمني مسئول وعلى غير العادة قام بتلاوة ثلاثة أخبار متتالية عن أحداث وتداعيات أمنية هُنا وهُناك .. حينها قلت لمن حولي سقطت "أكذوبة الأمن والاستقرار" وسألت نفسي حينها عن أي أمن نتحدث وبأي استقرار نتباهى وعادت بي الذاكرة قليلاً الممتلئة بالتداعيات والأحداث الأمنية وغياب القانون وهيبة الدولة وبروز الصراعات الدموية والقتل بالهوية واختطافات وتفجيرات واغتيالات واستهدافات لمسئولين غامروا في  الوصول الى عمق تواجد الحراك الجنوبي فحدث ما حذر منه المراقبون سابقاً وتنظيم القاعدة وجد قواعد آمنة ومساحات شاسعة يدرب فيها جنودة وضحاياه القادمين وإن كانت مأرب وشبوة تختلفان عن جبال تورا بورا والحوثي أستفرد بصعدة بعد جولات دامية فرضته كقوة في شمال الشمال والحراك الذي لم يعد سلمياً يمد انتشاره وتبسط جماعات قطع الآذان والأعضاء التناسلية سيطرتها على مرتفعات لحج والضالع مع بقاء حراك عدن وحضرموت واحتفاظة بطابعه السلمي والمهرة لن تصم آذانها كثيراً فالنيران ستوقظ كل النائمين ومع غياب المشروع الوطني تبرز المشاريع الصغيرة التي تتسع وتأخذ بالتشكل   ومع مرور الأيام تتسارع الأحداث وتزداد دموية ويتسع الشرخ ليصيب الوطن أولا وأخيراً ولا غرابة في القول أنه لم نعد نخشى من عودة التشطير ولكن الخوف من انفلات أمني واسع خاصةً بعد ظهور الحوثي كقوة فرضتها آلة السلاح في صعدة و حرف سفيان وأجزاء من الجوف وحجة وصنعاء وإتساع نشاط القاعدة في مأرب والجوف وشبوة وأجزاء من أبين وسيطرة جماعات الحراك على لحج وأبين والضالع .  لن أكون مزايدا وعلينا جميعاً تناول القضية بموضوعية وكي لا أتهم بـ إثارة البلبلة فتعالوا معي نستطلع الأوضاع الأمنية خلال الثلاثة الأشهر القليلة الماضية وبحياد كامل ... لن أتحدث هُنا عن مناوشات ناهبي الأراضي الذين لا تهدأ نيرانهم ليلاً وعند ضواحي العاصمة تشعر وكأنك بمقربة من ساحة حرب ولكن سأتحدث عن غير ذلك، فالصلوي القاعدي  تحول الى أشلاء في محاولة فاشلة لاستهداف السفير البريطاني والخارجية الإمريكية تحذر رعاياها والسفارة الإمريكية تعلن تلقيها تهديدات وبين الحين والآخر نسمع إقفال سفارات وحملات أمنية غير معلنة  والحيمة الداخلية تعلن انضمامها إلى مناطق "خارج السيطرة" باختطاف سائحين تم الإفراج عنهما بوساطة وفي شرعب حملة أمنية وعسكرية ناهيك عن ما يحدث في الضالع ولحج وأبين وشبوه ومأرب والجوف وغياب سلطة الدولة في صعدة وحرف سفيان .  لا أدري هل عاد من الممكن الحديث عن الأمن والإستقرار والتغني به وهل عاد من الممكن أيضاً أن نسمع مسئولاً يمُن علينا بمثل هذه النعمة العظيمة ويقول "يكفي الأمن والإستقرار" بعد أن أصبحت أكثر من سبع محافظات خارج السيطرة الأمنية وأصبحت العاصمة صنعاء رهينة لمزاج قبائل وأشخاص لا يترددون في قطع الطرق ولا يتوانون في التلذذ باستهداف المنشآت النفطية والمحطة الكهربائية لتعيش العاصمة أياماً مظلمة   تضعف الدولة ويقل تواجدها الهامشي وسيطرتها الأمنية على الكثير من المناطق شمالاً أو جنوباً ليس هناك فرق ،المهم أن هُناك حالة من الفوضى تعيشها محافظات بأكملها، فالحوثي لم يكتف بصعدة التي أضحت معظمها تحت سيطرة فعلية لأتباع الجماعة الذين ينشطون في جباية الزكاة من المواطنين وتحصيل الضرائب بل وإقامة محاكم وولاة وقادة يتم تعيينهم في كل مديرية وخلال ست جولات دامية تمدد الحوثي الى محافظات مجاورة وأعلن أتباعه عن تواجدهم في الجوف التي شهدت مؤخراً عملية اغتيالات لقادة من أجهزة الأمن وتمكن الحوثي من السيطرة على حرف سفيان والتوسع نحو مناطق في حجة ناهيك عن مديريات بمحافظة صنعاء ..  ويتقاسم تنظيم القاعدة مع الحوثي التواجد في الجوف بعد أن ظلت محافظة مأرب مأوى آمناً لكل أتباعه ليصبح تنظيم القاعدة في  مثلث شبوه - مأرب - الجوف متواجدا ًبقوة في ظل ضعف الأجهزة الأمنية وتعاطف بعض القبائل مع أفراد التنظيم الذين برعوا في نسج الخيوط الاجتماعية مع القبائل بالمصاهرة والمعاهدة ومما يعزز تواجد التنظيم هو أخطاء النظام إن صح القول والتعامل السلبي مع هذه القضية بل وارتكاب حماقات ترغم الدولة على الانصياع لمطالب القبائل على حساب النظام والقانون ولعل استهداف أمين محلي مأرب سيعمل بلا شك على تعزيز تواجد مثل تلك الجماعات وتوفير المناخات المناسبة لجماعات أخرى مثل جماعات التهريب والتخريب لتمارس نشاطها علانيةً . بعيداً عن الطلقات النارية وأصوات المناوشات التي نسمعها كل ليلة عند ضواحي العاصمة فذاك أمرً مألوف وعادي بالنسبة لأي مواطن يمني ولكن من الغريب أن يظل الخطاب الرسمي يقلل من الأوضاع الأمنية المتدهورة في بعض المديريات في المحافظات الجنوبية حتى أصبح تواجد الدولة هُناك أمراً رمزياً لا أقل ولا أكثر، فمحافظات الضالع ولحج وأبين تشهد تداعيات أمنية خطيرة وتتسارع الأحداث وتقوى الجماعات المسلحة وتنتشر من قرية الى أخرى وبين الحين والآخر يتم استهداف مقار الشرطة ورجال الأمن والسلطة المحلية علاوة على قيام بعض الجماعات في اختطاف جنود في ظاهرة هي الأولى التي تشهدها محافظة جنوبية ومن جماعة غير أصولية .  لا أدري أين الأمن والاستقرار ومواكب قيادات في السلطة  تتعرض لإطلاق نار ومسئولون ينجوون بأعجوبة من محاولات إغتيال أعقبتها حملات عسكرية على مديريات بأكملها في كل من لحج وأبين وشبوة ومع أن الحراك ما زال محتفظاً بطابعة السلمي إلا أن ظهور جماعات مسلحة وقطع الطرقات والقتل بالهوية وبروز النزعة التشطيرية ينبئ بمستقبل كارثي ستشهده اليمن إن لم يتم معالجة تلك القضايا بإنصاف وعدل بعد الاعتراف المسئول بالمشكلة ومع تحول أبين ولحج والضالع الى ساحات للقتل والتمرد والعصيان والفوضى وغياب القانون تظل عدن وحضرموت وغيرها من المحافظات الجنوبية محتفظة بحراك سلمي قد يتطور ويتأثر بحركة الأحداث في بقية المحافظات .  في الأخير .. يبدو أنني لم أتطرق الى جميع الأحداث ولم أتناول إلا القليل كخطوط عريضة يستطيع المرء من خلالها التنبؤ بمرحلة مقبلة مع آمآل عريضة بـإجازة مفتوحة لمصدر أمني مسئول !




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign