غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد        صنعاء تعلن فتح طريق البيضاء ـ الجوبة ـ مارب من طرف واحد      
    جدل وأصداء /
دور الفساد والاستبداد في تخلف الأمة

2010-04-21 14:18:37


 
 كتب/حسن بن حسينون تنشأ في ظل الحكم الاستبدادي طبقة من الانتهازيين يطلق عليهم الكواكبي اسم المتمجدين. فهؤلاء  المتمجدون هم فئة جعلت من نفسها حاشية خاصة بالمستبد, فهم عيناه اللتان تراقبان كل صغيرة وكبيرة لا تكون لصالح السلطة. وهم يداه اللتان يعتدي بهما على كرامة الآخرين, ويستبيح بهما حرماتهم, والمتمجدون كالمستبد أعداء للحق وللحرية, وأنصار للظلم والاستبداد. ومن شروط الانتساب إلى مثل هذه الفئة أن يكون طالب الانتساب خاليا من أية قيم أو مبادئ دينية أو أخلاقية ....                                                *عبد الرحمن الكواكبي    لقد ابتليت الأمة العربية تحديداً بهذا الوباء السرطاني الخبيث عندما تم الإعداد والتحضير من قبل القوى الاستعمارية لهزيمة الخلافة العثمانية مع بداية القرن الماضي في الحرب العالمية الأولى, وتطبيقاً للسياسة الاستعمارية على الأرض والمعروفة ب"فرق تسد" ,توافدت على المنطقة من البعثات العربية والخبراء والجواسيس للقيام بمهام استخباراتية منهم، من ادعى انضمامه إلى الإسلام وبأسماء عربية,ومنهم الحاج والرحالة الذين صالوا و جالوا وقطعوا آلاف الأميال سيراً على الأقدام وعلى ظهور الجمال, طافت خلالها الصحاري والجبال والوديان وعقدت اللقاءات مع حكام وشيوخ الجزيرة العربية, يعقدون الاتفاقات والوعود السرية مع كل منهم على حده.. وقد جاءت هذه الزيارات المتواصلة والحملات المتسارعة عندما بدأت رائحة النفط والغاز وغير ذلك من المعادن والثروات الطبيعية الأخرى تنبعث روائحها بقوة فأصبحت تغري شهية القوى الاستعمارية, وأن التحكم بها لن يتم إلا بالسيطرة السياسية المباشرة، أي السيطرة الاستعمارية والتواجد العسكري على الأرض من خلال القواعد البرية والجوية والأساطيل البحرية. تم للقوى الاستعمارية ما أرادت، فما رست أبشع أساليب الخيانة والتآمر والغدر بمشاركة عربية على إثر هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى, أدى ذلك إلى نهاية المرجعية الدينية ولم تقم قائمة بعدها حتى الأزهر كمرجعية دينية وشيخ الأزهر بقيا تابعين للحاكم ولأنظمة الحكم المتعاقبة على مصر حتى الوقت الحاضر.وكان من أخطر المؤامرات وأساليب الخداع الكبرى اتفاقية سايكس - بيكو السرية بين فرنسا وبريطانيا عام 1916م والتي تم بموجبها اقتسام الوطن العربي بينهما, إضافة إلى الفرية والكذبة الكبرى التي لم يشهد لها التاريخ العربي مثيلاً والمتمثلة( بالثورة العربية الكبرى ) بزعامة الشريف حسين بن علي حاكم الحجاز الذي خرج منها كالذي خرج من المولد بلا حمص وقد لعب الدور الأساسي في تلك الحرب الجاسوس البريطاني والشهير لورانس العرب. انتهت الحرب بعد أن أفرزت دويلات كرتونية عميلة في بلاد المشرق العربي تحت الاحتلال والسيطرة الاستعمارية المباشرة حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية. ومنذ أن أنشئت هذه الدويلات فقد نشأ معها وترعرع الفساد والاستبداد كما شب الخلاف والنزاع المتواصل فيما بينها بعد أن زرعها الاستعمار كقنابل موقوتة ظلت تتفجر هنا وهناك, كل ذلك لم يتوقف عند حد معين, بل لقد سحب نفسه كثقافة سائدة حتى في عهد أنظمة الانقلابات العسكرية التي انقلبت عليها أثناء سنوات الحرب الباردة بين المعسكرين والتي كانت شعاراتها بعد إعلان البيان الأول: وحدة - حرية - إشتراكية ,مثلت أسوأ و أبشع أنظمة الفساد والاستبداد, رغم أن البعض منها تدعي الديمقراطية والحريات العامة ولكن على الورق لا غير وبهدف خداع وتضليل الرأي العام المحلي والدولي وينطبق عليهم ما قاله الفيلسوف والمفكر عبد الرحمن الكواكبي: " المستبد يتحكم في شئون الناس بإرادته لا بإرادتهم, ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم, فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس، يسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته. المستبد عدو الحق, عدو الحرية وقاتلها والحق أبو البشر والحرية أمهم" وها هي الأنظمة العربية تعيش اليوم عزلة تامة مع شعوبها, ولم تعد كل الاسطوانات التي استخدمتها في الماضي صالحة للاستخدام عدا القمع والتنكيل بشعوبها وهي في أسوأ وضع تاريخي, أكان ذلك في الماضي أم في الحاضر. لقد دأبت الزعامات العربية قبل انعقاد أي من القمم السابقة وحتى لا تخرج بقرارات قابلة للتنفيذ أن تخلق المبررات الذرائع المفتعلة ،ومن ثم يسوقون خلافاتهم ويبررون مواقفهم الكاذبة إعلامياً في الشارع العربي, مع أن هذا الشارع قد أصبح مسيساً نتيجة لسياساتهم الاستبدادية . إن كل ما حدث ويحدث بالتأكيد تقف من خلفه القوى الغربية والصهيونية.  وما أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى أنشأت الدول المنتصرة في الحرب وفي المقدمة الإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية منظمة الأمم المتحدة لتحل محل عصبة الأمم, وحتى تتفرغ لإعمار بلدانها التي دمرتها الحرب وخلفت ملايين القتلى والجرحى وملايين الأرامل واليتامى فقد أصدرت الجمعية العامة قرار حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة, بعد أن حاكت أقذر و أخطر المؤامرات بحق العرب والمسلمين، فكانت الأولى تقسيم فلسطين بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1947م, أي العمل على غرس الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي كقاعدة عسكرية متقدمة ودعمها بكل وسائل القوة والاستمرار، مهمتها أولاً وقبل كل شيء حماية المصالح الإستراتيجية للإدارة الأمريكية, وشن الحروب ضد كل دولة عربية تحاول أن تبني قدراتها الاقتصادية والعسكرية وحتى لا تتمكن من تهديد المصالح الغربية وأمن إسرائيل وذلك ما حدث لثورة مصر عبد الناصر التي تعرضت للمؤامرات المتواصلة وأكثر من أربعة حروب حتى أوصلتها في عهد الرئيس السادات إلى معاهدة كامب ديفيد وما خلفته من تداعيات على كافة المستويات, ليأتي الدور بعد ذلك على لبنان بالغزو والحرب العدوانية واحتلال الجنوب والعاصمة بيروت عام 1982م كما نجحت المؤامرات الغربية والصهيونية في اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية وإخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان بقيادة ياسر عرفات، بعد ذلك يأتي الدور على العراق عام 2003م , بعد ان زجت به في حرب مع ايران والدفع به الى احتلال الكويت . ليس غريباً أن يهاجم أحد المتطرفين الصهاينة البريطانيين ويشبههم بالكلاب على إثر تزوير الجوازات البريطانية وقتل أحد قياديي حماس في مدينة دبي .  أما المؤامرة الثانية أو الهدف من إصدار قرار حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة وتحررها بعد إقامة الكيان الصهيوني فيتمثل في الإعداد والتحضير لإقامة دويلات عميلة محلية لا تختلف عن الكيان الصهيوني في شيء، في ما يتعلق بحماية المصالح الأمريكية والغربية على حد سواء والقائمة اليوم في المنطقة العربية.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign