الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    جدل وأصداء /
د. قيس من ناقد لمشروع الكراهية إلى مشارك فاعل

2010-04-07 14:00:58


 
 كتب/د.راشد  عبدالرحمن يعذر القارئ والمتابع الكثير من الأقلام التي تكتب بطريقة تعسفية عن أحداث التاريخ ومراحل التطور التي تمر بها المجتمعات وقلبها للوقائع والحقائق سواء بقصد   أو بدون قصد، لمصلحة أو بعيد عنها، بأمر أو برغبة شخصية، ويختلف الأمر مع كتابات الباحث المتخصص وأصحاب الشهادات العليا من منطلقات عدة وأهمها التقيد بشروط المنهج العلمي المتعارف عليه في التعاطي مع المعلومة والأخذ بها وتقديمها للقارئ المتابع والباحث المعني بقبول المعلومة أو رفضها بعد التحقق من المنهجية العلمية المستخدمة في إنجاز وجهة نظر الباحث السابق، سواء كانت بحثية أو وجهة نظر كخلاصة علمية وخاصة إذا ما تم نشر وجهة نظر الباحث المتخصص بهدف إصلاح ظاهرة من الظواهر الاجتماعية. ا لتنبيه ولفت نظر صاحب القرار والمسئول عن معالجة مشاكل المجتمع، من مسئولية الباحث المتخصص بدرجة أولى، لتميزه في رصد الظواهر والحكم عليها بكل أمانة وصدق وموضوعية وحيادية، مبتعدا عن التحيز والأنانية، مترفعا عن المنافع الشخصية، مبتعدا عن الالتزامات الأيدلوجية والعقائدية والعنصرية.  قراءتي لمقال د. محمد قيس المنشور في صحيفة الوسط العدد (280) بتاريخ 24 مارس 2010م بعنوان (البيض يدخل معترك التوريث في اليمن من بوابة الحراك). وما لفت انتباهي مضمون الرسالة التي أراد أيضا لها الباحث للقارئ نبذه للعنف والكراهية، كمظهر من مظاهر الحراك السلمي الجنوبي، ومن خلال القراءة للموضوع الذي تناوله الدكتور، يخرج القارئ بخلاصة وحيدة وهي أن الكاتب يحمل نفس الثقافة التي تشرع للكراهية ونزعتها الماضوية وتبرز ملامح تلك الثقافة في الملاحظات المدعمة ببعض العبارات التي تضمنها المقال وعلى النحو التالي:  أولا: بصورة عامة المقال الذي من خلاله حاول الكاتب أيصال رسالة للقارئ تنبذ الكراهية والعنف إلا أنه أوقع نفسه في صف من يشرع للكراهية والعنف ضد من يطالب بحقوقه بطرق سلمية وحضارية كالحراك السلمي الجنوبي. يتضح ذلك من خلال المفردات التي تشير إلى لفظ الحراك الجنوبي ومدلولاته غير الواضحة ومنها ما هو أخلاقي ومنها غير أخلاقي. وحصر ما هو لاأخلاقي بأعمال تخريب وفوضى كالتي نشاهدها في بعض المحافظات الجنوبية بصيغة التعميم، يفهم ذلك لتجنب الكاتب الإشارة إلى الطابع السلمي للحراك في بقية فقرات المقال، لاغيا وبصورة تعسفية شهادات الكثير من المتابعين والكتاب والمحللين السياسيين وتصريحات الكثير من قياداته التي تؤكد الطابع السلمي وتنبذ العنف والكراهية، محذرة من أساليب الدس لعناصر -وهم قلة- في صفوف الحراك لتمارس هذا الدور بهدف إصباغ الحراك طابع العنف وبما يخدم أهدافاً سياسية وحججاً تستخدم تخويف الخارج وقطع الطريق التي تؤمن التعاطف والمساندة أو التضامن مع الحراك الجنوبي، هذا جانب ومن جانب آخر المتتبع لحصيلة الفعاليات السلمية التي نظمها الحراك ومن وجهة نظر محايدة لا يمكن إخراجها من طابعها السلمي. تجنب الكاتب في البحث وبصورة منصفة للأسباب والمقدمات التي أنتجت الحراك السلمي الجنوبي بشكل عام ومظاهر العنف العالقة به التي لا تختلف عن الحملة العسكرية التي استهدفت المحافظات الجنوبية طوال شهر كاملاً خلفت عدداً كبيراً من الضحايا والجرحى ناهيك عن الاعتقالات غير المبررة وقطع الخدمات على بعض المحافظات، دليل آخر على وجهة نظر الكاتب غير المنصفة والتي تسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تأجيج مشاعر الكراهية.  ثانيا: عبارات جنون الثيران، الحراكية في الجنوب وجنون البقر التي ترتفع لإطلاق الأسرى، ولم يتوقف عند هذه المفردات التي تصف شعباً بكامله بالجنون، بل طالت اتهاماته كل أم يمنية عند وصفها بإنجاب مغامرين أشقياء ومجانين لا يرون في الأفق إلا ذواتهم الأنانية. ثالثا: المقال كشف عن ثقافة صاحبه المشحونة بالكراهية وخاصة ضد الجنوب، ثقافة ليست وليدة اليوم أو كردة فعل على بعض مظاهر العنف التي رافقت الحراك السلمي الجنوبي والممقوتة أصلا من الحراكيين أنفسهم. هذه الثقافة مؤسسة مناطقيا، وأيدلوجيا ونفسيا، ولم يكن كاتب المقال الوحيد الذي عبر عنها، بل سبقه آخرون وبنفس اللهجة، تجليات تلك الثقافة نجدها في المفردات: الاستقلال الذي لم يفلح به الجنوبيون في وقت سابق، حيث سمح الكاتب لنفسه التعدي على التاريخ الذي دون في أنصع الصفحات واعترف به كل العالم وبالادوات المستخدمة في إنجازه وبعيدا عن سرد ما تم تحقيقه بعد الاستقلال وإعلان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. ويكفي الإشارة إلى شعب الجنوب بإنجازه الاستقلال الوطني الذي يكون به قد هزم أكبر امبراطورية استعمارية في العالم في ذلك الوقت. ذلك الإنجاز شكل مصدر فخر واعتزاز لكل يمني -شمالاً وجنوباً- ولكل عربي شريف ومناضل وثائر في العالم، عداء الكاتب الذي يفهم من مقاله بأن ثورة أكتوبر وإنجازها لاستقلال الجنوب كانت بمثابة الخطأ، طالما والجنوبيون لم يستفيدوا من ذلك، يمثل صورة من صور الحنين للماضي لدى الكاتب أظهرها في مكان آخر من المقال في صورة إشادة بتجارب الإمام وخاصة تلك التي استخدمت مع الزرانيق وكأن الحرب في الضالع من قبل السلطة تنفذ باستشارة منه. كما كانت صورة المناطقية، كإحدى تجليات الكراهية في توصيفه لسكان بعض المحافظات الجنوبية في لحج وأبين في مرحلة تاريخية سابقة من بأنهم الأحباش والهنود والصومال وقليل من اليمنيين، لاحظوا وضعه اليمنيين في ذيل القائمة. هذا الرأي للكاتب لا يختلف عن كتابات وتصريحات آخرين وصفت معظم سكان عدن بهنود وصومال والتي ألهبت مشاعر أبناء عدن وأبناء المحافظات الشرقية والجنوبية. كما أن الإشارة إلى الماركسيين الحراكيين والتي لم تكن إلا مظهراً من مظاهر الاختلاف الأيدلوجي الماضي سوى رافد من روافد ثقافة كاتب المقال حالت دون تعايشه مع الحاضر ومتطلباته العصرية، كالتعدد السياسي والأيدلوجي والمدني والقبول بالآخر وإرساء ثقافة التسامح والتصالح التي تبناها الحراك السلمي الجنوبي كخطوة أولى لنضاله السلمي، كل ذلك يرفض الكاتب الاعتراف به، بل يظهر تمسكه الشديد بثقافة الماضي ويقف ضد أي دعوة تقلل من ثقافة الكراهية والعنف وأنصع صورها تذكيره بالماضي ونبش مآسيه وأحياء ذاكرة الحروب وحصرها على شطر من الوطن دون سواه. رابعا: الموضوعية والحيادية نجدها غائبة لدى الكاتب من أول فقرة إلى آخر فقرة في المقال، مبررين مناقشتنا على النحو التالي:  1- يختلف الكاتب مع غيره من الباحثين والمهتمين بدراسة الظواهر الاجتماعية الذين يرون أن الظواهر الاجتماعية لم تولد بشكل طفرة دون مقدمات وأسباب تفضي إلى ذلك وشرط الاستمرارية والديمومة كمقدمة لنضوجها وموضوع التعاطي معها وتقديم الحلول بصددها ما هو إلا عامل وقت. على الرغم من اعترافه بمطالب الحراك الحقوقية في المراحل الأولى، ممتنعا عن الإشارة للجهة التي أهدرت الحقوق وعدم التفاعل معها عند بداية التعبير عنها.  2- منهج الحراك السلمي الجنوبي واضح من التسمية والذي لم يكن عفويا، بل أتى بعد دراسة واستيعاب لأدوات العصر النضالية واشتراطاتها مع الأخذ بالمتاح داخليا وخارجيا والإقرار بجملة من الصعوبات والتعقيدات التي يمكن أن تعكر صفو النهج السلمي وأهمها الطرف الذي ليس له مصلحة في الحراك وكان السبب في إهدار الحقوق وإلغاء الشراكة الوطنية التي تضمنتها اتفاقية الوحدة وأجهزت عليها حرب 94م والطرف المنتصر فيها، فأي باحث منصف تغيب عليه كل تلك التفاصيل؟!!. 3- الإدلاء بشهادة خطيرة ولأول مرة يسمع بها الرأي العام، مضمونها الجزم والتأكيد وعلى لسان البيض بالاستناد إلى اعترافاته الشخصية في إحدى مقابلاته الصحفية بأنه -أي البيض- قاتل رفيق دربه عبدالفتاح إسماعيل، ومأخذي على معلوماتك عدم الإشارة إلى الصحيفة كمرجع توثق لمثل هذه المعلومة الخطيرة، هذا إذا لم نأخذ بالبديهيات ومضمونها لا يوجد مجرم يتوقع العقاب في أي وقت أفلت عند ارتكاب الجريمة يعترف بجرمه دون متابعته قضائيا واستسلامه لقوة الأدلة المقدمة ضد فعله الإجرامي، أليست هذه الشهادة وفي وقت خطير كهذا لا تخدم إلا ثقافة الكراهية التي أردت مقتها في مقالك. 4- الإشارة إلى سعي البيض للتوريث من بوابة الحراك الجنوبي إلا أنه من خلال متابعتي لمضمون المقال لم أجد أبسط إشارة لكم تقنع القارئ بسعي البيض للتوريث وهذا ما يفند بطلان ادعاءاتك، التي يفترض أن تدعمها بالحجج أو المؤشرات لذلك، وما يزيد القارئ قناعة بعدم صحتها تجنبك الحديث عن التوريث في اليمن بشكل عام والذي تناولته أقلام داخلية وخارجية بما فيها رؤى سياسية مستندة على ما يعتمل في الواقع السياسي، وكان بالإمكان تصديقك لو طرحت فكرة نية البيض في استخدام الحراك لترميم بعض محطات تاريخية التي أخفق فيها مثل التوقيع على الوحدة بدون رؤية ناضجة والدعوة للانفصال أثناء حرب 94م، وكلها أفعال أقدم عليها البيض بفعل مشاعر الانفعال وسذاجة ثقة أولاها لشريك الوحدة عند التوقيع.  5- النظرة التشاؤمية التي ضمنتها المقال ليست صفة من صفات الباحث الذي يتحمل عناء التشخيص للظاهرة في نفس الوقت يقدم الحلول بكل جرأة وحيادية، حلولاً يتفرد بها عن غيره لامتلاكه ناصية المعرفة، نجد النظرة التشاؤمية في أكثر من عبارة كتلك التي تم تناولها سابقا من خلال وصف الإنجاب عند الأم اليمنية والتبشير بالأيام الحبلى بالمآسي والفتن دون الإشارة إلى المسئول عن ذلك الحمل المخيف، أما إذا كنت تقصد الحراك السلمي الجنوبي الذي صببت جام غضبك عليه، فأنا أختلف معك، فالحراك السلمي مسئول عن إنجاب مولود سليم ومعافى من سماته النقاء والنزاهة والشرف اسمه المشروع الوطني الذي توزع خيراته على أبناء اليمن من أقصاه إلى أقصاه، ومن ينظر إلى الحراك من منظور آخر مصيره الاصطفاف مع د. محمد قيس. والله الموفق




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign