غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد        صنعاء تعلن فتح طريق البيضاء ـ الجوبة ـ مارب من طرف واحد      
    جدل وأصداء /
رسالة براءة ذمة

2010-03-10 15:07:26


 
 كتب/ السفير.نبيل خالد ميسري   قد يخطر على البال للوهلة الأولى أن رسالة براءة الذمة عنوان مقالتنا هذه ترتبط ببراءة الذمة المتعلقة بالقرار الجمهوري والمصادق عليه من قبل مجلس النواب والمعد من الحكومة بشأن إقرار المسئولين المشمولين بالقرار لبراءة ذمتهم والذي صدر عام 2006م ولم تطبق مواده كاملة لأسباب محرجة لأعضاء أعلى السلطات التي اعتمدت والتي لم تلتزم رغم مرور السنين على صدوره، وحيث أنه لم ولن نرى كبار القوم ممن يتفق عليهم غالبية أبناء الوطن على صدارتهم لقائمة الواحد وأربعين حراميا. إلا أن موضوع مقالتنا تختلف، كونها ترتبط بسلسلة متصلة حلقاتها وتمثل أهم ما تناولته الأقلام الشريفة وبحت الأصوات الوطنية من كثر الحديث حوله ألا وهو إنقاذ الوطن من الإصرار على رفض كل النداءات والنصائح وكذا أهمية إقرار الحقائق وأهمها أن الوحدة ليست ضماً أو إلحاقاً وإنما هي شراكة متساوية بين أبناء شطري اليمن وأن نظام المركزية غير عملي وأن ثورة سبتمبر عنوان لرفض الشعب حكم الفرد والأسرة الواحدة وأن ثورة أكتوبر عنوان لرفض الاستعمار سواء كان أجنبيا أو محليا. ولطالما احتفل الوطن بمناسبات هامة في ظل أجواء غير ملائمة فإن الأمل أن يكون عام 2010م والذي يصادف الذكرى العشرين لقيام الدولة الاندماجية فرصة للجميع وفي مقدمتهم السلطة الحاكمة أن يخطوا خطوة إلى الوراء وخطوتان إلى الأمام وذلك بالاعتراف بعدم نضوج الواقع للدولة الاندماجية التي خلقت ثقافات ومناخات غريبة على أبناء الوطن الموحد، والعمل على سرعة التغيير لبناء دولة تندرج مراحلها من الفيدرالية بين الشطرين الموحدين إلى أن يتحقق الاندماج الشامل في العقود القادمة. وفي نفس الوقت الاعتراف أيضا بان المركزية خلقت ظلما وحرمانا في السلطة والثروة نتج عنه استئثار قلة عليها دون وجه حق ولهذا فإن الحكم المحلي كامل الصلاحيات للمحافظات يمثل الرديف الطبيعي للخطوة السابقة المتمثلة بالفيدرالية بين الشطرين. كما لا بد من إعادة صياغة أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر وفقا للرؤية أعلاه بأهداف تتناسب ليكون التغيير الحقيقي بثورة على النفس وتكون بمثابة الثورة الثالثة خاصة أن أهداف الثورتين لم تنجز الصورة المطلوبة لأسباب يعلمها عامة الشعب وفي مقدمتها ثقافة إلغاء الآخر السائدة. وبعودة سريعة لأهداف الثورة اليمنية نجد أن الهدف الأول رفض الشعب لحكم الفرد والأسرة والاستعمار الأجنبي وذلك لجشعهم غير المحدود للاستيلاء على الأرض والثروة وجعل أبنائها تابعين بين موال يقتات وخادم معدم وهذا ما لا يقبله أبناء الثورتين والوحدة ولن تقبله الأجيال القادمة، لهذا فإن تنفيذ هذا الهدف يمثل حلم أبناء جمهورية وليس مملكة أو مستعمرة.  كما أن الهدف الثاني للثورة اليمنية هو بناء جيش وطني يحفظ الوطن وأبناءه إلا أن تجربة الجمهورية في الشطرين والوحدة لا تتطابق مع ذلك، فقد استخدم الجيش والأمن لصالح الحاكم ضد معارضيه ولم ينجح في تأدية الدور المناط به وفقا للمصلحة الوطنية، ولهذا لا بد من بناء هذه المؤسسة لتكون حافظا ومدافعا عن السيادة وأبناء الوطن وأن لا تكون تابعا لمصالح الحاكم أو أي طرف آخر ويمثل هذا الهدف أهمية كبرىنتيجة التجارب العديدة في الكثير من الدول التي أقحمت هذه المؤسسة في صراعاتها الداخلية. كذلك الحال فإن ظاهرتي الفقر والجهل تمثلان الركيزتين الرئيستين لعدم القدرة على التغيير المنشود، لأن الفقر يخلق الولاءات والجهل يساهم في استمرارها ولأجل محاربة ظاهرة الولاءات والتي تمثل إحدى المراتب العليا للفساد فإن التركيز على التعليم سيسهم في تقليصها والتخلص منها، كذلك فإن خلق مناخات صحية لتنمية حقيقية سيسهم في تضييق طبقة الفقراء وتوسيع الطبقة الوسطى بحيث يكون التنافس الشريف وفقا للمعايير المطلوبة بديلا عن الولاءات التي لا تخلق بناة الأوطان.  كما أن ظاهرة الفساد بكل أشكالها والاستيلاء على الحق العام أو الخاص من دون وجه حق لا يمكن أن تمر دون معالجة منطقية، ولهذا فإن من أهداف الثورة الثالثة تصحيح أخطاء الماضي والحاضر وعليها أن تعيد الحق لأصحابه أو تعويضهم، ممن أممت ممتلكاتهم بقانون التأميم في الجنوب لا بد من إعادتها أو تعويضهم وفقا للمصلحة العامة طالما كانت خطوة التأميم ليست لمصالح شخصية. كما لا بد من استعادة وتصحيح كل ما تم الاستيلاء عليه او توزيعه بدون وجه حق أثناء التوزيع غير الطبيعي لأراضي وثروات الجنوب بصورة خاصة ومحافظات أخرى في شمال الوطن. ولا يمكن أن تبدأ مثل هذه الخطوة الهامة إلا بتحديد قوائم تبدأ بقائمة الواحد والأربعين وحراميا والذين يحتلون المرتبة الأولى في نهب خيرات الوطن بل وبجشعهم هذا ساهموا في تشويه صورة الشعارات الجميلة كالوحدة والجمهورية والثورة. ولا يختلف أحد أن من بين أهم منجزات الوحدة هي التعددية الحزبية التي لم ترق إلى مكانتها بسبب الثقافة السائدة للأحزاب القائمة في السلطة والمعارضة والتي لا تختلف في جوهرها ولهذا فإن التغيير الحقيقي يمكن أن يلمسه المواطن العادي متى ما رأى تغييرا في برامج الأحزاب السياسية عن بعضها البعض حول مجمل قضايا الوطن أو أن يظهر حزب أو أحزاب جديدة تتبنى إعادة صياغة أهداف الثورتين والوحدة في قالب جديد وفقا لرؤية وطنية وشفافية وتشرك القواعد معها في صياغته. كما أن دستور أي دولة يمثل المرجعية الرئاسة لكل القوى والأفراد ولهذا لا بد من إعادة صياغة دستور جديد يمثل المصالح الوطنية التي يتفق الجميع حولها كما لابد من إدراج المفاهيم الدقيقة في الدستور لأهم القضايا والأهداف سواء التي تناولناها أعلاه أو غيرها لتكون من الثوابت التي لا تتغير إلا بفقدان مضمونها وموافقة من أقرها. ولا يمكن لأي سلطة أو قوى بعينها أن تتخذ قرار اعتماد الدستور الذي لا يعتبر ملزما إلا إذا أقره أصحابه الحقيقيون وهم أبناء الوطن الموحد، أبناء شريكي الوحدة عبر استفتاء شعبي.  هذه الهموم وغيرها كانت ولا زالت وستظل إن لم تصح الضمائر وتتلاقى النفوس الصادقة ويبدأ العمل الجاد الذي يؤسس ثقافة جديدة لجيل مؤمن بأهداف الثورة الثالثة غير منقاد لمفاهيم مآسي الماضي والحاضر وقادر على تنبي ثقافة إشراك الجميع نحو مستقبل زاهر للأجيال القادمة.  نتمنى على الجميع استيعابها بروح صافية قبل أن نفقد كل شيء وأن يترسخ مبدأ التعاون والشراكة من أجل تجاوز الماضي والنظر إلى المستقبل بعينين لأن العين الواحدة منهما لاترى سوى زاويتها وكذا الاستماع بأذنين لأن الواحدة منهما لا تسمع سوى من هم بقربها.. فسبحان الله الذي خلق من كل عضو اثنين ليكملا بعضهما البعض ولتكن اليمن بشطريها نموذجاً لحكمة الخالق لبلد الإيمان. رسالة براءة الذمة هذه ليست موجهة للحاكم وحده بل للجميع، خاصة وأن الكثير من الرسائل قد وجهت للحاكم وقد حظيت بواحدة منها عام 2006م قبيل الانتخابات الرئاسية بعنوان (رسالة صادقة للرئيس القادم) عبر أشهر الصحف اليمنية التي نتمنى أن يأتي الفرج من عنده لعودتها بثوب أزهى وأقوى مما كانت عليه وهي صحيفتنا (الأيام) وهناك الكثيرون الذين وجهوا رسائلهم وما زالوا للحاكم عبر الصحف المختلفة أو من خلال وسائل السلطة المختلفة إلا أن الواقع اليوم يعكس عدم تأثيرها ولهذا لا بد من استيعاب واقع الحاكم اليوم الذي يحاط بعيون وآذان لا تعكس حقائق الأمور والنصيحة أن يعتمد على ما منحه الله قبل أن تعمى أو تصم حينها لا ينفع الندم. وعلى كل الأقلام والأصوات الشريفة والوطنية أن توجه رسائلها ليس للحاكم فحسب، بل ولكل القوى العاملة التي تتحمل المسئولية وأن لا يتوقعون أن هناك فرداً أو حزباً أو منطقة أو قبيلة واحدة قادرة على اتخاذ أي قرار لوحدها، نظرا لمتغيرات عدة محلية وإقليمية ودولية وعليهم أن يؤمنوا بأن النية تسبق العمل وأن وحدة الصفوف نحو الحق هي الركيزة الوحيدة للتغيير الواقعي لحياة كريمة بعيدة عن النفق المجهول الذي كثر الحديث حوله. اللهم لا نسألك رد القضاء ولكنا نسألك اللطف فيه.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign