الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    الاخبار /
كيف يمكن أن تسقط صنعاء ومدن أخرى؟

2017-02-26 21:00:59


 
كتب جمال عامر
بالتوازي مع استمرار "التحالف" بقيادة السعودية شن أعنف الغارات العشوائية وتقطيع أجزاء اليمن إلى أوصال عبر فتح مزيد من الجبهات في محافظات ومناطق حكمت أبناءها اتفاقات سلام، يتبدى عجز "المجلس السياسي" بما في ذلك حكومة ائتلاف صنعاء عن الانتقال إلى الدولة من خلال تفعيل مؤسساتها، وبالذات الأمنية والقضائية، وكذا إنهاء المزاوجة بينها وبين سلطة المشرفين و"اللجنة الثورية" التي لا زالت أكثر فاعلية من السلطات التشريعية والتنفيذية، وحتى السلطة السياسية، مع ما يفترض من كونها تمثل ائتلافاً تم دعمه شعبياً إلا أنها لا زالت مجرد صدى صوت لمواقف من تمثل، سواء "المؤتمر" أو "أنصار الله" اللذان يتصدران التعبير عن مجمل المواقف عبر قياداتهما العليا كل منهما على حدة، مع أن المنطقي هو أن يتم إخراج أي موقف عبر السلطة المؤتلفة (المجلس السياسي والحكومة) بما يمثلانه من تعبير أشمل عن إرادة الناس على الأقل الذين خرجوا في مظاهرات تأييد الاتفاق عليهما.
حرب "التحالف" المتجاوزة كل الأخلاق، ومنذ أكثر من عامين، لم تتمكن على الرغم من استنفاد كل إمكانياتها من تحقيق هدف الاقتراب لتهديد العاصمة صنعاء وكسر ما تمثله من سلطة سياسية وتنفيذية، ولذا يخلق النظام السعودي اليوم حروبه الجديدة في صعدة وذمار مثلما يجهز لها في محافظة إب، دون اعتبار لما يمكن أن يخلفه هذا الاحتراب من سفك دماء وإزهاق أرواح وتأسيس لثارات لن تنتهي.
وفي المقابل ـ وهو ما لا يمكن تحميل تبعاته على "التحالف" وتابعيه في الداخل ـ يمكن أن تحقق تجاوزات المتسلطين تحت لافتة "المسيرة القرآنية"، مع أن أغلبهم وافدون جدد، للمتربصين بصنعاء وغيرها من المدن ما لم يتمكن منه "التحالف" بكل إمكانياته المادية والعسكرية المهولة.
لا يمكن لأي عاقل أن يتجاهل الفجوة الهائلة بين ما بشر به قائد "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي، وهو يحرك مسار الجماهير في مظاهرات عارمة سبقت الإطاحة بسلطة هادي من تبشير بقيم العدل والمساواة والحرية وبين واقع ثبت مغايرته لوعود لم يتم تنفيذها، ليس عقب اجتياح صنعاء مباشرة، ولكن بعد أن تم إشهار الإعلان الدستوري، بدا كثيرون ممن حملوا لواء "المسيرة" إلى صنعاء يتحولون من التنافس على المغرم في سباق على الموت لنصرة قضيتهم من مواقعهم بصعدة إلى صراع محموم لإيجاد موطئ قدم في سلطة بحثاً عن المغنم في المدن التي تمت السيطرة عليها حيث أخذت بهؤلاء بعيداً عن توجيهات قائدهم الذي أبدى حسرته على سوء خاتمة رفاقه في أكثر من خطاب داخلي موجه إليهم. فشل "المجلس الأعلى" وحكومته ومجلس النواب في استعادة سلطة الدولة وإعلاء قيمة القانون
وبحسب ما أخبرني أحد قياديي "المسيرة" فإن عبد الملك الحوثي قال إنه وجه المغادرين إلى صنعاء بحمل "المسيرة القرآنية" معهم لتمثلها واقعاً، فإذا منهم من حمل معه "المسيرة" وترك القرآن في صعدة.
بالتأكيد فإن ظروف العدوان وحجم التآمر قد حد، أو حتى منع، من مساءلة الفاسدين الجدد، كما أن غياب القائد بعيداً عن مركز الحكم، وأكثر من ذلك كونه محاصراً ومطلوباً رأسه بمحاولات استهداف علنية كهدف أولي في حرب منفلتة وغير مقيدة بمعايير الحروب وضوابطها قد ساهم في هذا القدر من الانفلات والتمرد، ليس على القوانين والأنظمة فقط، ولكن على توجيهات القائد الأول التي يتم الالتفاف عليها لمبررات يتم اختلاقها.
ولذات الأسباب التي خلقتها المصالح فقد فشل "المجلس الأعلى" وحكومته ومجلس النواب في استعادة سلطة الدولة وإعلاء قيمة القانون الذي لا زال يتم سحقه بطريقة غير مسبوقة على الرغم من قسم رئيسي "المجلس السياسي" والحكومة على حماية الدستور والعمل وفقاً للقانون الذي يمكنهما القيام بما تقوم به اللجان غير الشرعية دون تعسف.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن هذه السلطات لم تتمكن من إحالة أي من المعتقلين بغض النظر عن التهم الموجهة إليهم إلى النيابات المختصة والقضاء، رغم كونه حق مكفول لهم دون مواربة، كما لم تتوقف الاعتقالات خارج القانون مع وجود أجهزة مختصة المفروض أنها صارت المعنية الوحيدة باتخاذ مثل هذه الاجراءات.
وفي حالات الفساد التي انتشرت فإنه لم يتم التحقيق في أي منها، مع أنها معززة بالوثائق والأرقام، ليظل الفساد هو المؤسسة الوحيدة التي صمدت في وجه أي تغيير ثوري، بل إنه تمت إعادة أساطين الفساد، حتى أولئك الذين كان قد تم إقصاؤهم في فترات تعود إلى نظام صالح، بل إن من هؤلاء من صار من منظري الفساد بأقبح صوره باسم "المسيرة القرآنية" وبحماية الثورة، وصار أحد هؤلاء وزيراً لأهم الوزارات السيادية.
وفي هذا السياق، أوقفت "اللجنة الثورية العليا" أثناء هيمنتها على الدولة استمرار التحقيق في عشرات من قضايا الفساد المستوفية الأدلة من عهود سابقة، وجديدة من عصر الثورة، بعضها كانت قيد الإحالة إلى القضاء، وبالذات في مجالات الغاز والنفط والتهرب الضريبي وغيرها مما قامت الهيئة القانونية للثورة بجمع الأدلة فيها وتحريكها، إلا أن النتيجة تمثلت بتجميد قضايا الفساد وحل الهيئة مع أنها كانت الكيان المدني الذي يستند إلى القانون ويحرك قضاياه عبر أجهزة النيابة والقضاء.
إن تجاوزات الداخل مهما كان شكلها أو نوعها وتحت أي مبرر ستكون أشد خطراً وأقوى تأثيراً من كل ترسانة العدوان وخططه. ولا يكفي التحجج بالعدوان لتمرير فساد هؤلاء مثلما تتوجب إعادة النظر بالتعامل مع الناس والشخصيات الاعتبارية التي يتم الدفع بها إلى الضفة الأخرى تحت وقع إهانتها فقط لأن مشرف مطلق الصلاحية يحاول فرض هيمنته على هذا أو ذاك دون أن ينزل الناس منازلهم.

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign