المبعوث الاممي يدعو لعدم ربط الحل السياسي في اليمن بقضايا اخرى        تعثر خطة الرد الاسرائيلي على ايران        اعتراف امريكي بريطاني بنجاح الهجمات اليمنية البحرية والجوية        صنعاء ,, انفجار اسطوانة غاز يتسبب باندلاع حريق هائل في سوق شعبي     
    كتابات /
حوار الرياض.. طائف لبنانية جديدة

19/03/2015 00:21:10


 
وضاح حسين المودَّع
دعوة للحوار بداخل العاصمة السعودية قدمها هادي بعد هروبه إلى عدن، دعوة قوبلت بالترحاب من الملك السعودي، وحتى اليوم أعلنت أطراف يمنية قبولها بالسفر إلى هناك، ماعدا حزب المؤتمر الذي لم يصدر عنه موقف رسمي حتى الآن، وكذا جماعة الحوثي التي صدر عن زعيمها تصريح يؤكد أن ثمة تواصلاً مع السلطات السعودية، لكنه لم يشر إلى موقف واضح من دعوة السفر إلى الرياض.
يأتي هذا والحوار الموفمبيكي الذي يديره بنعمر لم يتوقف من شهور، ويعلن يوميًّا عن جلسات بين نفس الأطراف التي يقال إنها تستعد للسفر إلى الرياض، بل كل يوم يتم تغيير أعضاء في الأحزاب المفاوضة في موفمبيك كالمؤتمر أو الإصلاح، هذا كله يجعل المواطن اليمني في حيرة، ما الذي يحدث؟.. هل يتحاور الساسة اليمنيون في صنعاء أم في الرياض؟، وإذا كانوا قد اتفقوا على السفر.. فما فائدة حوارهم في صنعاء الذي لم يتوقف، ولا يعلم تفاصيله الدقيقة؟!.
للتذكير لم يتوقف اليمن عن الدخول في مسلسل ممل من الحوارات منذ 4 سنوات، ومنذ دخل هذه الدوامة وكل حوار لا يفضي لأي استقرار، بل ينتج عنه حروب ومشكلات وأزمات وصراعات وتفتت للبلد وتدهور اقتصادي، رغم أن الساسة المتحاورين يصرحون بعد كل اتفاق يبرمونه أن نتائج حوارهم سينتج عنها الفردوس الأبدي لليمنيين، وكان بائعا الوهم لليمنيين، أي هادي وبنعمر، يصرحان بأن ما تم التوقيع عليه هو الحل السحري، وأنه معجزة، وأن العالم وقف مشدوهًا بالتجربة اليمنية.!!
يمكن بالتالي تأكيد أن أكثر الأشياء في اليمن هي: الأحزاب، والفقر ومؤتمرات الحوار، وتحوير أبيات أحمد مطر لتصير: في بلادي ثورة تدفن ثورة ..حوار يدفن حوارًا.. والهتافات تطيش.
لا ينظر الجميع للحوار باعتباره وسيلة للحل، وليس غاية بحد ذاته، وهنا المشكلة الحقيقية، كما لا يتم توصيف المشكلات التي يبحث اليمنيون عن حلها بشكل دقيق، ولا ينطق أحد بما يريده اليمنيون، جميعًا، من أي حوار ومن أي حاكم، وهي الفلسفة المختصرة للحياة، أي (الإطعام من الجوع، ثم الأمن من الخوف)، يتم الهروب بشكل دائم من المشكل الاقتصادي وإطعام الناس من الجوع، كما يتم الهروب من المشكل الأمني غالبًا، ليستعيض الساسة بمفردات أخرى (اليمن الجديد - الحرية - الديموقراطية - الثورة - الأقاليم - التوزيع العادل للسلطة والثروة - الانطلاق نحو المستقبل..إلخ).. لا أحد يتكلم عن الاقتصاد وعن الأمن كمتلازمتين تختصران كل مشاكلنا، ويتم القفز إلى عبارات الهذيان، سالفة الذكر، وغيرها..!
باختصار ساسة اليمن يتقنون - فقط - بيع الأوهام، ويتلذذون أكثر بالسفر كل يوم في مدينة بزعم التحاور.!!
مع تواتر أخبار انعقاد مؤتمر الرياض (وإنْ كنتُ شخصياً غير متيقن من إمكانية انعقاده)، لا بد من تذكير اليمنيين وجارتهم السعودية بمجموعة من التساؤلات التي تتكرر منذ 2011، وبالذات منذ التوقيع على المبادرة الخليجية، بدءًا من سؤال: هل الحوار غاية أم وسيلة؟، وما الغاية التي يريدها اليمنيون من استمرار مسلسل الحوارات التي تنتهي بعد شهور بالحروب؟، ثم هل المهم هو الحوار والدخول فيه والتوقيع على اتفاقيات، أم الأهم هو تنفيذ تلك الاتفاقات؟.. يلي ذلك التساؤل الأهم: من الذي أفشل الاتفاق الانتقالي الأول، أي المبادرة الخليجية، وهل التزم عبدربه منصور بمدة المبادرة الخليجية التي قيل إنها زمنت بدقة كل التفاصيل لتنتهي في 21 فبراير 2014 بانتخابات رئاسية جديدة؟.. وهل كان كل ما نعيشه اليوم في اليمن من فوضى نتاجًا طبيعيًّا لترك تنفيذ الانتقال السياسي عبر الانتخابات الخيار الأقل كلفة على اليمن؟.. وهل تستطيع دول الخليج بمؤتمر الرياض الجديد أن تفكك المشكلات التي نتجت عن رئيس كذاب، كذب عليها بعد أن كذب على شعبه، فسبّب لليمن كل هذه الفوضى؟.. وهل يمكن تغيير الوقائع على الأرض في اليمن عبر التوقيع على أوراق واتفاقات لا يمكن تطبيقها، ولا يوجد أي ضامن لتنفيذها؟.. وهل ستقبل الأطراف المسيطرة على الأرض؟.
الأسئلة لا يمكن حصرها، ويمكن اختصار المقال بسؤال واحد: هل سيحل مؤتمر الحوار في الرياض مشكلات الحوارات السابقة، أم أنه سيصفّر عداد المشكلات لتبدأ بعده المشكلات بوتيرة أعلى؟.
أخشى أن يتحول مؤتمر الرياض إلى اتفاقية طائف جديدة ما زال اللبنانيون يعيشون جحيمها بعدما قيل إنها أوقفت الحرب الأهلية اللبنانية.. حذارِ من "طائف" يمنية لن تصبح اليمن بعدها سوى قطعة من الجحيم.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign