صنعاء تشن عمليات هجومية ضد سقناً امريكية واسرائيلية في خليح عدن والمحيط الهندي        صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم      
    تقارير /
دعوة الإصلاح للحوار ضمن مشروع أم رسالة تحذير
كسر اليدومي لحاجز العِداء مع صالح قرار ذكي أوجبه مقاومة إقصاء حزبه من الحياة السياسية

21/01/2015 21:21:50


 
الوسط ــ تقارير خاصة

يبدو أن المؤشرات قد بدأت بالتحول إلى بلورة باتجاه تجاوز عِداء استحكم منذ أزمة 2011، التي انتهت بتوافق على ترك الرئيس للسلطة وتسليمها لنائبه.. ومثّلت دعوة رئيس الهيئة العليا للإصلاح لإجراء حوار جاد بين مختلف الفرقاء السياسيين، متجاوزًا حساسية الاعتراف بكون صالح ما زال فاعلاً سياسيًّا كرئيس للمؤتمر، خطوة شجاعة امتدت خارج مربع العِداء الذي فرضته ضغائن لا علاقة لها بالفعل السياسي بقدر ما هو رضوخ لضغط من خرجوا مع ثورة فبراير، وبالذات بعد ما حصل من تعبئة للشارع ضد رموز النظام السابق.
استدعاء اليدومي لمقولة صالح لا يمكن نزعها عن محاولته لكسر حاجز ظل يكبر وتوطئة لتقارب محتمل يسعى اليه الإصلاح مع المؤتمر، الذي طالما اشترطت قياداته أن يكون أي تقارب بمعزل عن رئيسه.
في هذه المساحة كتب مقالاً تحليليًّا عن تحالفات جديدة ستظهر في ظل فرز مغاير للسابق، فرضته متغيرات ومصالح جديدة، صبت جميعها ضد الإصلاح، وفي هذه الحالة تصبح من أولويات رئيس أي حزب أن يقاوم محاولة عزل حزبه بغرض إضعافه تمهيدًا لإقصائه، وبالذات بعد أن تجاوزت حالة الفتور بين أحزاب المشترك إلى التفكك.
ـ الحزب الاشتراكي أعلن عبر أمينه العام السابق إنهاء المشترك أثناء مؤتمره العام، باحثًا عن تحالف مع التجمع الوحدوي باعتبار التربة الفكرية المشتركة والمنطلق الواحد.
ـ الرئيس هو الآخر لم يقف عند حدود القطيعة، إذ تجاوزها إلى التآمر، وبالذات بعد محنة الإخوان المسلمين في مصر، ووضعهم في قائمة المنظمات الإرهابية من قِبل السعودية والإمارات، حيث سعى إلى عقد تحالفات مع القوى الصاعدة (الحوثيين) كأمر فرضته موجبات القوة.. إلا أنه، ومع ذلك، لا يُمكن القفز على أخطاء سياسية عميقة انتهجها الإصلاح تحت دواعٍ مختلفة أدت إلى تراجع شعبيته على مستوى الشارع، ومنها:
ـ استمرار التحالف مع العسكريين ومجموعة المشايخ، ممثلين بأولاد الشيخ الذين مثلوا عبئًا سياسيًّا بسبب ممارساتهم التي لا تتوافق والقيم التي يمكن أن تمثّلها مخرجات أيّة ثورة شعبية، ومع ذلك تعامل معها الحزب كواقع يتوجب التعاطي معه.. وأكثر من ذلك قام بالدفاع عنها عَلنًا على المستوى الإعلامي، وعبْر كوادره.
ـ سياسة الاصلاح وخطابه الاستعلائي مع وصول الإخوان للحكم في مصر، والنهج الإقصائي الذي مارسه على مستوى الوظيفة العامة واضطراره لمداهنة الخارج بعد سقوطه حتى لا يضيف أعداء دوليين، بما في ذلك تأييده لقضايا تمس السيادة الوطنية، كما حصل من ترحيب وتبنٍّ لوضع اليمن تحت الوصاية الدولية نكاية بخصومه، وإرضاءً للرئيس باعتبار أنه سيكون واجهة الحكم الجديدة ليصبح سيفًا مسلطًا على الجميع، بما فيهم قادة الإصلاح أنفسهم.
ما سبق ليس محاكمة للإصلاح بأثر رجعي بقدر ما هو ضرورة للتذكير بعدد من العوامل التي أوصلته إلى هذا الحال، وأيضًا للتأكيد على صوابية دعوة اليدومي في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي توجب عدم الاستسلام لهكذا ظروف، حتى لا تصبح - مع الوقت - واقعًا لا يمكن مبارحتها بسهولة، بما يعنيه من مقاومة لاندثار الحزب.
والسؤال الذي يطرح نفسه، مع كل ما سبق: بأيّة ذهنية جاءت دعوة اليدومي لطيّ الماضي والدخول في حوار جاد، وعمّا إنْ كانت هذه المبادرة ضمن مشروع أم مجرد رسالة تحذير لطرف هنا أو هناك؟..
سؤال مثل هذا تفرضه حساسية المرحلة، وعدم احتمالها اللعب على التكتيكات المرحلية، مع أن أغلب الظن أن الدعوة يغلب عليها الصدق الذي تحتمه المخاطر التي لن تتوقف على الأحزاب بقدر ما تتجاوزها إلى البلد بكامله، بما فيه من مدر وشجر، وهو اعتراف بكون صالح ما زال لاعبًا أساسيًّا في ملعب السياسة اليمني، وهو ما جعل اليدومي يستدعي مقولته - في منشور على صفحته بـ"الفيس بوك".. موضحًا: "أننا لا نزال نحفظ للرئيس السابق - مهما اختلفنا معه - كلمة أثبتت الأيام أن جميع المختلفين سياسيًّا في عالمنا الإسلامي بحاجة إلى العمل بها، وهي أن الناس يتقاتلون، ثم في نهاية الأمر يتحاورون، فلماذا لا يتحاورون بدلاً من أن يتقاتلون".
إلى ذلك، وفيما يدل على إمكانية إذابة الجليد الذي ظل يكبر بين المؤتمر والإصلاح فقد اعتبر الدكتور أبو بكر القربي - الأمين العام المساعد لقطاع الفكر والثقافة والإعلام - دعوة اليدومي: (اعتراف الأستاذ اليدومي بصدق مقولة الزعيم بأن الحوار هو الحل للخلافات، وليس العنف، يمثّل رغبة ودعوة للحوار، وعلى جميع الأطراف التقاطها والبدء به).
معتبرًا - في تغريدة على "تويتر" - (أن دعوة المؤتمر للمصالحة الوطنية تهدف إلى طيّ صفحة الماضي وبناء الثقة من أجل شراكة حقيقية في الحكم).. منوهًا - في هذا الصدد - إلى أن الشراكة دون مصالحة وثقة ستكون مهددة بالشكوك.
كما رحّب الأمين العام المساعد للمؤتمر ياسر العواضي بدعوة رئيس حزب الإصلاح، واعتبرها "خطوة إيجابية، وإن تأخرت عن موعدها"..
موضحًا - في تغريدة على "تويتر": "نرحب بأي قبول لدعوتنا للحوار، وإنْ تأخَّر، على قاعدة ثوابتنا، دولة وطنية ديمقراطية لا طائفية ولا مناطقية، مصالحة لا تستثني أحدًا، مواطنة متساوية، شراكة سياسية".
وقد انعكس مثل هذا الخطاب على القيادات الوسطية الشابة.. حيث قال محمد العلواني - عضو الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، ومدير موقع "الصحوة نت" التابع للحزب: إن حزبه "استشعر خطورة تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية وانعكاساتها على إسقاط الدولة".. مشيرًا إلى أن الدعوة تشمل جميع الأحزاب، وفي مقدمتها حزب المؤتمر، الذي يرأسه صالح.
وفي ردّه على سؤال عمّا إذا كانت الدعوة تشمل تقاربًا أو مصالحة مع صالح, قال العلواني: "إن الإصلاح يتعامل مع أحزاب وليس مع أشخاص".. واستبعد أن تؤثر خلافات الحزبين بشأن موقفهما مما حدث في 2011، وما إذا كانت ثورة أو أزمة على أي حوار قادم، بعد أن أصبحت الثورة الأم ممثلة بثورة 26 سبتمبر/ أيلول 1962، محاطة بمخاطر تُهدد نظامها الجمهوري والثوابت الوطنية الأخرى".
ما يؤخذ على كلمة اليدومي يتمثل في عدم قدرته على جعل هذه الدعوة شاملة؛ إذ لم يقاوم رغبته باستثناء جماعة "أنصار الله" حين عرض بها، ما جعل دعوته تبدو وكأنها اجترار لدعوات اصطفاف سابقة ضدهم، وهو ما يثير شكوكًا من كونها غير مسنودة بمشروع وطني يتفق الناس ويختلف حوله، وبالذات بعد أن لم يعد من الممكن تجاوز مَن هم قد أصبحوا اليوم الطرف الرئيس المعادل لأيّة مصالحة يُراد إنجاحها.
اليدومي قدّم الحوثيين - دون أن يسمّيهم - كطرفٍ متهم ومشكوك في شرعيته، باعتبارهم خارج إطار الشرعية، مع أن مقتضى أيّة دعوة لحوار جِدّي لا بد أن تكون خالية من الاتهامية والإقصاء، وإنْ بالإشارة، كما وردت حين اتهم أطرافًا بالسعي إلى اتساع رقعة الإفقار الشامل بهدف جرّ المواطنين إلى العنف، وتدمير كل ما تبقى للناس من أمل في الحياة الحرة والكريمة.
هذا التحامل ضد طرف بعينه، بينما هو يدعو الجميع إلى إدراك أنه لا يزال بالإمكان التحكّم بالأمور وتوجيهها للصالح العام قبل أن تنزلق إلى سوريا أخرى أو عراق آخر، يتعارض مع ما ختم به حديثه من أن
حلّ المعضلات السياسية يمكن الوصول إلى حلول لها قبل فوات الأوان، وقبل أن يصبح الندم لا معنى له.. إلا أنه مع ذلك كله فإن دعوة اليدومي حرّكت مياهًا راكدة، ويمكن أن تُمثّل أرضية يتم البناء عليها في حال ما تم جعْل الحوار مفتوحًا وغير مقيد.
عنوان:
ما يؤخذ على كلمة اليدومي هو عدم قدرته على جعل هذه الدعوة شاملة دون أن يعرض بطرف جماعة "أنصار الله" حتى لا تبدو دعوته وكأنها اجترار لدعوات اصطفاف سابق
/

 

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign