امريكا تقر بصعوبة المعركة في خليج عدن ,, وتتحدث عن اشتباك بحري واسع        انسحاب مذل لحاملة الطائرات الامريكية " ايزنهاور من البحر الأحمر        صنعاء تشن عمليات هجومية ضد سقناً امريكية واسرائيلية في خليح عدن والمحيط الهندي        صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية      
    تقارير /
خيارات محافظة إب إذ تنحصر بين ميليشيات مسلحة ودولة عاجزة ورئيس مغيّب

22/10/2014 19:11:13


 
كتب/ جمال عامر
يُراد لمدينة إب أن تكون ساحة صراع لطرفيه الشرعيين (الحوثيون والإصلاح)، ومعهم القاعدة والسلفيين لكي يؤكد الأول قدرته على اختراق محافظة تُعد خارج الجغرافية الزيدية، بينما يريد الثاني ومن معه كسر هذه القدرة لإثبات منعته، وقبل ذلك تمثيله للمحافظات ذات المذهب الشافعي في استعادة لفرز مذهبي كان قد انتهى حين قرر الإمام يحيى - رحمه الله - ضم مناطق زيدية كـ يريم والرضمة إلى اليمن الأسفل الشافعي آنذاك لكسر حدة التمايز المذهبي، وظل أبناء إب وعلماؤها على مذهبهم حتى اليوم، ولم يُقسر أحد ليكون زيديًّا..
مثل هذا الاستدعاء القبيح جاء مع الحشود المسلحة والاستخدام الرخيص للدين لإيجاد شرعية لحشد وقود للصراع من أجل الوصول إلى السلطة وإحكام قبضتهم عليها،
إلا أنه وبالمقابل فقد ظهر الحوثيون غير مدركين أو آبهين بحساسية أن تُرسل صعدة قائدًا ومشرفًا لمحافظة كـ إب ليقوم بنشر مسلحيه على مداخل المحافظة وشوارعها، ولم تستثنِ مكاتبها الحكومية.
لقد تم كل ذلك بعد لقاء عاجل لهذا القائد وعدد من مرافقيه مع المحافظ الذي بدا حائرًا بين اتخاذه قرار يحاكي فيه أمثاله في محافظات عدة، بينما يمنع من تنفيذه وجود قوة موجودة ستقاوم حضورًا مهددًا لوجودها كهذا.. وبين تحفُّظه على واقع جديد يُراد فرضه بشرعية ثورية مسنودة بملحق أمني تم التوافق عليه في المركز، بينما يعوزه أي سند للرفض وإنْ بقرار يمكن أن يهتدي به من قيادته العليا، وهي التي أضاعت ما هو أهم من مجرد محافظة لا تمثّل استراتيجية الحديدة أو صنعاء..
في اجتماع المشرف المعيّن على إب من صعدة أبو محمد الطاووس مع قيادة السلطة المحلية لم يناقش في لقائه القصير معها بقدر ما أصدر توجيهات بما هو مطلوب منها تنفيذه، ويتمثل بإرجاع الأسعار إلى سابق عهدها قبل زيادة أسعار المشتقات النفطية، إصلاح الكهرباء، إبعاد مدير الأمن المتسبب بالانفلات الأمني، وقبل أن تسمع الرد أضاف: إذا لم تنفَّذ هذه المطالب سوف ننفذها بأنفسنا خلال ربع ساعة، وهو ما تم عقب ذلك حين انتشرت عناصرهم المسلحة لتطال المدينة بكاملها قبل أن يؤكدوا للمحافظ يحيى الإرياني من أنهم سيكونون مساعدين للسلطة المحلية، وهو رد على سؤاله لهم عما إن كانوا فوق السلطة المحلية أو مُوازين لها.
حين أخبرني أحد الوكلاء، وهو صديق، بفحوى ما دار في هذه الجلسة القصيرة العاصفة تذكرتُ بالمناسبة حادثة مشابهة، إلا أنها وبالمقارنة بدت أكثر حصافة وأرقى في التعامل بحسب ما يقتضيه أدب التخاطب مع سلطة المحافظة الشرعية.. وكان تصادف وجودي قُبيل عيد الأضحى في مقيل محافظ محافظة حجة علي بن علي القيسي، وهو صديق قديم، كان حاضرًا فيه عدد من القيادات السياسية والميدانية لأنصار الله بغرض الطرح عليه وعلى الوكيل الأول الشيخ فهد دهشوش كيف يمكن أن يجعلوا أبناء حجة يلمسون على الواقع النفع الذي عاد به إسقاط الثوار لثلثي الزيادة التي طالت المشتقات النفطية من خلال انعكاس ذلك على الأسعار التي يجب أن تعود كما كانت، وبالذات
ما يخص الخبز والغاز وإيجار السيارات، وأرجع مدير الصناعة والتجارة الذي كان حاضرًا السبب إلى رفض التجار الاستجابة لقائمة الأسعار المخفضة، وعدم قيام الأجهزة المختصة بواجبها في المراقبة، وتم الاتفاق عقب ذلك بأن يشارك أفراد من أنصار الله جنود الأمن بمهمة المراقبة وضبط من يخل بالتسعيرة التي أقرها مكتب التجارة وتسليمه للدائرة المعنية، وانتهى الأمر بما حفظ للسلطة اعتبارها وجنّب المحافظة الاقتتال في ظل عدم وجود خيارات بديلة،
وبالعودة إلى إب التي تُمثّل ربما خصوصية لم تراعَ، وحساسية تم القفز عليها؛ باعتبار أن المحافظة أو معظمها، وإنْ كانت تعاني من الفساد والتهميش، إلا أنها في نفس الوقت تنسب معاناتها إلى المتسلطين القادمين من المركز، وهذا أولاً، ثم ما يمثله تواجد الإصلاح والسلفيين والقاعدة في أكثر من مديرية قد تكون مغلقة عليهم، وهو ما سيُمثّل عاملاً للمواجهة، وهدمًا وتقسيمًا للمحافظة، وبالتالي مفسدة أكثر منه تحقيق مصلحة، وهذا ثانيًا، وبالتالي فإن التداعيات التي بدأت واقعًا على الأرض بتقاسم مديرياتها بين أطراف الصراع أمر كان متوقعًا، وإنْ لم يُعرْه أنصار الله التفاتًا.. ولكن - وهذا رأي - فإنه لا يمكن تحميل الحوثيين تبعات كل ما يجري باعتبار استنادهم على اتفاقات منحتهم صلاحيات كهذه، وبالتالي فإن ما حصل لم يكن ليحصل لو لم يحظر الرئيس غيابه في كل ما جرى ويجري، ليس في إب وحدها، ولكن في طول البلد وعرضها؛ إذ لم تكن استثناء حين لم ترد القيادة العليا على اتصالات
بالمحافظ في حينه، بل إنه وحين ردت كان عبر توجيه غير مفهوم، يقول: عليكم اتخاذ الإجراءات، هذا بعد أن انتشر الحوثيون يوم الأربعاء ليبدأ في اليوم الثاني تحرك الإصلاح والقيام بجمع القبائل واستثارة الناس ليشهد يوم الجمعة تجمعًا مسلحًا غير مسبوق تحت لافتة الدعوة لملتقى سلمي شارك فيه، بالإضافة إلى الإصلاح، السلفيون، وحينها كانت القاعدة قد بدأت الاستعداد لنفرتها من مديرية السدة عبر قائدها مأمون حاتم في موازاة إعلان القيادي الإصلاحي محمد الحزمي لتشكيل جيش السنة لمواجهة ما أسماهم الروافض، والقصد هنا إثارة استعداء السلفيين والقاعدة عليهم لتسجّل يوم السبت البداية الأولى للمواجهات حين حاول رئيس فرع إصلاح المخادر محسن الحطامي باجتياز نقطة السحول التي يسيطر عليها الحوثيون مع الشرطة العسكرية، وبرفقته عدد من السيارات المحملة بالمسلحين، وقُتل فيها عدد من الحوثيين، وجُرح عدد من الشرطة العسكرية لينتهي اليوم بسيطرة المسلحين الحوثيين على المناطق الاستراتيجية في المدينة، ومنها تبة حراثة الاستراتيجية الذي يقع فيها منزل مدير الأمن المحسوب على الإصلاح، والمتهم من قبلهم بقتل العميد حميد عنتر المحسوب عليهم في العام الماضي أو على الأقل التواطؤ في إخفاء القاتل.. وعلى أي حال فقد تم اقتحام المنزل بعد فرار المدير، إلا أن الغرابة تمثلت أنه وخلال ما كان يحدث من إزهاق للأرواح وإقلاق للسكينة فإن لجنة سياسية من الأحزاب، وبمشاركة الحوثيين، كانت تلتقي لتناقش كل ما هو فرعي وعارض بعيدًا عن الاقتراب من اتخاذ قرار واضح بإيقاف المواجهات، وكانت هناك بنود ستة تم التوافق عليها، أهمها الاتفاق على هدنة لمدة 24 ساعة اخترقها الإصلاح حين قام رئيس فرع يريم صالح بدير بقتل عدد من الحوثيين في المدينة كانوا على متن طقم، وتبعها رد قاسٍ انتهى بالاستيلاء على المدينة بشكل كامل بما فيه مقرات الإصلاح والدوائر الحكومية، وتفجير منزلين لـ بُدير
لتدخل بعد ذلك القاعدة كطرف فاعل كما حصل في العدين واستيلائها على مديرياتها الأربع، وكرديف جاهز للتدخل عبر تجمُّع آخر جاهز ومستعد بقيادة مأمون حاتم الذي اكتفى حتى الآن بإقامة مخيم في مديرية السدة، وإنشاء نقاط تفتيش
في سمارة بموازاة نقاط حوثية على مشارف يريم.
المعركة يبدو أنها لم تبدأ بعد إلا في حالة رضا أطراف الصراع كل بما تحت، وبحيث لن يكون أمام مواطني إب سوى الانتظار على أمل أن تصحو الدولة، إذ أنّ المقدمات لا تدل على أدنى شعور بالمسؤولية مع وضع ما بعد الانفجار الحاصل،
وللدلالة وحتى لا يطول الموضوع بأكثر مما قدّر له يمكن التركيز على نقاط من شأنها أن توضح هشاشة الوضع في محافظة إب.. إذ أصدر الرئيس توجيهًا ثانيًا إلى المحافظ قضى بإخراج الحوثيين، بينما اللواء 30 في ميتم واللواء 55 في يريم يرفضان التدخل لمواجهة الحوثيين، كما رفض أركان حرب المنطقة السادسة النزول إلى المحافظة حين كانت المواجهات في بداياتها..
رفضت الأطقم العسكرية التدخل لفك الحصار على مدير أمن العدين المحاصر من القاعدة، كما أن مخازن إدارة الأمن العام خالية من الذخائر والأسلحة بعد أن قام المدير السابق بنهبها وتوزيعها.
ـ الإصلاح ما زال يتوارى خلف من يسميهم القبائل حين يقاتل في الميدان بينما ينضم إلى الأحزاب لإثبات تبنيه الحوار السياسي، ولذا ما زال يرفض أن يكون طرفًا واضحًا في المواجهة، وهو ما استدعى ممثل الحوثثين في اللجنة فضل المطاع إلى مطالبة ممثلي الأحزاب بحضور من يمكن اعتباره طرفًا باعتبار أن كل حزب يتحدث كونه أقرب لمصلح اجتماعي محايد، بينما يتم يتواصل حشد المسلحين من داخل الحافظة وخارجها.
ـ فوضت الأحزاب أخيرًا بما فيه الإصلاح اللجنة الأمنية على تولي الاتفاق مع الحوثيين، فيما له علاقة بتولي حماية المدينة ومداخلها بعد أن توفرت الجهة التي ستقاتل دون أن يكون الإصلاحيون في الواجهة، وهو ما سيدخل المحافظة كلها في صراع لن تكتب له نهاية قريبة.

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign