صنعاء تشن عمليات هجومية ضد سقناً امريكية واسرائيلية في خليح عدن والمحيط الهندي        صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم      
    تقارير /
استعادة المؤتمر الشعبي من تسلط الفرد سيمثل خلقًا جديدًا يمكنه من فرض حضوره الوسطي بين أحزاب الأيديولوجيا

15/10/2014 16:08:25


 
الوسط - تقارير
المؤتمر الشعبي العام وبما يمثّله بقاؤه متماسكًا من ضرورة لعملية التوازن إلا أنه في المقابل يعيش أزمة إدارة قادرة على انتشاله من كم الإرباك الذي يعاني منها بسبب اختزال الحزب في شخص رئيسه علي عبدالله صالح الذي ما زال يديره بذهنية رئيس الدولة، وبذات الإدارة الفردية المتحكمة والمسيطرة..
بالتأكيد مثّل شخص صالح تماسكًا للحزب عقب خروجه من رئاسة الدولة ومحاولة الأحزاب الأخرى اجتثاثه، إلا أن ذلك يمكن أن يمثّل مرحلة لها ظروفها وطابعها الخاص لا سياسة ومنهج يسير عليه المؤتمر،
وهو ما يجعل من إعادة النظر في تكوينات الحزب وبقاء قياداته العليا والوسطية التي شاخت على رأسه
أمرًا ضروريًّا، ولا مناص منه، وهذا في حال ما كانت قياداته المُؤسِّسة والعتيقة تعلي من مصلحة بقاء الحزب واستمراره على أن يكون مجرد مظلة حامية لها من المساءلة، وللاحتفاظ بما يمكن أن يقدمه من مزايا تحافظ على الحضور الرسمي المحاط بهالة البروتكول المصاحب له..
كان لاستهداف الرئيس هادي لرئيس المؤتمر وبعقلية صبيانية أثر في التفاف عدد كبير من أعضاء العامة والمؤتمر حوله، كما أن من كان قد تم استقطابهم من قبل هادي ما لبثوا أن عادوا إلى صالح بسبب تعامل الأول الذي لا يستند لاتفاقات على قضايا واضحة، بالإضافة، وهو الأهم، حين أوكل أمر أي تفاهمات إلى نجله جلال، الذي لا يملك صفة أصلا، كما أنه يفتقر إلى الفهم والمنطق وحس البداهة في إدارة أي حوار ليس له علاقة بتصفية ثأرات
قديمة مع رموز النظام السابق في السلطة والمؤتمر.
صالح كان يمكن أن يستفيد من هذا الالتفاف لصالح المؤتمر وتوسيع عملية استقطابه وتفعيل أنشطته على مستوى فروع المحافظات والدوائر الأخرى، إلا أنه اختار أن يكرس مثل هذا الالتفاف البسيط نحو شخصه باعتباره ما زال ذلك الزعيم المحبوب والمهاب..
وفي هذا السياق احتكر كل اللقاءات مع المشايخ والشخصيات الاجتماعية في كل المحافظات وربطهم بشخصه كما كان يفعل وهو على قمة السلطة
أكثر من ذلك ظل هو المهيمن على التعبير عن سياسات الحزب ورؤاه في مختلف القضايا.. إلى حد إصدار بيانات باسم العامة يقرؤها أعضاؤها مثلهم مثل غيرهم من القراء في الوسائل الإعلامية المملوكة للحزب، ثم لا يملك هؤلاء غير الالتزام بالصمت لدواعي الاحترام والخوف من أن يتشظى الحزب..
المؤتمر الشعبي يحظى بحرص كثير ممن لا ينتمون إليه من مفكرين ومثقفين وأكاديميين، وآخرين يعتقدون أن بقاءه يمثّل عامل توازن مهم بين أحزاب قائمة على العقائد الإيديولوجية التي لا يتكئ عليها المؤتمر الذي اتخذ الوسطية القابلة للتعايش مع الغير، إلا أنه ومع ذلك فإن قناعة مثل هذه لا يمكن أن تستمر في ظل استمرار تجميد الحزب وإلحاقه معية شخص حتى وإن كان هو مؤسسه الأول الذي يفترض أن يحتفظ بهذه الصفة كدلالة اعتراف لا كقائد أبدي.
الجميع يريدون الانتماء إلى حزب له برنامجه ولوائحه الذي يحتكم إليها كل من انضوى في إطاره لا إلى شخص يديره وفق مزاجه وتقلبات أهوائه، وفي حقيقة الأمر لولا أن هناك قيادات شابة عملت على لملمة كثير من الأخطاء التي أفرزتها سياسة المزاج والتفرد ربما لكان حال المؤتمر أكثر بؤسًا مما هو عليه اليوم، وبالذات فيما له علاقة
بالجوانب التنظيمية وانتظام كوادره فيه الذي لم يلتفت حزبهم إليهم أو يتواصل معهم خلال السنوات الثلاث ما بعد الأزمة إلا من خلال الوسائل الإعلامية للحزب أو المناسبات العامة، وكلها تأتي من مشكاة رئيس المؤتمر..
كما أن سياسة التفرد أوجدت تفردًا مضادًا قاده رئيس الجمهورية، وهو ما خلق تضاربًا في اتخاذ قرارات تم نسبها للحزب وبعضها كانت تمثّل سياسة هادي، وبالذات في ما له علاقة بالحوار ومخرجاته، الذي كان الإرياني رأس الحربة فيه، وهو ما جعل اللجنة العامة تصحو أخيرًا لتصدر قرارها الذي أيضًا لم يخلُ من إرباك بسبب محاولته مسك العصا من الوسط..
إذ أكد بيان العامة اعتزازها وتقديرها الكبيرين لكل القيادات المؤتمرية المعينة بقرارات رئاسية في مختلف الهيئات واللجان الوطنية، وفي الوقت نفسه تؤكد - أيضًا - على أن ما يتخذه وما يتبناه بعض أعضاء تلك الهيئات واللجان الوطنية المنتمين للمؤتمر الشعبي العام من مواقف وقرارات لا تمثل الموقف الرسمي للمؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني وليست ملزمة له أيضًا، كونها صادرة من أعضاء لم ترشحهم اللجنة العامة كممثلين للمؤتمر، ونأمل من الجهات الرسمية والأحزاب والتنظيمات والقوى والأطراف الشريكة في العملية السياسية التعامل مع هذه القضية كموقف رسمي للمؤتمر الشعبي العام
كما شكلت اللجنة العامة وأحزاب التحالف لجانًا للفصل بين السلطة الرسمية والسلطة الحزبية والتنفيذية كما هو معمول في العالم الديمقراطي، بحيث لا يجوز الجمع والخلط بينهما.
إن عدم احترام القيادة الجماعية ومؤسسات الحزب وصلاحياتها يخلق عدم التزام مماثل يتعدى قيادات الصف الأول إلى غيرها، وهو ما يؤكد ما أشرنا إليه سابقًا، ويزيده يقينًا الاعترافات بالأخطاء التي ساقها القيادي المؤتمري الشيخ ياسر العواضي، وهو عضو لجنة عامة، والذي يعد البوح بها شجاعة حتى وإن جاءت متأخرة مشفوعة بأسباب قد يكون منها ما يحمل طابعًا خاصًّا..
وفي هذا الاتجاه اعترف العواضي بما له علاقة باتخاذ خيارات لها علاقة بمؤتمر الحوار ونتائجه، قال: إنها خاطئة وكارثية، ومع ذلك يلحق تبعاتها بشخصه لا باعتبار أنها تمثّل سياسة حزبه..
مشيرًا: (دفعتنا الآمال والمحاذير للمشاركة في أكبر خدعة وأكذوبة في تاريخنا السياسي وهي مؤتمر الموفمبيك وجلسات السفراء العشرة وحفلاتهم وابتسامات المكر)، (كان الأبرياء يعتقدون أن الموفمبيك كان المخلص رغم أنه كان الخطوة الثانية من ثلاث خطوات نحو الهاوية كانت أولها احتجاجات ربيع الخراب)، (ولكننا ظهرنا جبناء بعد عشرة أشهر من اكتشاف الحقيقة، ولم نتجرؤ على رفض صنم صنعناه بأيدينا وأكلناه)، (أما الغلطة والمخالفة الأخرى، وهي عظيمة رغم أنها أيضًا سوء تقدير وليست طمعًا أو حقدًا هي مشاركتي في لجنة الأقاليم الكارثية وقبولي بها رغم قناعتي ضدها)، (وستظل خطأ وغصة في قلبي وأعتبرها نقطة سوداء في تاريخي وسجلي)، (لست هنا حول الأقاليم كحدود، ولكن كفكرة، فإما محافظات وحكم محلي، أما إذا كانت أقاليم فهكذا مع تعديل بسيط رغم قناعتي بخطأ الأقلمة)، (كنت أعرف أنها تضر بهويتنا الثقافية وبوحدتنا الوطنية والاجتماعية، أما السياسية فلا تهمني إذا خسرنا ما قبلها، لكن سحر الأمل واحتمال الخطأ قادني في ذلك).. (ولا أعرف كم نحتاج من الصلوات والأدعية للتكفير عن مثل هذه الخطايا والأخطاء، والله المطلع أنها أخطاء عن حُسن نيه وليست لأهداف خبيثة).. (كانت حسن نية عند البعض وخوفًا من المصير، وحذرًا عند بعض، وتآمرًا أو هبالة أو عدم اكتراث لدى البعض، والله المطلع والعالم بالنوايا، أما أنا والله أمل وحسن نية).. (كنت عارف ومقتنع أن الأقاليم لا تصلح لليمن وهويته ورغم أني كنت مع نقل العاصمة السياسية لكني كنت متمسكًا بأن حكمًا محليًّا أفضل من الأقاليم بكثير).. (مقتنع أن اليمن الجديد لا ينفع إلا بالمحافظات وحكم محلي وبعاصمة سياسية جديدة يتوافق عليها اليمنيون فصنعاء عاصمة تاريخية، ولكن لا تصلح ليمن جديد)..
ويبرر العواضي مشاركته تلك الأخطاء بحساسية موقع رئيس الجمهورية ورئيس مؤتمر الحوار الوطني الرئيس عبدربه منصور هادي - موقعه في المؤتمر الشعبي العام كنائب أول لرئيس المؤتمر وأمين عام - وكذا الخوف من حماقات ثورجية 2011 ليخلص إلى إعلان تقديم استقالته من عضوية (هيئة الرقابة الوطنية للرقابة على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني)، والتي قال: إن فيها ضررًا كثيرًا، متمنيًا لزملائه التوفيق ثم يعطيها البعد الأخلاقي حين أضاف إليها سببًا إضافيًّا مثّل احتجاجًا على دماء اليمنيين المهدورة والدولة المسلوبة والأكذوبة الموعودة والوطنية المزعومة.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign