صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين        صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين        المبعوث الاممي يدعو لعدم ربط الحل السياسي في اليمن بقضايا اخرى        تعثر خطة الرد الاسرائيلي على ايران      
    كتابات /
مشروع الحركة الحوثية والطموحات الفارسية قراءة أولية

30/09/2014 18:00:09
د.ناصر محمد ناصر
قانون الطبيعة واحد لا يتغير : القوة لا توقفها أو توازنها إلا قوة مساوية لها في القدرة ومضادة لها في الاتجاه. وإذا لم يخلق اليمنيون هذه القوة فإن طموحات وتحركات الحوثي سوف تسير وتتطور طبقاً للمتوالية الرباعية التي تبدأ بتصفية القوى السياسية، مروراً بتصفية الوحدة والنظام الجمهوري، وتصفية وتجريف الطبقة السياسية والثقافية، وانتهاءً بتصفية الدولة السعودية. تُرى ما هي هذه المتوالية، وما هي أبعادها؟ السطور التالية تحاول الإجابة على هذا السؤال:
أولاً: تصفية القوى السياسية: إن دخول الحوثي في حكومة في ظل احتلال صنعاء ستجعل حزب الإصلاح أمام خيارين مرين لا ثالث لهما، إما الدخول في حكومة يهيمن عليها الحوثي ومن ثم خسارة ما تبقى له من رصيد شعبي، أو الانسحاب إلى المعارضة وبالتالي تسليم الرئيس هادي للحوثي وحده الذي سيجعل منه أداة لضرب أجنحة الإصلاح بحكم ضلوعها في الإرهاب والفساد، وهو ما يخشاه الحزب في ظل عدم وجود قوة داخل النظام توازن الحوثي وتؤمن له البقاء في المعارضة، وعليه فالإصلاح مخير بين الاحتراق مع سلطة هادي أو مواجهة التهميش والتصفية من قبل الحوثي تحت واجهة حكم هادي. وبما أن الإصلاح هو القوة الحزبية الوحيدة المنظمة والفاعلة في الساحة فإن غيابه يعني نهاية التعددية والحياة الحزبية في البلاد.
ثانياً: تصفية الوحدة والنظام الجمهوري: ترقبوا تطورات الأحداث خلال الشهور القادمة،إذا كان من أهداف الحوثي القضاء على الوحدة والنظام الجمهوري فإنه سيبقي على الأزمة السياسية مفتوحة وقائمة، وسيحبط مسار الدفع بالبلاد نحو إقرار الدستور وإجراء الانتخابات تحت مبررات منها: إعادة النظر في صياغة حدود الأقاليم، ولجنة صياغة الدستور، واللجنة العلياء للانتخابات، مما يتيح للحراك الجنوبي الإطباق على الجنوب، وعندها يصبح وجود هادي في قصر الرئاسة في صنعاء لا معنى له، والبديل الجاهز لاستلام السلطة وقتها هو الحوثي نفسه، بعد أن يكون هادي قد أدى المهمة المطلوبة منه بتحمل وزر الانفصال وحده. وهناك مواقف للحوثي لا يمكن أن نبني عليها حقائق ولكن يمكن أخذها كمؤشرات على سيره في هذا الاتجاه منها:
1-تجاهل وعدم إبداء رد فعل تجاه تشكيل المجلس العسكري من قبل الحراك في الجنوب، وتجاه استعداد قبائل حضرموت للإطباق على المحافظة، مع علمه المؤكد أن الجنوب في حالة انفصاله لن يكون موحداً فحضرموت لها طريقها الخاص.
2- تكرار رموزه الإعلامية لمقولات من قبيل أن حجم الشمال أكبر من حجم مملكة هولندا، وهو ما يعني عدم الحاجة إلى بقاء الجنوب في إطار الوحدة. والإشادة بالعدالة التي كانت سائدة في عهد بيت حميد الدين، على خلاف إجماع المؤرخين بوحشية وتخلف ذلك النظام.
4- تمركز مشروعية حركة الحوثي حول مقولة سياسية واحدة وهي مقولة البطنين، مما يعني أن هدف الحوثي البعيد هو حصر السلطة في البيت العلوي وحده.
وكل هذه مؤشرات تشي برغبة الحوثي في التفريط بالوحدة والقضاء على النظام الجمهوري، وليس بوسعنا نفيها واستبعادها ما لم نر ونسمع ما ينفيها قولاً وعملاً من قبل الحوثي نفسه.
ثالثاً: تجريف الطبقة السياسية والثقافية: يدرك الحوثي أنه حكمه لا يمكن أن يقوم ويستمر ما لم يقدم على تجريف الطبقة السياسية والثقافية في المجتمع، وما يغري الحوثي ومستشاريه الفرس هو أن هذه الطبقة في اليمن صغيرة ولم يعُد لها من سند دولي أو إقليمي، لا تُقارن بتلك التي كانت سائدة في إيران عشية إسقاط الملالي لحكم الشاه، والهدف من هذا التجريف اختزال العملية السياسية في معادلة ذات بعدين: قائد ملهم ذو قدسية مستمدة من ادعاءات سلالية ذات طبيعة اصطفائية، ومجتمع من الأتباع والرعاع. وسيترافق مع ضرب وتصفية وقمع وتهميش هذه الطبقة،إنْ حدث،إنجازات معقولة على صعيد القضاء على الفساد، وتحسين المستوى المعيشي للشعب، بهدف خلق قاعدة شعبية ومشروعية وحالة من الاستقرار الاقتصادي للنظام الجديد، وستترافق معها دعاية عمياء لا نهاية لها تتحدث عن قصور وأموال وأنفاق وسراديب على محسن الأحمر وعلي عبد الله صالح وحميد الأحمر، ومعامل الزنداني وحزب الإصلاح وجامعة الإيمان لتصنيع المتفجرات، فكل هذه قصص مثيرة ستنال إعجاب العقل اليمني خلال سنوات طويلة قادمة، فعلي عبدالله صالح ظل ينهب البلاد ويكرس مشروع التوريث طوال ثلاثين عاماً وسط تصفيق جماهيري حاد، تحت غطاء مقولات تدين النظام الملكي البائد وتتغنى بالثورة والوحدة والجمهورية والنظام الديمقراطي.
رابعاً: تقسيم الدولة السعودية: إذ لا يخفى على أحد أن من ضمن أهداف نظام الملالي في طهران منذ اليوم الأول لإمساكهم بالسلطة هو فصل الأماكن المقدسة في الحجاز عن السلطة الوهابية في نجدس. وبما أن النظام الملكي السعودي دخل مرحلة الشيخوخة دون حل مشكلة أيلولة السلطة ووراثة العرش في ظل دولة يتنازع حكمها نحو عشرة آلاف أمير، وبما أن أصغر أبناء الملك عبد العزيز وهو الأمير مقرن والمتوقع له خلافة الملك عبدالله يكاد يناهز السبعين من عمره، فإن من المتوقع أن تشهد العشرية القادمة، وهي النهاية المتوقعة لحكم مقرن، صراع مرير ومتفاقم على أيلولة السلطة، مما يعني أن وجود الحوثي كقوة مهيمنة في صنعاء يشكل حجر الزاوية في المشروع الإيراني نحو الدولة السعودية ومنطقة شبه الجزيرة والخليج بشكل عام. صحيح أن مثل هذا السناريو قد يبدو في الظرف الراهن ضرب من الخيال المحض، ولكن قبل عامين اثنين فقط وليس قبل عشر سنوات كان تصور سقوط صنعاء في يد الحوثي وإسقاط الجيش والدولة لا يُشكل ضرباً من الخيال فحسب وإنما يُشكل الخيال عينه. فلا تفاجئكم الأحداث.
د. ناصر محمد ناصر
28 سبتمبر 2014م




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign