صنعاء تشن عمليات هجومية ضد سقناً امريكية واسرائيلية في خليح عدن والمحيط الهندي        صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم      
    تقارير /
أزمة الدولة والحوثيون من أول صرخة إلى آخر طلقة

24/09/2014 17:24:55


 
تقرير - رشيد الحداد
شهد الأسبوع الأخير من الأزمة التي فجرها قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية بين الحوثيين والدولة تحولاً كبيرًا في مسار الأزمة التي ابتدأت بصرخة الحوثيين الرافضة للقرار وإعلان المجلس السياسي للجماعة الانحياز إلى الشعب اليمني، وانتهت بمواجهات مسلحة ابتدت من قرية القابل وانتهت بسقوط الفرقة الأولى مدرع وهروب اللواء علي محسن الأحمر، وتسلم معظم المقرات الحكومية في العاصمة صنعاء من قبل اللجان الشعبية التابعة للحوثي..
"الوسط" رصدت مسار الأزمة من أول صرخة إلى آخر طلقة.. إلى التفاصيل:
مرت الأزمة التي فجرها قرار رفع الدعم عن الوقود بعدد من المنعطفات على الأرض وفي أقل من شهرين مر المساران (السياسي والتصعيدي) في خطوط متساوية انتهت بمواجهات مسلحة وتسلم العاصمة صنعاء،
فعشر مبادرات سياسية قدمتها أحزاب ومكونات قبلية، وعشر مسيرات احتجاجية شهدتها صنعاء، وأربعة خطابات ألقاها زعيم الحوثي السيد عبدالملك الحوثي أعلن في آخر خطاب له التصعيد النهائي والمرحلة الحاسمة، الذي قال إنها لن تكون طويلة، وفي الوقت الذي أنهى المسار السياسي الأزمة إلا أن المسار التصعيدي الذي بدأ باعتصامات ومظاهرات انتهى بمواجهات مسلحة..

البدايات الانحياز إلى الشعب
في الثلاثين من يوليو الماضي، ثاني أيام عيد الفطر المبارك، يوم إعلان تنفيذ قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية أعلنت جماعة أنصار الله "الحوثيين" رفضها المطلق للقرار الحكومي، ووصفته - في بيان صادر عن المجلس السياسي لأنصار الله -القرار بالظالم، كما أعلن البيان انحياز أنصار الله إلى الشعب، ورفض أية جرعة تنال من كرامة المواطن، وآدمية الإنسان اليمني التي تتعرض لامتهان غير مسبوق حسب تعبير البيان.. وأهاب البيان بأبناء الشعب اليمني إلى مزيد من التكاتف والوحدة لمواجهة حكومة الفساد التي تنحدر بالبلاد إلى مستنقع الفقر والبطالة.
وأشار البيان إلى أن الحكومة تعلن بتنفيذ القرار رسمياً حرباً شعواء على الشعب، متنكرة لتضحياته الجسام إبان ثورة فبراير 2011 وأهدافه التي ناضل من أجلها لصنع مستقبل أفضل، وذكر البيان إلى أن زعيم الحوثيين حذر مسبقا من هذه الخطوة وخطورتها في خطابة بتاريخ العشرين من رمضان الماضي، حيث نبه السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي حكومة المحاصصة إلى عدم التضييق على الشعب، داعياً إلى جرعة على الفاسدين للحد من فسادهم وإنهاء احتكارهم لثروات البلاد.
مسيرة الإنذار
في الرابع من أغسطس أعلن الحوثيون تنظيم مسيرة مناهضة للقرار الحكومي متوعدين بالتصعيد، وخرج عشرات الآلاف من المناهضين للجرعة في العاصمة صنعاء ومحافظات تعز وإب والحديدة، إلا أن المظاهرات لم يكن لها صدى قويا حينها، واستمرت الحكومة في تطبيق الإجراءات التي أعلنتها للتخفيف من تداعيات القرار الحكومي، وكاد القرار أن يكون ساريا وسط صمت مجتمعي وحزبي باستثناء الحوثيين.
ورغم ذلك اعتبر السيد عبدالملك الحوثي المسيرة المناهضة للقرار بمثابة مسيرة الإنذار للحكومة، متهما الحكومة بتجاهل مسيرة الإنذار، كما وصفها، وعدم الاستماع لأصوات الآلاف من المطالبين بإسقاط الجرعة، معلناً خطوات تصعيدية شعبية لإقالة الحكومة وإسقاط الجرعة.
إعلان التصعيد
في السادس عشر من أغسطس دشن زعيم الحوثيين السيد عبدالملك الحوثي ثورة أغسطس في تاريخ 16 أغسطس، وعبر قناة المسيرة الحوثية ألقى خطاباً قوياً تعهد فيه بإسقاط حكومة الفساد ودعا الشعب إلى الالتفاف حول ثلاثة مطالب تمثلت بإسقاط الجرعة وتغيير حكومة كفاءات وطنية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وأعلن تسيير مسيرات يومية، وأمهل في الخطاب الحكومة حتى الجمعة للتراجع عن قرارها.
وفي اليوم الثاني لإلقاء زعيم الحوثيين الخطاب بدأ التوافد على مداخل العاصمة ليبدأ على الأرض بترجمة خطابه إلى أفعال، حيث شهدت مداخل العاصمة صنعاء توافد الآلاف من عناصر الحوثي ومناصريه الذين قدموا من مختلف المحافظات المحيطة بالعاصمة صنعاء إلى مشارف العاصمة التي نصب فيها عشرات المخيمات في مداخل العاصمة الأربعة لاستقبال القادمين من محافظات (عمران، وصعدة، وصنعاء، وذمار، ومأرب، والجوف).
تموضع في منافذ العاصمة
تموضع الحوثيون في أربع منافذ استراتيجية للعاصمة صنعاء، وسعت إلى نصب عشرات المخيمات التي أعدتها نقاط تجمّع لأنصارها الوافدين من المناطق الريفية والقبائل المؤيدة لها، حيث نصبت مخيماتها في منطقة بيت انعم بهمدان التي تبعد عن منطقة شملان 10 كيلو، وتقع خلف معسكر الاستقبال الواقع في قاع همدان، كما يطلق عليه، والذي يتحكم بخط المحويت صنعاء، وتم نصب المخيم الثاني في منطقة الصباحة التي تقع في مديرية بني مطر، ويقع المخيم في القرب من سوق الأمان، والذي يتحكم بالطريق الاستراتيجي الحديدة - صنعاء، وتم نصب المخيم الثالث في شارع الـ 100 كما يطلق عليه، ويطلق عليه الحوثيون شارع "الرسول الأعظم"، ويقع في حزيز ويتحكم بطريق (تعز - صنعاء)،
وفي تاريخ 28 أغسطس أعلن الحوثيون استحداث رابع مخيم في مداخل العاصمة، ويقع في منطقة «الرحبة» بمديرية «بني الحارث» شمال العاصمة، وعلى بعد كيلومتر واحد عن مطار صنعاء وقاعدة الديلمي الجوية والمركز الرئيس للقوات الجوية والدفاع الجوي.
وأعلنت - الأسبوع الماضي - استحداث ثاني مخيم في منطقة ضلاع همدان في المنطقة الشمالية للعاصمة، ويقع على مقربة من معسكر الاستقبال شمال غرب العاصمة صنعاء.
تموضع الحوثيين داخل العاصمة
تسارع التصعيد الحوثي خلال أغسطس ومع بداية سبتمبر الجاري كان الحوثيون قد أعلنوا الانتقال إلى مرحلة التصعيد الثالثة والأخيرة، حسب ما أكد ذلك زعيم الحوثي السيد عبدالملك الحوثي، إلا أن الخطوة الأولى والثانية للحوثي، واللتين تمثلتا بمسيرات يومية من الأحد إلى الخميس في أول أسبوع للتصعيد تراجعت وتيرتها خلال الأسبوع الثاني مع انتهاء المهلة التي أعلنها الحوثيون للحكومة في منتصف أغسطس، واستطاع الحوثيون تحقيق مكسب في الأسبوع الثاني من التصعيد بتخفيض أسعار المشتقات النفطية 500 ريال عن الأسعار السابقة..
ومع انتهاء المهلة أعلن الحوثيون استحداث مخيم جديد في منطقة الحصبة، إلا أن مكان المخيم القريب من ثلاث وزارات حيوية، إلا أنه لم يكن مقلقًا للحكومة؛ كون موقعه خلف حديقة الثورة بالحصبة وفي شارع فرعي، وليس عامًا، وبعيدًا عن الوزارات، كما لم يقوموا بأية مضايقات لوزارات الداخلية والكهرباء والاتصالات خلال الأسابيع الأولى من نصب المخيم إلا أنهم استحدثوا مخيمًا آخر أمام الوزارات الثلاث في ظل ما اعتبرت بالخطوات المزعجة، وهو ما اعتبرته الحكومة قطعاً للشوارع العامة وشارع المطار الرئيس على وجه الخصوص، وحدثت مناوشات بين الحوثيين وقوات مكافحة الشغب التي تدخلت بعد منع الحوثيين الموظفين من مزاولة أعمالهم تنفيذًا لمرحلة العصيان المدني كإحدى وسائل الاحتجاجات السلمية، وسقط في المناوشات قتيلان وعشرات الجرحى إلا أن وساطة تدخلت، وحالت دون استمرار المواجهات بين الطرفين بعد التزام المعتصمين الحوثيين بعدم مضايقة الوزارات الثلاث أو منع الدخول والخروج إليها، وخلال الأسبوع الخامس من الاحتجاجات نفذ أنصار الحوثي خطوات تصعيد تمثلت بالعصيان المدني والنزول إلى الشوارع العامة لفترات محدودة ابتدأت بساعتين وتوقفت بأربع ساعات قبل حادثة رئاسة الوزراء، التي أودت نجم عنها قتلى وحرجى في أوساط المتظاهرين السلميين.
إلا أن فشل المساعي السياسية في التوصل إلى أي اتفاق، والتي أثرت على الحراك الشعبي داخل العاصمة دفعت بالحوثيين بإعلان الانتقال إلى تصعيد جديد في إطار المرحلة الثالثة ودعت اللجنة المنظمة للاعتصامات المشاركين إلى الاحتشاد قبل الأسبوع الماضي في ميدان التغيير بصنعاء دون تحديد، واتجهت المسيرة نحو رئاسة الحكومة، وهو ما تسبب بمصادمات مع قوات اللواء الرابع حماية، وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات من المتظاهرين، ولذات السبب احتشد المئات من المسلحين القبليين المؤيدين للاعتصامات الحوثية في حزيز، واتجهوا نحو العاصمة لفك حصار إخوانهم، إلا أنهم اشتبكوا مع معسكر السواد.
حرب صنعاء
الأسبوع الماضي استحدث الحوثيون مخيمًا في ضلاع همدان، إلا أن المخيم الذي لم يتجاوز الأربعة مخيمات، والتي نصبت من قبل أهالي ضلاع همدان أنفسهم للتعبير عن انضمامهم إلى اعتصامات الحوثيين قوبل بتذمر كبير من قبل بعض المحسوبين على اللواء علي محسن الأحمر، وخصوصًا من قِبل صالح عامر، اليد اليمنى والطولى للواء الأحمر في همدان، ومساعده الشخصي والمكلف بملف الأراضي والعقارات، وبدأت الثلاثاء الماضي شرارة المواجهات التي توقفت مساء الأحد بعد سقوط الفرقة الأولى مدرع سابقًا بيد الحوثيين، حيث هاجم أولاد صالح عامر الحوثيون أثناء ما كانوا يتناولون الفطور، ولاذوا بالفرار إلى منزلهم الواقع في حي العراسي في همدان لتتسع المواجهات، والتي سقطت فيها قرابة 16 قتيلاً من الجانبين، إلا أن رقعة المواجهات اتسعت من سوق همدان إلى قرية القابل برمتها وإلى المحجز، ووصلت شملان في ذات اليوم، وكادت أن تتوقف الأربعاء بعد الاتفاق على عدم إطلاق النار على أية جهة، إلا أن حادثة اعتداء على أحد المواطنين المؤيدين لأنصار الله في شملان من قبل مسلحي الفرقة الأولى مدرع كان البداية لحرب شاملة شهدتها العاصمة صنعاء لأكثر من 72 ساعة، وانتهت بسقوط الفرقة الأولى مدرع واستسلام أفراد وصف وضباط اللواء الرابع المرابط في التلفزيون والمتهم بقتل المتظاهرين السلميين في رئاسة الوزراء الأسبوع الماضي.
حرب الخميس الدامي
بعد ساعات من التهدئة في شملان وتوقف أصوات الانفجارات فوجئ سكان شملان ومذبح، ظهر الخميس، بعودة المواجهات واحتدامها وتوسعها، وفي ظرف ساعات تحولت عشرات المناطق إلى ساحات حرب مفتوحة بين الحوثيين وقوات الفرقة الأولى مدرع، فالمواجهات لم تنحصر في تبادل القصف المدفعي إلى تبة الشيخ صادق المطلة على جامعة الإيمان وعلى الفرقة الأولى مدرع سابقاً، بل اتسعت إلى الفرقة وإلى مقر اللواء الرابع المتمركز في التلفزيون الحكومي الواقع في نطاق مديرية بني الحارث.
مئات القذائف طالت تبة الشيخ صادق في تبادل القصف المدفعي، إلا أن الحوثيين تمددوا على الأرض واقتربوا أكثر من الفرقة وجامعة الإيمان التي كانت مستهدفة بسبب وجود مسلحين داخلها.
ما الذي حدث؟!
في الوقت الذي تحدثت المواقع الإخبارية عن المواجهات لم يُشر أحد منها إلى الأسباب التي أدت إلى التصعيد الجديد باستثناء موقع أنصار الله الحوثيين الذي أورد أسباب انهيار الأوضاع الخميس، وقال الموقع الرسمي للحوثيين، في مساء متأخر من يوم الخميس، إن الأسباب التي أدت إلى انفجار الأوضاع تمثلت باعتداء مجموعة مسلحة على منزل مواطن موالٍ لأنصار الله في شملان بعد الاتفاق مع من وصفهم الموقع بالمسلحين الإصلاحيين.. وأشار الموقع إلى أن مجموعة من مسلحي الإصلاح اعتدت صباح الأربعاء على منزل احد المواطنين في منطقة شملان بمختلف أنواع الأسلحة دون مراعاة أية حرمة للأطفال والنساء المتواجدين داخل المنزل ما أدى إلى مقتل صاحب المنزل، وهو ما دفع مسلحي الحوثي إلى الرد على العدوان، وقالت: إن فور تحرك مسلحي الحوثي باشر مسلحو الإصلاح الضرب من تبة صادق الأحمر - الكائنة في الجهة الشمالية الغربية للعاصمة صنعاء - على منازل المواطنين في شملان بشكل عشوائي لتتوسع دائرة المواجهات إلى محيط تبة الأحمر التي تعتبر ثكنة عسكرية كبيرة يتحصن فيها مسلحو الإصلاح حسب الرواية الحوثية.. وقال موقع أنصار الله: إن مسلحي الإصلاح وسعوا دائرة المواجهات لتشمل كلا من وادي البلس ووادي العميري ووادي الأعناب شمال العاصمة وحارة الطيارين وحارة الخانق وحارة السلام وحارة الكرامة وحارة المنيعي والتباب المطلة على سوق علي محسن الأحمر، إضافة إلى انتشار كبير لقوات من الفرقة الأولى مدرع سابقاً على طول شارع الستين لتصل الاشتباكات إلى شارع التلفزيون والحصبة داخل العاصمة صنعاء.
وقال الموقع الرسمي للحوثيين: إن النقاط العسكرية والأمنية المتواجدة في منطقة شملان لم تتدخل في الأحداث، واتهم الموقع حزب الإصلاح بإشراك أعداد كبيرة من أنصاره الذين كانوا قد توافدوا منذ فترة إلى العاصمة صنعاء من مختلف محافظات الجمهورية، وقاموا بالعديد من الاعتداءات على مواطنين ينتمون لأنصار الله في ظل صمت غريب من قبل الجهات الأمنية التي تقع على عاتقها مسؤولية حماية المواطنين.
الجمعة ساحة الحرب
بعد أن وصلت المواجهات الفرقة توقفت هيئة الاصطفاف الشعبي بالدعوة إلى الصلاة في الستين، ودعت اللجنة المنظمة لاعتصامات الحوثيين إلى الصلاة في شارع المطار، وتم بالفعل الصلاة في المطار رغم تصاعد الأحداث، وعدم توقف المواجهات المسلحة.
وشهدت الجمعة، منذ الصباح الباكر، مواجهات عنيفة امتدت إلى منطقة مذبح بعد تمركز الحوثيين في أكثر من منطقة كما انتقلت تبادل إطلاق النار بالأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى مواجهات مباشرة وحرب شوارع بين الحوثيين والفرقة الأولى مدرع، وتواصلت الأحداث الجمعة الماضية ولم تتوقف، بل اتسع نطاق المواجهات التي استخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة وفي مساء الجمعة.. أعلن مصدر حوثي عن سقوط وادي البلس ووادي العميري وحارة الطيارين وكليتين في الستين كان تمركز فيها مسلحو الإصلاح وحارة الخانق وحارة السلام وحارة الكرامة وحاره المنيعي وحارة وادي الأعناب وبيت عسكر زعيل والفلل الواقعة بالقرب من سوق علي محسن، وأكد المصدر أن مسلحين حوثيين انتشروا في شارع الستين وأمّنوا الطريق المؤدي إلى الستين في جولة عمران.. مؤكدًا أن المواجهات بين الحوثيين ومسلحي الإصلاح دارت في أحياء صوفان ومحيط التلفزيون، وتم الإعلان - في ذات اليوم - عن السيطرة على منطقة جدر بكاملها بعد رفض الشيخ/ ناجي جمعان تأييده مطالب الحوثيين، كما أعلن الحوثيون عن سقوط منزل عسكر زعيل، مدير مكتب علي محسن بيد الحوثيين..
وفي ذات السياق قال المصدر: إن مسلحي الجماعة سيطرة على تبة الحيارة المتاخمة لتبة التلفزيون بغرض إحكام السيطرة على الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان من ثلاث جهات بعد محاصرتها من جهتين، وتوقع مصدر في جماعة الحوثي أن يتم السيطرة في نفس الليلة على جامعة الإيمان.
وعقب إعلان وصول المبعوث الأممي جمال بن عمر توقفت المواجهات لساعات، إلا أنها عادت بقوة حتى صباح السبت.
جامعة الإيمان
الجمعة الماضية كانت جامعة الإيمان المستهدف الأول وبعدها الفرقة الأولى مدرع، إلا أن الجامعة والفرقة يقعان في نطاق جغرافي واحد، فسقوط الجامعة يعني سقوط الفرقة والعكس، ولكن سقوط الجامعة دون سقوط الفرقة سيتيح لقوات الفرقة مهاجمة الحوثيين، ولذلك كان إسقاط الفرقة أولا، إلا أن ما حدث أن الحوثيين تواصلوا مع عدد من قيادات جامعة الإيمان، قبل يوم السبت، وطالبوا بإخلاء المسلحين الذين قدموا إلى الجامعة من أكثر من مكان مقابل عدم تعرضها لأي أذى، وتم الاتفاق مساء الجمعة بين الحوثيين وقيادة الجامعة على إخلائها من أي مظاهر مسلحة، وهو ما تم بالفعل، حيث تم إخلاء كافة المسلحين من الجامعة.
مواجهات السبت
المواجهات المسلحة اشتدت صباح السبت، واتسع نطاقها إلى أماكن أخرى، فشارع مأرب وجولة آية وشارعي هائل والرباط والدائري دخلوا في نطاق المواجهات التي لم تتجاوز الفرقة الأولى مدرع ومحيطها، وظلت القوات المتمركزة في التلفزيون تقاوم رغم مواجهتها لضغط كبير من نيران اللجان الشعبية التابعة للحوثي، وفي مساء السبت انهارت واستسلمت، وأعلن أفرادها الانضمام إلى مطالب الحوثيين، وأعلن سقوط التلفزيون اليمني الذي انقطع بثه، وتم نقل البث إلى دائرة التوجيه المعنوي.
واشتدت المواجهات السبت وزادت وتيرتها لتنتقل إلى أحياء السنينة التي تحولت إلى ساحة حرب جديدة رغم قربها من منزل الرئيس هادي.
وعقب المغرب أعلن جمال بن عمر التوصل لاتفاق تسوية سياسية وأعقب ذلك هدوء حذر في المنطقة الشمالية للعاصمة، إلا أن ذلك الهدوء كان بداية لعاصفة حرب جارفة لم تشهدها العاصمة صنعاء منذ عام 1962م، فمواجهات صيف عام 2011م لم تكن بعنف مساء السبت، وفجر الأحد، ففي تمام الساعة الواحدة من فجر الأحد بدأت المواجهات المسلحة واتسع نطاقها إلى عدد من المناطق، إلا أنها تركزت على الفرقة الأولى مدرع بعد سقوط اللواء الرابع المرابط في التلفزيون بساعات.
حيث اتجهت عدد من المدرعات التابعة للجان الشعبية إلى القرب من الفرقة الأولى مدرع، وتم محاصرتها من ثلاثة اتجاهات، ولم يتبق لها إلا البوابة الغربية فقط، وبعد مواجهات هي الأعنف من نوعها، والتي كان يقودها اللواء علي محسن الأحمر شخصيا بالفرقة، وكان يقودها من جانب الحوثيين أبو يونس الشقيق الأصغر للسيد عبدالملك الحوثي.
وفي تمام الساعة الثالثة عصر سقطت الفرقة وفر اللواء علي محسن الأحمر إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في التحرير، إلا أن ضباط وصف وجنود القيادة العامة رفضوا فتح البوابة للواء علي محسن، وهو ما دفعة إلى إحداث فوضى فيها، ثم اتجه نحو التحرير مع عدد من الأطقم التي قامت بحراسته، وما علمناه أن مقر القيادة العامة للقوات المسلحة تعرض لعملية نهب من قبل مواطنين في الحي السكني، إلا أن وصول اللجان الشعبية أوقف عملية النهب، واستعادت المنهوبات فورا، وقامت بتأمين المقر.
سقوط نصف العاصمة في أربع ساعات
نعم سقطت نصف العاصمة بأربع ساعات فقط، وتسلمت اللجان الشعبية التابعة للحوثي عشرات المؤسسات الحكومية ابتداء بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة ومن ثم مقر مجلس النواب ومقر وزارة الشئون الاجتماعية، قطاع العمل والتوجيه المعنوي الذي أعلن تأييده للمطالب الثلاثة، كما تم تسلم البنك المركزي اليمني ومبنى الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، ووزارة الدفاع، وتسلمت اللجان الشعبية مطار صنعاء دون مواجهة.
وتسلم مسلحو الحوثي مقر إذاعة صنعاء ومقر رئاسة الحكومة ومبنى وزارة الخدمة المدنية والتأمينات، ومبنى أمانة العاصمة وكافة المباني الحكومية في العاصمة تم استلامها باستثناء البعض كوزارة المالية ودار الرئاسة والقصر الجمهوري في التحرير، كما أغلقت عدد من الشوارع العامة كميدان السبعين، وكذلك ميدان التحرير تم إغلاقه من أمام البنك المركزي، كما تم إغلاق عدد من الشوارع الفرعية أمس الأول الاثنين.
وفي تسارع أثار حالة من الارتباك لدى المراقبين والمواطنين اتسع الحوثيون في معظم شوارع العاصمة مما دفع بعدد من المراقبين إلى القول بأن صنعاء باتت تحت سيطرة الحوثيين بحكم الأمر الواقع.
وفي ذات السياق وجه اللواء عبده حسين الترب، وزير الداخلية، كافة منتسبي الوزارة بعدم الاحتكاك مع أنصار الله أو الدخول معهم في أي نوع من أنواع الخلافات، والتعاون معهم في توطيد دعائم الأمن والاستقرار، والحفاظ على الممتلكات العامة وحراسة المنشآت الحكومية، التي تعد ملكا لكل أبناء الشعب، واعتبار أنصار الله أصدقاء للشرطة، وبما يخدم المصلحة العامة للوطن.
منازل الكبار
سقطت عدد من منازل كبار المسؤولين الحزبيين أو آخرين في الدولة في يد أنصار الله الحوثيين، إلا أن الكثير منها لم تتعرض لأي أذى، ومنازل أخرى كمنزل علي محسن الأحمر في مذبح وفي حدة ومنزل الشيخ حميد الأحمر في حدة، التي سقطت في يد اللجان الشعبية، أمس الاثنين، كما لم يتم تفجير أي منزل من منازل عدد من القيادات الحزبية والعسكرية، وعلى رأسهم منزل رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي الذي وقع تحت نطاق سيطرة الحوثيين، إلا أنهم تبادلوا السلام مع حراسته ولم يقتحموا المنزل، وفي ذات السياق قال وزير الإعلام السابق علي العمراني: إن منزله الواقع تحت تبة الشيخ صادق سيطر عليه الحوثيون، ولم يأتِ أي تعقيب من الحوثيين عليه.
منزل توكل وقحطان يتم تسليمهما
وفي الوقت الذي قالت الناشطة: إن 12 حوثيًّا اقتحموا منزلها، إلا أن القيادي في أنصار الله علي البخيتي قال: توجهت صباح اليوم، أي أمس الأول الاثنين، إلى منزل الأخت توكل كرمان، الذي دخله بعض شباب أنصار الله بالأمس بهدف حمايته بسبب انتشار بعض العصابات التي تسعى لاقتحام بعض المنازل التابعة لشخصيات معروفة، ومن ثم يتم تحميل أنصار الله المسؤولية, وصلت المنزل الساعة الثامنة والنصف صباحاً، وأكد البخيتي: أن المنزل لم يتعرض لأي أذى، وأشار إلى أنه تم تسليمه مع قطعة سلاح كان أنصار الله الحوثيون قد أخذوها، وقدم اعتذاره لتوكل كرمان، وأكد مغادرة الحوثيين من المنزل فوراً..
وحول منزل القيادي في الإصلاح محمد قحطان قال البخيتي: إن مجموعة من أنصار الله تواجدت في منزل قحطان بعد مغادرة أسرته منه، وعند وصوله إلى المنزل سلم المبنى، وتم تسليم المنزل بأمانته لأولاد قحطان، وخرج شباب أنصار الله منه.
الوضع الإنساني
تسببت المواجهات التي دارت خلال الأيام الماضية بموجة نزوح كبير من مختلف الأحياء التي شهدت مواجهات عنيفة، والتي تحولت إلى مرمى للنيران، وتسببت تلك المواجهات بمقتل عدد من المواطنين الأبرياء في أحياء الجراف، وبالقرب من سوق علي محسن، وفي منطقة مذبح، كما أصيب عشرات المواطنين العزل بشظايا.
ووفق التوقعات الأولية فإن أكثر من 30 ألف مواطن نزحوا من مناطق المواجهات حتى مساء الأحد الماضي بسبب الضرب العشوائي واتساع نطاق المواجهات.
وشوهدت الآلاف من المواطنين في مذبح التي كانت تحتضن أكبر تجمع سكاني في المنطقة ومعظمهم من الفقراء، حيث أجبرت النيران معظم السكان إلى الفرار من منازلهم وسط الصراخ والعويل، كما أغمي على عدد من النساء من شدة الذعر والخوف.
وفي جولة استطلاعية لـ"الوسط"، صباح أمس الأول، في أحياء مذبح، لوحظ خلو حارات بأكملها من الساكنين، وهو ما نتج عنه وضع إنساني مأساوي.





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign