صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم        صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين      
    تقارير /
حينما تكون الهيئات واللجان مجرد أدوات للسلطة
قصور تفكير الأحزاب وأنانيتها وإسقاط الرئيس لفرص حل توفرت أوصلت إلى انسداد يهدد بالانفجار

10/09/2014 16:27:15


 
الوسط - تقارير

حتى نتمكن من فهم ما وصلت إليه الأوضاع اليوم من ضبابية وعدم وضوح رؤية يمكن أن تقود إلى حلّ
لا بد من عرض سريع لمجمل اجتماعات ولقاءات عالية المستوى، شكلت أساسًا لتناقضات لا تستقيم مع حجم الأزمة وخطورتها، بحيث أنتجت كل القرارات المرتبكة التي أوصلت الحال إلى ما هو عليه اليوم من انسداد يهدد بانفجار شامل،
مع أنه كان من الممكن تجاوز مثل هذا الانسداد والوصول إلى الحد الأدنى من التفاهمات التي تؤدي إلى حل الأزمة، الذي منع من حصوله أنانية قادة الأحزاب وانحصار تفكيرهم في المساحة الضيقة لمصالحهم الحزبية، باعتبار أن أي
موافقة على تخفيض الأسعار وحصول الشعب على مكاسب حزبية سيكون المستفيد منها جماعة أنصار الله وعبدالملك الحوثي الذي سيكرس شرعيته في تمثيل الناس، مما سيعزز حضوره الشعبي وامتداده على حساب أحزابهم التي ظهرت
مساندة لحكومتها في إقرار الجرعة، أما الرئيس فقد اعتبر في بداية الأمر، متكئًا على مظاهرات الإصلاح وصلاتهم في الستين، أن الموافقة على مطالب الحوثي فيه كسر لهيبته كرئيس والنيل من شعبيته.

حين قبل الحوثي بالتخفيض ورفض هادي
وفي هذا الخصوص أسقط الرئيس هادي فرصة للحل أثناء مفاوضة لجنته الحزبية للحوثيين حين طلبوا تخفيض السعر بما يساوي 800 ريال في كل من دبتي البنزين والديزل، وكان ممكن أن يوافق على الـ 500 إلا أنه، وحين اتصلت اللجنة بهادي، رفض بإصرار عن تنزيل ولو ريال واحد، مانحا أنصار الله سببا كافيا للتصعيد، وحتى حين وافق بعد ذلك على التخفيض تم تقديم هذا التخفيض باشتراطات لم تكن أبدا محل مباحثات بين الطرفين والقصد يعود إلى الانسحاب من عمران والجوف وتسليم الأسلحة ليلحق ذلك وقبله ومعه اجتماعات أمنية وعسكرية فيها استعراض للقوة وتهديدات واستقواء بالخارج، فيما على الأرض كان الناس هم الحاضرون.
وسنبدأ فقط من حيث انتهت الوساطة الأخيرة منذ ما بعد عودة اللجنة الرئاسية من صعدة، والذي بدت طرفًا ينضم للاصطفاف ضد أنصار الله، وهو ما تم التعبير عنه من خلال التصريحات التي سبقت تقديم التقرير إلى الاجتماع الموسع الذي تأخر لمرتين في محاولة لإيجاد حلول تمتص التصعيد الذي كان قد دعا إليه عبدالملك الحوثي للدخول
إلى المرحلة الثانية منه، وهو ما دعا السلطة لتشكيل عدد من اللجان والإضافة إليها كما حصل مع اللجنة الرئاسية.. وإضافة لجنة اقتصادية إليها لدراسة مقترحات الأحزاب السياسية التي قدمتها في مبادراتها لحل الأزمة، والتي تكونت من وزراء النفط والمالية والتخطيط ومحافظ البنك المركزي اليمني.
ومع تعدد هذه اللجان كان المشترك فيها أنها تناقش مقترحات تقدم بها الحوثي، ولكن بدون مشاركة من أنصار الله.. وكان آخرها مبادرة اللجنة الرئاسية التي سبقها دعوة من هيئة الاصطفاف الوطني للحكومة لتخفيض أسعار النفط والديزل، وهي محاولة للهروب من اعتبار أن تخفيض الجرعة هو استجابة للضغط الجماهيري الذي دعا إليه أنصار الله، وسعت السلطة والإصلاح - وفي حركة مكشوفة - لاستدعاء هيئة الاصطفاف الشعبي لحماية المكتسبات الوطنية، حيث تم إصدار بيان باسمها تدعو إلى إعادة النظر في الجرعة إلى حد أن التشابه في النقاط التي تقدمت بها الهيئة تصل حد التطابق مع ما تقدم به الحوثيون، مع أن بيانها الأول اقتصر على مطالبة الدولة بالمعالجات الاقتصادية والمعيشية العاجلة لرفع معاناة المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة، كما أن بيان المليونية التي دعت إليه خلا - أيضًا - من أي حديث عن خفض الجرعة، وكان أكثر وضوحًا في كون هذا الاصطفاف هو ضد الحوثيين، فيما هناك لجان تعمل على حل الأزمة.. حيث أشار البيان إلى أن مبادرة الاصطفاف الشعبي والوطني لحماية المكتسبات الوطنية تأتي من واقع الظروف الاستثنائية الحرجة التي تمر بها بلادنا، الأمر الذي يفرض على كل أبناء الوطن التلاحم والاصطفاف أمام هذه التحديات التي تهدد الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، وتكاد أن تعصف بالمكتسبات الوطنية التي ناضل من أجلها أحرار اليمن بإقامة نظامه الجمهوري وتحقيق الاستقلال واستعادة الوحدة اليمنية..
ودعا أبناء الشعب اليمني بمختلف مكوناته وفئاته للاصطفاف الشعبي والوطني لحماية المكتسبات الوطنية والوقوف في وجه العنف والإرهاب الذي يعيق البناء والانطلاق نحو المستقبل، ومساندة الجهود الرسمية الداعية لمزيد من التلاحم والاصطفاف الوطني.

إلا أنه وفيما يبدو وكأنه عودة مفاجئة للوعي فقد جاء في البيان الأخير للجنة عقب دعوة الحوثي للدخول في المرحلة الثالثة والأخيرة من التصعيد (رفض الاصطفاف الشعبي لأي إجراءات تضر بالمواطنين والاقتصاد الوطني)، وجددت مطالب الجماهير المشروعة بإعادة النظر في قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية التي أثقلت كاهلهم، وذلك من خلال القيام بمعالجات عاجلة تشمل إسقاط الكلفة الإضافية الزائدة عن السعر العالمي للمشتقات النفطية، محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين، استعادة الأموال المنهوبة، إنهاء الازدواج الوظيفي وإلغاء الأسماء الوهمية في الوظيفة العامة في القطاعين المدني والعسكري، القضاء على التهرب الضريبي والجمركي، فضلا عن اتخاذ إجراءات تقشفية وترشيد الإنفاق العام، وإنهاء الفساد المستشري في القطاع النفطي، واعتماد الشفافية في إدارته.
كما طالبت هيئة الاصطفاف الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ونصت على ذلك وثيقة الضمانات لمؤتمر الحوار الوطني على أساس الكفاءة والنزاهة والشراكة الوطنية، يكون من أولى مهامها المعالجات الاقتصادية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، والإشراف على الاستفتاء على الدستور والانتخابات القادمة، وتنفيذ النقاط الواحد والثلاثين.. مشددة في ذات الوقت على أهمية أن تضع برنامجا زمنيا محددا لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
وفي كذب فاضح قالت الهيئة: إن الاصطفاف الشعبي اصطفاف وطني طوعي مستقل جامع يساهم في بناء اليمن الجديد، لا ينتمي لحزب أو جماعة أو أشخاص، وليس موجهًا ضد حزب أو جماعة أو أشخاص، ويعمل في الوقت ذاته كأداة شعبية ضاغطة على الدولة ومؤسساتها المعنية وكافة القوى السياسية والاجتماعية للإسراع في تنفيذ مقررات الحوار الوطني الشامل، وإنجاز مشروع الدستور واستحقاقات الفترة الانتقالية رغم البند الحاضر دائمًا في أية مبادرات لها علاقة بالإصلاح، والتي تتمثل
بمطالبة جماعة الحوثي بسحب مجموعاته المسلحة من العاصمة صنعاء وما حولها، وتسليم المحافظات والمواقع التي يسيطر عليها للدولة، وإيقاف ما يقوم به من اعتداءات في بعض المحافظات.
والتشديد على ضرورة أن تتحمل الدولة مسؤولياتها في حماية الوطن والمواطنين وبسط نفوها على كافة التراب الوطني، ونزع سلاح المليشيات أيّ كانت، وهذه الفقرات ذاتها التي ذكرها البيان،
إلا أنه ومع ذلك، وكتعبير عن الإرباك، وبعد أن كان تم اعتبار بيان الهيئة بمثابة سبب للاجتماع الموسع الذي سيعقد برئاسة هادي، بحيث يتم تقديم التنازلات للهيئة، فقد تم تجاوز هذا البيان نهائيًّا ليستعاض عنه
بمبادرة صاغتها اللجنة الرئاسية، وتم التوقيع عليها بمنزل هادي في ساعة متأخرة من الليل دون أن تتم العودة إلى قيادة الأحزاب، وهو ما كان مقدمة لإرباك أكبر تم حصاده بعد التصويت على المبادرة من القاعة لتبدو المبادرة وكأنها قد ولدت ميتة بعد أن تنصل عن الموافقة عليها الأحزاب التي وقع عليها ممثلوها بما فيهم حزب الرئيس المؤتمر وكذا الإصلاح وسبقهم إلى ذلك الحوثيون الذين تم دعوتهم إلى التوقيع وكأنهم فقط مدعوون للاعتراف بالاصطفاف ضدهم وإدانتهم..
وفي هذا السياق من انعدام للرؤية حول حل الأزمة، وفي ما بدا من تعدد الاتجاهات التي تحاول معالجتها فقد تم إيفاد أمين العاصمة عبدالقادر هلال إلى عبدالملك الحوثي لمحاولة إقناعه بالحلول، فيما يفاجأ الاثنان بالموافقة على المبادرة الرئاسية التي تم تشكيلها من أسماء على غير وفاق مع أنصار الله، ومنهم عبدالملك المخلافي ويحيى منصور أبو اصبع على سبيل المثال..
نجاح المظاهرات أجبرت الأحزاب على استعادة وعيها
الإرباك الرئاسي يبدو أنه انعكس على الجميع؛ إذ بدت أحزاب المشترك في أول خروج جماهيري يطالب بإسقاط الحكومة والجرعة محبطة، حيث قدمت بدائل لإصلاح تأثير الجرعة، وحين تبدى لها أن أنصار الله سيبتلع الشارع، وبعد أن صار عبدالملك صوت الجائعين والمقهورين وملاذهم بدأت الأحزاب بتغيير مواقفها، وبدلا من إصلاح الأسعار راحت تدعو إلى تخفيض الجرعة، متبنية نقاط الحوثي بشكل أو بآخر، ومثّل التصعيد الأخير الذي وصل إلى شارع المطار عودة لوعي من ما زال يقاوم الاعتراف بحقيقة الأزمة التي وصلت إلى الأحزاب نفسها، وحتى لا يحسب أي تخفيض للجرعة لصالح أنصار الله دعا رئيس الدائرة الاقتصادية للتجمع اليمني للإصلاح، الدكتور محمد الأفندي، في منشور على صفحته بالفيسبوك: أن يتم تخفيض مبلغ ألف ريال من قيمة دبة البترول، وألف ريال من قيمة دبة الديزل، تحقيقاً لفكرة المسئولية الاجتماعية للدولة والحفاظ على مبدأ العدالة الاجتماعية، التي تستدعي مراجعة وتأملاً وتقييماً لمستوى حجم الجرعة الحالية.
وأوضح أن تنفيذ الجرعة السعرية الحالية وبهذا الحجم المرتفع، لم يكن إلا نتيجة الخلط والنظر إلى أسعار المشتقات النفطية مجرد مورد مالي، متجاوزاً فكرة المسؤولية الاجتماعية التي تهتم بنوعية الدعم أولاً.. مضيفاً: "ولذلك كان حجم هذه الجرعة مرتفعاً وفي مستوى يتجاوز طاقة الناس ولا تنسجم مع ظروفهم المعيشية والإنتاجية ولا تتسق مع مبدأ المرحلية والتدرج، ولم تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الحالة الاقتصادية التي يمر بها البلد في الفترة الانتقالية".
إلا انه ومع ذلك لم يُبدِ الإصلاح موقفًا رسميًّا من استمرار الجرعة من عدمها، تاركًا مهمة التصعيد لأدواته الأخرى..
ولكن في إطار الإرباك والتخبط الذي ازداد حدة بسبب عدم وضوح الرؤية ومحاولة استغلال الوضع بما يحقق تصفية الحسابات مع خصمه أنصار الله.. وبهذا الخصوص قدم ما يسمى مجلس شباب الثورة السلمية التابع للإصلاح رؤية، قال: إنها للحل مع أنها للتعقيد وإقصاء الحوثيين، وهو ما لا يجرؤ على قوله الإصلاح كحزب، وربما لهذا السبب بدت الرؤية مرتبكة؛ إذ طالبت في أحد بنودها بحكومة مستقلة بعيدة عن الأحزاب، يرأسها اقتصادي، فيما في بند آخر يطالب بحكومة محاصصة يستبعد منها الحوثيون، الرؤية أشارت إلى أن جوهر المشكلة العظيمة التي وصلت إليها البلاد، والتي تكاد تعصف بسلامها الاجتماعي وتقوض الدولة وتزج بالشعب في أتون حرب طائفية وأهلية متعددة يكمن في المحاصصة والتقاسم في الحكومة التوافقية بين أطراف متصارعة منقسمة لا تتوافق على شيء، فكانت النتيجة فشلا متعدد الأوجه، وعلى هذا طالب المجلس بتشكيل حكومة كفاءات خالصة، يتم اختيار أعضائها بناءً على معايير الكفاءة والنزاهة والتخصص والخبرة، دون أن تكون خاضعة للمحاصصة ولا التقاسم ولا تدخلات الأطراف السياسية، والسبب أن المحاصصة والتقاسم التي مارستها الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية مسؤولة عن أي فشل أو قصور في أداء الحكومة، وعن أي فساد زاولته.. بينما وفي البند الذي يليه دعا مجلس شباب الثورة نفسه الرئيس هادي إلى اختيار رئيس الحكومة ووزراء الوزارات السيادية المالية والدفاع والداخلية والخارجية، كما أن عليه بالتشاور مع المؤتمر والحراك الجنوبي وبقية المكونات لاختيار بقية أعضاء الحكومة من الأقوياء الأكفاء الأكثر مهارة ونزاهة، ممن يدينون بالولاء للحكومة وبرنامجها لا للمكونات التي تم التشاور معهم بشأن اختيارهم لعضوية الحكومة، كما أن عليه أن يتولى التشاور بخصوص المقاعد المحددة للتشاور بشأنها في عملية اختيارها مع جماعة الحوثي مع شركائهم من القوى السياسية بدلا عن مليشيات الحوثي.

الإرباك لم يكن بعيدًا عن المؤتمر الشعبي، حيث رفضت اللجنة العامة أهم بنودها المتمثلة بالتشكيل الحكومي وتخفيض أسعار مادتي البنزين والديزل.
وكشف بيان اللجنة العامة، الذي جاء عقب اجتماع لها برئاسة رئيس المؤتمر، عن الموقف الحقيقي للمؤتمر من المبادرة
التي تقدمت بها اللجنة الرئاسية الموفدة إلى صعدة، والذي يعتبر نقيضًا لما تم نشره في موقع "المؤتمر نت".
وأشار إلى تأييد المؤتمر للمبادرة والوقوف مع الرئيس لتنفيذها،
حيث جددت اللجنة العامة موقف المؤتمر الشعبي العام حول الأزمة الراهنة طبقاً لما ورد في المبادرة المقدمة من المؤتمر الشعبي العام وحلفائه في تاريخ 26 / 8 / 2014م، والتي أكدت تلك المبادرة إعلان معالجة موضوع الجرعة السعرية التي اتخذتها الحكومة من خلال إعادة النظر في الجرعة من خلال تحرير أسعار مادتي البترول والديزل طبقاً للسعر العالمي مع تحمّل الدولة التكاليف الداخلية مع تنفيذ منظومة متكاملة من الإجراءات والإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي تخفف الأعباء على المواطنين وتحسن أحوالهم المعيشية ومكافحة الفساد وتجفيف منابعه.
كما رفضت صيغة تشكيل الحكومة بحسب ما جاء في المبادرة الرئاسية التي منحت الرئيس حق احتكار الوزارات السيادية (الخارجية ـ الدفاع ـ المالية ـ الداخلية)..
وبهذا الخصوص أكدت اللجنة العامة بأن تشكيل الحكومة الجديد يجب أن يستند إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وإشراك (أنصار الله) و(الحراك) مع مراعاة القوى السياسية في ترشيحاتها تمثيل الشباب والمرأة.
وأكدت مجدداً أن المؤتمر الشعبي العام سيظل بعيداً عن الصراعات، ولن يقف مع طرف ضد طرف آخر.





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign