صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين        صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين        المبعوث الاممي يدعو لعدم ربط الحل السياسي في اليمن بقضايا اخرى        تعثر خطة الرد الاسرائيلي على ايران      
    تقارير /
هادي تحت نار الإصلاح والمتعاطفين معه
هزائم الإصلاح وحلفائه قلبت التوازن السياسي في صنعاء وأحدثت تحولات في التحالفات السياسية

26/07/2014 03:18:04


 
الوسط - تقارير
رنارند كارفائيل- فير أوبزرفر

اليمن في لمحة: المتمردون الحوثيون وانفصال الجنوب

يواصل الرئيس هادي مواجهة تحديات أمنية متزايدة وسط تنامي المتمردين الحوثيين والانفصاليين في الجنوب.

التحديات التي يفرضها متشددون اسلاميون هي من بين عدد لا يحصى من التهديدات التي تواجه استقرار اليمن. ، ومع ذلك، لا يزال الرئيس عبده ربه منصور هادي يواجه تحديات متصاعدة على جبهتين أخرىين: أحدها في محافظة عمران الشمالية والحركة الانفصالية الجنوبية الثابتة في مكانها.

وبالنظر إلى عملية الانتقال السياسي، الراسية في نتائج مؤتمر الحوار الوطني، الذي استمر طيلة عشرة أشهر وانتهى في شهر فبراير عام 2014، فإنها تستمر بالخروج عن مسارها بسبب الاشتباكات المسلحة واسعة النطاق بين الميليشيات القبلية الموالية لحزب الإصلاح الإسلامي السني، المدعومة من قبل اللواء 310 التابع للجيش، والمتمردين الزيديين-الشيعة في عمران.

من جهة أخرى، مع أن الرئيس هادي نجح بشكل كبير في الوصول إلى الناس في الجنوب، إلا أن جهوده في الحصول على دعم كامل لنظام فيدرالي لا تزال تواجه عرقلة من قبل قياديين على الأرض وفي المنفى، الذين يصممون على حل الدولتين.

التمرد الحوثي

إن الصراع الدائر بين الحوثيين، بقيادة عبد الملك بدر الدين الحوثي، و حزب الإصلاح هو أكثر تعقيدا بكثير من مجرد صراع طائفي. حيث تقع السياسة والثأر في صلب النزاع الذي طال أمده ويهدد بالاتساع ليشمل صنعاء، كما قد تمتدالاشتباكات إلى شوارع العاصمة.

إن الحوثيين- المتمردين الزيدية-الشيعة، الذين كثيرا ما اتهموا بتلقي مساعدات من ايران- قد أحكموا سيطرتهم على محافظة صعدة التي تقع شمال البلاد على الحدود مع المملكة العربية السعودية منذ مارس 2011 بموجب اتفاق جرى التفاوض بشانه مع الجنرال علي محسن الأحمر، رئيس قيادة المنطقة الشمالية الغربية.

تمتد المظالم الحوثية إلى فترة تعود إلى منتصف تسعينات القرن الماضي ونشأت عن التمييز الديني الملموس في ظل نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي منح المزيد من النفوذ للإصلاح في أعقاب الحرب الأهلية عام 1994.

ويمثل عبد الملك الحوثي، السيد أو سليل النبي محمد، أكثر من طموح أسرة لحكم الإمامة الزيدية، حيث تنظر إليه القبائل في صعدة والمحافظات المجاورة حجة و الجوف باعتباره وسيلة للتمرد ضد الحكومة اليمنية.

بعض العائلات المنتمية للسادة المقيمة خارج البلاد تقدم الدعم له من أجل معالجة المظالم التي طال أمدها والمتجذرة في ثورة 1962 التي أطاحت بالإمام الزيدي في الماضي.

وقد ركز الحوثيون في الآونة الأخيرة على مواجهة النفوذ الذي تمارسه شيوخ عائلة الأحمر في عمران، الذين هم أعضاء في تنظيم التجمع اليمني للإصلاح، فضلا عن عناصر سلفية في شمال اليمن.

كان حزب الإصلاح في خط المواجهة في الانتفاضة التي أطاحت بصالح في عام 2011. يسيطر الحزب على 50٪ من المناصب الوزارية الحالية كجزء من أحزاب اللقاء المشترك. يتكون حزب الإصلاح جزئيا من عناصر جماعة الإخوان المسلمين، وأطراف قبلية وتجارية، فضلا عن أطراف سلفية كما تصف نفسها.

لقد مثل القياديون القبليون من عائلة الأحمر، وهي جزء من قبيلة حاشد وتتنحدر أصولهم من محافظة عمران، إحدى دعامات الإصلاح منذ إنشائه في أوائل ثمانينات القرن الماضي. وبينما ظل الجنرال علي محسن ليس عضوا في الإصلاح، إلا انه كان مؤيداً قوياً لهذا الحزب الاسلامي السني وعائلة الاحمر.

لقد ظل الحزب وداعميه منافسين طبيعيين للمتمردين الحوثيين الزيديين-الشيعة، كما ساعدت عائلة الاحمر في مشاركة قيادة الثورة ضد الأئمة الزيدية في عام 1962، وكان الإصلاح أيضا في طليعة السياسات الحكومية التي تستهدف المدارس الزيدية من منتصف تسعينات القرن الماضي فصاعدا.

وكان علي محسن أيضا قائداً للمنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع المكلفة بمواجهة الحوثيين في صعدة خلال ست جولات من الحرب بين عامي 2004 و 2009.

حرب عمران

قبل أشهر فقط من ختام مؤتمر الحوار الوطني، اندلعت اشتباكات في محافظة عمران بين الحوثيين والقبائل الموالية للشيخ حميد الأحمر، وهو عضو في البرلمان عن جماعة الاصلاح. سرعان ما انتشرت الاشتباكات الأولية، التي أشعلهتا حادثة مقتل عائلة من قبل رجال قبائل من العصيمات، إلى جميع أنحاء عمران. وعقب استيلاء الحوثيين على بلدة الخمري، معقل عائلة الأحمر، انتشار الصراع في صعدة.

وعندما فجر الصراع اشتباكات بين الحوثيين والسلفيين في مناطق دماج وكتاف، قام آل الأحمر وعناصر داخل حزب الاصلاح بتحشيد ميليشيات قبلية وسلفية من شمال وجنوب اليمن لمحاربة الحوثيين.

ومع ذلك، ألحق المتمردون الحوثيون المسلحون المنظمون تنظيما جيدا هزيمة كبيرة ثانية بآل الأحمر و الإصلاح. ولم يتوصل الصراع في صعدة لوقف اطلاق النار إلا عندما تمكن الرئيس هادي التفاوض على خروج الآلاف من اليمنيين والأجانب من دماج في يناير كانون الثاني.

هذا الانتصار الحاسم للحوثيين ضمن سيطرتهم الكاملة على محافظة صعدة وزاد من الدعم الشعبي لهم في أوساط السكان اليمنيين. وعملت الهزيمتان الكبيرتان لجماعة الاصلاح وحلفائها على إضعاف الحزب السياسي وقلبت التوازن السياسي في صنعاء، والتي عززت من قبضة هادي نفسه مقابل الإصلاح وعلي محسن وحميد الأحمر.

أعتقد اليمنيون أن هادي اضطر في البداية إلى الانجذاب نحو الجنرال علي محسن والإصلاح وبيت الأحمر من أجل أن يواجه سياسياً المخلوع الرئيس صالح. وبعد هذا، يعتقد الجمهور أن الرئيس هادي مُنح فرصة ثانية باتساع سلطة الحوثيين ونفوذهم.

استدلت عناصر مناهضة لحزب الإصلاح بعدم استعداد الرئيس لتقديم المساعدة العسكرية خلال المواجهات مع الحوثيين كدليل على هذه التحولات في التحالفات السياسية.

ظلت اتفاقات وقف إطلاق النار المبرمة حديثاً بين الحوثيين و الإصلاح في الفترة الممتدة بين 4-22 يونيو الماضي هشة واستمرت الاشتباكات المسلحة. في 8 يوليو، شن مقاتلو الحوثيين هجوما على مقر لواء 310، ما أسفر عن مقتل قائده حميد القشيبي، كما استولوا في وقت لاحق على مدينة عمران. بدأت منظمات إعلامية ومراقبون على الفور في التكهن حول الخطوة التالية للحوثيين: الاستيلاء المحتمل على صنعاء. فقد استمرت مؤسسات إعلامية في تقديم تقارير حول اشتباكات في مديريات همدان وأرحب وبني مطر التابعة لصنعاء منذ وقف إطلاق النار في 22 يونيو الماضي.

لا يزال الصراع يشكل شوكة على الرئيس هادي. وقد فشلت جهوده في التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، وقد وضعه مقتل ضابط في الجيش في موقف غير مريح كثيراً، كما تبدو مؤسسات الدولة في صراع مباشر مع أطراف من خارج الحكومية.

زيارة هادي إلى المملكة العربية السعودية يوم 8 يوليو للقاء الملك عبد الله جلبت انتقاداً لطريقة تعامله مع التهديد الحوثي. كما أثارت تكهنات أيضا حول مدى نهج المملكة العربية السعودية في تعميق عدم الاستقرار على حدودها الجنوبية.

القضية الجنوبية

القضية الجنوبية هي شوكة أخرى بالنسبة لهادي. تم الاتفاق على الحل النهائي عليها خلال الأشهر العشرة من الحوار. وفشلت جهود الوصول لقادة جنوبيين في المنفى، من بينهم علي سالم البيض، حيدر العطاس وعلي ناصر محمد.

وصل هادي مؤخرا إلى قادة مثل ناصر النوبة وعبد العزيزالمفلحي لكسب الدعم من الداخل اليمني. إلا أن المجلس الأعلى للحراك الجنوبي تحت قيادة البيض انتقل على الفور إلى التشكيك في كل الجنوبيين الذين قابلوا الرئيس. الامين العام للمجلس، السفير قاسم عسكر، أصدر بيانا أعلن فيه أن شخصيات مثل النوبة ليس لها الحق في التحدث باسم شعب الجنوب وأنه ليس لديه اتصال مباشر مع الحركة.

فشلت جهود الرئيس هادي السابق لاستمالة زعماء انفصاليين منذ البداية. ففي مايو عام 2013، بعد أقل من شهرين على انطلاق مؤتمر الحوار الوطني، استقال الشيخ أحمد بن فريد الصريمة بصفته نائب رئيس المؤتمر، ونوه بـ: "مؤامرة ضد القضية الجنوبية". وشغل موقعه، الذي كان فيه كرئيس للمكونات الجنوبية، من بعده مباشرة محمد علي أحمد من محافظة أبين، الذين انسحب هو الآخر في وقت لاحق من هذا المؤتمر في سبتمبر 2013 بعد الاصطدام مع هادي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة جمال بنعمر.

وبعدها قام هادي بالاعتماد على ياسين مكاوي، الذي حل محل محمد علي، للضغط من أجل دعم نتائج مؤتمر الحوار باستخدام عدن كمنطلق. لم تتحقق إنجازات مهمة بين فبراير ومايو عام 2014، ما اضطر هادي للبحث مرة أخرى عن حلفاء أكثر موثوقية في الجنوب.

يبقى أن نرى ما إذا كان ناصر النوبة بإمكانه أن يقود جهوداً جديدة من أجل سد الفجوة بين شعب الجنوب والرئيس هادي.

لا يزال الحراك الانفصالي على المسار السلمي الثابت في العصيان المدني كشكل من أشكال الاحتجاج الأولية. ولا يوجد سوى فصيل صغير في الحراك يقوده "طاهر طماح" يدعو لحمل السلاح في محافظة الضالع.

ظهر تحالف قبلي أيضا في صيف 2013 في محافظة حضرموت الشرقية ممارساً ضغطاً إضافياً على هادي لمعالجة المظالم في المنطقة، مثل توزيع الثروة النفطية والدعم لصالح الانفصال.

حمل هذا التحالف القبلي السلاح في وقت لاحق ضد قوات الأمن عقب مقتل الشيخ سعد بن حبريش في ديسمبر 2013 في نقطة تفتيش. كما أعطى هذا التحالف نفسه الأولوية أيضا للضغط المتزايد على صناعة النفط في حضرموت، من خلال الاستيلاء على عدد من الآبار المغلقة والتهديد بالاستيلاء على الحقول العاملة، من أجل الضغط على الشركات والحكومة لتعويض السكان في المنطقة على النحو الصحيح.

لا يزال الحراك في جميع أنحاء الجنوب ملتزماً بالمقاومة السلمية حتى يتحقق الانفصال. إلا أن وجود الجماعات المسلحة المستعدة للانخراط في العنف يهدد بإشعال صراع شامل. فمنذ منتصف عام 2011، كثيرا ما تم ذكر طماح من قبل الشيخ طارق الفضلي في أبين كقائد للجناح المسلح للحراك. كسر الفضلي الإقامة الجبرية في منزله في عدن لينظم إلى أنصار الشريعة، إحدى الفروع التابعة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ونوه عن استعداده للانضمام إلى القتال ضد الحكومة اليمنية. بالإضافة إلى ذلك، تعهد علي محمد الكردي، المتهم بالهجوم على المدمرة الأمريكية كول في أكتوبر 2000 أيضا بمحاربة الانفصاليين من أجل الحفاظ على وحدة اليمن. الاشتباكات متقطعة بين قوات الأمن والمتظاهرين أيضا تعرض شرارة محتملة لنزاع مسلح أوسع بكثير.

نفاذ أوراق؟

نتيجة للنزاعات المسلحة الحديثة في شمال اليمن، علق منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بأن هنالك ما يقدر بـ 15,000 أسرة نازحة بسبب النزاع، من أصل إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 120,000.

أبرزت وكالات أخرى عدد متزايد من الأشخاص المشردين داخليا مؤخراً يصل إلى ما يقرب من 35,000. هذا بالإضافة إلى عدد من النازحين من صعدة بسبب الصراع في عام 2013.

تشرد آلاف آخرون في أبين وشبوة نتيجة للهجوم الذي شنته الحكومة ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وأنصار الشريعة.

و قال نازح من عمران وصل صنعاء وافترش الرصيف في غياب المأوى المناسب. استقبل ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز الرئيس هادي في جدة قبل لقاء الملك عبد الله بينما أحكم الحوثيون سيطرتهم يومها على مدينة عمران 8 يوليو. لا يزال هنالك الكثير من التكهنات حول مواضيع محددة تمت مناقشتها خلال الزيارة.

أفادت وسائل إعلام عدة أن المحادثات تضمنت طلبات إضافية للحصول على مساعدات مالية. وأشار آخرون أن الرئيس هادي والملك عبد الله ناقشا الإغاثة مع تنامى أزمة الوقود في اليمن، وكذلك الهجمات الأخيرة التي شنها مسلحو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على حراس الحدود السعوديين في موقع حدودي، والأحداث في عمران. في شهر مارس، صنفت المملكة العربية السعودية المتمردين الحوثيين كجماعة ارهابية.

يواصل مراقبون يمنيون وأجانب في التنبؤ بحرب أهلية على نطاق واسع، ولكن البعض الآخر ينفي أي استعداد للفصائل المتناحرة لمزيد من التصعيد. لا يظهر سيناريو الحرب الأهلية في مصلحة مباشر لأي جهة.

كما أن التكهنات حول صراع مباشر ممكن بين الحوثيين والجيش مستبعد أيضا، لأن هادي يفتقر السيطرة الكاملة على القوات المسلحة، ويتوقع أن تعمل الاشتباكات على مزيد من تفتيت الجيش.

لقد وقع هادي مرة أخرى تحت خط النار بشكل رئيسي من قبل الإصلاح والمتعاطفين معه لعدم نشر تعزيزات كافية لمنع الاعتداء على اللواء 310 في محافظة عمران.

أعرب قادة القاعدة في جزيرة العرب في يناير الماضي، عقب الاشتباكات التي دارات في دماج، أيضا عن انتقادات مماثلة لهادي لافتقاره لدعم المدنيين السنة المهددة من قبل الميليشيات الشيعية- مضيفينها إلى الأسباب التي تشرعن هجماتهم على الموالين لهادي والمرافق الحكومية.

يواصل الرئيس هادي مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة. لا تزال قضية إغاثة السكان الذين يعانون من ظروف اقتصادية وخيمة وصدمة الصراع بعيدة عن التناول المباشر. لا تزال الحكومة اليمنية مجزأة وغير قادرة على الاستجابة لاتساع الأزمات.

المساعدات الخارجية تتضاءل، ويقال أن دخل النفط انخفض بنسبة 64٪، في الوقت الذي تعتبر فيه الموارد المالية حيوية لمعالجة العجز في الميزانية والاحتياجات الاقتصادية. لم يتم الإعلان عن مساعدات جديدة في عام 2014، وهادي قد يحتاج قريبا لأوراق مساومة تشجع الشركاء الدوليين على الالتزام بالمزيد من الأموال في اليمن.

ترجمة - عبد الله قائد 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign