الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    كتابات /
العدالة ودعاء 2014!

01/01/2014 10:16:44


 
د. مصطفى يحيى بهران
في أول مقالاتي للعام الجديد أتمنى لكم ولكن الخير، وللوطن النصر، وللشهداء الرحمة، بعد أن هرمت وولت 2013م.
قبل أيام مرت علينا ذكرى اغتيال جار الله عمر وقبله مرت ذكرى اغتيال حسن الحريبي (ومحاولة اغتيال عمر الجاوي) وقبلهم آخرون رحمهم الله جميعا، وبالرغم من أن دموعنا لم تجف بعد حزنا على شهداء العرضي، أفقنا قبل أيام على شهداء مدنيين جدد في قرية سناح في ضالعنا الأبي، حين كنا في حزن على الشيخ العليي حمد بن حبريش، ولم ننس قبله العشرات من ضباطنا الذين اغتالتهم يد الغدر بدم بارد، ولم ننس الأصدقاء الأجانب الذين قتلوا على قارعة الطريق بعد أن منحتهم اليمن الآمان وأدخلناهم بيننا عونا لنا، ولم ننس، ولا نستطيع، شهداء ساحات الحرية والاعتصام من المتظاهرين السلميين في صنعاء وعدن وتعز وغيرها من المدن اليمنية، وكذلك كل المدنيين الذين سقطوا في الصراعات المسلحة في صعدة وغيرها من كل الأطراف، بما في ذلك الضحايا المدنيون الذين قتلتهم الطائرات بلا طيار حتى لو لم يكونوا مستهدفين، فكم لهذا القلب البشري المسكين أن يتحمل، فما زال قلبي لو تعلمون حزينا، يبكي الشابين خالد الخطيب وحسن أمان، وما زالت عيني تدمع على الصديق عبدالكريم جدبان.
القتلة معروفون، والمستهدف الأكبر هو الوطن، يحكي أحد الزملاء ما دار بينه وبين شيخين قبليين صادفهما على طاولة غداء في إحدى السفارات المعتمدة في صنعاء، وقولهما إنهما يفضلا الحرب على السلم، لأنهما في الحرب لهما تأثيرا مثل ألف مدني كما قالا، أما في السلم لا يستطيعا المنافسة، فمثلا في الانتخابات يكون لكل منهما صوت واحد مثلهما مثل أي مواطن ضعيف على حد تعبيرهما، هذه هي ثقافة الحرب، وهذه هي ثقافة القتل التي تسيطر على القوى السياسية القديمة، ثقافة "البندق اللي ما تدي بقش ما هي بندق"، وهؤلاء السياسيون يستخدمون القتل من أجل السلطة والثروة، مثلما يستخدم القبيلي السلاح من أجل الارتزاق قاطعا الطريق وناهبا ومختطفا وقاتلا، هؤلاء السياسيون لا يتورعوا عن استخدام السلاح أو القبيلة أو المناطقية أو المال أو الدين أو المذهب أو الصحف أو المواقع أو شراء الذمم، أو .. أو من أجل تحقيق أغراضهم، ولذلك نجدهم كلما أتجه هذا الوطن نحو التوافق بغية الاستقرار والخروج عن شبح الحرب كلما حاولوا أن يشعلوها من جديد، معولين على ردود أفعال الناس، هادفين إلى إشعال الحرائق بين أبناء الوطن الواحد، تماما مثل شيخا الحرب سالفا الذكر.
أيها الطيبون أيتها الطيبات، إذ نترحم جميعا على كل الشهداء يجب أن نفهم أنهم قضوا نحبهم في الأغلب ليس لأنهم مستهدفون في أشخاصهم بل لأن دمائهم الغالية تُستخدم لخدمة القتلة ومشاريعهم الخبيثة، التي تهدف الآن على وجه التحديد إلى وقف أي تقدم يحدثه اليمنيون في سعيهم نحو توافق وطني (حتى في حده الأدنى) يكون قادرا على التأسيس للمستقبل، وفي هذا الإطار كانت الزوبعة حول وثيقة ضمانات القضية الجنوبية، وهي ليست وثيقة مثالية بكل تأكيد، ولا هي مُرضية بالمعنى المثالي، ولكنها مخرج يجب أن نوافق عليه، تماما مثلما كانت المبادرة الخليجية مخرجا سلميا في خضم هذا الربيع العربي الذي تلاطمت مخرجاته مع مدخلاته فأضحى فصلا غريبا لا وصف له.
علينا جميعا اليوم إذ نترحم على شهدائنا أن نجعل هذا العام الجديد هو عام المطالبة بالعدالة، العدالة لكل القتلى ولكل الجرحى، حتى تصل يدها السمحاء إلى كل بيت غزاه الحزن، وكل إنسان كلمته يد الغدر، وفي نفس الوقت يجب أن لا نخدم القتله فنجعل دم الشهداء وقودا لتأجيج الحرائق والضغائن والأحقاد بين أبناء الوطن الواحد.
نقلت مواقع الانترنت أن صغيرة سورية في سنوات الصبا، قتلتها يد الحرب، قبيل موتها، وهي تتحدث عن الخالق عز وجل، قالت بلغتها البسيطة ما معناه: "سأقول له كل شيء حين ألقاه"، ونعم بالله، الذي لا نخشى سواه، فادعوا معي أثابكم الله: اللهم ارحم شهداء هذا الوطن الذين قتلوا غدرا وعدوانا، وأمنح أهلهم وذويهم صبرا وسلوانا، وأنصر اليمن قيادة وشعبا وأرضا وإنسانا، واهزم القتلة والمجرمين ولا تبق لهم أمرا ولا شأنا، اللهم لك وحدك خشوعنا ونجوانا. آمين يا رب العالمين.
د. مصطفى يحيى بهران
استاذ الفيزياء النووية وميكانيكا الكم
qmbahran@yahoo.com





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign