الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    كتابات /
بعد ال 27 من فبراير القادم .. أية شرعية للسلطات القائمة في اليمن؟

01/01/2014 10:02:42


 
عبدالله سلام الحكيمي
بصرف النظر عن (( البدعة)) أو(( الفذلكة)) القانونية والسياسية التي ابتدعها المبعوث الأممي إلى اليمن، الشيخ جمال بن عمر، والقائلة إن بقاء الرئيس عبدربه منصور هادي في منصب الرئاسة الأولى في اليمن، ليست محددة بأجل زمني محدد، وان فترة انتهاء ولايته تتحدد بإنجاز وتنفيذ المهام والخطوات المرسومة للفترة الانتقالية، بمرحلتيها الاولى والثانية، في ضوء ما نصت عليه(( المبادرة الخليجية)) و((آليتها التنفيذية المزمنة))!! إلا أن الثابت بموجب نصوص تبنيك الوثيقتين وتحديداتهما الموضوعية والزمنية، ان فترة ولاية الرئيس الانتقالي عبدربه منصور المستفتى على رئاسته شعبيا، لا تتعدى العامين منذ تنصيبه رئيسا في 27فبراير 2012م، أي أنها تنتهي ، بنهاية الفترة الانتقالية، بمرحلتيها،ولا نجد أي نص أو إشارة صريحة أو حتى ضمنية، في بنود وأحكام المبادرة وآليتها ، يدعم ويعزر ما ذهب إليه المبعوث الأممي، بأن ولاية الرئيس غير محددة بزمن.. ففي الجزء الثاني المعنون(( الفترة الانتقالية)) تنص المادة رقم(7) من الآلية التنفيذية المزمنة على الآتي: ((تبدأ الفترة الانتقالية مع بدء نفاذ هذه الآلية.. وتتألف الفترة الانتقالية بعد ذلك من مرحلتين:
أـ تبدأ المرحلة الاولى مع بدء نفاذ هذه الآلية وتنتهي مع تنصيب الرئيس عقب إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة..
ب ـ تبدأ المرحلة الثانية، ومدتها عامان، مع تنصيب الرئيس بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، وتنتهي بإجراء الانتخابات العامة، وفقا للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد.
ثم تعود المادة ((24)) من بنود الآلية لتؤكد ،مجددا، وتنص على ((ستنتهي مدة ولاية الرئيس المنتخب وفقا للفقرةـ أو المادةـ(7) من هذه الآلية لدى تنصيب الرئيس الجديد المنتخب حسب الأصول ووفقا للدستور الجديد)).
وإذن، وبناء على هذين النصين، الواضحين في دلالاتهما، فإن الفترة الانتقالية، بمرحلتيها وعلى وجه الخصوص المرحلة الثانية والأخيرة منهما، مدتها عامان فقط، وبعد هاتين المرحلتين المحددتين للفترة الانتقالية كلها، لا نجد في أي من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أي نص أو حتى مجرد اشارة صريحة او ضمنية، من اي نوع، يتحدث عن مراحل اخرى إضافية أو مهام من أي نوع سوى إجراء الانتخابات العامة، وفقا للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد، ولما كانت المادة أو الفقرة (7) قد حددت ، بكل جلاء ووضوح، مدة المرحلة الثانية، والأخيرة للفترة الانتقالية، بمدة عامين فقط تبدأ بتنصيب الرئيس الانتقالي بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، وتنتهي بإجراء الانتخابات العامة وفقا للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد ،فإن السياق القانوني المنطقي والسليم يقضي، وجوبا إجراء الانتخابات العامة، بمافيها الانتخابات الرئاسية، وفقا للدستور الجديد في فترة زمنية لاتتعدى العامين المحددين بالنص للفترة الانتقالية، استنادا إلى القاعدة القانونية التي تقول إن الأصل في الأشياء الإطلاق أو الإباحة ما لم يرد نص مقيد.. هذا من ناحية ، ومن الناحية الأخرى، فإن الفترة الانتقالية ، بمرحلتيها وبمهامها ومسئولياتها ،قد استمدت مشروعيتها ومسوغ وجودها ،من وثيقتي الوفاق السياسي الوطني، الغالب، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، اللتان أصبحتا، بموجب الاتفاق بين الأطراف السياسية الموقعة عليهما ، الذي نص في المادة(4) من الآلية على : (( يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل اي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة)) وبما أن الفترة الانتقالية تنتهي، حكما، بانتهاء المدة الزمنية لمرحلتها الثانية والأخيرة ، والمحددة بعامين فقط تبدأ بتنيصب الرئيس هادي، بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة في 27 من شهر فبراير عام 2012م وتنتهي بعد عامين، أو قبل ذلك بقليل، بإجراء الانتخابات العامة، بما فيها الرئاسية، وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد وفقا لأحكام الدستور الجديد، ومن البديهي والمنطقي إجراء تلك الانتخابات في إطار وضمن حدود فترة العامين وليس بعدها بأي حال من الأحوال، إذ لو لم يكن الأمر كذلك طابقت الآلية على تحديد فترة العامين ولقيدت النص بشرط واضح وهو إنجاز المهام المحددة والواردة في المبادرة والآلية، وهو ما لم يرد فيهما من قريب أو بعيد، وبانتهاء الفترة الانتقالية، بمرحلتيها وبأجلها الزمني، ينتفي الأساس القانوني والتعاقدي الوفاقي الذي منح وأكسب الفترة الانتقالية شرعيتها ومشروعيتها ، والمتمثل بالمبادرة وآليتها ، وتلك نتيجة طبيعية وحتمية ومتسقة مع نصوص وأحكام كل من المبادرة والآلية ، اللتين افترضتا مسبقا الانتهاء من صياغة الدستور الجديد والاستفتاء عليه وإقراره شعبيا قبل انتهاء الفترة الانتقالية ،ويصبح بذلك أساس شرعية ومشروعية قيام سلطات الدولة الجديدة المختلفة عبر الانتخابات العامة بما فيها الرئاسية التي كان مقررا اجراؤها وفقا له واستنادا إلى أحكامه..
وبما أن كل دلائل ومؤشرات وشواهد الواقع السياسي السيئ والمتدهور الذي تعيشه بلادنا في الوقت الراهن ، والتي ترتسم ،بجلاء ووضوح تامين،على الافق المرئي أمامنا، تؤكد ،على نحو قطعي ويقيني، بأن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني عامة ومشروع الدستور الجديد الذي من المفترض صياغته على ضوء وبناء على مخرجات الحوار تلك، لن يشهد النور لاقبل انتهاء الفترة الانتقالية الراهنة، بمرحلتيها، ولا حتى بعد انتهائها بفترة زمنية متوسطة ومعقولة، فإن اليمن ستدخل في دوامة عاصفة من الفراغ السياسي والدستوري الشامل، حيث ستصبح كل سلطات الدولة القائمة، حاليا، استنادا إلى شرعية المبادرة وآليتها ،ابتداء من الرئيس والسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية كلها، فاقدة للشرعية تماما وتحديدا بعد يوم ال 27 من شهر فبراير القادم، ولن تنقذها من حالة انعدام الشرعية والمشروعية لا بدعة وفذلكة المبعوث الأممي القانونية والسياسية المتصادمة والمتناقضة مع نصوص وأحكام المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ولا ضغوط وتأثيرات القوى الدولية النافذة وأجنداتها في اليمن والتي يعكسها ويعبر عنها المبعوث الأممي ويسعى إلى فرضها على اليمنيين عبر إطلاق التهديد والوعيد والتلويح بتوظيف واستغلال سلطة مجلس الامن الدولي في هذا الصدد في أسوأ توظيف واستغلال لسلطاته ومكانته ومهابته الدولية والزج بها فيما لا ينبغي ولا يجوز!
وفي اعتقادنا ووفقا لوجهة نظرنا، فإن الحل والمخرج من حالة الفراغ السياسي والدستوري وانعدام شرعية السلطات القائمة في اليمن والتي توشك على الدخول في دوامتها الخطيرة والعاصفة بعد 27 فبراير القادم، يتمثل في أحد خيارين لا ثالث لهما:
أولهما: يتمثل بالعودة إلى الدستور الحالي بعد تحريره من قيود المبادرة والآلية التنفيذية واعتباره اساس شرعية جديدة لما بعد شرعية الفترة الانتقالية وإجراء انتخابات عامة برلمانية ورئاسية ومحلية وفقا لأحكامه واعتباره خيار الضرورة إلى أن يأذن الله تعالى لمخرجات الحوار الوطني ومشروع الدستور الجديد أن يرى النور، ولو بعد حين، وإعادة بناء هياكل ومؤسسات الدولة، حينها، وفقا لتلك المخرجات والدستور الجديد.. وهذا الخيار مخرج ضرورة مؤقت لاكتساب الشرعية ..غير أن هذا الخيار ، وإن اعتبرناه كذلك، تعترضه وتحبطه الواقع المرير والمزري وشبه المنهار للأوضاع العامة في البلاد بين هبات شعبية هائلة في محافظات الجنوب، عموما، وفي حضرموت خصوصا، وهي هبات وانتفاضات شعبية بالغة الخطورة وواسعة النظاق تنذر بتحولها، بكل وضوح، إلى حركة(( عصيان مدني)) شامل سلمي ومسلح أيضا،تحت شعار جامع ينادي باستعادة (( دولة الجنوب)) ! واقتتال ومواجهات مسلحة طاحنة يتسع نطاقها يوما إثر يوم في محافظات شمال الشمال(صعدة وعمران وحجه) وشواهد انتشارها حثيثا إلى محافظات أخرى في الجوف وصنعاء ومأرب وذمار وغيرها وتكمن خطورتها أنها تتخذ هذه المرة شعارات الشحن الطائفي المذهبي والمناطقي مما ينذر بتحولها، في حالة استمرارها وتوسعها ، إلى حرب أهلية طاحنة ومدمرة، إضافة إلى حالات الانفلاتات الأمنية وقطع الطرق وتخريب خطوط الكهرباء وأنابيب النفط وأعمال الجريمة المنظمة كل ذلك في ظل حالة شبه انهيار للأوضاع الاقتصادية والمعيشية ومعاناه أغلب المواطنين من آثارها ومراراتها البالغة، وغير ذلك كثير من مظاهر التسيب والانفلات والفساد والفوضى والأعمال الإرهابية ، ومما لا شك فيه أن إجراء الانتخابات ، في ظل هكذا أوضاع غير طبيعية واضطرابات واسعة،من شأنه أن يجعلها انتخابات صورية وشكلية وغير ذات قيمة وجدوى على الإطلاق، بل قد تساهم في مفاقمة وتدهور وانهيار الأوضاع أكثر فأكثر..
وثانيهما: يتمثل في خيار العودة مجددا إلى صيغة(( الوفاق)) أو((التوافق)) السياسي الوطني العام، عبر عقد اجتماع(( انقاذ وطني)) يشارك فيه زعماء أو قادة أو ممثلي كل الأطراف والمكونات السياسية والاجتماعية والفعاليات الوطنية الممثلة والمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، للاتفاق على (( صيغة سياسية وطنية)) لإخراج البلاد من براثن الأزمات والمأزق العميقة التي ترزح تحت وطأتها، والقادم منها أكبر وأخطر، صيغة تخرج باتفاق أو وفاق وطني على إقامة مرحلة ((تمهيدية)) أو ((بنائية)) تحت أي مسمى ولتكن ((مرحلة تأسيسية)) وإكسابها شرعية ومشروعية مبنية على (( اتفاق وتوافق وطني عام))، يهدف إلى ضمان تحقيق الأهداف والغايات الرئيسية والملحة والأكثر أهمية التالية:
1)صياغة((إعلان دستوري)) يحدد طبيعة
وأهداف ومهام المرحلة التأسيسية وينظم علاقاتها وأعمالها وتحدد جداول زمنية بدقة لإنجاز مهامها بحيث لا تزيد مدة المرحلة التأسيسية تلك عن ثلاثة أعوام ولا تقل عن عامين..
2)الاتفاق على تمديد فترة الرئيس هادي لفترة المرحلة التأسيسية.
3)حل مجلس النواب الشورى، الحاليين، والاتفاق على تحويل(( مؤتمر الحوار الوطني)) بكامل أعضائه الى ((جمعية وطنية تأسيسية))تتولى إضافة إلى إنجاز مهام ومتطلبات الحوار الوطني، ممارسة دور ((السلطة التشريعية والرقابية)) المحددة على أن تنجز كامل مهامها ومسئولياتها قبل انتهاء مدة المرحلة التأسيسية ووفق جداول وتحديدات زمنية واضحة وملزمة ،على أن يتفق مع الدول الراعية لعملية الانتقال السياسي والديمقراطي في اليمن والدول المانحة على تغطية مرتبات ونفقات الجمعية الوطنية التأسيسية إلى انتهاء الفترة التأسيسية..
4)حل حكومة الوفاق الحالية والاتفاق المبدئي على تشكيل حكومة جديدة من خبرات وكفاءات وتخصصات فنية (( تكنوقراط)) غير حزبية ولا تخضع لعملية تقاسم ومحاصصات حزبية عقيمة، ومن شخصيات علمية مشهود لها بالشرف والنزاهة والاستقامة لم تتلوث، سابقا، بملوثات الفساد وانحراف الذمة والضمير واليد، على أن تمنح كافة السلطات والصلاحيات اللازمة لإنجاز مهامها ومسئولياتها دون تأثيرات أو تدخلات، علما أن هذا لا يمثل إقصاء وإزاحة للأحزاب والمكونات السياسية والاجتماعية مطلقا، التي احتفظت لنفسها بحضور ودور فاعل من خلال تمثيلها الواسع في ((الجمعية الوطنية التأسيسية)) ذات المهام والمسئوليات الواسعة والكبيرة..
والواقع أن خيار الحل والمخرج الوطني هذا يكتسب أهميته وفاعليته والإمكانيات الكبيرة لنجاحه، من كونه يستند إلى شرعية ومشروعية وطنية شاملة من ناحية، ويقوم على أسس واعتبارات جديدة ـ إلى حد ما ـ تتحاشى إلى اقصى حد ممكن، الواقع في أخطاء وتعثرات ونقاط ضعف تجارب سابقة من ناحية ثانية، وتقطع الصلة القانونية والدستورية والسياسية بالأساس الشرعي الذي استندت عليه الفترة الانتقالية الماضية وحكم مسارها وأعمالها والمتمثل بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية واستبدلتها بشرعية ومشروعية وطنية خالصة هذه المرحلة من ناحية ثالثة..
ويعتمد نجاح وفاعلية هذا الخيار السياسي على مدى توفر التصميم والإرادة السياسية الحقيقية والجادة لدى كافة الأطراف والقوى والمكونات السياسية والاجتماعية وعزمها الأكيد على انتشال البلاد وإخراجها من دهاليز النفق المظلم الذي تتخبط في أرجائه المعتمة والمفزعة، ورغبة الجميع الصادقة في إعادة بناء اليمن الجديد وطنا حرا عزيزا مزدهرا لجميع أبنائه ومواطنيه الأحرار بدون استثناء أو إقصاء او تهميش ينعمون بأجواء الحرية والعدل والمساواة والأمن والأمان لهم ولأجيالهم القادمة من بعدهم، وتنازل الجميع عن حساباتهم ومصالحهم الخاصة، أو قل عن بعضها، لصالح حسابات الوطن والشعب العليا التي سينعم بنتائجها وآثارها ومنافعها الجميع في الأخير، ولسنا نرى خيارا أو بديلا آخر لهذا الخيار سوى الطوفان العارم والمدمر لا سمح الله..والله جل جلاله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
عبدالله سلام الحكيمي
بريطانيا ـ شيفلد في 28 ديسمبر 2013




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign