إعلان بريطاني عن تعرض سفينة لمطاردة قبالة المهرة       أمبري البريطانية تعترف بفشل التحالف الامريكي في حماية الملاحة الاسرائيلية       امريكا تقر بصعوبة المعركة في خليج عدن ,, وتتحدث عن اشتباك بحري واسع        انسحاب مذل لحاملة الطائرات الامريكية " ايزنهاور من البحر الأحمر      
    كتابات /
تعز ومعركة المستقبل بين قوى الحداثة وقوى الظلام

27/11/2013 14:26:12


 
عبدالله سلام الحكيمي
إن ((تعز)) المدينة والمحافظة والشعب، التي تعلمتْ من شقيقتها ((عدن)) وتسلمت منها رأية الحداثة والتنوير والتطور وقيم الحضارة والمدنية والعلم والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، وجسدت ومثلت الامتداد الحيوي النشط لعدن، وما مثلته من قيمة ودور وطني على امتداد الساحة اليمنية كلها.. إن تعز هذه بكل عطاءاتها واسهاماتها وتضحياتها في خدمة القضايا الوطنية منذ خمسينيات القرن العشرين وإلى لحظتنا التاريخية الراهنة ـ والى ما شاء الله العلي العظيم ـ مستقبلا.. ظلت منذ ذلك الحين ولا تزال عُرضة ومَحلا لاستهداف مخطط ومتعمد من قبل سلطات حاكمة ومراكز قوى، سياسية عسكرية قبلية، نافذة ومهيمنة، امتلكت من ادوات القوة ووسائل القهر المختلفة، وتعبر عن رؤى ومشاريع ماضوية متخلفة تتصادم وتتنافر مع قوانين وحركة التاريخ والتطور والتقدم الحضاري الإنساني، كانت تنظر إلى تعز، دائما بعيون القلق والريبة باعتبارها الخزان البشري المستنير والمتسلح، ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، بمشاريع النهضة الحضارية، وطنيا وقوميا وإنسانيا، والذي يهدد ويتحدى، حتميا ومنطقيا، كافة المشاريع المتخلفة الماضوية الظلامية، بمختلف صورها وأشكالها ، والقوى والمكونات الاجتماعية والسياسية والثقافية الحاملة لها والمعبرة والمدافعة عنها بكل السبل والوسائل، كانت تعز، في مشروعها التحديثي التنويري النهضوي ذاك، الفنار المضئ والنموذج المشرق الذي يبث ويرسل اشعاعاته وتأثيراته الايجابية لكافة فئات وقطاعات الشعب اليمني لاستنهاضه وتعبئته وحشده في اتجاه التغيير والثورة، مشكلا ومبلوراً احد قطبي معادلة الصراع التاريخي الابدي قطب التقدم والتطور والنهوض الحضاري في مواجهة القطب الاخر قطب التخلف والانغلاق والركود والظلام، ولهذا ، ولما كانت تعز، ومعها جماهيرالشعب التواقة للتغيير والتقدم، تمثل الخندق المتقدم ورأس الحربة في ذلك الصراع التاريخي السياسي الاجتماعي الثقافي، فقد كان من الطبيعي والحتمي ان تمارس قوى التخلف والانغلاق والظلام، سواء أكانت في سلطة الحُكم والقرار أو كانت حليفة ومساندة ومدافعة عن تلك السلطات ، وتنفيذ عملية ممنهجة ومقصودة بغرض تهميش تعز واقصائها عن دوائر الفعل والتأثير بل وتعمد ايقاف حركة التطور الطبيعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعودة بها عقودا طويلة الى الوارء لإطفاء جذوة التغيير والثورة فيها وشل فاعلية اشعاعات نموذجها الجاذب والمؤثر، ورغم كل تلك المحاولات والاساليب التدميرية الممنهجة، لكن تعز كانت في لحظات الانعطافات التاريخية البارزة في مسيرتنا الوطنية ، تثبت وتبرهن، بالدليل العملي الملموس، أنها عصية أمام مشاريع ومخططات قوى التخلف والظلام الماضوى، وأنها أصلب وأقوى من أن تستسلم وتتخلى عن دورها وقدرها الوطني الثوري، وتنطلق في لحظات الظلام واليأس والانحطاط، مفجرة طاقاتها الجبارة الكامنة وبركانها الثوري الهادر، لتحرك شعبها وتفجر ثورته الشعبية العارمة لاعادة صنع الحياة على أرضه من جديد حياة الحرية والكرامة والتقدم والنهوض الحضاري الشامل عدلا ومساواة وعزة، وبعيدا عن الخوض في تفاصيل الماضي البعيد، فإن دور تعز الريادي وإسهاماتها البارزة وتضحياتها الجسيمة قد تجلى بأبهى وأنصع صورة في تفجير الثورة الشعبية السلمية في فبراير 2011م، كأعظم ثورة شعبية في تاريخ اليمن السياسي كله، والتي شارك فيها الملايين العديدة من كافة فئات وشرائح وتكوينات الشعب وظلت متأججة وهادرة لأكثر من عام ونيف دون وهن أو فتور، ثورة أرادها الشعب ثورة تغيير جذري شامل وعميق لبناء اليمن الجديد الحديث المتطور الحر الكريم، وأرادها القادة السياسيون للأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية، مجرد صفقة سياسية تسووية تساومية بينها وبين السلطة الحاكمة،الفاسدةالمتخلفة التي قامت الثورة لاسقاطها كليا، وتمكن السياسيون عبر ركوب موجة الثورة، من احتوائها والالتفاف عليها وإخماد بركانها لقاء مكاسب شخصية أو حزبية أو فئوية ضيقة وباهتة..
وعبر مختلف مراحل التاريخ الحديث، وعلى الرغم من كل الارتدادات والنكوص والنكسات التي مرت بها مسيرتنا الوطنية، وغلبة مشاريع وقوى التخلف والجمود والظلام، وما عكسته من آثار سلبية على مختلف جماهير شعبنا وتطلعاته، إلا أن تعز ظلت متمسكة، بإصرار وعزم لا يلين، بهويتها وطبيعتها المدنية المسالمة الإيجابية، وبرهنت على مقدرة متميزة وفذة على امتصاص محاولات دفعها إلى دوامة التخلف والجمود والتعصب، واحتوائها وتطويقها وهضمها وتمثيلها بإضافة عصاراتها الخاصة إليها لتخرج بطبيعة إيجابية بناءة، ولهذا ظلت تعز تتصدى وتقاوم، بقوة وبكل السبل والوسائل كافة المحاولات والمخططات المتخلفة التي تسعى لجرها واستدراجها للانزلاق في دوامة الفوضى والتقاتل والتناحر الداخلي المدمر، ولم تعرف تعز، يوما ثقافة التسلح وحمل السلاح والاحتكام إلى لغة العنف والقوة والسلاح، ولم تعرف طوال تاريخها الطويل، التعصب والتخندق المناطقي أو الطائفي ولا عرفت ثقافة الكراهية والاحقاد أو العنصرية البغيضة، كانت أمينة وصادقة ووفية لهويتها وطبيعتها وخصوصيتها، تلك كانت تعز، ولا تزال، وستظل تعتبر نفسها بوتقة صهر وانصهار وطني يمني شامل، وانها لا تجد روحها إلا في تعبيرها وتجسيدها واحتضانها لليمن كله على امتداده، بل ولا حاضر ولا مستقبل ولا حياة لها إلا في إطار اليمن وبه ومن خلاله ولأجله..
إن تعز، بطبيعتها وخصوصيتها وهويتها الحضارية المدنية المسالمة والبناءة كما أوضحناها آنفا، يبدو أن هناك اليوم من يريد لها أن تدفع ثمن تميزها وإيجابيتها ونموذجها التاريخي المشرق، وخاصة منذ الفترة الأخيرة من أحداث الثورة الشعبية السلمية العظيمة عام 2011م ، حيث صحت تعز وأبناء تعز صُبح يوم ليسمعوا ويروا نشوء جماعات ثم ميليشيات مسلحة وانتهاجها للأعمال المسلحة العنيفة متخذة، في بداياتها، مبرر الدفاع عن الثورة والثوار! رغم أن الجميع بات يعلم اليوم أن أحد أسباب إجهاض الثورة الشعبية السلمية كان إضفاء الطابع العسكري والاحتكام إلى قوة السلاح الذي فُرض على الثورة فرضا، رغم رفضها له وإدانتها لكل أشكال اللجوء إليه!! ولا تزال تلك الجماعات والميليشيات المسلحة تعيث في تعز وأرضها فسادا وتبث الرعب والفزع بين المواطنيين الآمنين، وتحولت إلى عصابات همها تنفيذ اجندات وتصفية حسابات داخل تعز لصالح مراكز القوى والنفوذ المهيمنة على مفاصل السلطة الحاكمة العسكرية والأمنية والقوى القبلية والحزبية الموالية والمساندة لها، والأدهى والأمر من ذلك أن تلك الميليشيات المسلحة راحت، مؤخرا، تنخرط شيئا فشيئا في أعمال الخطف والسطو وقطع الطرق وحصار المؤسسات المحلية في المحافظة وتهديد وإرهاب السلطات المحلية بهدف إفشالها وإسقاطها، والواقع أن هذا النمط من السلوك يُعد غريبا ودخيلا على تعز وطبيعتها وهويتها التاريخية المتجذرة ومستهجنة ومرفوضة تماما من أبناء تعز وجماهيرها، بل ويشكل أكبر خطر كارثي على حاضر ومستقبل أجيالها القادمة..
ومن المؤسف والمحزن حقا ويَحُز في انفسنا ويؤلمها أن القائمين على تلك الجماعات والميليشيات المسلحة، نعرفهم ويعرفهم الكثيرمن أبناء تعز، هم من رجالات تعز البارزين الذين عرف عنهم الخُلق والاستقامة والنزاهة ، وحرصهم وعملهم من أجل محافظتهم وأبنائها وتجنيبها عوامل وأسباب الصراع والفوضى والاقتتال، وقد نفهم ونتفهم، إلى حد ما، البواعث والدوافع التي فرضت عليهم في البداية اللجوء إلى تشكيل مثل تلك الجماعات أو الميليشيات المسلحة، رغم أننا لا نقبل مطلقا، من حيث المبدأ، إنشاء مثل تلك الميليشيات المسلحة وعسكرة الممارسات السياسية تحت كل المبررات والأسباب، لكننا مع ذلك قد نتفهم دوافعهم إلى إقامتها في ظل ظروف وأحداث الثورة، إما بفعل امتثالهم وتنفيذهم لأوامر قادتهم العسكريين أو أحزابهم السياسية وتكليفاتهم لهم ودعمهم ماليا وعسكريا ولوجستيا من قبلهم إلا أن استمرارهم ومواصلتهم إدارة تلك الميليشيات المسلحة حتى اليوم ، وإلى مدى مستقبلي غير معلوم، غير مقبول تماما، ويفتقد إلى أية مشروعية دستورية أو سياسية أو وطنية أو حتى أخلاقية، خاصة مع تحولها، مؤخرا، إلى ممارسات تندرج في إطار(( الاعمال الاجرامية)) من ناحية، وإلى أداة فرض وترهيب وابتزاز سياسي ومصلحي، وفرض الخيارات والمواقف والآراء السياسية والحزبية إعتمادا واحتكاما لمنطق القوة والعنف والسلاح، وكل ذلك امرمرفوض ومُدان وغير مقبول على الاطلاق..
والواقع أنه، ومع كل ما سبق ذكره وبالرغم منه، إلا أننا لانزال نشعر بأمل وثقة بأن القائمين على أمر إدارة تلك الميليشيات المسلحة من رجالات تعز البارزين، والذين لا يزالون يحتفظون بسمعة شعبية طيبة لدى أبناء تعز، يملكون القدرة والإرادة على تصحيح وإنهاء ذلك الوضع غير الطبيعي وغير السوي، ويتحولون من عامل توتير وتأزيم وإرباك وفوضى في المحافظة إلى عامل تهدئة وأمن واستقرار ووئام وتضامن، لتطويرالمحافظة والنهوض بمستواها الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي والخدماتي، ووضع الحلول والمعالجات المبتكرة والناجحة لكافة مشاكلها وأزماتها وأوضاعها المختلفة والمضطربة، ولا شك بأنهم أكثر من يدرك بأن مستقبلهم وعزهم وقوتهم لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تقدم وازدهار وعزة محافظتهم لأنها قاعدة انطلاق وحيدة لهم بالدرجة الأولى ولجميع رجالات تعز لتأسيس الأمجاد العظيمة للرجال العظماء.. وعليهم وعلى جميع شخصيات ورجالات تعز الشرفاء أن يدركوا بأن استهداف المحافظ والسلطة المحلية واستهداف بيت هائل سعيد أنعم الذي قدمت للمحافظة، وسائر محافظات اليمن، خدمات جليلة وواسعة، وانتشار أعمال الخطف والتقطعات وعسكرة مدينة تعز وتفجير مواجهات مسلحة داخلها ونشر المجاميع المسلحة في شوارعها بين فترة وأخرى وغير ذلك من الأعمال والممارسات غير السوية وغير المشروعة من شأنها فقط إضعاف تعز وإدخالها في دوامة الفوضى العارمة والقلاقل وعدم الاستقرار والتفكك والانقسام وإيقاف عجلة نموها وتطورها وتقدمها، وأي طموح ومجد لرجل يمكن تأسيسه على الخرائب والانقاض؟؟!.
إن الجميع وفي المقدمة منهم اولئك القائمين على أمر تلك الميليشيات المسلحة ، ان يقفوا امام لحظة الحقيقة مهما كانت مرارتها في مكاشفة ومصارحة مع النفس والضمير، لنتبين الواقع ، كما هو، لا كما نحب ان نراه، ولحظتها سنتبين، بكل وضوح وجلاء بأنه لا اللواء/علي محسن الاحمر وما يمثل من قوى ونفوذ، ولا حزب التجمع اليمني للاصلاح وما يمثل من قوى ونفوذ داخل الحكم وخارجه، ولا مراكز القوى والنفوذ المحسوبة والموالية للرئيس السابق /علي عبدالله صالح داخل السلطة الحاكمة وخارجها ، كل هذه الاطراف الرئيسية - والتي لا تزال القوى الاكثر نفوذا وتأثيرا في العملية السياسية في البلاد- لم تكن حريصة على تعز ومصالحها، ولا يهمها حاضرها ومستقبلها، بل إن كل واحدة منها تكرس كل قواها وتنهج كل السبل والأساليب لخدمة وتحقيق أجندتها وحساباتها الخاصة وصراعاتها المريرة ضد القوى النافذة الأخرى المنافسة لها للقضاء عليها من أجل السيطرة وإعادة السيطرة الكلية على السلطة والدولة والحكم والاستئثار به وبمغانمه الهائلة، وكل ما فعلته وتفعله، أقصد تلك القوى الرئيسية الثلاث الأبرز، في تعز، من خلال وبواسطة بعض رجالاتها البارزين، مثلها مثل سائر المحافظات في البلاد، لا يخرج عن إطار صراعاتها المريرة على السلطة ولا يتعداه مطلقا، وإن تعز، شأنها شأن غيرها من المحافظات، حيث تتفجر الأحداث والمواجهات المسلحة وتنشر فيها الفوضى والاضطرابات والفتن، لا ناقة لها بها ولا جمل، بل هي مجرد وقود وساحات لتصفية الحسابات وتسجيل النقاط بين تلك القوى في مسلسل الصراع على السلطة ومكاسبها ومغانمها الهائلة..
والحقيقة التي بات يعرفها الكثيرون أن القيادة العليا للتجمع اليمني للاصلاح، ومعها حليفها الحزبي الاستراتيجي اللواء علي محسن الأحمر، كانت على ثقة مطلقة، بعد تسوية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، بأن محافظة تعز ستكون من نصيبها وتحت سيطرة الإصلاح المطلقة من خلال تعيين محافظ من كوادره الحزبية وبالتالي مجلس محلي ومكاتب تنفيذية تحكم السيطرة الحزبية عليها جميعا، وذلك بناء على رؤيتها وأجندتها التي تعتبر أحكام السيطرة الكاملة، أو شبه الكاملة، على محافظة تعز خطوة إستراتيجية بالغة الأهمية في إطار الصراع المحتدم بين مراكز القوى والنفوذ المهيمنة في مركز الحكم وعاصمته ((صنعاء)) يمنحها ميزة وقوة وثقلا يساهم في ترجيح كفتها في اتون ذلك الصراع، وحينما فوجئت قيادة الإصلاح بأن هدف إحكام السيطرة على تعز لم يتحقق على النحو والمدى الذي كانت تخطط له وتريده، لأسباب وعوامل راجعة إلى الاضطراب السياسي العام الذي رافق بداية الفترة الانتقالية، راحت تغذي وتدفع وتوسع نطاق الاضطرابات والانفلات وتتعمد خلق الاشكالات للمحافظ والسلطة المحلية سواء عبر الوزراء ((الاصلاحيين)) في الحكومة والضغط والتأثيرعلى رئيس الحكومة، أو عبر ومن خلال الجماعات والميليشيات المسلحة الناشطة والقائمة في تعز، وليس خافيا بأن قياداتها محسوبة على ((الاصلاح)) وحلفائه وخاصة اللواء علي محسن الأحمر والقوى العسكرية والقبيلية الموالية له، ومن الطبيعي أن القوى العسكرية والأمنية والحزبية المحسوبة على الرئيس السابق / علي عبدالله صالح لم تكن غائبة ولا بمعزل عن أحداث وتطورات ذلك المشهد المضطرب الذي تعيشه محافظة تعز، بل كان لها تدخلاتها وتأثيراتها للحيلولة دون انفراد خصومها بساحة الصراع الدائر في تعز!.
من أجل كل ذلك فإننا اليوم نقول لإخواننا القائمين على إدارة تلك الجماعات والميليشيات المسلحة من رجالات تعز وقادتها - الذين نحترم - إننا لا نطلب منكم أن تتخلوا أو تتمردوا أو تُنهوا انتماءاتكم أو رتباطاتكم بأحزابكم أو قادتكم العسكريين، فنحن نعلم بأن ذلك غير ممكن لاعتبارات كثيرة ، بل ندعوكم بإخلاص وصدق إلى تغليب مصالح محافظتكم وإخوانكم وأبنائكم من أبناء تعز، وأن لا تجعلوا من تعز ساحة ووقودا لصراعات مريرة تدور في المركز على السلطة وكراسيها ومغانمها ليس لتعز مصلحة ولا فائدة من ورائها، ولا تكونوا سببا وأداة لالحاق الخراب والدمار والفوضى والتقاتل والانفلات العام بتعز وأهلها، وتعالوا لتكونوا دعاة خير وسلام ووئام واستقرار طريقا لتطور وتقدم وازدهار تعز، وخذوا مواقعكم الرئيسية في مسيرة مستقبل محافظتكم لتسهموا، وأنتم القادرون والمؤهلون، في بنائها ونهضوها ورقيها، وضعوا حدا نهائيا وكليا للتشكيلات المسلحة، وانهوا كل المظاهر المسلحة واستباحة المسلحين للمدينة، وذلك حتى يعود لتعز، كما كانت طوال تاريخها الحديث، هويتها المدنية ووجهها الحضاري المشرق، وطابعها الإنساني المسالم، لتصبح، بحق وحقيق العاصمة الثقافية لليمن والمنطقة كلها.. ولنعلم، جميعا، علم اليقين بأن تعز تستحق منا بذل كل غال ونفيس جهداً وعرقاً ودماً وروحا، وأن نتنازل لأجلها وفي سبيلها عن طموحاتنا ومصالحنا وحساباتنا الشخصية مهما غلت وعظمت، تعز هي الباقية قبلنا والخالدة بعدنا جميعا، وأن عزتها وتقدمها ونهضتها هي عزة وتقدم ونهضة اليمن كله بمراحله التاريخية وأجياله المتعاقبة من بعدنا عبر الزمن .. ولندرك جميعا بأننا نقف اليوم ، وجها لوجه ، أمام الله جل جلاله أولا، وأمام الشعب، أمام حكم التاريخ الذي لا يجامل ولا يداهن ولا يرحم، فإما أن ندخل في رحاب التاريخ مرفوعي الهامة بضمائر نقية راضية وبسجلات بيضاء ناصعة فنخلد أدوارنا الإيجابية على صفحاته المشرقة إلى أبد الآبدين، أو نخرج من رحابه مذمومين مدحورين ومكللين بعبارات الخزي والعار والانكسار .. ونخلد ذكرانا على صفحاته السوداء المظلمة إلى أبد الآبدين..
وعلى كل واحد منا أن يختار مكانه وموقعه في رحاب التاريخ وصفحاته حيث تضعه أعماله ومواقفه وأدواره، إن سلبا أو إيجابا دون حيف أو ظلم ((فهل تجزون إلا ما كنتم تعملون)) صدق الله العظيم. والله وحده الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

عبدالله سلام الحكيمي
شيفلد ـ بريطانيا ـ 21نوفمبر2013





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign