الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    كتابات /
لأي صالح عام تقرع طبول الحرب الأهلية الطائفية ؟؟

20/11/2013 08:33:47


 
عبدالله سلام الحكيمي

 


لم يحدث طوال تاريخ اليمن الإسلامي، وعلى مدى يمتد لحوالي خمسة عشر قرنا من الزمان، أن جرى استغلال وتوظيف التعدد المذهبي للمجتمع اليمني، بمختلف المراحل التاريخية، وتأجيج نيران التباينات المذهبية الطائفية والعنصرية وشحن العواطف وتعميق الكراهية والفرقة والعداء وتعبئة وتجييش الجموع البريئة والمسالمة والزج بها في أتون دوامة حرب أهلية تتخذ من الاعتبارات الدينية المذهبية والطائفية والعنصرية كما هو قائم وثائر اليوم في اليمن ونحن على عتبات ومداخل القرن الواحد والعشرين! لم نشهد ما نشده اليوم منذ مرحلة الخلافة الراشدة مرورا بالمرحلة الأموية فالعباسية والمرحلة الاسماعيلية الصليحية وانتهاء بالامبراطورية العثمانية وما تلاها من دول المماليك والأيوبيين، ولا حتى إبان مرحلة الاستعمارالعسكري السياسي الأوروبي للعالم العربي والإسلامي..
وتشهد كتب التاريخ كلها على حقيقة أن اليمنيين تمتعوا واتسموا بقدر رفيع ورائع من التسامح والتعايش والتلاحم الوطني الاجتماعي والسياسي بين كل مكوناته المذهبية والطائفية والعنصرية بل والدينية المتعددة على امتداد مختلف مراحل تاريخه الوطني السياسي والإسلامي، بل وقبل ذلك التاريخ بكثير في ظل حضارات سبأ ومعين وحميٌر وقتبان وحضرموت ويمنات، سواء حين كانت الديانة اليهودية الدين الرسمي للدولة أو بعد مجئ الديانة الإسلامية، لم ينزلق اليمنيون طوال تاريخهم نحو هاوية الحروب الأهلية المدمرة والشاملة، وأن شهدت بعض المراحل التاريخية، غير طويلة المدى، مواجهات ذات طابع قبلي اجتماعي وليس ديني أو مذهبي أو عنصري..
إن ما نعيشه ونشاهده اليوم في الوطن اليمني يُعد، دون مبالغة أو تهويل، الأكثر والأشد خطورة وأثراً وهولاً من أي وقت مضى، من حيث التعبئة والتحريض وبث مشاعر الكراهية والعداء بين مكونات المجتمع، بالاستغلال الانتهازي الخبيث للمشاعر والعواطف المذهبية للعامة والبسطاء وتأجيج لهيبها بالعزف على الوتر الديني زوراً وبهتانا، والاستثمار الرخيص لحاجاتهم وعوزهم وفقرهم وانتشار البطالة في صفوف الشباب منهم الذين يشكلون الأغلبية الساحقة وهي بطالة تزيد عن نسبة 70% بحسب بعض التحليلات البحثية العلمية والمحايدة، بتحشيدهم وتجييشهم والزج بهم وقودا لحرب أهلية مذهبية طائفية قبلية عنصرية ستكون - إن تفجرت لاسمح الله ولا قدر- مريعة ومرعبة ومهلكة ومدمرة لكل اخضر ويابس، حرب لا مصلحة ولا فائدة لكل من ينخرط فيها، بجهل أو بعلم مسبق، حرب من السهل العبث بها وتفجير بركانها في بداياتها، لكنها ستكون عصية ومستعصية على كل محاولات وجهود احتوائها والتحكم بمساراتها ونتائجها ونهاياتها حتى على الذين خططوا وعملوا ودفعوا إلى تفجيرها خدمة لمصالحهم الشخصية أو الفئوية الضيقة وغيرالمشروعة، وقد يكون ثمنها اليمن برمته، شعبا ووطنا وكيانا وهوية وحاضرا ومستقبلا، إن كل القوى والشخصيات والفئات التي تقرع طبولها وتعلن نفيرها المذهبي الطائفي القبلي العنصري إنما يخدمون وينفذون ويعملون لا لصالحهم الخاص حتى وإنما لمصالح وحسابات واجندات واستراتيجيات القوى الدولية التي يعملون تحت إمرتها ويرتبطون بها مصلحيا وولاء على حساب وضد شعبهم ووطنهم.
إن ما يجري اليوم في (( دماج)) بمحافظة صعدة من مواجهات مسلحة بين (( سلفيي مدرسة دماج )) من جهة و(( أنصارالله)) الحوثيين من جهة أخرى، والتهييج والتحريض وتحشيد وتجييش جموع متزايدة من الأبرياء والمخدوعين من أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية معا تحت دعاوى وحجج الدفاع عن الدين ونصرة أهل السنة والسلف ضد أعدائهم (( الكفار الرافضة)) من (( الزيدية أو الشيعة أو الحوثيين)) هو في الواقع عملية تضليل ممنهجة ومكثفة هدفها ليس المعلن الذي أشرنا إليه أعلاه، ولكنه يهدف في الحقيقة لأهداف وغايات أخرى أكبر وأشمل وأخطر، فقرية(( دماج)) التي تحتضن مدرسة لتدريس علوم الحديث، والسلفية منذ عام 1979م، تقريبا، ظلت منذ ذلك الحين تمارس أنشطتها بحرية ودون عوائق تذكر وتحت سمع وبصر وبرعاية السلطات الحاكمة تماما، ولم يُثر وجودها، كمدرسة دينية، أية مشاكل أو ردود افعال في قلب محافظة (( صعدة)) التي كانت، تاريخيا، أحد أبرز منطلقات أو مراكز (( الزيدية)) بل لعله أبرزها وأهمها حيث كانت الحاضنة الأولى والقوية للزيدية الفقهية والسياسية منذ انتشارها في اليمن قبل حوالي 15قرنا من الزمان وكان شأن (( مدرسة دماج للحديث )) التي اسسها الشيخ الراحل مقبل هادي الوادعي في ذلك شأن بعض الجماعات ذات التوجه المذهبي السني التي تواجدت في محافظة ((صعدة)) ولا تزال قبل وجود مدرسة(( دماج)) بزمن طويل جدا دون أن يعترض عليها أو يقاتلها أحد أو تدخل باية صراعات ومواجهات مسلحة من أي نوع مع أحد باعتبارها مدارس ومراكز لأتباع فقة مذهبي سني شافعي أو حنفي أو غيرها .. فما الذي في ((مدرسة الحديث)) في (( دماج)) وسلفييها من أسباب واعتبارات مختلفة جعلها تشذ وتختلف عن سائر مدارس ومراكز السنة في (( صعدة)) ودفعها إلى الدخول في مواجهات ونزاعات مع حركة أنصار الله (الحوثيين) مؤخراً؟؟، ونستطيع القول هنا، وفقا لتحليلاتنا ووجهة نظرنا، إن مدرسة دماج وسلفييها اختلفت وتميزت عن أمثالها، وغيرهم، في محافظة ((صعدة)) وما حولها بأربع اختلافات ومميزات رئيسية هي:
الأولى: توافد مجاميع متزايدة ومتواصلة من شباب ينتمون إلى مختلف البلدان العربية والاسلامية في أفريقيا وآسيا وكذا من بلدان أوروبا وأمريكا والاتحاد السوفيتي ((سابقا)) التي أصبحت حاليا (( روسيا الاتحادية )) والبلدان الإسلامية التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي في اسيا الوسطى والقوقاز والبلقان كالبوسنة والهرسك والبانيا، الذين قدموا الى دماج تترى وبعضهم مستصحباً عوائلهم معهم تحت دواعي طلب العلم والتدريس الديني، ولا شك أن الأعداد المتزايدة باستمرار من أولئك الأجانب المتدفقين على دماج قد شكلت هاجسا مريبا ومقلقا للكثيرين ومن بينهم بلدانهم ودولهم المنتمين اليها إضافة إلى قوى ومكونات محلية يمنية وكذا دول إقليمية مجاورة..
الثانية: أن مدرسة دماج للحديث، أو بالأصح القائمين والمسؤلين عنها ، وقعت في خطأ فادح ، من حيث علموا أم جهلوا ، حين استجابوا لمحاولات ومخطط نظام الرئيس علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن لأكثر من 33عاما، في الشطر الشمالي أولاً ودولة الوحدة اليمنية لاحقا، ووضعوا انفسهم، طواعية، كأداة وورقة سياسية دينية لخدمة وتنفيذ اجنداته وأهدافه وتصفية حساباته مع خصومه السياسيين، مقابل الدعم المادي واللوجيستي والعسكري الذي قدمه النظام لمدرسة ومركز دماج السلفي، في البداية وقبل قيام الوحدة في 22مايو1990م وما بعدها أيضا، لعبت دماج دورا مهما في اجتذاب واستيعاب أعدادا متزايدة من شباب المحافظات الجنوبية المختلفة وتأهيلهم وإعداداهم دينيا ومذهبيا وسياسيا كأنوية وبؤر عقائدية ونشطة ومتحمسة ضد نظام الحكم اليساري في الجنوب آنذاك، ثم وبعد حرب صيف 1994م التي أفضت إلى ضرب وتصفية شريك الوحدة(( الجنوبي) حزباً وجيشاً وأمناً وقيادات سياسية وقيادات دولة كبار، ومع بداية دخول نظام صالح وحلفائه الاستراتيجيين ((الاخوان المسلمين)) في مؤشرات أزمة ثقة وخلاف بينهما، بفعل إحساس نظام صالح- بعد إزاحة شريك الوحدة الاشتراكي وتصفية مؤسسات دولته بالتحالف الوثيق مع ((الاخوان المسلمين)) الذين لعبوا دور رأس الحربة الفاعلة في مواجهة الاشتراكي وحملة التحريض الديني الواسعة ووصولا إلى الحرب الشاملة لاقصائه وضربه - بأن (( الاخوان المسلمين )) باتوا، منطقيا ، يشكلون خطراً على النظام لتنامي قوتهم وتوسع نفوذهم ، سارع النظام إلى توظيف واستثمار واستخدام تأثير وقوة ((مركز دماج السلفي )) في حملة واسعة ومكثفة، عقائدية وشعبية، ضد الإخوان المسلمين في الساحة، والواقع أن مركز دماج عمل بجهد ونشاط وتفان منقطع النظير في دوره ومهمته الجديدة الموكولة له من نظام صالح، والذي يَطلِع على كتب ومطبوعات وكراريس الشيخ مقبل هادي الوادعي يلاحظ كيف كفٌر وفسٌق كل الأحزاب السياسية اليسارية والقومية والوطنية وأيضا الإخوان المسلمين وقياداتهم ومراجعهم الفكرية العليا ، معتبرا الديمقراطية والأحزاب وحقوق الانسان والحريات العامة وحقوق المرأة والانتخابات كلها رجسا من عمل الشيطان ومروقا من الدين...الخ، وكان هذا الدور وأنشطته يريح نظام حكم صالح ويخدم مطامعه وأهدافه في ضرب خصومه والتأسيس لتوارث الحكم في عائلته وحدها.
الثالثة: وعلى ضوء الفقرة الآنفة ((ثانيا)) وبمساعدة ودعم وتمويل من قبل نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأجهزة استخباراته وقادته العسكريين الموثوقين بدأت (( مدرسة دماج لعلوم الحديث)) تتجه، حثيثا ، نحو إضفاء الطابع العسكري المسلح على أنشطتها وتركيباتها وعناصرها من خلال التدريب على السلاح وتكديس الاسلحة وتزويد (( تلاميذه)) بفنون ومهارات حروب العصابات وغيرها، بمن فيهم بل وفي المقدمة منهم(( الطلاب)) القادمين من روسيا الاتحادية وجمهوريات آسيا الوسطى و الصين وغيرها من الدول والبلدان التي سبقت الإشارة اليها آنفا، وأصبحت هي أي (( مدرسة ومركز دماج)) تمارس ذات الدور والمهمة العسكرية المسلحة والتدريب العسكري التي قامت به، في نفس الوقت، جامعة الإيمان في العاصمة صنعاء، ولا شك بأن قيام نظام علي عبدالله صالح بتزويد ودعم (( مدرسة دماج )) بالاسلحة ومساعدتها في التدريبات العسكرية ومدها بامكانيات مالية ومادية سخية، وهي تحتضن وتؤهل وتعد، عقائديا وعسكريا، لمجاميع متزايدة من الشبان الوافدين من مختلف دول العالم ، وخاصة منها تلك الدول التي تحظى بأهمية واهتمام ضمن اطار استراتيجية أمريكا والغرب العالمية، لم يكن بأي حال من الأحوال بمعزل أو بعيدا عن الاجندة والإستراتيجية الأمريكية والغربية عموما، ذلك أن نظام صالح كان منذ يومه الأول في حُكم اليمن وحتى سقوطه ولا يزال مستمرا في القوى والقيادات والرموز التي حلت محل صالح في الدولة وهي محسوبة وموالية له تماما، وثيق الصلة بالدوائرالامريكية خاصة، والغربية من ثم، وتربطه علاقات ولاء وتبعية بها، ومن هنا نعتقد بأن ما قام به نظام صالح إزاء مدرسة ومركز دماج يدخل في صلب الحسابات والاجندات الأمريكية والغربية، في إعداد وبناء وتقوية مركز ومدرسة دماج وسلفييها لتكون بمثابة النسخة الثانية لحركة ((طالبان)) و((القاعدة)) في اليمن تناط بها مهام وأدوار في الداخل اليمني من ناحية، وفي العمل ضد دول الجزيرة العربية والخليج بهدف زعزعة أمنها واستقرارها وخلخلة نظم حكمها ودولها وإسقاطها في الأخير بيد تلك الجماعات ذات التوجه المذهبي السني والسلفي كالإخوان المسلمين وجماعات من السلفية(( الجهادية)) حيث تتوافق مذهبيا مع مذهب أغلبية شعوب تلك المنطقة المهمة جدا، ولم يكن مثل هذا الدور جديدا، بل قام نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بتنفيذ ((بروفات)) أولية له، خلال أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين باحتضان معارضين متطرفين سعوديين، خاصة، وتدريب إرهابيين وتسليحهم وتهريب الاسلحة والمخدرات وتزوير العمله إلى السعودية خاصة، إلا أن السعودية نجحت في الحرب على الإرهاب نجاحا باهرا واستطاعت القضاء عليهم واستئصالهم، وامتد مثل هذا الدور ليشمل بلدانا أخرى كمصر وسوريا والشيشان والصين والجزائر وغيرها..
الرابعة: إن مدرسة ومركز دماج لعلوم الحديث لم تتقيد وتلتزم بالمنهج القرآني الإسلامي الأساسي الذي يأمر ويلزم جميع المؤمنين به بالعمل على تعميق وتعزيز عرى وعلاقات الإخاء والتلاحم والتعاون والوحدة بين المسلمين جميعا، وينهي ويبغض كل أسباب وعوامل الفرقة والصراع والتنابذ بينهم، بل راحت تتبنى وتنشر خطابا تحريضيا متطرفا يبذر بذور العداء والكراهية والتباغض والصراع والفتن بين المسلمين، من خلال تكفير الجميع أحزابا ومنظمات ومذاهب وعلماء وشخصيات ((دعوية)) بارزة، وتسفيه وتحقير معتقداتهم الفكرية والفقهية والسياسية واستفزازمشاعرهم، ودعوات التحريض ضدهم، وتعميق وبث قيم وتعاليم باطلة بتصفيتهم وإقصائهم وجهادهم باعتبارهم كفارا مرتدين ومارقين، ووصل الأمر بمدرسة ومركز دماج السلفي إلى درجة لم يعد يرى فيها مسلمين مؤمنين حقا سوى أتباعها وأشياعها والرئيس السابق على عبدالله صالح ونظامه ورجال حكمه وسلطته فقط، وما عداهما منحرفين وضالين ومرتدين او كفارا جهادهم واجب مقدس!! وهكذا نجحت مدرسة دماج وسلفيوها في استعداء الجميع وتأليبهم ضدها كرد فعل طبيعي وحتمي للدفاع عن أنفسهم وحماية وجودهم وحقهم في التعبير عن معتقداتهم وأفكارهم في مواجهة ذلك المد التكفيري الشامل والأعمى..
وانطلاقا من، وعلى ضوء هذه الاختلافات والمميزات الأربع الرئيسية التي تميز مدرسة دماج وسلفييها، عن الجماعات المماثلة لها في صعدة وفي عموم محافظات اليمن، شمالا وجنوبا، ومخالفيها المذهبيين والسياسيين ، يتضح لنا، بجلاء ودون لبس أو غموض ، بأن مركز ومدرسة دماج وما شهدته ، مؤخرا، من مواجهات واقتتال مسلح دام ، وما يرتسم على أفقها وأفق اليمن كله من مؤشرات ونذر الحرب الأهلية التي يراد لها أن تكتسي بعباءات المذهبية والطائفية البغيضة والقبلية والعنصرية، لهي أكبر وأوسع وأخطر بكثير من دعاوي زائفة ومضللة بنصرة(( السنة)) والدفاع عنها! أنها مشروع كبير جرى تأسيسه وبناؤه وتقويته على امتداد سنوات طويلة بعلم ومعرفة قوى عالمية كبرى نافذة لتنفيذ دور ومهمة محددة ومرسومة بعناية ليس على مستوى اليمن فحسب، بل وعلى المستوى الإقليمي العربي والإسلامي المحيط برمته، انطلاقا من ((دماج)) و((صعدة)) و((اليمن)) كله لاحقا، بتنسيق ودعم ورعاية من قبل تلك القوى العالمية وخدمة لاستراتيجيتها الكونية ومصالحها وحساباتها وأهدافها، من خلال قوى محلية نافذة ومهيمنة كواجهات للتمويه والتغطية والتعمية، ولا علاقة لها البتة لا بدين ولا بسُنة ولا سلفية إلا في أذهان السذج.
إن ما يجري في ((دماج)) وتداعياته للمحافظات المحيطة بها من حولها ، ودعوات النفير العام والتحشيد والتجييش من كل محافظات اليمن باستغلال المشاعر الطائفية والمذهبية والعنصرية والقبلية، هو بمثابة الشرارة المُشعلة لبركان البارود الهائل الذي لن تقتصر نيرانه على دماج أو محافظة صعدة أو حتى المحافظات المحيطة بها ومن حولها فحسب ، بل ستمتد نيرانها لتحرق البلاد كلها من سيحوت إلى ميدي وحرض، وقد تتطاير شررها لتطال المحيط الإقليمي المجاور لليمن جغرافيا.. والعجيب أنه وبالرغم من كل هذه المخاطر والاحتمالات المتوقعة والمخيفة وما يمثله من تهديد لوجودنا وكياننا الوطني بكامله لما يجري في دماج وصعدة، إلا أن حكامنا الممسكين بزمام السلطة يبدو وكأن الأمر لا يعنيهم وليس من مسؤليتهم ! ولا تظهر مؤشرات جادة إلى أنهم سيبادرون لوأد وإطفاء نار الفتنة الداهمة في مهدها وبداياتها، لا بل إن هناك مؤشرات تشير إلى شكوك بضلوع أطراف في السلطة في صب الزيت في نارها بغرض تأجيجها وتوسيع نطاقها خدمة لأغراضهم ومصالحهم الشخصية او الفئوية أو الحزبية الضيقة ولو على حساب الوطن وحاضره ومستقبله!
إن وأد هذه الفتنة الداهمة وإخماد نارها وحلها حلا جذريا لا يزال متاحا وممكنا وميسورا إذا خلصت نوايا حكامنا وتوفرت لديهم الإرادة والتصميم الصادق والمخلص والأمين والمسئول، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا من خلال وعبر فرض الخطوات الحازمة الرئيسية التالية:
1) نشر وحدات الجيش وقوات الأمن حول منطقة المواجهات المسلحة في مداخلها ومخارجها والجبال المحيطة بها، وبسط الدولة لسيطرتها فيها من خلال أجهزة الدولة ومؤسساتها ومرافقها الطبيعية وفرض سلطاتها..
2) حصر كل المجاميع الأجنبية المقيمة في دماج وتقييم وضع كل فرد منهم من حيث شرعية دخوله البلاد والإقامة فيها، وترحيل غير الشرعيين منهم إلى بلدانهم، وتوزيع الشرعيين منهم على مراكز ومدارس ومعاهد وجامعات العلوم الدينية(( السُنية)) في زبيد وحضرموت وجبلة وتعز وعدن وذمار، مع إبقاء مدرسة دماج في مهامها التعليمية الدينية الطبيعية الشفافة وضمان عدم إضفاء أي طابع عسكري تدريبي أو تسليحي فيها من أي نوع وشكل، شريطة تركيزها على طلبة العلم من اليمنيين.
3) وضع خطة عمل فعالة وجادة وعاجلة لإحكام رقابة الدولة وإشرافها المباشر والكامل على طبيعة وأنشطة ومناهج وسير عمل والنظم واللوائح المالية والإدارية ومدرسي كافة المدارس والمراكز والمعاهد والجامعات المختصة بالتعليم الديني في كافة محافظات ومديريات ومراكز البلاد دون استثناء للحيلولة دون جنوحها لممارسة أية نشاطات محظورة غير مشروعة كالطابع العسكري وكذا دعوات ومناهج وخطابات التطرف والغلو والتحريض وبث الفتنة والفرقة بين المسلمين ودعاوى التكفير والتفسيق والقتل وسفك الدماء وأسباب العداء والكراهية والإلغاء لتنافي كل ذلك مع جوهر الإسلام وتعاليمه وقيمه الإنسانية السمحة..
4) توجيه إنذار حاسم لكل القوى والشخصيات والمجاميع السياسية والاجتماعية المحلية التي تبث وتهيج وتحشد وتجيش من العامة المغرر بهم والجهلة على إثارة النعرات المذهبية الطائفية العنصرية المقيتة بالكف فورا عن إثارة وتأجيج نار الفتنة والانقسامات في المجتمع تحت طائلة المساءلة القانونية والعقوبات الرادعة القوية بحقهم.
إن توافد مجاميع متزايدة ومستمرة من الأجانب القادمين من مختلف دول العالم ودخولهم البلاد والإقامة فيها سواء في دماج أو غيرها في ظل تساهل وغض نظر سلطات الدولة أو تواطئها، أحيانا، يجعل الدولة شريكة في مسئولية دعم الإرهاب والتستر عليه ودعمه، ومساهمة مساهمة مباشرة في زعزعة وتهديد الاستقرار والسلام والأمن الإقليمي والدولي، يجعل مسئوليها عرضة للمحاكمات الجنائية الدولية حتما وقانونا..
فهل يتحرك حكامنا على وجه السرعة وبدون أدنى إبطاء، في وأد الفتنة ووضع حد للحرب الدائرة في (( دماج )) محافظة صعدة قبل استشرائها واستفحالها واستعصائها على أي حل، أم أنهم لا يزالون مرتهنين وخاضعين لاملاءات وتوجهات القوى الدولية النافذة والمهيمنة ؟ وأيا ما يكون موقفهم ووضعهم إلا أن الحقيقة الكبرى التي أكدتها الأحداث التاريخية القريبة الماضية، تؤكد بأن القوى الدولية تلك المراهنين عليها لم ولن تحميهم وتنقذهم من غضبة شعبهم وثورته العارمة إذا انفجرت في وجوههم، ولهم الخيار مع شعبهم وإرادته أم مع القوى الدولية واملاءاتها، والتاريخ لايرحم أبدا،ً والله الموفق.
عبدالله سلام الحكيمي
شيفلد ـ بريطانيا ـ 16 نوفمبر 2013





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign