الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    كتابات /
مؤتمر الحوار الحالي لن يستطيع حل القضية الجنوبية

22/05/2013 07:48:51


 
صالح محمد مسعد (أبو أمجد)
الحوار ليس ساعات أو أيام للنزهة، ولا وقت فراغ للتسلية، بل هو حالة عملية ترتبط بتحقيق أكبر كفاءة عالية من الجهد المثمر لابتكار الوسائل والطرق الممكنة وفي وقت قياسي لحل المشاكل أو الخروج من عنق الزجاجة إلى رحاب البناء والتنمية والعيش السوي.
ما يؤخذ على مؤتمر الحوار اليمني الجاري في أروقة موفمبيك، أنه الأطول زمناً والأكبر عدداً من البشر المتحاورين والأكثر صداماً بين أعضائه وتحل حواراتهم بطرق العرف القبلي، وهو المؤتمر الوحيد الذي حشرت فيه كل القضايا والمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها دفعة واحدة. وهو أيضاً الأجزل بالمال على أعضائه لخلق التنافس عليه، وهو الأكثر دعماً دولياً والأوفر حظاً في نصيبه من الدعايا الإعلامية، وفوق هذا وذاك فإن هذا المؤتمر هو الحالة الفريدة التي قسم فيها الكم الهائل من الأعضاء إلى فرق عمل متخصصة لأفراد غير متخصصين إلا فيما ندر منهم، وكل ذلك لكي تبقى العملية محسوبة على حوار لكل أطياف المجتمع، مع أن الحوار في كل فرقة لا يوجد فيها الطيف المجتمعي العام. وإنما في طريقة "من حضر كفى" أو فرض كفاية، كما هو المصطلح الفقهي في الدين. في هذه الحالة لا يغطي الحوار المساحات الاجتماعية أو التمثيل الجغرافي لكي يسمى الحوار الوطني وأمام هذا الكم من المتحاورين لا يعفي الناس التمثيل الشعبي لهم تجاه أية قضية أو مشكلة. هذا من حيث التمثيل الشرعي أما السياسي، وهو الأهم، فهو قائم في الشمال وغير متوفر في الجنوب. إلا إذا كان يعني عدم اعتراف بالملايين التي تخرج إلى الساحات رافضة لحوار الاختزال. أو أن السلطة اليمنية تسميهم الجناح المسلح أو أتباع إيران. وبالأصح الجناح المتمرد والجاحد للجارة اللدودة التي تغذينا وتسيرنا عبر اللجنة الخاصة. يعني أن المؤتمر لا يمكن أن يخرج عن هذا الإطار وخاصة عن المبادرة نفسها لكن يبدو أن مؤتمر الحوار قد حكم على نفسه بالفشل في حل القضية الجنوبية، لأنه يضع تصورات مسبقة لحلها قبل الحوار حولها، هذا أولاً. ثانياً: إن مؤتمر الحوار نُصب كفخ للقضية الجنوبية كونه تنبئ بل فرض أفراداً أو حتى فصيلا يمثلون شعبا بأسمهم للحوار.. ثالثاً: الحوار بالتالي فُرض على الجنوب كله تحت ضغط مجلس الأمن في مخالفة صريحة للتشريع الدولي لأجل خدمة مصالح دول المنطقة والدول الكبرى في تقاطعها مع مصالح أصحاب المصالح والنفوذ في السلطة اليمنية. رابعاً: إذا كان هناك نية لحل القضية الجنوبية لما حاولوا تقزيم وتسطيح وتهميش أو دفن هذه القضية في تجاهل واضح لصوت الشعب الجنوبي، والدليل على ذلك هو التكالب الخارجي والداخلي ضد القضية وجعل مؤتمر الحوار وسيلة لوأدها أو بدليل آخر هو الرؤى والتصورات لحل القضية وجذورها التي تمثل أساساً عدم الاعتراف بالوحدة أو القضية من حيث الأساس من قبل القوى التي بيدها إنجاح مخرجات الحوار.
ولم نجد الإنصاف للقضية إلا من الهاشميين الذي يئنون تحت وطأة الهيمنة والقهر منذ نصف قرن من الزمان، لكنهم لا يمتلكون القرار في مخرجات الحوار.
كم هو ادعاء وتحايل ضد الجنوبيين بأنهم في الحوار هم الممثلون للجنوب، كثيرة هي الأساليب والتشويه الإعلامي ضد القضية الجنوبية والهدف هو التخلص منها، أي كأن الشعب الجنوبي خلق خارج حدود المكان والزمان أو في جيب الشيخ العتيق أو ثنايا معطفه لكي يمنحه حق البقاء والعيش، أو كأن أناسه واقعون ضمن أسرى الغزو والسلب والسبي، ومحكوم عليه بالعبودية طوال الزمن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
هذا هو جزء من التفكير السائد تجاه الشعب الجنوبي وأرضه من قبل الطواغيت والكهنوت المستأثرين بخيرات الشعب اليمني والمتحكمين بمصيره السياسي وتوجهاته الفكرية، هؤلاء القلة من الأصنام والتماثيل المنضوية على صيغة الوطن المرتجف من خزي أفعالهم وشنيع أعمالهم بحق كل شيء حتى الإنسان. فأي حوار يفرضه هؤلاء ذوي الأجساد المحنطة برداء القبيلة والمتوشحة بلباس الزمن البالي، وأيقونات العوائد المهترئة، وأي حوار يفرض فرضاً بغطاء اقليمي ودولي تحت ذريعة ومبرر السلم العالمي، وهو في الأساس ذريعة لحفظ المصالح الخارجية والداخلية التي على ضوئها يتم الحفاظ على مراكز القوى والنفوذ ورموز القبيلة لتبقى السياسة في إطار محتواها القديم أو امتدادا لعهد ما قبل الثورة المصادرة. وتبقى بالتالي النظرة إلى الواقع والتعامل معه هي نفسها التي خلقت في ظلها وتأسست في بنيتها دوائر الأزمات، وجذور المشكلات، واكتملت في أحشائها المؤامرة التي أنتجت القضية الجنوبية التي لا يمكن حلها بحوار يستهتر بها.
فكيف لمن خلقوا هذا الكم من المشاجرات والقضايا أن يفرضوا الحوار لا أن يدعوا إليه ويكونوا هم المتسابقون على مخصصاته وأول المتحاورين للتبرير عن ذواتهم، بدليل أنهم فرضوا الحوار بحجة أنه نتاج لمرحلة ما بعد انتصار ونجاح الثورة، وهو ليس كذلك لا بعد انتصار الثورة ولا لنجاحها، بل هو نتاج حل أزمة تقنعت باسم الثورة وهي في الأساس كمبرر لطرف لقهر الطرف الآخر بين أجنحة الصراع، مثل هذا الحوار قد يصلح للشمال بأطرافه السياسية المختلفة للخروج بحلول للازمة لكنه في المقابل لا يصلح مع الطرف الجنوبي ولا يحق أن يفرض عليه للأسباب التالية:
- أن هناك وضعا خاصا طرأ على الواقع يتمثل بفشل الوحدة ليس ادعاء بذلك، ولكنه أكثر من هذا القول هو قيام حرب وانتهاكات لا تحصى ولا تعد، وأيضاً هناك تعدٍ على حرية وحقوق الإنسان الجنوبي محت بالفعل الوحدة الوطنية وكانت درساً عملياً حطم كل الترهات ومحا كل الفقاعات من ثرثرات اللفظ الأجوف وكلماته وشعاراته البراقة والعاطفية عن أسطورة الوحدة. فماذا تغير حتى يتشدقون بالوحدة الضرورة أو المستقبل. لن يستطيعوا أن يعالجوا 23 عاماً من المآسي، وهي دهر كامل من الجحيم في الذهنية الجنوبية حتى أن يوماً كألف سنة بعد الآن في الوحدة عند الجنوبيين فلا حوار إلا على استعادة الدولة.
- أن جذور القضية الرئيسية ترتبط بشراكة واتفاق انفضت وفسدت كل الاتفاقيات والشروط اللازمة لبقاء الوحدة ولا يوجد مبرر للحوار مع طرف لا يؤمن بهذه الشروط القانونية وغير مبال بمواثيق الشراكة ولم يعترف بأنها تمت وحدة بين طرفين ثم انتهت لأسباب قانونية وأخلاقية وإنسانية وبانتهائها لابد من العودة إلى الأصل وجذرها في بداية الاتفاق والعودة إلى أساس ما قبلها تماماً، وحوار لا ينطلق من جذر المشكلة لا يقبل ولا تستطيع أية قوة أن تفرض على شعب ما لا يقبل به، ولا يمكن فرض حوار يدافع عن مصطلحات وشعارات مزيفة بتبرير أو تأويل ديني ولا يجوز في الأساس للمصالح البشرية فإذا انعدمت المصلحة وابتعدت عنها انتفت أسباب بقائها أو قيامها.
- أن الحوار الجاري هو أحد الآليات التنفيذية للمبادرة الخليجية المعنية أساساً بحل الأزمة بين طرفي الصراع، والقضية الجنوبية وجدت قبل تلك الأزمة بعد سنوات وما زالت مستمرة بوتيرة متصاعدة كثورة مستقلة عن تلك الأزمة والمبادرة البعيدة عن تصور وفهم أبعاد القضية الجنوبية لانطلاق من واقعها، ولذا فإن الحوار الحالي لا يحل القضية لأنه يبتعد في منطلقاته من فهمها وليس عنده صلاحيات مقتدرة لحلها طالما هو قد عزل شعبها وحاملها السياسي من الحوار.
- أن أعضاء مؤتمر الحوار يتجاهلون تماماً أن الحوار الجاري جاء متزامناً مع نتيجة فشل الثورة في الشمال ولم يقف أمام فشل الثورة وتصاعدها في الجنوب، هذا التباين بين الثورتين المنتهية والمتصاعدة هو الذي يفشل الحوار خاصة تجاه حل القضية الجنوبية، والآن يتخلق وضعا آخر بين مجتمعين يزيد تنافرهما، ونتج عن ذلك إحياء أوضاع التباين السياسي والآيديولوجي والصراع السابق وأعادهما إلى حالة ما قبل الوحدة بين الدولتين الشمالية والجنوبية واستنفر النزعة السلوكية والآيديولوجية القديمة بين الشعبين للتمترس خلق مبررات أخلاقية ودينية أو اجتماعية او ثقافية تكون تساندية لترجيح موقف كل من الجانبين ضد ضجيج الطرف الآخر كمثال لذلك، فالذي يلجأ إلى التكفير يريد أن ينجسك أو يقهرك بسلاحه الفكري، في المقابل فالذي يتمسك بمنظومة القيم والأسس الأخلاقية التي تفسخحت بعد قيام الوحدة أو يتبرأ من روابطه المشتركة معك أو ينكر تقارب هويته معك أو صلاته الثقافية هو يعبر بذلك عن رفضه لك ولسلوكك الشاذ، وهنا المسألة أصبحت أكثر تعقيداً وأعصى على الفهم على أن تحل بالحوار .............. هناك نفور وتباين كبير لا يمكن لحوار اختزالي كهذا ان يوجد أبسط تقارب أو مؤشرات للحلول.. إذًا الحوار الجاري لن يحل قضية شعب الجنوب إلا إذا كانت ستحل على طريقة الشيخ عضو لجنة الحوار الوطني في فريق القضية الجنوبية (علي عبدربه العواضي) الذي حسم خط ازدحام السير على يد مرافقيه في جولة بيت بوس فقتل الجنوبيين لأنهم لا يدركون القانون العرفي لخط السير في مناطق القبيلة كونهم من الجنوب ويؤيد الشيخ في نهجه الديني والقبلي جماعة الإصلاح في محافظة عدن الذين يمنعون ويرفضون تسييس القضية الجنائية وكأنهم لا يعلمون أن كل قضايا ومشاكل اليمن بما فيها القضية الجنوبية ستحل بالعرف القبلي ليس إلا أو بطريقة الحسم كما حصل مع أمان والخطيب في تاريخ 15 مايو 2013م.
- والحوار الذين يدعون أنه لا سقف له، كل الذين تحت سقف موفمبيك من المتحاورين أشبه بعصابة تصر على وحدة وقودها الدم والبشر لأن الحوار ومخرجاته بأيدي أصحاب الحل والعقد منهم، من هنا نقول وندعو: أيها الكهنوت، أيها الأصنام، يا أصحاب العقول المحنطة، يا أصحاب الحل والعقد، يا من تدعون أنكم ترون برهان ربكم في السماء، يا من تراهنون على الاشلاء والدماء اكثر من الاعتراف بالواقع والولوج الى الحقيقة، اذا كان قد فرض على شباب 11 فبراير أن يتناسوا دماء الشهداء في ساحة التغيير فتأكدوا ألف مرة أن خصوصية الجنوب بخلاف ما تتصورون، فلن تتنازل الثورة الجنوبية عن قطرة دم واحدة من أجل وحدتكم التي ماتت في دماء وعقول الجنوبيين، ولو استبحتم الدماء باسمها طوال الزمن، وهذا حكم للتاريخ أمام كل العقلاء. اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign