البنك المركزي اليمني بصنعاء يفي بوعده ,, ألية استبدال العملة تبدا مهامها في في الراهده وعفار       فلسطين ... مجزرة النصيرات جريمة جديدة للاحتلال ضحايها اكثر من 600 قتيل وجريح        مفخرة «الحاملات» تغيّر تموضعها: «آيزنهاور» هدفاً دائماً لصنعاء        الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء      
    كتابات /
سفينة نوح*



 
محمد عبد الكريم المنصوب
يروى أن سيدنا نوح -عليه السلام- عندما أكمل بناء سفينته بعد أربعين عاماً من الكد والتعب، جاءه قومه المنكرون لدعوته ولوثوا تلك السفينة ببرازهم وأبوالهم حتى أملأوها بقاذوراتهم. وحدث بعد ذلك أن أصيب القوم بمرض جلدي لم يجدوا له علاجاً. وبعد أن تمكن المرض منهم رأوا أن يستشيروا كاهناً أو عرافاً عله يدلهم أو ينصحهم بوسيلة تخلصهم من ذلك الداء. فذهبوا إلى أحد الكهنة فكان أن أشار بأنهم قد ارتكبوا فعلاً عظيماً استحقوا عليه ذلك العذاب وقدر أن ذلك الفعل لم يكن سوى فعلتهم بسفينة نوح وأن علاجهم الوحيد هو أن يطلوا أجسادهم من قاذوراتهم التي على تلك السفينة. وهكذا جرت الأحكام الإلهية فلم يتعافوا من ذلك المرض إلا بعد أن طلوا أجسادهم بقاذوراتهم ونظفوا السفينة عن بكرة أبيها بل يقال بأنهم عطروها وبخروها.
هذه القصة قادتني للتفكير بحال بلدنا بشكل خاص وبقية الدول العربية والإسلامية بشكل عام. فمن الواضح أننا قد أملأنا سفينتنا بكل أصناف القاذورات فما نحن فيه من بلاء وشقاء دليل دامغ وقاطع على أننا ارتكبنا ومازلنا نرتكب زلة عظيمة يعاقبنا الله عليها. كان لذلك الزمان كاهناً فكشف لهم زلتهم فأين علماؤنا ليكشفوا لنا زلتنا. لماذا لاينبري علماؤنا في كل التخصصات والمجالات لدينا في البحث عن تلك الزلة ؟. لماذا لا تعقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات، ولماذا لا نتحدث بصدق وشفافية هل القات سر مصيبتنا أم الجهل أم الفقر أم هو عدم فهمنا لديننا الحنيف؟ وإذا كان كذلك فما هو السبيل الحقيقي العقلاني المتوازن. هل المذاهب الدينية أم الأحزاب السياسية أم أن المشكلة تكمن في ضرورة فصل الدين عن الدولة؟. قولوا لنا بماذا نطلي أجسادنا وأرواحنا كي نخرج من هذا المستنقع الذي طال بقاؤنا فيه والذي من المتوقع أن نستمر فيه إلى ما شاء الله.
التعليم ينهار والفقر تمتد شرايينه كالسرطان والتطرف والغلو يأكل الأخضر واليابس والمدنية الحديثة تنهار وشأن القبيلة يتعاظم وبعضاً من الجنوب اليمني يريد الانفصال والحوثيون عيونهم على السلطة والكيان المستقل. البترول ينضب والموارد تتآكل والفساد يضرب ما تبقى. الخريجون من كل التخصصات يملأون الأفق بطالة والآلاف في طريقهم.
اليمن بحاجة ماسة إلى وقفة عقلانية هادئة ورزينة من كل أبنائه، إلى وقفة منفتحة على العالم بكل أفكاره وثقافاته وتجاربه الإنسانية، إلى وقفة لا يستثنى فيها شيء من القراءة والتدقيق والتمحيص بغية الخروج بفكر تنويري يقودنا إلى تغيير جذري لهذا الواقع المرير. وليست مجازفة أن نقول إن أية دعوة للتغيير مكتوب لها الفشل إذا لم تأخذ بهذه الأسباب وتعتمدها كخارطة طريق ملزمة. ولعلنا لا نخطئ كثيراً إن قلنا إن اليمن بحاجة ملحة لتجربة إنسانية فريدة كون موروثها بالغ التعقيد والتخلف، وبهذا فإن كل دعوات التغيير المطروحة ينبغي أن تأخذ بالحسبان كل أدوات التغيير الضرورية لهذا الواقع المتسم بخصوصية استثنائية.
الزمان لا يرحم وكل يوم يمر دون حراك حقيقي في اتجاه التغيير الإيجابي معناه المزيد من الآمال الضائعة والاستمرار في التخلف بل والعودة إلى الخلف إن جاز التعبير وما يترتب على ذلك من نتائج تصب كلها في غير مصلحة اليمن أرضاً وإنساناً.. والله من وراء القصد.
*من حديث طويل بيني وبين أخي العلامة الصوفي فضل عبدالكريم المنصوب.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign