الوسط تنعي وتدين استهداف الكيان الاسرائيلي عشرات الصحفيين اليمنيين في صنعاء        من جرائم الاحتلال الاسرائيلي على التحرير,, أسر بكامل افرادها تحت الانقاض        الدكتور عبدالرحمن الكبسي يرثي شهيد اليمن جمال عامر ورفاقه        عدوان اسرائيلي جديد يثير سخط اليمنيين ,, وصنعاء تتوعد العدو برد غير مالوف      
    الصفحة الأخيرة /
علَّمتنا الفجائع

2011-10-19 14:45:53


 
الشيخ / الحسين بن أحمد السراجي   تواصلاً لمسلسل الفجائع والهدائم شبه اليومي منذ اندلاع حرب الحصبة أواخر مايو الماضي ويومياتنا التي تشهد أحداث هذا المسلسل وفجائعنا تنحسر وهدائمنا تنكمش.   من يومٍ إلى آخر ونحن نتكيَّف ونتأقلم مع هذا الوضع الجديد الذي فُرض على حياتنا رغماً عنا وعلى غير موعد.   مشاهد التحصينات والمتارس والآليات العسكرية والمسلحين الذين يطوفون المدن وعلى رأسها صنعاء صارت هذه المشاهد توحي لنا بأن تأقلموا مع الوضع وكأنكم في تورا بورا أو مقديشو, الوضع لا يختلف.    نتحرك صباحاً إلى أعمالنا وتلك المشاهد في واجهة أنظارنا, وبالمثل تتحرك قوافل الأطفال نحو مدارسهم يمرون بتلك المشاهد وهم يمرحون وكأن لا شيء يجلب الرعب أو يثير الانتباه.   وتخرج النساء للتسوق صباحاً وللتفاريط مساءً راجلة وفوق وسائل المواصلات وتمر بالنقاط العسكرية لا تُعيرها أيّ انتباه.   أعراسٌ هنا وأخرى هناك وزفَّات العرس وأصوات المنشدين والفنانين على إيقاع القذائف ولعلعة الرصاص واشتداد المعارك واحتدامها.   الأطفال هم أيضاً في الحارات يلهون ويمرحون.   فيما مضى وتحديداً مع بدء التوترات كان الرعب يسيطر علينا والخوف يتملكنا, ننام ونصحو فزعين ونفوسنا مريضة, نخرج حذرين, نحمل أطفالنا ووالدينا وننزح من مكان إلى آخر, تهدأ الأوضاع فنعود, وهكذا دواليك خمسة أشهر.   مللنا هذا السيناريو وملَّنا السيناريو نفسه, استفدنا منه شيئاً وأصابنا بشيء آخر.   تعلَّمنا منه المكوث بمنازلنا وعدم مغادرتها إلا في حال اشتداد المعارك خوفاً من الغاربات الساقطات على الرؤوس وخزانات المياه.   وتعلَّمنا الصبر والجَلَدَ وشيئاً من اللامبالاة, ففيما مضى كان سكان المدن يصابون بالرعب لسماع طلقة رصاص, ويهرعون إلى منازلهم وأماكن الاختباء بينما صارت الحياة اليوم أشبه بحياة البادية التي يكتسب المرء فيها القوة والشدة والصبر, دوي رصاص هنا وهناك روتيني لا يُلقي له الناس بالاً.   وتعلَّم أطفالنا ما تعلمناه, فهم يلعبون على دوي القذائف ولعلعة الرصاص, وحين يشاهدون غباراً ناتجاً عن قذيفة أو صاروخ على مكان ما يدفعهم الفضول للذهاب نحو المكان لرؤية النتائج, وهذا ما أدركته في الاندلاع الأخير للاشتباكات يوم السبت 15 أكتوبر بين مدينتي صوفان والليبية وما جاورهما.   أما ما أصابنا به فلا شك أن القلق والتوتر النفسي يسيطران على الجميع خوفاً على الوطن مما قد تؤول إليه الأوضاع فيما لو ظل كل طرف مستمسكاً بموقفه وثابتاً في مترسه قائلاً: عليَّ وعلى أعدائي, إذا متُّ ظمأنا فلا نزل القطر.   يا الله: علمك بالحال يغنيك عن السؤال   *إمام وخطيب جامع الروضة