*عبدالكريم الرازحي
(إلى روح جدتي: نُعْم نُعْمَان. التي كانت تستقبلني -كلما سافرتُ إلى القرية- بسؤال الوطن.. سؤال الحرب.
كنت إذا سافرتُ في وقت حربٍ تسألني وهي في حالةٍ من التوتر والقلق والانزعاج: تقولْ.. أيحين شتوقف الحرب؟
وإذا صادف وسافرت في وقت سلمٍ وهدوءٍ واستقرار تسألني قائلة - وهي على نفس التوتر والقلق والانزعاج-: تقولْ.. أيحين شتقوم الحرب؟)
طائرةٌ من مطارٍ شقيٍّ
مطارٍ فقيرْ
أقلعت في صباحٍ جميلٍ بلونِ الرُّخامْ
قصفت قريةً في الشمالِ الحبيبِ
جميعُ البيوتِ انمحتْ فجأةً
ونجا منزلٌ واحدٌ
منزلٌ شاهدٌ
ظلَّ وسْطَ الحُطام
طائرةٌ من مطارٍ شقيقٍ
مطارٍ غنيٍ
مطارٍ وثيرْ
أقلعت في مساءٍ حزينٍ بلونِ السُّخامْ
أبصرت منزلاً شاهداً
منزلاً شاحباً
شبحاً في الظلامْ
إنه منزلٌ شاعريٌ
بنافذتينِ مُسَالِمَتَينِ
وبابٍ يؤدي إلى حقلِ كرمٍ
وفي السقفِ عَرْشٌ
تُعرِّشُ فيهِ الغمامْ
هوَ من خوفهِ باتَ يرصدُ سقفَ السماءِ يخافُ تجيءُ المساءَ طائرةٌ مثل تلكَ التي أقبلتْ في الصباحِ
إذا هو أغمضَ نافذتيهِ ونامْ
هي من خلفهِ
من سماءِ البلادِ الحرامْ
أقبلتْ بغتةً
أفرغتْ حقدها فوقهُ
طيَّرت سقفهُ
طيرتهُ شظايا
الحجارةُ من قوةِ الانفجار
تشظَّت وضوَّت
بدت في عيونِ المشاهدِ
سربَ يَمَامٍ يطيرُ
سربَ نجومٍ تُضيءُ
سربَ حمامْ
