الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    خارج الحدود /
مقاومتان وموقفان

2010-06-30 15:07:44


 
كتب/علي محسن حميد  احيت فرنسا وبريطانيا في 18 يونيو في لندن الذكرى السبعين لإعلان بداية المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي لفرنسا في هذا التاريخ من عام 1940  من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بقيادة جنرال فرنسي مغمور وقت ذاك هو الجنرال شارل ديجول الذي دعا شعب فرنسا لتحرير بلاده من الاحتلال  تحت شعار تحيا فرنسا. وحضر إلى لندن خصيصا لإحياء هذه الذكرى الرئيس الفرنسي  نيكولا ساركوزي وشاركه فيها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون  وخصصت الـ(بي بي سي) مساحة من برامجها المرئية والمسموعة لهذه الذكرى التي تعتز بها كطرف  أسهم نشاطها الإعلامي ككل  في صنع  الانتصار على النازية  .الرئيس ساركوزي قال في هذه المناسبة  إن شعلة المقاومة الفرنسية يجب ألا تنطفئ. أما رئيس وزراء بريطانيا المحافظ فقال نحن لسنا جارين بالمعنى العاطفي فقط وهو بذلك يخالف السيدة ثاتشر رئيسة الوزراء  المحافظة الأسبق التي قالت إن الله لم يخلق القناة التي تفصل بين بريطانيا وفرنسا عبثا، في إشارة منها إلى تغليب علاقة  بريطانيا الأطلسية  مع الولايات المتحدة على علاقاتها مع اوروبا . هذه العلاقة  التي  سماها  ونستون تشرشل العلاقة  الخاصة بعد الحرب العالمية الثانية  أطلق عليها الرئيس اوباما  رصاصة الرحمة ووضعها في إطارها الصحيح بإنكار وجودها وإخراج تمثال صغير لونستون تشرشل من البيت الأبيض كان الرئيس جورج بوش الإبن هو من وضعه فيه. هذان الرجلان اللذان احتفلا بتضامن بلادهما ضد المحتل النازي  وبخوضهما نضالا مشتركا حتى حققا النصر  مع الحلفاء لايمكن أن يخطر لهما أن يطلقا على إسرائيل صفة الدولة المحتلة وأن يطالبانها بإنهاء احتلالها للأراضي العربية  كوسيلة أنجع  لتحقيق السلام. إسرائيل تحت الضرورات  فقط تزعم أن ماتحت سيطرتها من أراض عربية منذ عام 1967 هي أراض متنازع عليها خاضعة للتفاوض والحلول الوسط أي تقاسم هذه الأراضي مع الفلسطينيين. كلمة الاحتلال لاتزال من المحرمات لايقربها أحد في اوروبا وامريكا إلى حد أن البعض في الغرب تحت تأثير الإعلام المنحاز لإسرائيل يعتقد أن الفلسطينيين هم الذي يحتلون أراض إسرائيلية. وبالمناسبة المشار إليها في صدر هذا المقال بثت الـ(بي بي سي) لقاءات مع بعض  من لايزالون على قيد  الحياة من رجال ونساء المقاومة الفرنسية التي سميت "الماكي" الذين تحدثوا عن جرائم النازية ضد الإنسانية وما ارتكبته من جرائم حرب ضد المدنيين  في فرنسا وعرضت  صور مقاومين وصور تدمير أحياء سكنية  ومنها قرية  اوردو التي دمرها النازيون بالكامل وشردوا سكانها  وتبين لهم  فيما بعد  خطأ ماقاموا به وأنها لم تكن تأوي مقاومين  من الماكي وهذا الخطأ تكرر عندما أرسلت قوة الاحتلال النازية فرنسيين إلى معسكرأوشفيتز في بولندا ثم نقلتهم  للعمل سخرة في المصانع الألمانية. هذه القرية أعادت إلى الذاكرة مافعلته إسرائيل في جنين  وبيت لحم عام 2002.وفي هذه المناسبة استخدمت  البي بي سي  لغتها القديمة  " المقاومة" في وصف المقاومة الفرنسية وهي الكلمة التي لاتصف بها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي وتستخدم بدلا منها كلمة المتشددينMilitants     وهي كلمة  وسط بين المقاومة التي ينكرها الغرب ككل كحق  مشروع للفلسطينيين وبين  كلمة الإرهاب التي نجحت  إسرائيل في توظيفها لصالح احتلالها  .الولايات المتحدة حررت نفسها من الاستعمار البريطاني بالمقاومة المسلحة كمرحلة أخيرة للاحتجاج العنيف  ضد  هيمنة سياسية واستغلال اقتصادي. وبرغم صوتها الزاعق  منذ الحرب العالمية الثانية  كزعيمة للعالم الحر فإنها لاترى أن الشعب الفلسطيني من البشر الذين يستحقون الحرية والخلاص من الاحتلال.الولايات المتحدة بتواطئها مع الاحتلال الإسرائيلي لم تعد تقرأ تاريخها النضالي ضد الاستعمار البريطاني عندما قام الوطنيون الأمريكيون في 16 ديسمبر1773 مرتدين  ملابس هندية  بإغراق حمولات سفن شركة الهند الشرقية من الشاي الهندي في البحر، معتبرين هذه الشركة رمزا للطغيان والنهب والقمع  وإراقة الدماء.  كان ذلك تعبيرا رمزيا أمريكيا  عن تضامن مع شعب  كانت شركة الهند الشرقية تنهب موارده ولم يكن قد خضع للاستعمار وكان لايزال تحت حكم المغول.  هذا التضامن شكل بداية لحرب الاستقلال من الاستعمار البريطاني . في أيامنا لم يتكرر هذا التضامن مع شعب محتل  وضد دولة محتلة  إلا في السويد حيث قرر عمال السويد مقاطعة السفن الإسرائيلية لمدة أسبوع احتجاجا على وحشية  ودموية تعامل إسرائيل مع سفينة مرمرة إحدى سفن أسطول الحرية لكسر حصار غزة. أما الكونجرس الأمريكي فقد وقف التاريخ عنده عند تحقيق أمريكا لاستقلالها عام 1776 ولم يعد يعبأ بمظالم الشعوب الأخرى ومعاناتها  إلا في حدود مصالح الولايات المتحدة ومصلحة أعضائه في الحفاظ على عضوية الكونجرس والحرص على تمويل اللوبي اليهودي لحملاتهم الانتخابية.  وعندما يتصل الأمر بالأراضي العربية المحتلة  يتعمد البعض في  الغرب تجنب تسمية الأشياء بأسمائها  والاستسلام لمرئيات السياسة الأمريكية في المنطقة، فعندما أعلن الرئيس السابق جورج  بوش في الأمم المتحدة  بأن الدولة الفلسطينية ستقوم  في سبتمبر من عام 2005 سارت اوروبا وراءه مهللة وعندما قال الرئيس الحالي باراك  اوباما بضرورة وقف الاستيطان صفقت له اوروبا وعندما تراجع تحت ضغط إسرائيل واللوبي اليهودي في امريكا صمتت . الكونجرس وقوى أخرى  خارج الولايات المتحدة تمالئ المحتل الذي أقام دولته بالإرهاب والتحايل وتزوير التاريخ وتدين المقاومة وتعتبرها إرهابا.   دول أوروبا  احتلت مناطق شاسعة  في آسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية  لاتحبذ  إدانة عمل قامت به أصلا وكان الاحتلال والاستيطان  عمادي سياساتها لقرنين من الزمان وبنت بواسطتهما رخاءها وازدهارها. أما الولايات المتحدة فالمفارقة في سياستها مفجعة، ففي عام 1997 أصدر الكونجرس قانون تحرير العراق (تغيير النظام بالقوة) ورصد للمعارضة العراقية 97 مليون دولار لتمويل أعمال مسلحة ضد النظام  الذي سقط بالغزو عام 2003 وبعد ذلك عينت الإدارة الأمريكية منسقا أمريكيا للعلاقة مع المعارضة العراقية. والكونجرس على وجه الخصوص لم يبد أي قدر من  التعاطف مع حقوق الشعب الفلسطيني  في الحرية وتذوق حياة مختلفة  تحترم فيها  حقوق الإنسان ولذلك لاعجب إذا اعتبره  حتى  بعض الإسرائيليين أكثر تطرفا في دعمه لسياسات إسرائيل من الكنيست الحالي بمن فيه من قوى اليمين  الفاشية والإرهابية الحالية. هذا هو الكونجرس الذي تعتمد  إسرائيل على وقوفه معها  وعلى تبنيه سياسات  تتعارض أحيانا مع سياسة البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية. حتما سيأتي وقت لاتغتال فيه  السياسة  المبادئ وتباع القضايا العربية في مزاد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الولايات المتحدة ولكن ذلك مرهون بتغيير موازين القوى الدولية وموازين القوى بمعناها الشامل  بيننا وبين إسرائيل.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign