قوات صنعاء تكسف عن عملية عسكرية جديدة في خليج عدن والمحيط الهندي        الحداد ينسف ماجاء في التقرير المرجعي لبنك عدن بالوقائع والاحداث        صنعاء تتوعد اسرائيل وامريكا بمرحلة تصعيد جديدة        نقابة الصحفيين تدين استهداف امينها العام في صنعاء      
    تحقيقات. /
السجناء المعسرون.. منسيون خلف القضبان

2010-08-18 19:58:55


 
استطلاع/ رشيد الحداد  في شهر الرحمة تلين القلوب وتتجدد آمال المدينين والغارمين والقابعين خلف سياج السجون المنيعة من معسرين ومعدمين ليس لهم من سبيل للخروج إلى فضاء الحرية لفقر أسرهم وقلة حيلتهم واستسلامهم لحكم الأمر الواقع البقاء في غياهب السجون والتعايش مع الفراغ القانوني حتى يكتب الله لهم فرجا ومخرجا، فسجون اليمن لم تعد مجرد إصلاحيات كما يفترض أن تقوم بتأهيل المجرمين والمنحرفين بل مقرات إقامة جبرية لآلاف السجناء المدينين الذين صدرت بحقهم أحكام مفتوحة لا حدود زمنية لها وإنما موضوعية بـ المبالغ المالية المستحقة للغير التي تتباين بين الديات والأروش والتعويضات وغيرها، كما يتباين حجمها بين المتوسطة والكبيرة جدا والممكن سدادها التي لا تتجاوز المليون والمستحيلة دفعها والتي تتجاوز عشرات ومئات الملايين.. المعسرين في السجون .. الأسباب والتداعيات في التفاصيل  تعد قضايا المعسرين في السجون اليمنية من القضايا المعقدة التي تحمل في طياتها الجرم والظلم والمأساة الاجتماعية من جانب والفراغ القانوني والنسيان من جانب آخر، فمحددات قضية المعسرين لا تخرج عن دائن ومدين في أحيان كثيرة يقف جميعهم أمام القضاء ضحايا ولا فرق بين الجاني والمجني عليه، ويصنف المعسرون في السجون إلى عدة شرائح الأولى معسرو الحوادث المرورية الذين تصدر بحقهم أحكام إلزامية تضع الجاني بغير عمد أمام خيارين لا ثالث لهما إما دفع ديات الضحايا وأروش المصابين أو السجن حتى يكتب الله له فرجا ومخرجا ونتيجة ارتفاع نسب الحوادث المرورية إلى عشرات الآلاف فإن السجناء على ذمة حوادث مرورية يرتفعون بارتفاع المسببات، حيث تتباين المطالب المالية المحكوم بها إلى الملايين كدفع الديات وتتجاوز فواتير الدواء عشرات آلاف الدولارات، تفوق كل القدرات المالية للمعسر وأسرته أما الشريحة الثانية من السجناء المعسرين القابعين خلف الأسوار فهم ضحايا الخلافات التجارية بين شركاء أو عملاء أو عامل ورب العمل ومعظمهم تصدر بحقهم أحكام لا حدود زمنية للسجن وتصل المبالغ المالية المستحقة للغير عشرات بل مئات الملايين والبعض منهم مليارات الريالات، ويندرج في إطار ذلك السجناء بلا رصيد على ذمة شيكات أصدروها بلا رصيد للغير وتصدر بحقهم أحكام بالسجن لعام أو عام ونصف، يضاف إلى ذلك أنهم ضحايا غياب روابط قانونية بين العامل ورب العمل بحيث يقع العامل ضحية رب العمل حالما رفع عليه قضية حقوق في مكتب العمل فيتم اتهامه بخيانة الأمانة ويلبس تهمة كيدية بقوة المال والجاه والسواد الأعظم منهم مظلومون بلا حدود، ويلي العمال المعسرين في السجون بأسباب مبالغ مالية لا تتجاوز مئات الآلاف ولا حدود زمنية لبقائهم في السجون أو الإفراج عنهم إلا بسداد حقوق الغير أما الشريحة الثالثة التي تتحرك النيابات من أجلها وهي خليط من أرباب السوابق وصغار المعسرين الذين ليس لدى معظمهم غرماء، حيث يعزف الغريم عن متابعة القضاء ويكتفي بدخول الآخر السجن ويندرج في السياق أرباب السوابق في النشل والسرقات الذين يعزف غرماؤهم عنهم فيتم الإفراج عنهم لكثرتهم ولقلة المديونية المستحقة عليهم التي تسهل عمل لجان الإعسار وفاعلي الخير. وتعد الشريحة الرابعة من الشرائح المعقدة لارتباط عسرها بقضايا قتل غير عمدي وأحكام الديات أو سقوط حكم الإعدام عليهم بمقتضى أحكام قبلية أو تصالح يفضي إلى إسقاط الإعدام مقابل القبول بعدة ديات، ولعدم قدرة القاتل وأسرته على دفع الديات المقررة يظل رهينة سداد حق الغير من الديات وبحكم المعسر.  المعسرون بين الماضي والحاضر  قبل أن تشكل لجنة خاصة بالنظر في قضايا المعسرين في العام 2007م من قبل رئاسة الجمهورية من عدة جهات قضائية وحقوقية كان مشهد بعض المعسرين من أصحاب الديات والمحكومين بأروش المدينين للغير والذين قضوا ما بين خمس إلى 10 سنوات في السجن يتم إخراجهم إلى الشوارع العامة خلال أيام شهر رمضان وبرفقة حارسين اثنين لكل سجين موثق بقيود حديدية للبحث عن مساعدات حتى أنهم كانوا يجوبون الأسواق العامة، تلك الحقيقة المأساوية التي اختفت خلال السنوات الخمس الماضية نتيجة إيجاد آلية اللجان المختصة التي يشارك فيها قاضي إعسار وعضو نيابة وعضو من وزارة حقوق الإنسان حدت من المشهد الذي كان سائدا في العاصمة صنعاء، ويعمل في إطار اللجنة العليا لجان في المحافظات للتفتيش على السجون الاحتياطية واللجان الفرعية للنظر في شئون المعسرين في كل المحافظات برئاسة قاضي إعسار، وتعمل اللجنة وفق معايير محددة كإخلاء سبيل السجين بعد انقضاء ثلاثة أرباع المدة القانونية في السجن ودفع ما عليه من ديون مستحقة للغير، ورغم أهمية دور اللجان إلا أن المخصصات المالية للإفراج عن المعسرين لا تفي بالدور الإنساني للجان وقضايا المعسرين مما يدفعها للبحث عن الكم العددي بما ينسجم مع المبالغ المخصصة التي وصلت العام الماضي 150 مليون ريال وهو مبلغ ضئيل بقدر المديونيات الضخمة المستحقة للغير من السجناء المعسرين، علما بأن اللجنة لا يبرز دورها سوى في شهر رمضان مع أن عملها طيلة العام، وتصل نسبة صغار المعسرين 70% من إجمالي السجناء المعسرين ونسبة 30% يصنفون بكبار المعسرين والذين تقل فرص قضاء الديون عليهم بينما تكون كبيرة لدى صغار المعسرين في السجون لقلة المخصصات السنوية التي تعمل على ضوئها اللجان.  مكرمة الرئيس بمناسبة الذكرى العشرين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وبناء على توجيهات رئيس الجمهورية أفرجت النيابة العامة عن مئات السجناء الذين قضوا ثلاثة أرباع المدة القانونية حيث تم الإفراج عن 42 سجيناً من مركزي تعز و74 سجينا من قبل نيابة استئناف جنوب الأمانة ومحافظة الحديدة و17 سجينا أفرجت عنهم نيابة استئناف محافظتي صنعاء والضالع، كما تم الإفراج عن 57 سجينا في كل من محافظتي ذمار وريمة، منهم 43 سجينا من مركزي ذمار و14 سجينا من ريمة و13 سجيناً من مركزي المحويت كما تم مساعدة 7 سجناء معسرين، وبالرغم من قلة السجناء المعسرين الذين شملتهم المكرمة الرئاسية إلا أن لجان التفتيش على السجون كان لها دور إيجابي على السجون من الداخل من حيث المعاملة والتغذية وغيرها، وتعتبر أمانة العاصمة الأولى في عدد السجناء المعسرين تليها محافظة تعز في المرتبة الثانية ثم محافظة الحديدة في المرتبة الثالثة في نسب السجناء المعسرين. استحقاق التعويض إن سجن المعسر إشكالية قانونية بحد ذاتها تنتقل إلى مشكلة أقل حجما وضررا على بعض أصحاب الحقوق المالية لدى بعض المعسرين فمنذ ثلاث سنوات والمواطن طه حمود عبده الحاج يركض وراء تعويض لجنة حقوق الإنسان التي أفرجت عن غريمه بتاريخ 9/6/2007م من السجن المركزي بصنعاء وتكفلت بتعويض طه الحاج مبلغ وقدره 100 ألف ريال سعودي ومن حين إطلاق سراح المعسر (ع.ع.م) وصاحب الحق في سلم انتظار التعويضات التي ينتظرها العشرات من أصحاب الحقوق المستحقة والتي تكفلت بها اللجان لضآلة المبالغ المالية وفي مثل هذه الحالات ينبغي على اللجان أن تفاوض أصحاب الحقوق على نسب معينة حتى يتسنى لها دفع مستحقات الغير خيرا من التشكيك في مصداقيتها والتأثير على أدائها وتتحول إلى غريم. صرخة سجين معسر  من خلف جدران السجن المركزي بصنعاء أطلق السجين المعسر فيصل علي الفتيني أسعد صرخته الثانية عبر منظمة هود يستجند فيها بأصحاب الضمائر الحية والأثرياء، مفاد صرخة المعسر فيصل أنه قضى عاماً وثلاثة أشهر في حالة فراغ قانوني وعليه 450 ألف ريال وهو مبلغ أكبر من قدرات أسرته المعدمة التي تعيش في فقر مدقع وبعد أن قضت المحكمة بالزج بعائلها خلف القضبان لا يعلم كيف حالها، ويتابع فتيني.. رغم انقضاء المدة القانونية المحددة بـ7 أشهر إلا أني سجين لعامين في المركزي كوني معسراً إعسار قهري حيث حكمت المحكمة بغرامة وأتعاب لخصمي بـ450 ألف ريال كما تقدمت للجنة الإعسار ولكن الوعود التي حصلت عليها أصبحت سراباً يحسبه الظمآن ماء، إن إطلاقي من السجن لا يعني إنقاذي من ظلمة السجن وحسب وإنما إنقاذ أسرتي من الشتات والضياع، ودعا السجين المعسر أصحاب القلوب الرحيمة للأخذ بزمام المبادرة الإنسانية والنظر إلى حالته بعين الرحمة آملا أن تستجاب دعوته وأن يعيد أهل الخير البسمة على شفاهه وإدخال الأمان والفرحة لأسرته. دعوة لأهل الخير لإنقاذ معسر  بسبب خلافات تجارية قوامها 850 ألف ريال وجد عبدالرزاق سلطان الخامري نفسه خلف قضبان السجن المركزي بصنعاء ولكن مشكلة الخامري معلقة بين عدم الإقرار بالمبلغ المدعى فيه والمعسر وما زاد الأمر تعقيدا هو صدور حكم بالسجن غير محدد زمنيا هو سجن مفتوح من الممكن إغلاقه بدفع المبلغ المستحق للغير مضافا إليه تكاليف التقاضي، وأكدت أسرة الخامري أنها فقيرة وليس بمقدورها دفع المبلغ المذكور وعبر الوسط ناشدت رجال المال والأعمال ولجنة حقوق الإنسان إنقاذ ابنها من السجن وتقديم المبلغ المستحق للغير عليه لكي لا يظل عاما بعد آخر سجيناً.  رجال الخير  بادرة إيجابية أن يأخذ بعض رجال المال والأعمال بزمام المبادرة خلال شهر رمضان ويتكفلون بسداد مديونيات مستحقة للغير على المعسرين في السجون أو ديات وأروش نتيجة حوادث مرورية أو قتل خطأ نتمنى أن تتضافر جهود فاعلي الخير خلال رمضان الحالي لفك أسر معظم المعسرين خصوصا الذين قضوا عدة سنوات داخل السجون.   كما نتمنى أن يشهد العام تأسيس كيان إنساني لنفس الغرض ابتداء بحصر السجناء المعسرين ومتابعة قضاياهم في المحاكم وتدشين حملات ميدانية لمساعدتهم ماليا ومن ثم سداد ما عليهم من ديون للغير والأخذ بزمام المبادرة في التواصل مع أصحاب الحقوق المستحقة وطرح موضوع التنازل عن جزء يسير بما يجودون به من أجل تخفيف المديونية وتسهيل طرق الإفراج عنهم، خصوصا الذين يواجهون أحكام مفتوحة، فدور منظمات المجتمع المدني في هذا الجانب لا زال قاصرا وغياب دورها كطرف ثالث بين الدائن والمدين ضرورة إنسانية وأخلاقية.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign