إعلان بريطاني عن تعرض سفينة لمطاردة قبالة المهرة       أمبري البريطانية تعترف بفشل التحالف الامريكي في حماية الملاحة الاسرائيلية       امريكا تقر بصعوبة المعركة في خليج عدن ,, وتتحدث عن اشتباك بحري واسع        انسحاب مذل لحاملة الطائرات الامريكية " ايزنهاور من البحر الأحمر      
    تحقيقات. /
القلب – السكري – السرطان أبرزها..سوق الدواء اليمني بين مد التهريب والتزوير و جشع التجار

2010-02-10 19:42:08


 
استطلاع/ رشيد الحداد   شهد سوق الأدوية المهربة والمزورة نشاطا مخيفا خلال الأعوام القليلة الماضية في ظل عشوائية الاستيراد في بلد الشواطئ المكشوفة والأجواء المفتوحة وسقوط الضمائر في وحل المال ليتحول الدواء إلى داء في بلد تسكنها أمراض عصرية تعدت خارطة الأمراض العالمية ورغم تجاوز خطر ظاهرة التهريب الخطورة إلى فداحة الضرر الذي أزهق أرواحا ويكبد الدولة ما يزيد عن 5 مليارات ريال سنويا إلا أن تنامي الظاهرة يكشف تهالك قدرات الدولة على الضبط والسيطرة وضعف استجابتها في القيام بوظائفها الرئيسية ومنها حماية المواطن الذي أصبح عرضة لادوية الموت المهربة على مرأى ومسمع.. إلى الفقرات التالية.   تنامت ظاهرة دس الداء بالدواء واتساع نطاق مخاطرها على صحة المواطن اليمني واقتصاده وحقه في الحياة فأدوية مهربة مجهولة المصدر وأخرى متشابهة وثالثة مغشوشة ورابعة مفخخة وتندرج في إطار الممنوعات، حجم الخطر الكمي وفق إحصائيات مؤكدة 32 صنفا دوائيا مجهول المصدر غالبية تلك الأصناف مهربة ومقلدة لأدوية مشابهة أصلية تباع بأسعار مرتفعة لا يقوى على شرائها المواطن البسيط وتشير الإحصائية غلى أن 175 صنفا من الأدوية المهربة محددة المصدر، مكامن الخطر -كما تشير إليه تقارير رسمية- يتجاوز 70% من حجم الأدوية المعروضة في سوق الدواء اليمني إلا أن ذلك الحجم الكارثي المتداول يقل عما كان عليه حال سوق الدواء في مطلع تسعينيات القرن الماضي بنسبة 80% من حجم المعروض من الدواء.   تجارة رائجة   يرى أحد الصيادلة الذي تحفظ عن ذكر اسمه تزوير وتقليد الادوية تجارة رائجة لا حدود لها في اليمن ولا يجيدها سوى فئة المهربين والمقلدين فقط حيث أفاد بأن المقلدين للدواء يعمدون إلى دراسة وضع سوق الدواء ومعرفة الأصناف الدوائية الاكثر استهلاكا وربحية ومن ثم يغرقون السوق بنفس الصنف الدوائي ونفس الاسم التجاري والشكل الخارجي والعلامات الخاصة استغلالا للسوق، أما تزوير الدواء متوسط الثمن والتكلفة فيرى أن الكثير من هذه الأصناف يتم تزويرها كليا ويعتمد المنتجون المجهولون المصدر محليا على تمويه الرقابة، بحيث يتم تغيير الشكل الخارجي واللاحق ولون المنتج أما من؟ وكيف؟، ولم؟ فيرى أن جميع المعلومات لدى وزارة الصحة والجهات المعنية في مكافحة تهريب الدواء، فالأمر أصبح لا يخفى على أحد، فبإمكان أي مراقب أن يقف أمام صيدلية ويرى أكثر من عشرة أنواع لصنف واحد.   فجوة هائلة   تفشي تجارة الأدوية المهربة في الأسواق المحلية ليست سببا في حد ذاته بل نتيجة طبيعية في ظل احتكار القلة للسوق الذي تصل أرقام عائداته السنوية إلى مئات الملايين، فالفجوة بين ما يستهلك من الدواء وبين ما ينتج محليا تتجاوز الـ90% ويتم سداد الفجوة من مصادر خارجية، حيث تعتمد اليمن على 50 دولة لسد الاحتياج يستورد القطاع الخاص والمختلط منها ما قيمته 160 مليون دولار بنسبة 86% من حجم الاستيراد الكلي، بينما توفر عشرة مصانع دوائية محلية تنتشر في اليمن وتتركز في العاصمة وعدن تصل تكلفة الواحد منها إلى ما بين مليون إلى أربعة ملايين دولار، ما نسبته 4.92% من حجم الاستهلاك للادوية وتشير الإحصائيات إلى أن وزارة الصحة والسكان تستورد 320 صنفا من الأدوية المسجلة علميا لتلبية احتياجات المستشفيات العامة والمراكز الصحية التابعة لها فضلا عن وضع ضوابط على بعض الأدوية التي تستورد عبر وزارة الصحة والتي يتم اختبار مدى جودتها.   جشع التجار   دواء مرض القلب والسرطان والمضادات الحيوية الباهظة الثمن ادوية أكثر تقليدا وتهريبا في سوق الأدوية المهربة لارتفاع أسعارها وشدة احتكار استيرادها، وغياب بدائل أمام المرضى تتناسب مع قدراتهم المالية الدكتور/ خليل المفلحي عزا ارتفاع تهريب أدوية مرضى القلب وغيرها من الأدوية المرتفعة الثمن إلى جشع التجار، مشيرا إلى أن الادوية التي تهرب غالية جدا كـ"البلافكس" الذي يستخدمه مرضى القلب والذي يباع بـ150 ألف ريال من قبل الوكيل ويباع المقلد بـ9 آلاف ريال فقط وكذلك دواء "ديوفاز" يباع الأصلي بـ10 آلاف إلى 9 آلاف ريال والمقلد من 4 إلى 5 آلاف ريال وكذلك الانثوبينك والاجومنيثني وهي مضادات حيوية يباع "الباكت الأصلي" بـ4500 ريال وتباع المهربة بألفين و500 ريال وأضاف المفلحي، هناك بعض من تلك الأدوية ليست مضرة بالصحة أما المقلدة والمزورة فلا يجوز بيعها أو شراؤها، خصوصا الأدوية المجهولة المصدر وحول دور وزارة الصحة أشار إلى وجود حملات تقوم بها وزارة الصحة ولكنها ليست بالدرجة المطلوبة.   أخطبوط الدواء   تشير أصابع الاتهام إلى أخطبوط الدواء الذي يحظى باعتراف رسمي، حيث أكدت الهيئة العامة للأدوية وهي الجهة المعنية بمكافحة تهريب الأدوية أن عمليات تهريب الأدوية تقف خلفها عصابات منظمة تتخذ من بعض دول القرن الأفريقي والدول الآسيوية محطة لتزويد وتصدير الأصناف الدوائية ذات الأسعار المرتفعة ووفق دراسة علمية أشارت إلى 73 صنفا من الدواء المهرب يأتي من السعودية تليها مصر بـ67 صنفا، ويليها الهند بـ9 أصناف والأردن وإيطاليا وباكستان وكرواتيا وأسبانيا وعزت الأسباب إلى ضعف الوازع الديني والإنساني لدى المهربين وقصور التشريعات والقوانين الخاصة بمكافحة ظاهرة التهريب والتزوير الدوائي وكذلك إلى عدم وجود نيابة خاصة تبت بمثل هذه القضايا الجنائية كونها تندرج في إطار جرائم القتل باعتبار الدواء يرتبط بحياة أو موت الإنسان أحيانا وسبق للهيئة العليا للأدوية أن أعدت استراتيجية للحد من ظاهرة تهريب الدواء حسب تأكيد المختصين إلا أن الاستراتيجية لم تحد من ذلك حتى في الحد الأدنى، فالبدائل لبعض الأدوية وتطبيق أسعار مناسبة وتطبيق معايير الجودة والفاعلية العلاجية لا زالت دون أدنى مستوى.   المحببون والمفلسون   خلال نزولنا الميداني إلى أكثر من صيدلية في العاصمة تبين لنا أن ثمة مشكلة تدور في فلك آخر، فالإقبال على الداء أصبح موضة شبابية كما يبدو، في إحدى الصيدليات كشف لنا جملة من أدوية قيل لنا إنها تصرف من قبل أطباء مختصين ولمرة أو مرتين فقط وهي "ديزبام – بزادولام- لورزبام- ثيوبنتال- كيتامين" بالإضافة إلى أنواع أخرى وجميعها تندرج ضمن مواد مخدرة حسب تعريف منظمة الصحة العالمية، كون تلك الأصناف تحتوي على مواد خام تتفاعل مع الكائن الحي وتسبب الاعتمادا لنفسي أو الجسماني أو الاثنين معا وتؤدي إلى الإدمان والمؤسف أن تلك الأصناف الخطيرة أصبحت الأكثر طلبا بل تباع بكميات كبيرة وهي من الأدوية المهربة والرخيصة الثمن بحيث تتراوح أسعارها بين 100 ريال إلى مائتي ريال للشريط الواحد ويعود أسباب رخص تلك العقاقير إلى دخول شركات هندية وباكستانية منافسة، علما بأن الصيدليات الأكثر مبيعا لتلك الأصناف الخطيرة هي صيدليات مفلسة ماليا وأصحابها مفلسون أخلاقيا وإنسانيا.   أدوية القلب الأكثر تهريبا   خلال تواجدنا في سوق الدواء في العاصمة علمنا بأن هناك كميات محجوزة من الأدوية غير المهربة إلا أن ما لفت نظرنا هو وجود أدوية مهربة ليس لها وكيل في اليمن ولم يتم تسجيلها من قبل مثل "ملوبيرث" وأدوية أخرى كأدوية الضغط وأدوية السكر إلا أن أدوية القلب هي الأكثر تهريبا من أدوية السكر، الغريب في الأمر أن الادوية التي حجزت في مطار صنعاء العام الماضي وصلت إلى 60 صنفا من دون وكيل وما يزيد الغموض أن أدوية خاصة بمرض السرطان مصدرها: مصر، الهند، الأردن، يتم تهريبها وتباع بأسعار رخيصة، فدواء "جلفاك" يباع الأصلي بـ8 آلاف ريال بينما يباع المهرب بـ3 آلاف ريال فقط وهذا النوع من الدواء خاص بسرطانات الدم ناهيك عن إبر الايفستين والهيرسبيشن وأصناف أخرى من أدوية السرطان التي تتفاوت أسعارها بين 100% للأصلي التي تأتي عبر الوكلاء و50% للتي تأتي بطرق غير مباشرة وما يزيد الأمر ريبة وشكاً هو أن التقارير الرسمية تؤكد أن تجارة الادوية المهربة تتجاوز نسبتها الـ55% من إجمالي عام الادوية الصحية التي تستورد إلى الأسواق اليمنية.   الاخ/ صلاح العامري صيدلي بصيدلية يشفين أفاد أن بعض الادوية السرطانية التي يتم تهريبها إلى اليمن هي أدوية تصنع للبلد المنتج فقط ولا تصدر، مشيرا إلى أن الأدوية المهربة مضرة بالصحة مهما كانت طبيعية فهي حسب قوله تتعرض لحرارة الشمس وللرطوبة العالية ويتم تخزينها بطرق غير سليمة واعتبر العامري عملية التهريب قضية وطنية تتعلق بصحة الإنسان اليمني وحلها مرهون بإعادة النظر بأسعار تلك الأصناف من الوكلاء ومن قبل وزارة الصحة كون أسعارها مرتفعة جدا، مشيرا إلى أن هناك نفس الأصناف من الدواء يحمل نفس الشركة ولكن يختلف الوكيل يتم تهريبه من دول الجوار وفي ختام تصريحه تمنى على وزارة الصحة تكثيف حملاتها الميدانية وتشديد رقابتها على المنافذ البرية والبحرية والجوية.   9112 مريضاً دون دواء   مرضى السكري ومأساة البحث عن حق الأنسولين   يخوض مرضى السكري معركة غير متكافئة في بلد اعتبر دستوره حق الدواء ركيزة أساسية لبناء المجتمع وتقدمه حسب المادة 32 وألزم الدولة بكفالة ذلك الحق الأصيل حسب المادة 55، إلا أن واقع مرضى السكري في الصيدلية المركزية التابعة مباشرة لوزارة الصحة العامة التي اعتمدت برنامجا خاصا لدعم المرضى الفقراء ولكن جمعت المأساة بين فقر مدقع ومرض مزمن.. صباح الأحد تواجدت الصحيفة أمام برنامج دعم المرضى الفقراء الكائن في باحة المستشفى الجمهوري في العاصمة لنشاهد مرارة الفقر والألم وتعاسة حظ الإنسانية في بلد الحقوق في عيون المرضى وحسراتهم أمام الصيدلية الخالية من الدواء، فمرضى لم يستلموا مستحقاتهم من أنسولين السكر منذ خمسة أشهر وآخرون منذ 3 أشهر ومنهم من حصل على كرت مساعدة دوائية بشكل دوري ولم يستلم حتى لمرة واحدة.   محنة البحث عن أنسولين   البداية كانت مع المريض/ حسن علي محمد الذي يتذكر آخر يوم حصل فيه على دواء الأنسولين في 4 نوفمبر الماضي ومن حينها لم يستلم.. يتابع قائلا: أتردد بشكل يومي بحثا عن أنسولين ولكن يقولوا لنا الأربعاء ستأتي الكمية فنأتي ويقولون لنا الأحد والاثنين ولكن مهمة البحث عن أنسولين طالت، وبمرارة يتابع حسن القول: يعلمون أهمية علاج الأنسولين لمرضى السكر إنه مثل الماء يستحيل العيش بدونه إن مصيرنا هو مصير حياة أو موت.. وأضاف: ذهبنا إلى وزارة الصحة وقالوا لنا ما بش وعدنا إلى حيث أتينا.   أما فتوح ناصر علي فتقول: لم أستلم منذ ما بعد العيد وحاولت شراء أنسولين من أبو 1700 ريال وما نفعش قالوا مهرب وتشاطرها الألم نعمة ثابت عوض التي تحمل كرتا سجل عليه آخر تاريخ استلامها لدواء الأنسولين بتاريخ 28/12/2009م أما محمد عبدالله عوض فيتذكر آخر يوم استلم فيه دواء الأنسولين 28/10 الماضي وما لفت نظرنا هو قول أحمد ناصر أحد المرضى أن مئات المرضى عادوا بدون علاج والعلاج الذي وزع على المرضى هو 500 حبة فقط صرف لـ500 شخص يوم السبت الماضي.   غيان/ قالوا لنا ما فيش   المسن/ صالح محمد غيان مريض بالسكر وجدناه أمام إحدى الصيدليات الخارجية وهو في حالة مأساوية، حاملا مرضا مزمنا أنهك جسده واستحوذ على كل ما يملك كرجل فقير، عندما سألنا عن محنته مع المرض قال أصبت قبل عام بالسكر ومنذ عام وأنا أتردد على الصيدلية ولم أحصل سوى على هذه الحبوب فقط وباقي العلاج قالوا لنا ما فيش فاشتريت ما استطعت عليه والباقي على الله وحول مستوى ارتفاع السكر قال الدكتور قال لي إن النسبة 400%.   أحد العاملين في توزيع الدواء بالصيدلية المركزية كشف لنا عن ارتفاع أرقام المستفيدين من المعونات الدوائية، عدت   مشيرا بالقول اليوم نسجل الرقم 9 آلاف و112 مريضا وهو رقم يفوق الدعم الذي نحصل عليه وكل يوم ونحن نستقبل مرضى سكر جدد ونرفع تقارير إلى وزارة الصحة ولم تأت أي استجابة والمؤسف ان يتجاوز أعداد مرضى السكري ثلاثين ألف مصاب دون أن تقوم الوزارة بدورها، فالبرنامج الخاص بدعم الأمراض المزمنة تصل ميزانيته الخاصة إلى ملياري ريال ورغم ذلك لم يجد الفقراء الذين سكن أجسادهم داء السكر حق الحصول على الأنسولين بصورة دائمة، فالانقطاعات المتكررة للدواء والتي تستمر لعدة أشهر حولت حياة الفقراء إلى جحيم بينما تورد بعض تلك الأدوية إلى الصيدليات الصديقة حسب قول المرضى الذين يتساءلون عن المناقصة المعتمدة للدواء الذين اعتادوا على سماعها من القائمين على توزيع الدواء فحرمان مرضى السكري الفقراء من حقهم في الدواء تحت مبرر المناقصة ما أرسيت.. المناقصة لم تفتح عطاءها.. العلاج في المختبر، تحول إلى المخازن سيخرج منها يوم السبت وبعد ذلك الأحد ومن ثم مماطلة الفقراء أسبوعا وراء آخر وشهراً وراء آخر دون أدنى اعتبار لشيوخ أنهكهم المرض يترددون على مركز دعم المرضى الفقراء كل صباح دون أن يجدوا سوى مبررات واهية.   لا يوجد مقياس لمدى الإهمال الصحي في اليمن سوى ما شاهدناه  في أرشيف أعرق مستشفى مركزي إنه المستشفى الجمهوري التعليمي في أمانة العاصمة، فمقياس الإهمال الذي يعانيه الجانب الصحي في اليمن يقترب من عدم القدرة على تخيله ومستحيل حدوثه ولكن لا مستحيل أمام الممكن في وطن استوطنه المرض والجهل والفقر ورغم أن دلالات المشهد التي ستبينه الصورة يعد رسالة لمن يهمه الأمر أكان مدير المستشفى أو وزير الصحة ننوه بأن التعامل مع ذاكرة مستشفى يعبر عن السلوك العام الذي يعانيه آلاف المرضى الفقراء الذين لا يحظون بأدنى اهتمام كون الأرشيف لا يحظى هو الآخر بأدنى اهتمام بل إن موظفي الأرشيف يتقاضون أجورا زهيدة والمسئولية تقع على الإدارة العامة.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign