الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    رياضة /
النـقاد.. بين مطرقة المجاملة وســندان الخيانة الوطنية

2010-02-02 19:08:29


 
* صالح حميدة في بلد ديمقراطي ووضع رياضي تعصف به الهموم والأوجاع من كل حدب وصوب مضاف إليها حقب وعقود من العشوائية والتخبط ومستقبل مجهول وبروز كوادر وأقلام ومواهب جديدة فإنه ليس من الغريب أن تكثر الإنتقادات وأن يأخذ الجدل والنقاش مساحة واسعة من الإعلام الرياضي اليمني ، وهذه في النهاية ظاهرة صحية إذا ما التزم الجميع بالهدف المنشود من النقد البناء وإذا ما تم تقليل القيود وفتح الحدود لحرية الرأي في إطار الإصلاح والخلق المحمود . " لا خير فيكم إن لم تقولوها .. ولا خير فينا إن لم نسمعها " هكذا قال الفاروق فمن جهة أصحاب القرار عليهم الإستماع والأخذ بالتي هي أحسن من أقوال منتقديهم وعلينا نحن معشر المتابعين والرياضيين والنقاد أن نشرح هموم الرياضة وأن نبرز وجهات نظر مختلفة ربما تفتح عقول القائمين على الشأن الرياضي نحو حلول وأفكار تساعدهم في إدارة وإنجاح مهمتهم التي تصب في النهاية في صالح الوطن . والناقد اليوم يعيش في وضع لا يحسده عليه أحد فهو لا يسلم من التخوين مهما كان واقعيًا في طرحه صادقاً في نواياه ومخلصاً لوطنه وناصحاً أميناً للقائمين على رأس سلطة القرار ، ومهما كان علمه ومهما بلغت خبرته ومهما قويت حجته وحكمته يظل سيل التهم المختلفة والمتنوعة يلازمه من كل طرف وفريق لا يرضى عن النقد الموجه إليه . فإذا ما اختار الناقد طريق كشف العلة وتوضيح النقص وتحديد الخلل ، وإذا ما أبرز عيوب لجنة أو فرع أو مدرب أو شخص في تسيير عمل أو مهمة ما، سرعان ما يجد نفسه في قفص الإتهام بالخيانة وتشويه سمعة الوطن وربما الإنفصال والإتصال بأعداء اليمن والنتيجة الحتمية لهذا توقيف راتب أو حرمان من ترقية أو عداوة شخصية وقد لا يسلم من السجن بدون محاكمة أو تهمة واضحة في ظل غياب القانون على أرض الواقع . أما إذا ما اختار الدفاع عن رئيس إتحاد أو لجنة مسابقة أو رئيس نادي أو مدرب أو لاعب أو شخصية مرموقة سياسيًا أو اقتصاديًا لها صلة بالشأن الرياضي فإنه لن ينجو من صب زيت المجاملة عليه ليشتعل بعدها بنار المصلحة الذاتية والنتيجة بأن يصبح كالفحم الأسود وضمن عداد خفافيش الظلام الذين تحترق أقلامهم لكي تضيء وتنوّر وتلمّع سمعة أشخاص آخرين . إن ما نصبو إليه - من وراء هذا المقال وفي هذا المقام - وما نحتاج إليه معشر اليمنيين لهو التوسط في الأمر وسعة الصدر والترفع عن زج الآخرين في قبر الخيانة والغدر ، وأن نعترف بالإنجاز متى وأين وجد وأن نقر بالعجز والفشل في أي مجال ومع أي أحد ، ومهم جدًا أن نصفق لمن نجح وأن نشجّع من أخفق عله يحسن المحاولة ويوفق في أعماله ومهامه القادمة . ما أروع أن يكون المسؤول كالجبل الذي لا تهزه ريح النقد ولا تغرّه شموع المدح الخافته أمام شمس الإنجاز ، وما أجمل أن يقبل بوجهه الباسم نحو المختلفين معه في الرأي والمقدمين بين يديه حلولاً دون قيد أو شرط ، وما أعظم أن يعطي ظهره لكل من يحمل سوء النية والظن وأن يستمر في قيادة العمل بحنكة وعلم وسماع للعاقل وحتى الموتى ممن خلدوا العلم في كتب بتجارب وأفكار يعجز عن إجراء مثلها الحي . وإذا ما أدرك الجميع مقولة " كلنا كالقمر " الذي له جانبان مضيء ومظلم فإنه سيدرك أننا نحب جانبه المضيء ( أعماله الناجحة وإنجازه الباهر ) وأننا نكره جانبه المظلم ( إخفاقاته وفشله وعشوائيته وتخبطه ) ، ولا أعتقد أن صاحب العقل الراجح العارف أن العمل يتحمل الصواب والخطأ أن يتكبّر على الحق وأن يتجبّر على الخلق لأن كل ذلك جهل واضح وتهلكة وسير إلى مزبلة التاريخ التي نجا منها الفاروق حين اعترف بالقول " أصابت مرأة وأخطأ عمر " . متى سنسمع الاعتراف بالخطأ ؟ ومتى سنجد استقالة المخفقين في العمل ؟ أو على الأقل دعونا نقول .. متى سيتراجع المسؤولون عن خطئهم؟ ومتى سيعيدون النظر في سياساتهم وخططهم ؟ ومتى سيراقب المسؤول نفسه وربه قبل مراقبة الحكومة والنقاد له ؟ ومتى سينتقد الناقد نفسه ؟ ومتى سيعتذر - علنــًا - لمن نقدهم عمدًا وبهتانــًا ؟ ومتى يتجرد الناقد عن قصد التشويه ؟ ومتى سيتخلى المادح عن مصالحه الذاتية ؟ ومتى سيكون الدفاع عن الحق بجماعية ؟ ومتى سنجد رد الفعل على النقد البناء بلطف وتجرد عن الأنانية ؟..إن قيمة الأخلاق والإلتزام بالقيم والمبادئ هي المعيار الحقيقي لأي مجتمع وبقدر وزنها وقيمتها ووجودها وغيابها يكون أسلوب الحياة والتعامل ، وما نود أن نخلص إليه في النهاية أن المشكلة لا تكمن في تولي البعض مناصب حساسة ومرموقة - وهم لا يستحقون - بقدر ما تكون المشكلة في تولي المنفردين بالرأي والمغلقة عقولهم والمقفلة قلوبهم زمام القرار وسدة الحكم فهم الذين يقفون كسد منيع أمام حركة مياه التطور ومجرى التصحيح ويضاف إلى ذلك أقلام حادة وألسنة طويلة تناصر من نصرها وتعادي من عادى ولي نعمتها متمنين أن لا نكون منهم ولا حتى قريباً من دارهم . . فالله من وراء القصد وهو الولي المنعم علينا بالإيمان والعقل والصحة والأمن فله وحده المنة والشكر والحمد .




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign