الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    متابعات /
واقع المياه في اليمن ..مساهمة متواضعة بمناسبة اليوم العالمي للمياه

2010-03-31 15:20:57


 
  إعداد المهندس/ علي محمد الزمي إن التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي خلال العقود الماضي أدى إلى تحسين الخدمات الصحية جزئيا واستقرار نسبي ونمو سكاني متسارع رافق ذلك هجرة من الريف إلى المدن الرئيسية وتوسع حضري كبير غير منظم بالإضافة إلى زيادة عشوائية في الانشطة الزراعية وبعض صناعات التعبئة، هذه التطورات لم تأخذ في الاعتبار مدى ملاءمة الموارد المائية المتاحة والشحيحة لمواجهة متطلبات هذه الأنشطة ولم تلامس أهمية المحافظة على استدامة هذا المورد للأجيال القادمة. فبرزت مشكلة المياه وتطورت إلى أن أصبحت أزمة ملموسة لكل أفراد المجتمع وتهدد التنمية والاستقرار والسلم الاجتماعي.  تطورات المشكلة المائية في اليمن:  بدأت المشكلة في نهاية السبعينيات وبداية الثماننيات من القرن العشرين وعند تزايد التحويلات المالية الكبيرة من المغتربين اليمنيين أثناء بداية النهضة العمرانية والزراعية في السعودية ودول الخليج بدأت حينها استيراد ودخول الحفارات والمعدات الثقيلة المستخدمة في عملية الشق للطرق وكذا المعدات والآلات الزراعية والبدء بأعمال الحفر للآبار العميقة بتزايد مضطرد واستصلاح وتوسعة بعض الأراضي وعملية الضخ الهائل والاستنزاف للمياه الجوفية وخاصة بعدما لمس المزارعون مردودا ماليا وإنتاجيا سريعا من استخدام المياه الجوفية في زراعة المحاصيل النقدية وبشعور غير واع بأن هذا المورد مضمون وموجود بشكل دائم وفي أي وقت يريدونه، على العكس من الموارد المائية السطحية التي تخضع لمواسم الأمطار وهطولها وتقلباتها وتذبذب كمياتها، وبذلك زاد الاعتماد الكبير على المياه الجوفية العميقة في الزراعة وقل الاعتماد على المياه السطحية وأهملت الزراعة المطرية.  لم تواكب هذه الزيادة في استخدام المياه الجوفية إجراءات أو ضوابط لتقنين استخدامات هذه المياه، بالإضافة إلى تعدد الجهات العاملة في المياه، وغياب رؤية واضحة أو محددة لمواجهة هذه التطورات وانعدام القدرة على مواجهة هذه التحديات، والكثير من هذه الجهات الرسمية المنتجة والمستخدمة للمياه ساهمت بالاستنزاف، وكذا المستخدمون من غير الجهات الرسمية ليست لهم أعراف أو تقاليد تمكنهم من حسن الاستخدام للمياه الجوفية باعتبارها مورداً جديداً عليهم وعلى المجتمع، على عكس الموارد المائية السطحية الناتجة من هطول الأمطار والتي قد أرسيت عادات وتقاليد وأعراف لها عبر استخدامها منذ سنين طويلة. ومما زاد في تفاقم المشكلة التوجه الرسمي لتشجيع استيراد الحفارات والمضخات والمعدات الزراعية وحفر الآبار وإنشاء بنك التلسيف الزراعي لمنح ملاك الأراضي الزراعية الدعم والتسهيلات من خلال القروض الميسرة وشراء المعدات الزراعية والمضخات كتوجه رسمي نحو تشجيع الزراعة، بغياب التخطيط الاستراتيجي والتقييم للآثار البيئية البعيدة المدى وما سيترتب على هذه السياسة المنافسة بالتوازي مع بداية النهضة الزراعية في السعودية بالرغم من فارق الإمكانيات المادية والمساحة مما نتج عن كل ذلك استنزاف كبير للمياه الجوفية ونتج عنها تدهور وترد في نوعية المياه الجوفية، وتلمح بعضها وخاصة في المناطق الساحلية، وأصبحت آثار ذلك واضحة في هبوط مناسيب المياه الجوفية في معظم الآبار الموجودة بالأحواض المائية والتي يصل عددها إلى 14 حوضاً مائياً موزعة في كل البلاد والتقسيم أتى للأحواض بسبب اختلاف في الخواص المناخية والبيئية والطوبوغرافية. إن الطلب المتزايد على المياه الجوفية كان وما زال بسبب النمو السكاني المتزايد، واستثمار المياه الجوفية للأغراض الزراعية والبناء وبعض الصناعات، ولمياه الشرب. ومحدودية مصادر المياه التي تنحصر فقط في مياه الأمطار وبوجود عشرات الآلاف من الآبار الارتوازية واليدوية والتي تضخ ليلا ونهارا من المياه الجوفية كل ذلك تسبب في هبوط مناسب المياه الجوفية وتردي نوعيتها. وتسبب في نضوب العديد من مياه الآبار السطحية والغيول التي تعتبر مصادر جيدة كان يعتمد عليها في الماضي، وبدأت المؤشرات تنذر بأن هناك خطرا حقيقيا قادما يهدد الموارد المائية ويهدد أحقية الأجيال القادمة من هذا المورد الهام في الحياة وسيترتب عليه التأثير الكبير على الشرب للإنسان والحيوان وعلى التنمية الزراعية والصناعية ويخل بالاستقرار السياسي والسكاني والاجتماعي والاقتصادي والبيئي.  معلومات عن واقع المياه في اليمن:  تصنف اليمن من ضمن الدول الجافة وشبه جافة (شبه قاحلة) حيث أن معدل سقوط الأمطار السنوي على كل البلاد يتراوح بين 50-250 ملم في مواسم الأمطار في السنة وفي عام 2000م قدرت الهيئة العامة للموارد المائية كميات الأمطار التي تسقط على اليمن بحوالى 27 مليار متر مكعب (وهي المصدر الرئيسي في اليمن) أما المياه المتجددة والقابلة للاستخدام قدرت بحوالى 2.5 مليار متر مكعب وهي كمية المياه السنوية المتجددة والمتمثلة في مقدار التصريف الموسمي للوديان، منها 1.5 مليار متر مكعب وهي عبارة عن مياه سطحية تمثل تدفقات السيول في الوديان وهي التي تغذي الخزانات الجوفية، كما تقدر كميات المياه المستخدمة للأغراض المختلفة بـ3.5 مليار متر مكعب، يقدر العجز المائي بحوالى 1000 مليون متر مكعب (1 مليار متر مكعب) (20% منها في حوض صنعاء) يتم تعويض هذا العجز بالسحب من المياه الجوفية. تدني نصيب الفرد من المياه:  وتقدر حصة الفرد من المياه بحوالى 125 متراً مكعباً في السنة من إجمالي الموارد المائية وهي أقل بكثير من مستوى الإقليم والعالم فهي أدنى من معيار خط الفقر المائي على مستوى العالم والمقدر بـ1000 متر مكعب في السنة. وقد اعتبرت الأمم المتحدة أن البلد الذي لا تتوفر فيه هذه الكمية من المياه للفرد بـ1000 متر مكعب في السنة هو بلد يعاني من أزمة مائية تعوق برامجه الإنمائية وتؤثر سلبا على صحة سكانه.  والخبراء يحذرون اليوم بأن صنعاء يمكن أن تكون أول مدينة في العالم في نفاد المياه والواضح أن القات جزء من هذه المشكلة.  وقد حددت منظمة الصحة العالمية الحد الأدنى من المياه التي ينبغي توافرها للاستهلاك الآدمي بحوالى 180 لتراً للفرد الواحد في اليوم وبالنظر أو المقارنة إلى واقع الاستهلاك في اليمن من المياه للفرد الواحد والتي تتراوح بين 20-30 لتراً في اليوم. وإذا ما انخفض نصيب الفرد ووصل إلى 500 متر مكعب في السنة فإنه يعتبر من المعوقات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فما بالك من انخفاض نصيب الفرد  إلى 125 متراً مكعباً. وهذه الحصة المتدنية من المياه في اليمن تشكل 10% من حصة الفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تبلغ بالمتوسط 1250 متراً مكعباً في السنة كما لا تشكل سوى 2% فقط من المتوسط العالمي والمقدر بـ7500 متر مكعب (نصيب الفرد بالسنة).




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign